فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
في قوله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ»، هل تشمل جميع العلماء من العلوم المختلفة أم فقط علماء الشريعة؟
الجواب هو أن العلماء الأكثر خشية لله تبارك وتعالى هم العارفون به المعظمون له، الذين يصلون إلى تبين كماله جل وعلا وجلاله من الآيات التي يتعرفون بها عليه، سواء كانت هذه الآيات من الآيات الكونية المبثوثة من حولهم، من مثل ما أشارت إليه الآيات الكريمة فيما قبل هذا الجزء من الآية الكريمة أو كان ذلك مما يلحظونه في أنفسهم أو من خلال تنزيله في كتابه العزيز، فبكل السبل والوسائل التي يتعرفون بها على الله عز وجل، فيعظمونه ويجلونه ويصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن صفات النقص، فإن هؤلاء العلماء هم الذين يكونون أكثر خشية لله تبارك وتعالى، أي الخشية التامة التي تورثهم الطاعة والاتباع والالتزام.
أما أن هؤلاء هم من علماء الكونيات والطبيعيات أو من علماء الشريعة، فإن كل ذلك داخل في المعنى، والآية الكريمة تشير إليه أو تدل عليه، لكن هذا لا يعني أنهم جميعا كذلك، وإنما هم الذين يتوصلون من خلال تلك الآيات التي يتبينونها ويكتشفونها ويسبرون أغوارها
يتبينون عظمة الخالق، وعظيم قدرته، ويتبينون جلاله وصنعه في كتاب الله عز وجل، وما أنزله من تشريع، وما هداهم إليه، وما يرونه في أنفسهم، فإن كل ذلك مقصود لأنه أورثهم أيضا العلم بالله عز وجل وتعظيمه وإجلاله ووصفه بما يليق به، وتنزيهه عما لا يليق به، فأورثهم الخشية الكاملة منه جل وعلا، كل هؤلاء داخلون، والله تعالى أعلم.
في قوله تعالى «مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ»، ما الحكمة من ذكر جبريل وميكال مع أن الملائكة ذكرت في البداية؟
هذا من عطف الخاص على العام، ويكون لحكم كثيرة، منها تنويه بالذكر، أو للجواب عن سبب، أو علة عند المخاطب، ومعلوم أن اليهود يبغضون جبريل عليه السلام، وكان هذا مشتهرا عند أهل المدينة عن اليهود، واختلف في سبب بغضهم لجبريل عليه السلام وهو من أعظم ملائكة الله عز وجل، وهو روح القدس، فقيل لأنه كان يأتيهم بالعذاب والسخط من الله تبارك وتعالى، وفي ذلك بعض الآثار، وقيل لأنه هذا الذي تشير إليه الآية الكريمة قبلها، فلأنه جاء بالوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا أظن أن معرفة السبب تعني أن ما ذكره بعض العلماء هو السبب حصرا دون ما سواه، وإنما قد يكون ذلك لتعداد الأسباب التي أدت بهم إلى بغض جبريل عليه السلام، والتصريح بعداوتهم له.
ولذلك خص بالذكر ثم أتبع بذكر ميكال، لأنهم يحبون ميكال، فيتحقق بأنه يخص ميكال بالذكر أيضا، فيتحقق معنيان الأول هو نفي ظنهم أنهم بحبهم لميكال سيرفعون عنهم إثم بغضهم لجبريل عليه السلام، والمعنى الثاني هو أن حبهم لميكال لن يكون سببا في عداوة المسلمين له، لأن هذا المبدأ عام، فإن من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنه عدو لله تبارك وتعالى، فهذا المعنى ظاهر وهو أن موالاتهم لميكال لن تكون سببا لعداوة المؤمنين له، كما أن موالاتهم لميكال أو ميكائيل لن تكون شفيعا لهم يغفر لهم عداوتهم لجبريل عليه السلام، فتحقق هذان المعنيان مما ورد من خصوصية ذكر جبريل وميكائيل عليهما السلام.
المرأة التي توفيت وكانت لها صور من غير حجاب هل يجوز لغير محارمها أن يراها بتلك الصورة؟
غير المحجبة لو كانت حية لما جاز أن ينظر إلى صورها كيف وهي ميتة بحاجة إلى عمل صالح وإلى دعاء وإلى ما يقربها إلى الله تبارك وتعالى وما يجنبها سخطه سبحانه، فينبغي للناس أيضا أن تنتبه إلى أن ما يتعلق بالعورات وإبدائها، فيه طرفان طرف من يظهر ما أمر الله عز وجل بستره، وطرف من ينظر، فكلاهما مأمور بأحكام شرعية، فالمرأة هنا على سبيل المثال، مأمورة بالستر فلا يجوز لها أن تبدي رأسها لا شعرها ولا نحرها ولا شيئا من جيدها، والأجانب من الرجال مأمورون بغض أبصارهم سواء كان ذلك في الواقع أو كان ذلك في الشاشات أو في الصور، فإذا كانت المرأة قد وفدت إلى ربها فمن باب أولى يكون هذا الحكم ألزم، يجب أن ينتبه للأمرين فلئن خالف بعض الناس فأبدى شيئا من عوراتهم فإن ذلك لا ينفي عن الناظر الحكم الشرعي بلزوم غض بصره وعدم إتباع النظرة النظرة لما أظهره الآخر من عورة والله تعالى أعلم.
