خبيران: إسرائيل ستكثف ضرباتها على اليمن لكنها لن تمنع هجمات الحوثيين
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
يبدو أن إسرائيل مصممة على تحقيق انتصار كبير في المنطقة بعد النتائج التي حققتها في قطاع غزة ولبنان وسوريا، وهو ما دفعها إلى تصعيد ضرباتها ضد أنصار الله (الحوثيون) في اليمن، كما يقول خبيران.
وفي تطور كبير للمواجهة بين الجانبين شن جيش الاحتلال اليوم الخميس هجوما هو الأوسع على اليمن منذ بدء المواجهات بين الجانبين، وطالت الغارات مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة ومنشآت نفطية ومحطات كهرباء.
ويكشف هذا الهجوم أن الحوثيين أصبحوا يشكلون صداعا لإسرائيل التي تحاول الاستفادة من النجاحات التكتيكية التي حققتها خلال الفترة الأخيرة، وفق ما قاله الخبير العسكري اللواء ركن محمد الصمادي في تحليل للجزيرة.
وحتى لو لم يلحق الحوثيون خسائر مادية وبشرية كبيرة بإسرائيل لكنهم أصبحوا قادرين على إدخال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ بعدما تمكنت صواريخهم من الوصول إلى قلب تل أبيب، برأي الصمادي.
الهجوم الرابع والأكبر
ويعد هذا الهجوم هو الرابع الذي تشنه إسرائيل على اليمن، لكن الإعلام الإسرائيلي يقول إنه مختلف ولن يكون الأخير، وإن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الضربات المكثفة.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه هاجم أهدافا للحوثيين في القطاع الساحلي وعمق اليمن، لكن الصمادي يقول إن إسرائيل لن تتمكن من ردع الحوثيين بسبب بُعد المسافة بين الجانبين، والطبيعة الجبلية لليمن والتي تجعل الحوثيين قادرين على حماية أسلحتهم.
إعلانومع الاعتراف بتأثير هذه الضربات على قدرات الحوثيين لكنها لن توقفهم بشكل كامل كما يقول الصمادي الذي يعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد ضربات أكثر تركيزا على الجماعة.
ولا تمتلك إسرائيل قنابل تمكنها من تدمير مقار تصنيع ومخازن الأسلحة الخاصة بالحوثيين بسبب وجودها في عمق جبلي كبير، وهو أمر يقول الخبير العسكري إنه ربما يدفع الولايات المتحدة إلى استخدام ذخائر أكثر قوة وربما قاذفات إستراتيجية خلال الفترة المقبلة.
ورغم الزخم العسكري الكبير الذي تحاول إسرائيل توفيره من خلال الحصول على دعم أميركي بريطاني في هذه العمليات فإنها تفتقد لبنك الأهداف الإستراتيجي الذي يمكنها من تحقيق نتائج مهمة، برأي العميد إلياس حنا.
واستبعد حنا قدرة إسرائيل على تحقيق نصر واضح في اليمن بالنظر إلى الوقت والجهد المطلوبين لهذا الأمر، ناهيك عن الطبيعة الجغرافية والطبوغرافية التي جعلت هذا البلد عصيا على كافة الدول التي حاولت ضربه.
ويتطلب ضرب اليمن ملايين الدولارات لتحريك المقاتلات وتوفير الذخيرة والحماية لها، في حين أن الحوثيين لا يحتاجون أكثر من صاروخ أو صاروخين بآلاف الدولارات لإفساد أي نجاح إسرائيلي، حسب حنا.
لن يكون الأخير
ونقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مصادر أمنية أن جيش الاحتلال يعتزم تكثيف الضربات على الحوثيين خلال الفترة المقبلة، ويتوقع الصمادي أن يشمل التصعيد اغتيال قادة الجماعة وضرب مزيد من البنية المدنية.
ووصف الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام القصف الإسرائيلي بالإجرام، مؤكدا أنه لن يثني الجماعة عن مساندة الشعب الفلسطيني ولن يدفعها إلى التخلي عن ثوابت اليمن.
وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن الغارات استهدفت مقاتلات كانت في مطار صنعاء، في حين قالت القناة الـ12 إن الجيش رفع مستوى التأهب تحسبا لرد محتمل.
وتم تنفيذ الهجوم بناء على توصية من رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وقد شاركت فيه عشرات الطائرات الحربية، حسب ما نقله الصحفي محمد خيري من رام الله.
إعلانوتتوقع إسرائيل استهداف الحوثيين تل أبيب على غرار الهجوم الذي نفذته الجماعة اليمنية بصاروخ فرط صوتي قبل أسبوع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار
كشف تحقيق نشرته صحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية عن العلاقة الخفية بين المنظمات الأممية والتدخلات الأممية في تقوية نفوذ مليشيا الحوثي في اليمن، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته واشنطن في تمكين الجماعة من السيطرة الميدانية الواسعة نتيجة القرارات والضغوط الخاطئة على حلفاء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن الفرصة التاريخية سانحة حالياً لتصحيح هذا الخطأ..
