كشف رابط بين الالتهاب واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي!
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
كشف بحث جديد عن وجود علاقة بين الالتهاب واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في مؤشر على وجود علاقة قوية بين الجسم والسلوك الاجتماعي.
الالتهاب هو استجابة الجسم للإصابة والعدوى، ولكنه يمكن أن يدفع الناس أيضا إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لبحث أجري في جامعة أميركية.
من خلال ثلاث دراسات، شملت أكثر من 1800 مشارك، تشير النتائج إلى أن زيادة مستويات "بروتين سي المتفاعل" (C-reactive protein، اختصارا CPR)، الذي يصنعه الكبد استجابة للالتهاب في الجسم، يمكن أن يعزز استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين البالغين في منتصف العمر وطلاب الجامعات.
نشر البحث في مجلة Brain, Behavior and Immunity.
يقول ديفيد لي الأستاذ المساعد في كلية الآداب والعلوم بجامعة بافالو، والمؤلف الأول للدراسة "يبدو أن الالتهاب لا يزيد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل تظهر نتائجنا دليلا أوليا على أنه مرتبط أيضا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتفاعل بشكل خاص مع المستخدمين الآخرين، مثل المراسلة المباشرة والنشر على صفحات الأشخاص. ومن المثير للاهتمام أن الالتهاب لم يدفع الناس إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض أخرى على سبيل المثال، أغراض ترفيهية مثل مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة".
ويضيف "على حد علمنا، هذا هو أول دليل يظهر دور الجهاز المناعي باعتباره سابقة محتملة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي".
تجذب منصات التواصل الاجتماعي مليارات المستخدمين في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى تساؤلات حول الآثار المحتملة لذلك على الصحة البدنية والعقلية. رغم ذلك، طرح لي وزملاؤه سؤالا أكثر جوهرية: ما الذي يجذب الناس لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المقام الأول؟
لكن ماذا عن الالتهاب كمساهم محتمل؟
على الرغم من أن الناس يفكرون بشكل عام في الأسباب النفسية، مثل الملل والوحدة، كمحركات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن قدرا متزايدا من الأبحاث يشير إلى أن التجربة تظهر أن زيادة الالتهاب تعزز سلوك المشاركة الاجتماعية. لذلك، تساءل لي إلى أي مدى قد تكون المستويات العادية لعلامة بيولوجية، مثل بروتين سي المتفاعل (CPR)، دليلا على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
إذا كان الالتهاب يزيد بالفعل من الدافع الاجتماعي للانتماءات، فيجب أن يدفع الناس أيضا إلى اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية.
استخدمت الورقة الحالية مجموعة بيانات موجودة من البالغين في منتصف العمر للدراسة الأولى، الذين أكملوا استبيانات المسح وقدموا عينات دم قام الباحثون بتحليلها بحثا عن بروتين سي المتفاعل. جمع المؤلفون بياناتهم الخاصة للدراستين الثانية والثالثة باستخدام طرق مماثلة لطلاب الجامعات.
يقول لي، الخبير أيضا في آثار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي "الالتهاب عادة ما تتبعه سلوكيات وأعراض مرتبطة بالمرض يمكن أن تساعد الجسم على الشفاء. البشر كائنات اجتماعية. وعندما نكون مرضى أو مصابين، قد يكون من التكيف بالنسبة لنا الاقتراب من الآخرين الذين يمكنهم تقديم الدعم والرعاية الاجتماعية".
يمكن أن يؤدي فهم وتحديد متى ولماذا يستخدم الأشخاص وسائل التواصل الاجتماعي إلى تزويدنا باستراتيجيات التدخل التي تعلم الأشخاص متى يبحثون عن اتصالات أو دعم اجتماعي أو تقوية علاقاتهم الحقيقية خارج الاتصال بالإنترنت.
يؤكد لي "إذا كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مدفوعا بحافز التواصل مع الآخرين، يمكننا تعليم الناس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض".
كما سلطت النتائج الضوء على كيفية إدارة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال.
يخطط لي وفريقه لمواصلة العمل من أجل اكتساب المزيد من الوضوح حول كيفية تأثير الالتهاب على السلوكيات الاجتماعية سواء في حال اتصال الشخص بالإنترنت أو عدم اتصاله بها، وكذلك ما إذا كان الرابط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبين الالتهاب قد يختلف باختلاف مجموعات سكانية معينة، مثل المراهقين.
