تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. المشكلات الموضوعية
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
يمكن للإسلام أن يقدم إطارًا قيمياً وعملياً لمعالجة تحديات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الجمع بين المبادئ الإسلامية والسياسات الاقتصادية الحديثة يعزز من قدرة الدول على بناء اقتصادات أكثر عدالة واستدامة، مع ضمان تحقيق التنمية البشرية والرفاهية.
الباحث التونسي في شؤون الاقتصاد الإسلامي الدكتور محمد النوري وبعد أن قدم في الجزء الأول من ورقة خاصة أعدها للنشر في "عربي21" عن "مشكلات النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ثانيا ـ المشكلات الموضوعية:
وهي المشكلات ذات العلاقة بالظروف الخارجية وما يحدث من صدمات مؤثرة مثل تقلبات أسعار الفائدة العالمية وأسعار الطاقة والمواد الأولية والصدمات الناجمة عن الصراعات المتفاقمة في المنطقة والعالم.
1 ـ تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية:
وهي من المشكلات المؤثرة على النمو الاقتصادي في مجمل بلدان المنطقة، سواء تلك المصدرة لهذه المواد أو المستوردة لها حيث تعتمد الأولى بشكل كبير على صادرات الطاقة، وخاصة النفط والغاز، كمصدر رئيسي للإيرادات الحكومية والنقد الأجنبي، بينما تعتمد الثانية على مخزونها الاحتياطي من العملات الأجنبية لاستيراد تلك المواد. ففي البلدان المصدرة للطاقة مثل السعودية، الإمارات، الكويت، والجزائر، وليبيا والكويت، والعراق، تؤدي ارتفاعات أسعار النفط والغاز إلى زيادة العائدات الحكومية، مما يعزز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق العام على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والتنمية بشكل عام. كما يزيد من الفوائض المالية ويسمح لهذه الدول بتخصيص المزيد من الأموال لمشاريع التنمية والاستثمار في القطاعات غير النفطية، مما يعزز التنويع الاقتصادي. وعلى العكس، فإن تراجع الأسعار يمكن أن يؤدي إلى تقليص الإنفاق الحكومي، مما يحد من النمو ويزيد من العجز المالي. كما يمكن أن يؤدي إلى عجز في الميزانية، مما يدفع الحكومات إلى اتخاذ تدابير تقشفية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد.
وفي المقابل، في البلدان المستوردة للطاقة مثل مصر، والمغرب، والأردن، وتونس ولبنان وغيرها فإنها تتأثر سلبًا بارتفاع أسعار الطاقة، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف الاستيراد وتفاقم العجز في ميزان المدفوعات، مما يضع ضغوطًا على احتياطيات النقد الأجنبي ويؤثر على استقرار العملة والنمو الاقتصادي. كما يؤدي إلى زيادة الإنفاق الحكومي على دعم الوقود والطاقة، مما يضع ضغطًا على الميزانيات ويقلل من القدرة على الإنفاق في مجالات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
وعموما يمكن أن تؤدي تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية إلى فرص للنمو في بعض الأوقات، كما يمكن أن تشكل أيضًا تحديات كبيرة للاقتصادات في بعض بلدان المنطقة، مما يتطلب من الحكومات اتخاذ تدابير استراتيجية للتخفيف من تأثير هذه التقلبات على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.
وقد تراوحت هذه التقلبات خلال العقود الثلاثة الأخيرة بين الانخفاض النسبي في التسعينات (1990 ـ 1999) إلى ارتفاع كبير في العقد الأول من الألفية الجديدة (2000 ـ 2009) حيث تجاوز سعر برميل النفط 140 دولارًا في منتصف 2008. لكن مع بداية الأزمة المالية العالمية (2007-2008) وانخفاض الطلب العالمي، انهارت الأسعار بشكل حاد، لتصل إلى حوالي 30-40 دولارًا فقط للبرميل في نهاية 2008.