يصلي شخص صلاة السفر أربعا ناسيا بسبب التعب والمرض والإرهاق فما حكم صلاته؟
عليه أن يعيد هذه الصلاة إن كان في الوقت، وأن يقضيها إن كان الوقت قد خرج وقضاؤه لها يكون كما وجبت عليه لأنه لم ينس الصلاة بالكلية وإنما نسي أنه كان مسافرا، ومعلوم أن المسافر يجب عليها أن يقصر الصلاة الرباعية وجوبا، عند علمائنا والحنفية وطائفة من العلماء وترغيبا واستحبابا عند غيرهم، فإن نسي فلم يقصر الصلاة فإن عليه الإعادة أو القضاء إن كان الوقت قد خرج، والله تعالى أعلم.
امرأة عليها قضاء الكفارة المغلظة للصيام وأجلتها والآن تريد التوبة ولكن أصيبت بحصى في الكلى، لا تستطيع قضاء الصيام، فماذا عليها؟
إن كانت لا تستطيع الصيام فإن عليها أن تنتقل إلى خصلة الإطعام فتطعم ستين مسكينا عن كفارتها، والله تعالى أعلم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جبریل علیه السلام الله عز وجل إن کان
إقرأ أيضاً:
أدب الاختلاف / د. زهير طاهات
#أدب_الاختلاف
بقلم: د. #زهير_طاهات
كل الكتب والشرائع السماوية تحث على الصبر على من أساء، وأن لا يجهل أحدكم فوق جهل الجاهلينا؛ لتكون مجتمعاتنا مجتمعات يسودها الحب، والتكافل، والرحمة. وديننا الإسلامي دين رحمة، يحث على الكلمة الطيبة؛ لأنها صدقة، وقوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾
والانسان الناجح كلما تقدم نحو العلى خطوة من مسيرته المباركة في هذه الحياة، يظهر له من يناصبه العداء ليس لشيء وانما بهدف افشاله وتشويه صورته ،وهناك فئة ضالة مضللة تعمد الى نشر الاشاعات لافشال المؤسسات الرائدة فتقوم باغتيال الشخصيات المؤثرة والعاملة فيها .وتتميز هذه الفئة بالضعف والنفاق والطعن بصدر الوطن وبث الفتنة ، وغرس سهام سامة في الوحدة الوطنية ، والتشكيك بالقدرات ، كما انها تلجأ الى استدراج ضحاياها الغافلة الى مستنقعات راكدة عفنة ، وهذه الفئة من البشر يطلق عليها “قوى الشد العكسي” ، ومن الصعوبة أن يصل أحد معهم إلى حوار عقلاني، ومنطق سليم، وتهدف الى نشر الفرقة والخصومة وتحارب الانجاز ، لكن العاقل الحصيف يبقى دائما حذرا متنبها
لكل ألاعيبهم التي تنطلي فقط على اصحاب العقول الصغيرة ، وكما يقول المثل الإنجليزي
“لا تُصارع خنزيرًا في الوحل، فـتتسخ أنت ويستمتع هو.”
يعني أنك لا تناقش، ولا تُعامل، ولا تُكلم، ولا تبرر، ولا تشرح لأحد لا يُشبهك ولا يُـشبه مستواك، سواء الفكري، أم الأدبي، أم الأخلاقي.
ومستوى تعليم الفرد لا يعطي صكوك غفران بالأخلاق، والقيم ، ولا يعني أن الفرد يسمو إنسانيا .
وكل الديانات السماوية تحث على عدم الرد على السفيه لانه من الواجب مدارات السفيه و الجاهل “
وقوله تعالى: ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) أي : إذا سفه عليهم الجهال بالسيئ ، لم يقابلوهم عليه بمثله ، بل يعفون ويصفحون ، ولا يقولون إلا خيرا ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، وكما قال تعالى: ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي) .
وفي هذا المقام استذكر قول الشافعي في فن الرد على من أساء إليه بقوله :”يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيبا
إذا سبني نذل تزايدت رفعة و ما العيب إلا أن أكون مساببه
و لو لم تكن نفسي علي عزيزة لمكنتها من كل نذل تحاربه
إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من أجابته السكوتُ
فإن كلمته فرجت عنه وإن خليته كمدا يموتُ
“قالوا سكت وقد خوصمت”
لذا؛ علينا أن نقابل الإساءة بالحسنة، وأن نقتدي برسولنا الكريم بأن نصفح ونتسامح لنقضي على العنف المجتمعي ونتراحم فيما بيننا . حمى الله وطننا من الفتن وكل من يفتعل الفتن ، لان الفتنة اشد من القتل .