حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اصطفاهم الله من بين خلقه ليكونوا حافظين لكلامه العزيز في صدورهم، وذلك بفضله ورحمته. فقد منحهم بركة عظيمة في حياتهم نتيجة لجهودهم المستمرة في تدارس وحفظ القرآن الكريم. بذلوا أوقاتهم بكل صدق وإصرار لتحقيق هذا الشرف العظيم، فحصدوا ما كانوا يطمحون إليه. فما هي بداية رحلتهم في هذا الطريق المبارك؟ من كان يعينهم في مسيرتهم؟ وما هي التحديات التي سهلها الله لهم لتجاوز هذا الطريق؟ وما هي القصص التي أضاءت لهم الدرب بشغفهم؟ وما هي تطلعاتهم وأحلامهم للمستقبل؟ كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ إبراهيم بن سعيد بن علي الصوافي، الفائز بالمركز الأول في مسابقة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم في مستوى حفظ 24 جزءًا، يروي لنا هذا الشاب العماني تجربته المليئة بالإصرار والتفاني في سبيل حفظ كتاب الله، ويكشف عن جوانب عديدة من رحلته الشخصية والروحية.

إنجاز روحي

حينما سألت إبراهيم عن مدى تأثير الفوز بجائزة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم على حياته، كانت إجابته ملؤها التواضع والفخر. "الفوز يمثل لي الكثير على مختلف الأصعدة"، يقول إبراهيم بابتسامة هادئة: "على المستوى الشخصي، هو شرف عظيم وإنجاز روحي يقرّبني من الله عز وجل. لا شيء أسمى من حفظ القرآن، فهو ليس مجرد حفظ كلمات، بل هو عمل يتقرب به العبد إلى ربه". ويؤكد إبراهيم أن القرآن الكريم يرفع مكانة المسلم في الدنيا والآخرة، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".

ويضيف: "على المستوى المجتمعي، يحظى حافظ القرآن الكريم بتقدير واحترام كبيرين، ويسهم في نشر الخير وتعليم القرآن للآخرين".

التشجيع والعزيمة

وعن بداياته في رحلة حفظ القرآن الكريم، يروي إبراهيم قصة مشوقة. يقول: "بدأت مشواري مع حفظ القرآن منذ الصغر، وكان ذلك بفضل الله أولًا ثم بفضل الوالدين الذين بذلوا جهدًا كبيرًا في إيجاد معلمين أكفاء". لكن الأمر لم يكن سهلا في البداية، فقد كانت فترات الحفظ متفرقة، حتى أنهيت الصف السابع لكن ما غير مجرى الأمور كان نصيحة من أخي أحمد، جزاه الله خيرًا. نصحني أن ألتحق بمركز بيت القرآن في ولاية سمائل. وبالفعل، التحقت بنادي الفتى القرآني، فبدأت رحلة جديدة مليئة بالعزم".

التحديات والمثابرة

سألت إبراهيم عن كيفية تنظيم وقته بين الحفظ والتحصيل الدراسي، فأجاب: "كنت أضع جدولًا زمنيًا واقعيًا، وأخصص أوقاتًا ثابتة يوميًا أو أسبوعيًا لحفظ القرآن. كنت أبدأ بحفظ كمية قليلة وأزيدها تدريجيًا حتى أتمكن من الموازنة بين دراستي وحفظي". ويؤكد إبراهيم على أهمية التدرج في الحفظ لتجنب الشعور بالإرهاق أو الفتور، خاصة في أوقات الانشغال الدراسي.

وعن أبرز التحديات التي واجهته في مسيرته القرآنية، يعترف إبراهيم أنه عانى من "مشكلة النسيان"، وهي مشكلة شائعة بين حافظي القرآن. "كنت أواجه أحيانًا مشكلة نسيان ما حفظته، ولكن كنت دائمًا أعود للمراجعة والتكرار، ما يساعدني على ترسيخ ما حفظته"، يقول مبتسمًا. ويرى إبراهيم أن المداومة على الحفظ وعدم الانقطاع الطويل هما من أبرز أسس الاستمرار، إضافة إلى الدعم المعنوي من الأصدقاء والمراكز الصيفية التي كانت تُعدُّ وسيلة فعّالة للمحافظة على الحفظ.