يمكن أن تؤدي تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية إلى فرص للنمو في بعض الأوقات، كما يمكن أن تشكل أيضًا تحديات كبيرة للاقتصادات في بعض بلدان المنطقة، مما يتطلب من الحكومات اتخاذ تدابير استراتيجية للتخفيف من تأثير هذه التقلبات على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. أما في العقد الثاني من الألفية الجديدة (2010 ـ 2019) فقد شهدت الأسعار فترة تقلبات حادة إثر أحداث الربيع العربي (2010-2011) حيث أثرت الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على إنتاج النفط، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى. لكن مع الطفرة النفطية الأمريكية (2014) وزيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، حدثت زيادة كبيرة في العرض العالمي للنفط، مما أدى إلى انهيار الأسعار من جديد بداية من عام 2015 حيث انخفضت الأسعار من حوالي 100 دولار للبرميل في منتصف 2014 إلى أقل من 30 دولارًا في أوائل 2016، إثرها بدأت أسعار النفط في التعافي ببطء واستقرت في نطاق 50-70 دولارًا للبرميل، بدعم من اتفاقيات خفض الإنتاج بين "أوبك+".. أما العقد الثالث (2020 - حتى اليوم) ومع اندلاع جائحة كوفيد-19 بداية من عام 2020 عادت الأسعار مرة أخرى إلى الانهيار بشكل غير مسبوق بسبب تراجع الطلب العالمي مع انتشار الجائحة.
في أبريل 2020، وقد شهدت أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI) انخفاضًا تاريخيًا للمنطقة السلبية. ومع التعافي التدريجي من الجائحة ومع تخفيف القيود وعودة النشاط الاقتصادي، بدأت الأسعار في التعافي وارتفعت بشكل كبير في 2021-2022 وتجاوزت أسعار النفط مستويات ما قبل الجائحة، مدفوعة بتخفيضات الإنتاج من "أوبك+"، إلى حين اندلاع أزمة الطاقة العالمية (2021-2022) نتيجة للصراع في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، حيث ارتفعت أسعار النفط والغاز إلى مستويات عالية، مما أثر على الاقتصاد العالمي. هذه التقلبات في أسعار الطاقة تعكس التعقيدات والتغيرات المستمرة في العوامل التي تؤثر على سوق الطاقة العالمي، مما يجعلها محورًا رئيسيًا للاقتصاد العالمي والسياسات الدولية.
بشكل عام، ساهمت تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية في إيجاد بيئة اقتصادية غير مستقرة، أثرت سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي التي تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة في معظم بلدان المنطقة. كما أثرت أيضا على زيادة التضخم وتراجع القدرة الشرائية، وزيادة التكاليف الإنتاجية، مما يتطلب سياسات مالية ونقدية متوازنة لتخفيف هذه التأثيرات.
2 ـ تقلبات أسعار الفائدة:
وهي كذلك من العوامل التي لها تأثيرات كبيرة على النمو الاقتصادي في بلدان المنطقة. وقد تختلف هذه التأثيرات حسب طبيعة الاقتصاد في كل دولة وما إذا كانت تلك الدولة تعتمد بشكل أساسي على الاستيراد والتصدير، أو لديها قاعدة صناعية وخدمية كبيرة. ومع التغيرات الاقتصادية العالمية، في السنوات الأخيرة، كان لتقلبات أسعار الفائدة تأثيرات ملحوظة على اقتصادات المنطقة. وتسري هذه التأثيرات على عدة مستويات منها التأثير على كلفة الاقتراض والاستثمار والتضخم وسعر العملات والسياسات المالية والنقدية وهو ما ينعكس بالتالي على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بكل بلد من بلدان المنطقة.
فعلى مستوى كلفة الاقتراض لا شك أن ارتفاع أسعار الفائدة يتسبب في زيادة الكلفة بالنسبة للحكومات والشركات والأفراد وهو ما ينعكس على تمويل المشاريع ويؤدي إلى تراجع الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تلعب المشاريع الكبيرة دورًا حيويًا في النمو الاقتصادي، وبالتالي يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تباطؤ في تنفيذ هذه المشاريع.
