من نتبع ونسمع من العلماء في الدين؟ علي جمعة يرشد الغافلين
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على سائل: من نتبع؟ ومن نسمع؟
ليرد “جمعة”، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، اسمع العلماء، اسمع هذا الذي قضى ثلاثين عامًا أو أربعين عامًا في طلب العلم الشرعي الصحيح؛ لأنه صاحب منهج وسطي، كما قال الله تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } [البقرة: 143].
عندما يخرج أحدهم ويريد أن يتدين، ويظن أنه بتدينه قد تعلم، فهو مخطئ. العلم له أركانه، ولابد أن يكون العلم على يد أستاذ. فإذا فقدت الأستاذ والشيخ، فكيف تتعلم؟! هل تتعلم من الكتاب فقط؟ أين العلوم المساعدة؟ من الذي امتحنك؟ من الذي أجازك؟ وبأي درجة؟ وفي أي مستوى؟ وفي أي تخصص؟
لذلك لابد أن نتعلم من أهل العلم الموثوقين. مؤسسات التعليم مفتوحة، وليس من التعلم أن تقرأ الكتاب على سريرك. من أنت؟
لهذا السبب اهتم الأمريكيون جدًا عندما أرادوا أن يتحدثوا عن العلم بمنهج "Who is who" - أي: من هذا؟ - وصنعوا مجلدات ليترجموا لكل إنسان، ولا يقبلون إلا ممن لديه مرجع موثوق.
قال الله تعالى : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وقال أيضًا: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ، وقال : {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } وفسرها العلماء بأنها تشير إلى أهل العلم.
إذًا، لابد أن تكون لنا مرجعية، وهذه المرجعية هي كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، بقراءة العلماء المعتبرين، وليس باتباع الأهواء أو المتشددين. فقد قال رسول الله ﷺ : "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق"، وقال ﷺ : "من رغب عن سنتي فليس مني"، وقال ﷺ : "هلك المتنطعون"، وقال ﷺ : "إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه" .
وقال الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وقال أيضًا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}. وقال رسول الله ﷺ : "إنما أنا رحمة مهداة"، وقال ﷺ : "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
لكننا نجد بعض المتشددين يخرجون بجفاء في وجههم وشعث في لحاهم، يدعون أنهم على سنة رسول الله، فينفرون الناس من هذا الدين العظيم. وحاشا رسول الله ﷺ أن يكون مثاله كذلك.
لقد كان رسول الله ﷺ أجمل الناس وأرحمهم وأرفقهم. كان يتبسم ويضحك حتى تظهر نواجذه - أضراس العقل -، وكان يحب كل شيء جميل. وقال ﷺ : "إن الله جميل يحب الجمال".
هذا التشدد المقيت لا يناسب الدين، ولا ينتمي إلى الإسلام، ولا إلى العصر. بل إنه حائل وحاجز بين الناس وخالقهم. هؤلاء يصدون عن سبيل الله بغير علم، لأنهم أحبوا الزعامة والتصدر، وأرادوا أن يتشبعوا بما ليس فيهم.
قال رسول الله ﷺ : "من غشنا فليس منا" ، وقال : "المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور".
إنهم يدّعون العلم، وهم ليسوا علماء. وهذا ما يسميه أهل العلم "الشغب". كثير من الناس الطيبين يصدقونهم لأنهم يرونهم بلحاهم وملابسهم التي يدّعون بها العلم. لكن أين القرآن؟ وأين السنة؟
هؤلاء إذا ذهبوا إلى القرآن والسنة، فإنهم يأخذون بظاهر النصوص، لا بحقيقتها، فيخطئون في الفهم. ثم يتصدرون قبل أن يتعلموا، ويتحدثون قبل أن يتفقهوا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة المتشددين العلماء العلم الشرعي المزيد رسول الله ﷺ وقال ﷺ
إقرأ أيضاً:
بث مباشر.. شعائر صلاة آخر جمعة في رمضان من مسجد السيدة نفيسة
نشرت الفضائية المصرية، شعائر صلاة آخر جمعة في رمضان من مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها بمحافظة القاهرة.