بركة لا تعد ولا تحصى

وحين سُئل إبراهيم عن البركة التي يشعر بها في حياته نتيجة لحفظه للقرآن، لم يتردد في الإجابة: "البركة تظهر في حياتي بشكل واضح. حفظ القرآن جلب لي الهداية والتقوى، وجعل قلبي عامرًا بنور الإيمان". وأضاف: "القرآن جلب لي صفاء نفسيا وراحة، وأشعر دائمًا بأن الله يفتح لي أبواب الرزق ويفتح لي في كل خطوة بركة عظيمة".

مفتاح تسريع عملية الحفظ

وعن العوامل التي تساعد على تسريع عملية الحفظ، يرى إبراهيم أن الإيمان بقدرة الشخص على حفظ القرآن الكريم هو أحد أبرز العوامل. "عندما يقتنع الشخص بقدرته على الحفظ ويؤمن بأنه قادر على إتمام هذا الهدف، فإن ذلك يساعده على بذل المزيد من الجهد والتركيز".

الطريق إلى الحفظ الراسخ

وعن طرق الحفاظ على ما حفظه، ينصح إبراهيم بالتركيز على المراجعة المستمرة والتكرار. "التكرار هو الحل الأمثل. يجب على الحافظ أن يراجع ما حفظه أولًا قبل أن يبدأ في حفظ الجديد. كما أن التدبر والتأمل في الآيات يعين على ترسيخها في الذاكرة".

وعندما سُئل إبراهيم عن أجمل اللحظات التي مر بها في رحلته مع القرآن، كانت قصته عن ختمه للقرآن في سمائل هي الأكثر تأثيرًا. "أجمل لحظة في حياتي كانت عندما ختمت القرآن في سمائل، وكانت آخر سورة حفظتها هي سورة الصف. كان شعورًا لا يوصف، وكانت التهاني والدعوات من المعلمين والطلبة لا تتوقف. الحمد لله على توفيقه".

الآية التي ترددها دائمًا: دعوة للتغيير

ترددت كثيرًا في ذهن إبراهيم آية جعلت له أثرًا عميقًا في حياته: "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ". يوضح إبراهيم: "هذه الآية تدعونا للتغيير الداخلي قبل أن ننتظر تغير الظروف. تذكرني دائمًا بأننا يجب أن نعمل على تحسين أنفسنا قبل أن نتوقع تغيرات خارجية".

وبالنسبة للناشئة، يرى إبراهيم أن العصر الحالي مليء بالملهيات التي قد تبعدهم عن القرآن. ولحل هذه المشكلة، يقترح تطوير تطبيقات قرآنية تدمج بين التعلم والمرح. "يمكن أن تحتوي هذه التطبيقات على ألعاب ومسابقات تعليمية تشجع الشباب على التفاعل مع القرآن بطرق ممتعة. كما يمكن ربط هواياتهم بالقرآن، مثل الرسم أو حتى تعلم الأناشيد الدينية".

المسابقات حافز للجد والاجتهاد

وفي حديثه عن المسابقات القرآنية، يشير إبراهيم إلى دورها الكبير في تحفيز الحافظ على إتقان ما حفظه. "المسابقات تعتبر من أقوى الوسائل التي تعين على ضبط الحفظ"، يقول. ويستعرض إبراهيم بعضًا من مشاركاته الناجحة، مثل جائزة الكويت الدولية وسباق حفظ القرآن في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى حصوله على المركز الأول في مسابقة السلطان قابوس لحفظ 24 جزءًا.

إبراهيم يتطلع إلى العديد من المشاريع المستقبلية التي تهدف إلى تعزيز نشر القرآن الكريم في المجتمع، مثل تنظيم مسابقات وحفلات قرآنية لتشجيع الشباب على حفظ القرآن، وإنشاء مراكز لتحفيظ القرآن في المناطق النائية. كما يطمح إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لحفظة القرآن الكريم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حفظ القرآن الکریم إبراهیم عن إبراهیم أن القرآن فی دائم ا

إقرأ أيضاً:

انطلاق التصفيات المؤهلة لنهائيات «مسابقة شيخ الأزهر» السنوية في حفظ القرآن الكريم وتجويده بمطروح

انطلقت، فعاليات اليوم الأول للتصفيات المؤهلة لنهائيات مسابقة شيخ الأزهر السنوية في حفظ القرآن الكريم، بمقر ديوان المنطقة الأزهرية، تحت رعاية الشيخ عبد العظيم سالم، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة مطروح الأزهرية.