وعلى مستوى العملات والتضخم، يقود ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الدولية عادة إلى سحب رأس المال من الأسواق الناشئة، بما في ذلك دول MENA، مما يضع ضغطًا على العملات المحلية ويؤدي إلى تراجع قيمتها. هذا التراجع يمكن أن يؤدي إلى تضخم مستورد بالنسبة للدول التي تعتمد على استيراد سلع أساسية مثل الغذاء والطاقة. كما أن انخفاض أسعار الفائدة يمكن أن يؤدي إلى زيادة في التضخم بسبب ارتفاع الطلب المحلي. في المقابل، يمكن أن تساعد أسعار الفائدة المرتفعة في كبح التضخم، لكنها قد تضعف النمو الاقتصادي. وقد بلغ متوسط التضخم في المنطقة نسبة 17,5% عام 2023، ومن المُتوقع أن يتراجع إلى حدود 15% عام 2024.
أما على مستوى السياسات المالية الحكومية فإن ارتفاع أسعار الفائدة، يزيد تكاليف خدمة الديون الحكومية، مما يضع ضغطًا على الميزانيات العامة. هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة العجز المالي، خاصة في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الاقتراض لتمويل الإنفاق العام. في بعض دول MENA، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، مما يعيق النمو. إلى جانب ذلك تجد الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي نفسها مجبرة على اتباع تحركات أسعار الفائدة الأمريكية، مما يحد من قدرتها على استخدام السياسة النقدية كأداة للتحفيز الاقتصادي المحلي.
وشهدت أسعار الفائدة العالمية طيلة العقود الثلاثة الأخيرة تقلبات حادة تراوحت بين فائدة صفرية أو سلبية بسبب سياسة التيسير الكمي التي انتهجتها معظم الدول الكبرى بهدف إنعاش النمو والتصدي للركود، وبين أسعار فائدة مرتفعة أدت إلى نشوء أزمة في العديد من البنوك الأمريكية والدولية بلغ البعض منها حد الإفلاس.
وفي العموم أثرت تقلبات أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة بشكل كبير على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سواء من خلال التأثير المباشر على تكاليف الاقتراض والاستثمار أو من خلال التأثير على تدفقات رأس المال، التضخم، والاستقرار الاقتصادي.
3 ـ الصراعات الإقليمية:
وهي الصراعات المحتدمة داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو على تخومها والتي تلقي بثقلها على النمو الاقتصادي لكل البلدان وتؤثر بشكل كبير على حركة التجارة البينية والدولية. ومن أبرز هذه الصراعات:
ـ الصراع الأوكراني الروسي وإن كان يدور خارج دول المنطقة إلا أن آثاره المباشرة وغير المباشرة غير خافية. فالعديد من بلدان المنطقة له علاقات تجارية مع طرفي الصراع سواء فيما يتعلق بقطاع الطاقة والمواد الأولية أو قطاع المواد الغذائية الاستراتيجية كالحبوب حيث تستورد النصيب الأوفر من احتياجات شعوبها.
لا شك أن الحرب الدائرة في قطاع غزة والتي انتقلت شظاياها إلى الضفة الغربية ولبنان وامتدت كذلك إلى البحر الأحمر لها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على دول المنطقة وتنذر بعواقب وخيمة على آفاق النمو الاقتصادي لتلك الدولفعلى صعيد الطاقة أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى اضطرابات في إمدادات النفط والغاز العالمية بسبب العقوبات الغربية على روسيا والتي تعد من أكبر منتجي ومصدري النفط والغاز في العالم. أدّى هذا الاضطراب إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير مما أثر على تكلفة الطاقة في مجمل دول المنطقة وذلك من خلال زيادة تكاليف النقل والإنتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن هذا الارتفاع يولّد التضخم.