وطالب التحقيق، الذي ترجمته وكالة خبر، المجتمع الدولي بضرورة تحمل "مسؤولياته التاريخية في تمكين صعود المليشيا الحوثية خلال الصراع اليمني المستمر منذ عقد. فبينما شكل الدعم الإيراني المستمر -عبر شحنات الأسلحة والتدريب- العمود الفقري للقدرات العسكرية الحوثية، إلا أن السياسات الدولية المتناقضة ساهمت بشكل لا يقل خطورة في تعزيز نفوذ هذه الجماعة".
وأكد التحقيق أن المساعدات الإنسانية تحولت "إلى شريان حياة للنظام الحوثي، بينما حولته الدبلوماسية الغربية المتذبذبة من جماعة متمردة إلى قوة إقليمية تهدد الملاحة الدولية اليوم".
ولفت التحقيق إلى أنه في عام 2016، لم يتجه التركيز الدولي نحو انتهاكات الحوثيين، بل انصب على ما وصفته منظمات دولية غير حكومية بأنه "أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان".
وتطرق إلى أن مليشيا الحوثي "استخدمت صوراً لأطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية في حملات جمع التبرعات التي نظمتها منظمات مثل "ميرسي كور" و"أوكسفام"، مشيراً إلى أن الأخيرة صرحت بأنها أنفقت ثلث إيراداتها عام 2019 على نفقات غير برامجية تشمل التكاليف الإدارية والتسويقية.
وفي خضم هذا الاهتمام الدولي، يقول التحقيق، إن الحركة الحوثية "استغلت الوضع لتعزيز نفوذها، مما منح قيادتها شرعية سياسية لم تكن تتمتع بها من قبل."، مستشهدا على ذلك بجلوسها مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على طاولة مفاوضات واحدة مما عزز "مكانتها السياسية أكثر من الانتصارات العسكرية وحدها". بل إن الحركة ذهبت إلى أبعد من ذلك حين أعلنت في يوليو 2016 عن تشكيل مجلس سياسي رسمي لإدارة شمال اليمن، في خطوة عززت من ادعائها بالشرعية، وفقا للصحيفة.
مصادر مالية غير مباشرة
وبحسب التحقيق الأمريكي، مثل نموذج المساعدات الإنسانية الدولية أحد المصادر المالية غير المباشرة للحركة الحوثية، حيث أصبح يشكل أحد أكبر المكونات الفردية في الناتج المحلي الإجمالي لليمن.
ويجدد التحقيق تأكيده أن قيادة المليشيا الحوثية المدعومة من إيران "لم تكتف بتحصيل الرسوم العابرة التي تفرضها مليشياتها على المساعدات، بل عززت نفوذها المحلي عبر السيطرة على شبكات توزيع المساعدات الإنسانية، مما أكسبها ولاءً مجتمعيًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها".
في المقابل، وجد المزارعون والتجار المحليون أنفسهم عاجزين عن منافسة تدفق المساعدات الغذائية المجانية التي توزعها المنظمات الدولية والأممية، مما دفع بهم إلى هاوية الفقر المتزايد. وأدى هذا الوضع إلى تآكل القاعدة الإنتاجية المحلية، فتحوّل اليمن من بلد يعتمد جزئيًا على إنتاجه الزراعي إلى سوقٍ تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد والمساعدات الخارجية.
الاتفاق المثير للجدل
وبعد عامين من المفاوضات التي وصفها التحقيق بـ"العقيمة" تحت مظلة الأمم المتحدة، "شن التحالف في سبتمبر 2018 هجوما بريا واسعا لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي من قبضة الحوثيين - المنفذ الذي كان يمر عبره 80% من المساعدات الإنسانية، والمصدر الرئيسي لتمويل المليشيا"، الا انه "عندما أوشكت القوات اليمنية-السعودية-الإماراتية على حسم المعركة، تدخل المبعوث الأممي مارتن غريفيث بعملية وساطة عاجلة، نجحت في دفع الأطراف إلى توقيع اتفاق ستوكهولم المثير للجدل في ديسمبر 2018".
لكن الاتفاق -الذي نص على وقف إطلاق النار المحدود وانسحاب القوات من حول الحديدة- بقي حبرا على ورق. وفق تأكيد التحقيق الأمريكي، مشيراً إلى أنه "خلال السنوات الثلاث اللاحقة، استمرت الاشتباكات على جبهات متعددة دون هوادة". وفوق هذا خرج الحوثيون وحدهم كالمستفيد الأكبر من الاتفاق، حيث منحهم شرعية دبلوماسية غير مسبوقة، ورسخ وجودهم كفاعل رئيسي".