وحددت وزارة الأوقاف موضوع اخر جمعة في رمضان والتي توافق 28 رمضان ١٤٤٦ هـ، حيث ستكون الخطبة بعنوان: "زكاة الفطر ودورها في التكافل المجتمعي".
وقالت وزارة الأوقاف في بيان لها عن خطبة الجمعة الأخيرة في رمضان، إن الهدف من هذه الخطبة هو: التوعية بدور الزكاة وخصوصًا زكاة الفطر في تحقيق التكافل المجتمعي.
خطبة الجمعة مكتوبةالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بَدِيعِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ، وَنُورِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهَادِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَهَا نَحْنُ نُوَدُّع شَهْرَ رَمَضانَ الْمُعظّمَ مَوْسِمَ الْخَيْرِ وَالْأُنْسِ وَالْقُرْبِ وَالنُّورِ وَالتَّرَقّي فِي مدَارِجِ الْإِحْسَانِ، فيَا شَهْرَ رَمضَانَ تَرَفّقْ، دُمُوعُ الْمُحِبّينَ تَدَفّقُ، قُلوبُهُم مِنْ ألَم الفِراقِ تَشَقَّقُ، عَسَى وَقْفَةٌ لِلْوَداعِ تُطْفئُ مِنْ نَاِر الشّوقِ مَا أحْرقَ، عَسَى مُنقَطِعٌ عَنْ ركْبِ المقْبولِينَ يَلحَقُ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقبِلوا عَلى ربِّكُم، وَاغْتنمُوا ما بَقِيَ من شَهْرِكُم، وأَحْسِنُوا خِتَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَدْ دَنَتْ سَاعَةُ رَحِيلِهِ، وَبَدَتْ أَمَارَةُ تَوْدِيعِهِ، فَهَلُمُّوا إِلَى الاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الغَالِيَةِ البَاقِيَةِ، فَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، يَا غُيُومَ الغَفْلَةِ والكَسَلِ عَنِ القُلُوبِ تَقَشَّعِي، وَيَا شُمُوسَ الهُدَى والتُّقَى اطْلَعِي، وَيَا أَقْدَامَ العَابِدِينَ الصَّادِقِينَ اسْجُدِي لِرَبِّكِ وَارْكَعِي، وَيَا ذُنُوبَ التَّائِبِينَ المُنِيبِينَ لَا تَرْجِعِي، وَيَا هِمَمَ المُحِبِّينَ بِغَيْرِ الجَنَّةِ لَا تَقْنَعِي.
أيُّها المكرَّمُ: يَا منْ أنْعَم اللهُ عَليْك بِإدْراكِ شهْرِ رَمضانَ، وَأجْزلَ عليْك آلاءَه، فصُمْت نَهارَه، وقُمْت ليْلَه، لِيكُن نورُ القُرآنِ سَاريًا في قَلبِك، وَلْتكنْ بركَاتُ الصّيامِ سُمُوًّا في أخْلاقِك، وَأحوَالُ القيَامِ رُقيًّا في عبَادتِك، وَاعْلمْ أنّ السَّعيدَ مَنْ قَبِلَ اللهُ منْهُ عبَادتَه في رمضَانَ، فأقْبلَ علَى ربِّه في مسْتقبَلِ أيَّامهِ فرحًا بطاعَتِهِ، منكسِرًا علَى أعْتابِ مَوْلاه، مُتَواضعًا لخلقِ اللهِ، فَإنّ من جَزَاءِ الحَسنةِ الحسنةَ بعدَها، ومِنْ علَاماتِ القَبولِ المدوَامةَ علَى الطَّاعَةِ.