وجاءت اختبارات اليوم ل300 مشارك، مقسمين على ثلاث لجان، ولمدة 4 أيام، هذا وقد قام على أداء الاختبارات لجنة خارجية من إدارة شئون القرآن، التابعة لقطاع المعاهد الأزهرية.

وحرص الشيخ عطية سالم، الوكيل الشرعي للمنطقة، على متابعة اختبارات المسابقة منذ انطلاق اللحظات الأولى لها؛ للاطمئنان على حسن سيرها، مؤكدًا على أنه لا مجال للمحاباة أو المجاملة لأي شخص، وأن التصفيات تسير بشكل ممتاز وبمنتهى الشفافية.

وأكد الشيخ صابر الشرقاوي، مدير إدارة شؤون القرآن الكريم بمنطقة مطروح الأزهرية، إلى أنه تقدم للمسابقة نحو (1600) طالبًا وطالبة بالمرحلة الأولى، وتم تصعيد ما يقارب من (300)، ويتنافسون الآن في التصفيات النهائية في أربع مستويات، المُستوى الأول حفظ القرآن الكريم كاملًا مجودا ومرتلا، والمُستوى الثاني حفظ القرآن كاملاً، المستوى الثالث، حفظ 20 جزءاً، والمُستوى الرابع حفظ 10 أجزاء، على أن يتم تصعيد العشرة الأوائل من كل مستوى، للمسابقة النهائية على مستوى الجمهورية.

وأشار الشرقاوي إلى أن المسابقة تبدأ فعالياتها من اليوم الاثنين، وتستمر لمدة أربعة أيام، على أن تنتهي أعمال اللجنة يوم الخميس المقبل.

والجدير بالذكر أن الأزهر الشريف يرصد جوائز مالية قيمة للفائزين في المستويات الأربعة عقب إعداد النتيجة النهائية، واعتمادها من الإدارة العامة لشؤون القرآن الكريم بقطاع المعاهد الأزهرية.

من ناحية اخرى وفى وقت سابق أعلنت  وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة مطروح تدشين مبادرة ( مدرستي تكتب وتقرأ بطلاقة) وذلك مع بداية الفصل الدراسي الثاني والمقرر انطلاقه الأحد الموافق ٨ فبراير المقبل وذلك بهدف تحسين المستوي اللغوي للطلاب الضعاف بالصفوف الأولي بالمرحلة الابتدائية وذلك تحت إشراف إدارة التعليم الابتدائي وإشراف عام لمدير التعليم العام.

" المبادرة تأتي في إطار خطة منظمة موجهة للنهوض بمستوي الطلاب ضعاف القراءة والكتابة وفق جدول زمني حيث يتم التنفيذ بجميع المدارس الإبتدائية .

وأكدت وكيل الوزارة أن المبادرة تستهدف تحسين المستوي اللغوي للطلاب الضعاف مشيرة أنه ستتم متابعة فعاليات المبادرة بكافة الإدارات التعليمية أولا بأول حتي تؤتي ثمارها المأمولة

وأوضحت نادية فتحي أن تعليم مطروح لن يدخر جهدا لدفع منظومة العمل للإمام تنفيذاً لتوجيهات السيد اللواء خالد شعيب محافظ مطروح وفي ضوء تكليفات الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم وذلك وفق إطار مهني منظم لإستمرار دعم ومساندة أبنائنا الطلاب .

مقالات مشابهة

  • انطلاق المسابقة الدولية العاشرة في حفظ القرآن الكريم للعسكريين الأسبوع المقبل بمكة المكرمة
  • انطلاق التصفيات المؤهلة لنهائيات «مسابقة شيخ الأزهر» السنوية في حفظ القرآن الكريم وتجويده بمطروح
  • أكاديمية القرآن الكريم بأمانة العاصمة تحيي الذكرى السنوية للشهيد القائد
  • أدعية قيام الليل في ليلة الإسراء والمعراج من القرآن الكريم والسنة النبوية
  • مدير الجامع الأزهر يتفقد اختبارات نهاية المستوى برواق القرآن الكريم بالجامع الأزهر
  • استفادة 210848 مستفيدًا ومستفيدة من حلقات القرآن الكريم بالحرمين الشريفين
  • 40 متسابقًا من 33 دولة.. انطلاق مسابقة بورسعيد للقرآن الكريم الجمعة المقبلة
  • 40 متسابقًا من 33 دولة يشاركون في مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم
  • آخر آية نزلت في القرآن الكريم
  • دليل يقظة النبي في الإسراء والمعراج .. وارد في القرآن الكريم