وأضاف أنه "في فبراير 2021، شنت الحركة الحوثية- هجوما واسع النطاق استهدف محافظة مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية"، لافتا إلى أن "هذا التصعيد في وقت حاسم، حيث أعلنت إدارة بايدن الجديدة عن مراجعة سياستها تجاه الصراع، منتقدةً الضربات الجوية السعودية-الإماراتية ضد المواقع الحوثية، ومعلنةً وقف الدعم الأمريكي الرسمي للتحالف".
وتصاعدت وتيرة التطورات السياسية حين ألغى الرئيس بايدن في مارس 2021 تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوةٍ فسرها الكثيرون كمقدمة لدفع الأطراف نحو مفاوضات جديدة، بحسب التحقيق.
وعلى الأرض، استغلت المليشيا الحوثية هذا التحول السياسي، فشنت هجمات مكثفة أجبرت القوات المدعومة سعوديا وإماراتيا على الانسحاب من ثلاث جبهات استراتيجية: الحديدة ومأرب وتعز، حيث سيطر الحوثيون بسرعة على مواقع عسكرية حيوية.
تعقيدات المشهد اليمني
التطورات المتسارعة والتي كانت نتاج قرارات الإدارة الأمريكية في فترات متقاربة وحساسة، يبدو أن المليشيا الحوثية اعتبرتها مؤشراً ليس فقط لتحركها الميداني وانما لرفع سقف مطالبها على طاولة المفاوضات مما زاد المشهد تعقيداً، وهي الحسابات الخاطئة لإدارة بايدن، وأصبح المجتمع الدولي يدفع ثمنها قبل الشعب اليمني الذي غُرق في براثنها جراء ذلك.
يقول التحقيق إن جولات المفاوضات الأممية المتعاقبة للانتصارات الحوثية الأخيرة حققت تقدمًا محدودًا، مما كشف عن تعقيدات المشهد اليمني المتشابك، خصوصا وأن هذا الجمود صاعد من وتيرة "الضغط الدولي على السعودية لإنهاء تدخلها العسكري، ما أدى إلى توقيع اتفاق تاريخي مع إيران في مارس 2023 برعاية صينية".
وقد مثل هذا الاتفاق السعودي-الإيراني تحولًا جيوسياسيًا بارزًا، حيث سعت الرياض -منافستها التقليدية في المنطقة- إلى إيجاد مخرج سياسي لأزمة استنزفت مواردها لأكثر من ثماني سنوات. إلا أن هذا التقارب الإقليمي لم يفضِ إلى تسوية سريعة للأزمة اليمنية، إذ ظلت المليشيا الحوثية تتمسك بمكاسبها العسكرية وتصر على شروطها الخاصة في أي مفاوضات سلام.
وأشار إلى أنه منذ أكتوبر 2023، "تصاعدت التهديدات الحوثية للملاحة الدولية بشكل غير مسبوق، حيث استهدفت المليشيا ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر بعمليات قرصنة منهجية، وأطلقت صواريخ باليستية تجاه إسرائيل - كل ذلك دون أي محاسبة دولية جدية".
ودق التحقيق ناقوس الخطر من هذه المليشيا الإرهابية، والتي يرى أنها أصبحت قوة "إقليمية خطيرة" في تحول بأقل من عقد من الزمان بعد أن كانت "كيانا محليا"، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى ما "تمتعت" به من "تمويل غير مباشر عبر شبكات المساعدات الإنسانية". هذا من جانب ومن آخر اتخذت من "اتفاقات وقف إطلاق النار الأممية غطاء للتوسع العسكري"، علاوة على ذلك "منحتها الدبلوماسية الدولية شرعية سياسية مكنتها من الجلوس كندٍّ للحكومة الشرعية".
واختتمت الصحيفة التحقيق بتحميل المجتمع الدولي "مسؤولية تاريخية عن هذا الواقع المأساوي، بعد أن ساهم -عن قصد أو غير قصد- في تعزيز نفوذ جماعة استبدادية احتجزت الشعب اليمني رهينة منذ انقلابها عام 2014".
وتؤكد الصحيفة أن هذه المسؤولية تكمن في الاستفادة الواسعة من "الضربات الجوية الحالية" التي تتلقاها مليشيا الحوثي من القوات الأمريكية، وتعزيزها بـ"العمليات البرية التي تنفذها القوات المعادية للحوثيين"، باعتبارها "الفرصة الأخيرة لتصحيح هذا المسار المشؤوم".
وأشارت إلى أن هذه الجهود سيُكتب لها النجاح، ولكنه مرهون بشرط واحد: "ألا تكرر الأمم المتحدة خطأها الفادح بإعلان وقف إطلاق نار جديد يمنح المليشيا المهلة التي تحتاجها لإعادة تجميع صفوفها".