وعلى صعيد الحبوب وباعتبار روسيا وأوكرانيا هما من أكبر مصدري القمح في العالم، أفرز الصراع اضطرابات في الإنتاج والتصدير من هاتين الدولتين مما أدّى إلى نقص في العرض وبالتالي ارتفاع الأسعار. وإذا أخذنا بعين الاعتبار مخلفات أزمة الكوفيد (2019-2022) على مستوى الأمن الغذائي لكل دول العالم وبالخصوص منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعتمد بشكل رئيسي على الواردات من هاتين الدولتين، فإن الانعكاسات كانت مضاعفة، حيث ارتفعت أسعار المنتجات الغذائية التي تعتمد على القمح والحبوب بشكل عام وخصوصا في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط مثل مصر وتونس ولبنان والأردن. تظافرت هذه العوامل لتزيد من حدة الضغوطات التضخمية وارتفاع كلفة المعيشة وزيادة فاتورة الواردات بالنسبة للدول المستوردة مما أدى إلى تفاقم العجز في الميزان التجاري وتعثر النمو. ساهمت هذه التأثيرات في إعادة تشكيل التحالفات بهدف تأمين مصادر بديلة للطاقة والغذاء وتعزيز التعاون مع أقطاب دولية جديدة كمجموعة البريكس+ التي انضمت إليها دول مهمة من دول المنطقة كالسعودية والإمارات ومصر.
ـ الحرب على غزة:
لا شك أن الحرب الدائرة في قطاع غزة والتي انتقلت شظاياها إلى الضفة الغربية ولبنان وامتدت كذلك إلى البحر الأحمر لها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على دول المنطقة وتنذر بعواقب وخيمة على آفاق النمو الاقتصادي لتلك الدول. تتجلى هذه الانعكاسات، إلى جانب التدمير شبه الكامل للبنية التحتية لقطاع غزة ودوائر الإسناد لها مع سياسة الإبادة الجماعية التي أقر بها العالم بأسره باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، في اضطراب التدفقات التجارية والاستثمارية في المنطقة وخاصة في الدول المجاورة مثل مصر والأردن ولبنان وسوريا، وفي زيادة الإنفاق العسكري بسبب تعزيز سيناريو شبح الحرب الإقليمية نتيجة تفاقم توتر الأوضاع وفشل المفاوضات، وتراجع بعض القطاعات المهمة في بعض البلدان كالسياحة وتعطل جهود التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة.
ـ الحرب في السودان:
الحرب في السودان لها آثار متعددة على النمو الاقتصادي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. على الرغم من أن السودان ليس جزءًا من الشرق الأوسط مباشرة، إلا أن تداعيات الصراع داخله تمتد إلى دول المنطقة بطرق مباشرة وغير مباشرة. فمن التداعيات الاقتصادية المباشرة على السودان تدمير البنية التحتية وتعطل الإنتاج مما يعطل الإنتاج والنقل والتجارة. وهذا يعمق الأزمة الاقتصادية في السودان ويزيد من الفقر والبطالة. كما تسببت الحرب في انخفاض حاد في قيمة الجنيه السوداني، مما أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم. وهذا يزيد من تكلفة المعيشة ويؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للسودانيين إلى جانب تعطل الصادرات، مما يزيد من أزمة السيولة ويعمق العجز في الميزان التجاري للبلاد.
إن الحرب في السودان تؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر تعميق الأزمات الاقتصادية في السودان نفسه، وزيادة الضغوط على الدول المجاورة، وخلق توترات سياسية واقتصادية تؤثر على الاستقرار والنمو في المنطقة بأكملها.ومن التأثيرات على الدول المجاورة ودول المنطقة: تدفق اللاجئين وهو ما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان. وهو ما يفاقم الضغوط على الموارد الاقتصادية والبنية التحتية في هذه الدول، ويعرقل نموها الاقتصادي. إضافة إلى اضطراب التجارة الإقليمية بحكم أن السودان يمثل ممرًا تجاريًا هامًا لبعض دول المنطقة. فالحرب تؤدي إلى اضطراب النقل والتجارة عبر السودان، مما يؤثر على حركة السلع بين الدول المجاورة ويزيد من تكاليف النقل. كما ساهمت الحرب في زيادة التوترات السياسية: الصراع في السودان يزيد من عدم الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي وشمال أفريقيا، مما قد يؤثر على استقرار الدول المجاورة ويقلل من فرص التعاون الاقتصادي الإقليمي.