أَيُّها الأَحِبَّةُ: إِنَّ زَكَاةَ الفِطْرِ عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ شَرَعَهَا اللهُ تَعَالَى جَبْرًا لِخَوَاطِرِ النَّاسِ، وَكَشْفًا لِكُرُوبِهِمْ، وَإِدْخَالًا لِلسُّرُورِ عَلَيْهِمْ؛ حَتَّى تَسْرِيَ السَّعَادَةُ فِي بُيُوتِ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَأَرْبَابِ الحَاجَاتِ كَمَا يَسْرِي المَاءُ فِي الوَرْدِ، إِنَّ زَكَاةَ الفِطْرِ جِسْرٌ مُمْتَدٌّ بَيْنَ القُلُوبِ، يَربِطُ بَيْنَ القَادِرِ وَالمُعْسِرِ، وَيُشْعِرُ النُّفُوسَ جَمِيعَهَا بِالتَّكَافُلِ وَالمَوَدَّةِ وَالحَنَانِ والمَرْحَمَةِ، إِنَّهَا لَمْسَةُ حَنَانٍ تُمْسَحُ بِهَا دُمُوعُ المُحْتَاجِينَ، وَبَسْمَةُ رِضًا تُرْسَمُ عَلَى وُجُوهِ الفُقَرَاءِ وَالمُحْتَاجِينَ حَتَّى تُشْرِقَ فَرْحَةُ العِيدِ فَلَا نَرَى جَائِعًا وَلَا مُحْتَاجًا، وَيَتَحَقَّق مَشْهَدُ البُنْيَانِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الجَنَابُ الأَنْوَرُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».
أَيُّهَا السَّادَةُ، أَيُرْضِيكُمْ أَنْ يَتَكَفَّفَ الفُقَرَاءُ النَّاسَ يَوْمَ العِيدِ بَاحِثِينَ عَنْ مَا يَسُدُّ حَاجَتَهُمْ، وَيَكْسُو صَغِيرَهُمْ، وَيُطَيِّبُ خَاطِرَ مُنْكَسِرِهِمْ؟! إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَبِيتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ، وَلَا يُصْبِحُ مَسْرُورًا وَأَخُوهُ بَائِسٌ، فَلَيْسَ العِيدُ فَرْحَةً فَرْدِيَّةً، بَلْ هُوَ شُعُورٌ مُشْتَرَكٌ وَفَرْحَةٌ جَامِعَةٌ تَتَذَوَّقُهَا القُلُوبُ وَتُسَرُّ بِهَا الأَرْوَاحُ، وَزَكَاةُ الفِطْرِ هِيَ المِفْتَاحُ المُبَارَكُ الَّذِي يَضْمَنُ أَنْ تَمْتَدَّ هَذِهِ الفَرْحَةُ إِلَى كُلِّ بَيْتٍ، فَلَا يَشْعُرُ أَحَدٌ بِالخذْلَانِ فِي يَوْمِ الاجْتِمَاعِ عَلَى السَّعَادَةِ وَالبَهْجَةِ وَالسُّرُورِ، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْنُوهُمْ عَنْ طَوَافِ هَذَا اليَوْمِ».
أَيُّهَا النَّاسُ احْرِصُوا عَلَى زَكَاةِ الفِطْرِ عِبَادَةً تَرْتَقِي بِهَا الرُّوحُ إِلَى مَعَالِي البَذْلِ وَالجُودِ وَالعَطَاءِ وَالإِكْرَامِ، اسْتَشْعِرُوا فِي زَكَاةِ الفِطْرِ مُتْعَةَ العَطَاءِ، وَلَذَّةَ العَوْنِ وَالإِسْعَادِ، وَكَنْزَ دَعَوَاتِ أَرْبَابِ الحَاجَاتِ، فِي مَلْحَمَةِ حُبٍّ وَتَكَافُلٍ وَتَرَاحُمٍ لَا نَجِدُ لَهَا عُنْوَانًا أَعْظَمَ مِنْ هَذَا البَيَانِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
السَّادَةُ الكِرَامُ، إِنَّ زَكَاةَ الِفْطِر مِسْكُ خِتَامِكُمْ، وَطُهْرَةٌ لِصِيَامِكُمْ مِمَّا عَلَقَ بِهِ مِنْ أَدْرَانٍ وَآثَامٍ، أَلَمْ يَقُلِ الجَنَابُ المُعَظَّمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَكَاةُ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَث»، فَهَلُمُّوا إِلَى الفَيْضِ الإِلَهِيِّ، فَهَذَا مَوسِمُ العَطَايا الرَّبَّانِيِّة وَالمِنَحِ الإِلَهِيَّةِ وَالبَذْلِ وَالسَّخَاءِ وَالكَرَمِ وَالنَّدَى، أَرْسِلُوا لِلدُّنْيَا رِسَالَةَ حُبٍّ، وَبَادِرَةَ أَمَلٍ، وَنَسمَةَ خَيْرٍ تَهُبُّ عَلَى القُلُوبِ، اجْعَلُوا مِنْ زَكَاةِ الفِطْرِ جِسْرًا مِن نُورٍ يَعْبُرُ بِنَا إِلَى رِحَابِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَيَجْمَعُنَا عَلَى مَائِدَةِ المَحَبَّةِ وَالوِئَامِ.