ومن التأثيرات أيضا إحداث تقلبات في أسواق النفط، على الرغم من أن السودان ليس من كبار منتجي النفط على مستوى العالم، إلا أن عدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي أوجد توترات تؤثر على حركة النفط عبر الممرات المائية الحيوية مثل باب المندب. أي اضطراب في هذه المنطقة يمكن أن يؤثر على أسعار النفط ويزيد من تقلبات السوق. ومن التأثيرات أخيرا تفاقم أزمة الغذاء في المنطقة حيث أن السودان يعتبر من الدول الزراعية الهامة في أفريقيا، والحرب تؤدي إلى تعطيل الزراعة وتدمير المحاصيل، مما يقلل من القدرة على توفير الغذاء محليًا وزيادة الاعتماد على الواردات. هذا يمكن أن يؤثر على الأمن الغذائي في الدول المجاورة التي تعتمد جزئيًا على الواردات الغذائية من السودان.
ومن التأثيرات كذلك ارتفاع بعض أسعار السلع الأساسية وخصوصا تلك التي يعتبر فيها السودان منتجا ومصدرا رئيسيا مثل الصمغ العربي. فتعطل الإنتاج والتصدير بسبب الحرب يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع في الأسواق العالمية، مما يؤثر على الدول المستوردة في المنطقة.
وعموما فإن الحرب في السودان تؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر تعميق الأزمات الاقتصادية في السودان نفسه، وزيادة الضغوط على الدول المجاورة، وخلق توترات سياسية واقتصادية تؤثر على الاستقرار والنمو في المنطقة بأكملها.
إقرأ أيضا: تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. المشكلات الهيكلية
* أستاذ الاقتصاد والتمويل الإسلامي
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تحديات الاقتصادي اقتصاد تحديات قراءة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا على النمو الاقتصادی فی تقلبات أسعار الفائدة ارتفاع أسعار الفائدة الحرب فی السودان یمکن أن یؤدی إلى الدول المجاورة هذه التأثیرات بلدان المنطقة بشکل کبیر على هذه التقلبات النفط والغاز مباشرة وغیر دول المنطقة أسعار النفط مما أدى إلى أن السودان إلى ارتفاع فی المنطقة التی تعتمد ما أدى إلى إلى زیادة على الدول على مستوى سلب ا على ویزید من تؤثر على یؤثر على فی منطقة فی الدول إلى جانب یزید من من خلال مثل مصر مما یضع دولار ا ذلک إلى فی بعض وهو ما
إقرأ أيضاً:
26 فبراير … إعلان المشروع الأمريكي!
يمانيون../
يقوم على أساس إعادة صياغة جيوسياسية لبلدان المنطقة تعتمد على تفكيك وإعادة بنائه على أسس قبلية وطائفية مع تكفل العناصر القائمة بفرض التوازنات المطلوب بين الكيانات السياسية الجديدة .
إن عملية التغيير الإقليمي هو المطلب الذى سعى ويسعى إليه العدو الصهيوني منذ وجوده , والتغيير من وجهة نظره يعني قبوله مع تحقيق كامل أهدافه في التوسع والسيطرة ليصبح القوة الإقليمية الأكبر , مع استثمار علاقاته الخاصة بالقوة العظمي ليكون مركز انطلاقها في المنطقة ولتهيمن باسمه على مقدرات وثروات شعوبها .
النظريات الثلاث
إن عملية تغيير المنطقة العربية بما سميت بالشرق الأوسط أصبحت مطلبا أمريكيا وخاصة بعد نجاح غزوها للعراق في مطلع عام 2003م , وفي نفس الوقت مغنما صهيونيا على ضوء الروابط الاستراتيجية والمصالح مع الولايات المتحدة وطرحت عدة نظريات منها :
– موازين القوى : وهذه النظرية المتبناة من مراكز بحثية أمريكية وصهيونية متعددة , تقوم على أساس إعادة صياغة جيوسياسية لبلدان الشرق الأوسط تعتمد على تفكيك وإعادة بنائه على أسس قبلية وطائفية مع تكفل العناصر القائمة بفرض التوازنات المطلوب بين الكيانات السياسية الجديدة . فهذا هو مطلب العدو الصهيوني وعلى الرغم من تعثر الموقف الأمريكي في العراق , فإن العدو الصهيوني يرتاح كثيرا للمتناقضات الحادثة هناك . والتي يرى خبراؤه الاستراتيجيون أنه مع بقائها واستفحالها سوف تؤدى إلى تقسيم العراق وتفتته .