*
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَيَا مَن تَسْعَوْنَ إِلَى الحَقِّ وَتَطْلُبُونَ رِضَا اللهِ وَهِدَايَتَهُ، الْزَمُوا مَصَادِرَ الفَتْوَى المَوْثُوقَةَ المُعْتَمَدَة وَالِبيئَةَ الإِفْتَائِيَّةَ الآمِنَةَ الَّتِي تُرَاعِي الأَحْوَالَ وَالأَشْخَاصَ وَالزَّمَانَ وَالمَكَانَ، وَاطْلُبُوا العِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَسَاطِينِهِ، فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ الفِتَنُ والشُّبُهَاتُ، وَتَعَدَّدَتْ فِيهِ المَشَارِبُ وَالأَهْوَاءُ، فَهَذَا أَمْرُ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كنتم لَا تَعْلَمُونَ}.
أَلَا يَكْفِيكُمْ أَيُّهَا السَّادَةُ أَنَّ مُؤَسَّسَاتِ الفَتْوَى الرَّسْمِيَّةَ حَامِلَةٌ لِمَنْهَجِ وَسَطِيَّةِ الأَزْهَرِ الشَّرِيفِ؟ أَلَا تَرْوَنَ أَنَّ فَتَاوَى التَّشَدُّدِ قَدْ مَزَّقَتِ الأُمَّةَ تَمْزِيقًا، أَلَا تَدْرُونَ كَمْ دَمَّرَتْ فَتَاوَى التَّفْرِيطِ مِنْ ثَوَابِتِ دِينِنَا الحَنِيفِ؟ هَلْ سَمِعْتُمْ عَنْ أُسَرٍ دُمِّرَتْ، وَدِمَاءٍ سُفِكَتْ، وَشَبَابٍ ضُيِّعَ بِسَبَبِ فَتوَى شَاذَّةٍ أَوْ مَغْلُوطَةٍ، وَإِلَيْكُمْ هَذَا البَيَانُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».
أَيُّهَا السَّادَةُ، أَمَا حَانَ الوَقْتُ لِإِسْعَافٍ عَاجِلٍ لِكَافَّةِ القَضَايَا وَالنَّوَازِلِ وَالمَسَائِلِ الَّتِي تُحَيِّرُ العُقُولَ فِي رِحَابِ مُؤَسَّسَاتِ الإِفْتَاءِ الرَّسْمِيَّةِ؟! أَمَا آنَ الأَوَانُ لِإِنْهَاءِ الفَوْضَى الإِفْتَائِيَّةِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ ضَيَاعٍ لِلْهُوِيَّةِ المِصْرِيَّةِ وَالتَّدَيُّنِ المِصْرِيِّ الأَصِيلِ؟! أَيُّهَا الكِرَامُ، اصْنَعُوا الوَعْيَ الإِفْتَائِيَّ الرَّشِيدَ في الدُّنْيَا مِنْ جَدِيدٍ.