– الأمن الإقليمي : هذه النظرية التي تقوم على ما يعرف بالأمن الإقليمي أو تحالفات الدول ذات النسق السياسي والاقتصادي المتوافق . ومن الدول المرشحة لذك العدو الصهيوني والأر دن وتركيا وينتظر أن يكون العراق معهم بعد احتلالها من امريكا في إبريل 2003م , وهذا يذكر بما عُرف من الأربعينيات من القرن المنصرم بمشروع الهلال الخصيب – بدون سوريا- أو بحلف بغداد 1955م , مع اعتبار ترشيح ” تل أبيب ” كمركز للتحالف الإقليمي .
– تكريس الحرية : وهذه النظرية الثالثة والمعروفة بنظرية ” تكريس الحرية ” والتي أشارت إليها جريدة ” يدعوت احرونوت ” الصهيونية وتتخلص في تأكيد الإدارة الأمريكية على مبدأ الحرية في الشرق الأوسط كبديل عن مبدأ ” الاحتواء ” إبان فترة الحرب الباردة( 1945- 1991م ) , حيث تهدف هذه النظرية إلى توسيع نطاق الحريات الفردية في الشرق الأوسط فيما يخص الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية , مع الاستعداد لإزالة أي معوقات على أي مستوى حتى لو كانت أنظمة .
كذلك تهدف إلى الاستعداد لتدمير العدو , وهو بنظرها عدو أيديولوجي – محاربة الإرهاب – يتمثل في الأصولية الإسلامية وليس الإسلام ! ثم البناء والذي يتم من خلال نشر ما تسميها الديمقراطية وما يحتاجه ذلك من تغيير لبعض النظم القائمة وهذا التغيير لا يتم بالقوة إلا في حالة الضرورة القصوى وخاصة على ضوء معاناة القوات الأمريكية في العراق
إعلان المشروع
بعد دمج هذه النظريات الثلاث برز المشروع الأمريكي لتخرج امريكا بمشروع الشرق الأوسط الكبير , والذى يقف العدو الصهيوني على رأسه . وقد عرض الرئيس الأمريكي ” بوش الأبن 2001- 2009م ” أما مؤسسة ” أمريكان انتربرايز ” والمعروف عنها انحيازها الكامل للعدو الصهيوني .
وقد أفصح الرئيس بوش الابن بمشروعه الشرق الأوسط الجديد عن ضرورة إعادة تشكيل الخريطة السياسية للشرق الأوسط والعمل على نشر الديمقراطية في المنطقة , والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية كبيرة .
في حين أكدت ” كونداليزا رايس ” مستشارة الأمن القومي الأمريكي في شهر أغسطس 2003م , في مقال صحفي , على ضرورة تغيير الشرق الأوسط مثلما تم تغيير أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية , وأن العراق الجديد بعد الغزو سيكون نموذجا وعنصرا أساسيا في بناء شرق أوسط مبنى على نبذ الكراهية !.
وفي شهر فبراير2004م , نشرت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع ما اسمته ” الشرق الأوسط الكبير ” وقررت عرضه على دول مجموعة الثماني في قمتها في ” سيتى أيلاند ” بولاية جورجيا الأمريكية في يونيو 2004م . وفي مقدمة المشروع حددت الولايات المتحدة هدفها بأنه لحماية مصالحها الوطنية ومصالح حلفائها .
وذلك عبر الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتشجيع الديمقراطية والحكم الصالح , وتغيير سياسي على المدى الطويل . وبتعريف المشروع الأمريكي – الصهيوني لحدود ما سمى بالشرق الأوسط الكبير أنه المنطقة الممتدة من المغرب والمحيط الأطلسي غربا إلى أفغانستان و باكستان شرقا وأيضا تركيا وإيران والعدو الصهيوني .- فجميع بلدان هذه المنطقة هم دول عربية إسلامية فيما عدا العدو الصهيوني فهذا التعريف الجغرافي للشرق الأوسط الكبير يتوافق مع تعريف العدو الصهيوني .
تغيير الخريطة
وفي توجيه انتقادات لهذا المشروع الأمريكي – الصهيوني المسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير والذي إعلانه الرئيس الأمريكي بوش الأبن في 26 فبراير 2003م بعد احتلال العراق . يوضح ” محمود عبد الطاهر ” في مقال له تحت عنوان ” إسرائيل وإعادة خريطة المنطقة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ” والمنشور في مجلة رسالة المشرق 2004م , التابعة لمركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة . بقوله : ( إن المشروع قد أغفل تماما الإشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والصراع العربي – الإسرائيلي , والذي أشار إليهما في الأصل تقريري الأمم المتحدة – عام 2002, 2003 , لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة بشأن العالم العربي – حيث كانت الأولويات تحتم تأجيل أي عمليات تطوير اعتمادا على أولوية المعركة التي يعلو صوتها فوق أي صوت آخر …. وليس بمستغرب من تهميش للصراع العربي – الإسرائيلي كسبب من أسبا التوتر في المنطقة وازدواجية المعايير في التعامل الأمريكي فيما يخص إسرائيل .
وهو الأمر الذي يبرز الدور المنوط بإسرائيل في قيادة المنطقة وخاصة على ضوء تصنيفها أمريكيا في ورقة المشروع بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الإقليم )
ويضيف : ( عدم استشارة دول المنطقة في أعداد هذه المشروع أو استشراف رأى أي نخب سياسية أو حتى فيما يسمى جماعات المجتمع المدني في المنطقة . وأن هذا المشروع ينظر لكل دول المنطقة على أنها متماثلة وأن الإصلاح يمكن أن يطبق عليها بشكل واحد في حين أن لكل من هذه الدول التي يجمع بينها الإسلام فيما عدا إسرائيل خصوصيات تميزها بعضها عن بعض ….. تتجنب ورقة المشروع ذكر أهم وأخطر المشاكل في الشرق الأوسط والمنطقة وهو الاحتلال للصهيوني للأراضي العربية والصراع العربي مع العدو الصهيوني .
ولذا فإن نظريات الإصلاح التي طرحها المشروع توضح إلى حد بعيد الرؤية الأمريكية التي تريد أن توجد نمطا سياسيا متجانسا يحقق مصالح الولايات المتحدة وحلفائها , ويقضى على انماط سياسة عدتها الاستراتيجية الأمريكية أنها من بقايا مرحلة الحرب الباردة والتي لم تعد تتواءم مع معطيات المرحلة ومتغيراتها ) ! .
استراتيجية الفوضى
إن الخضوع للمتغيرات التي جاء بها مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد هو المدخل الرئيسي للفوضى في المنطقة لأنه عند أول إمكانية للتمرد على هذه المتغيرات سيكون الانفلات والصراعات والفوضى والتي يمكن في هذه الحالة أن تولد حالة لا يمكن السيطرة عليها . أما بخصوص الديمقراطية تعلم الولايات المتحدة قبل غيرها أن الديمقراطية مطلب لشعوب المنطقة التي هي عطشى لها ولكن في نفس الوقت فإنها تدرك جيدا أن قوى الحكم في المنطقة مدعوم أكثرها من الجانب الأمريكي وهي في الأساس نظم استبدادية. فالتغيير الذي هو نابع من المتغيرات يأتي لتثبيت المصالح الأمريكية ولحلفائها وعلى رأسهم إسرائيل , أي أن هذه المتغيرات هي وسيلة وليست غاية استراتيجية أمريكية . ولعل أمريكا ما تريده من خلال مشروعها الشرق الأوسط الكبير او الجديد هو اتباع سياسة استراتيجية الفوضى ليتمكن لها من استنزاف خيرات وثروات الشعوب في ظل عدم وجود دولة مركزية قوية بل دول هشة تمزقها الحروب والصراعات والاقتتال الداخلي والتدخلات الإقليمية والخارجية وهذا ما نشاهده اليوم وكل ذلك خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة .
26 سبتمبر – علي الشراعي