ويختم الدكتور لي "إن اتباع هذا الخط من البحث يمكن أن يزيد من فهمنا للروابط المحتملة بين الجسم والسلوك الاجتماعي اليومي". أخبار ذات صلة كواليس صناعة المؤثرين.. قاسية لا تخلو من الضغوط خوارزميات «السوشيال ميديا» مؤثرة.. لكنها لا تغير معتقداتنا المصدر: الاتحاد - أبوظبي
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الالتهابات وسائل التواصل الاجتماعي یمکن أن
إقرأ أيضاً:
وسائل التواصل والهوية والمواطنة
أرّقت قضية الأخلاق دولًا كثيرة واجتهدت لتحصين شبابها، ومنها اليابان على سبيل المثال التي أصدرت وثيقة توجيهات جعلت تعلّم العادات الحميدة التي كانت سائدة في اليابان قبل نحو ثلاثة قرون، مادةً أساسيةً في المدارس، عازية قرارها إلى وجود علاقة بين تراجع مستوى الأخلاق لدى طلاب المدارس الابتدائية وبين تزايد معدلات الجريمة بين الأحداث. ولم تترك الوثيقة شيئًا إلا وتناولته، إذ تتضمن المادة الجديدة التركيز على تعليم الأطفال أدق التفاصيل، مثل طريقة المشي، ومستوى الصوت، ودرجة الانحناء عند التحية التي تزداد وفقًا للمكانة الاجتماعية للشخص الآخر، وصولًا إلى الكلمات التي يجب اختيارها عند مخاطبة الآخرين، كلّ حسب عمره؛ ولا يمكن اعتبار أنّ هذه التفاصيل أمورٌ ثانوية، فهي تمثل أساسيات التعامل بين أفراد المجتمع، وستؤتي ثمارها بعد حين.وقريبًا من اليابان، نشرت وزارة التعليم الصينية خططًا «لتنمية الرجولة» لدى الطلاب الذكور، في أعقاب تحذير من أحد كبار المستشارين السياسيين في الصين من أنّ الأمة تعاني من «أزمة رجولة» وطنية، حيث قدّم المستشار الصيني سي زيفو مقترحًا لتنمية الرجولة في الجيل الصيني الجديد، معتبرًا أنّ معالجة هذه القضية مسألة تتعلق بالأمن القومي الصيني، ومحذرًا من أنّ «تأنيث الأولاد الصينيين يهدد بقاء الصين وتنميتها».
لا يخفى أنّ توجهًا كهذا هو توجه وطني، ردًا على الأفكار والمقترحات الغربية الهدامة التي تريد تمييع الشباب؛ فالمخططون في الصين يعلمون أنّ تدمير أيّ أمة يعتمد اعتمادًا كليًّا على تدمير الأخلاق وتمييع الشباب، فيما نجد أنّ بعض الدول العربية - وشبابها مستهدف - استقبلت الأمر بشبه ترحاب.
في تصوري أنّ وزارة التربية والتعليم العُمانية وُفّقت في استحداث منهج خاص بتعليم الناشئة مفاهيم الهوية والمواطنة ضمن خطتها الدراسية، ابتداء من العام الدراسي الحالي؛ لأنّ المنهج يهدف - حسب بيان الوزارة - إلى تعزيز المحافظة على الهوية الوطنية العُمانية والمبادئ والقيم الإسلامية؛ وما أحوجنا إلى ذلك الآن، وقد شهد العالم تطورات مذهلة وسريعة أصبحت فيه وسائل الاتصالات مؤثرة جدًا، وبيدها أن توجّه الشباب الوجهة التي تريدها، خاصة إذا لم يكونوا محصّنين دينيًّا وأخلاقيًّا ووطنيًّا. ولا يمكن أن نقارن فكر الشباب الحالي بفكر جيلهم السابق عندما كانوا في العمر نفسه، لأنّ المتاح الآن من المعلومات والتواصل والاختراقات، لم يكن ليخطر على خيال الجيل السابق، وهذا بدوره يستدعي أن تواجه الحكومة - أي حكومة في العالم - التحديات مواجهةً عصريةً تتماشى مع التطور الحاصل في العالم.
والمحافظة على الهوية الوطنية والمبادئ والقيم الإسلامية، تتطلب أن تهتم وزارة التربية والتعليم بتخصيص مادة للأخلاق، مهمتُها المحافظة على الجيل الجديد من الانجرار وراء كلِّ ما هو مفسد للأخلاق ومضر بالوطن، فإذا كانت الأوطان تُبنى بالعلم، فإننا نحتاج إلى كثير من الأخلاق الفاضلة، حتى يبقى المجتمع سليمًا معافى من العاهات التي عصفت بالأمم الأخرى، فمن يتابع ردود بعض الشباب على مواقع التواصل، يعلم أيَّ منحدر انحدرنا إليه، لدرجة أن يشك المرء في حقيقة هؤلاء هل هم فعلًا عُمانيون؟ ففي سبيل البحث عن حضور في مواقع التواصل فقد الكثيرون أخلاقهم، وتصوّر البعض أنهم قادة مؤثرون، بالمقاطع التي يصورونها والتي تسيء للوطن ولا تُصلح شيئًا، لأنّ ضررها أكبر من نفعها.
وبما أنّ وسائل الاتصال من الأمور الحديثة، لا بد من دراسة الوضع ووضع الحلول المناسبة قبل أن يستفحل الأمر ويكون العلاج صعبًا، «وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإنْ هم ذهبت أخلاقُهم ذهبوا» كما قال أحمد شوقي؛ فهذه الوسائل أصبحت حقيقة ولا يمكن إغفالها، ولكن يجب التعامل معها بخطط توافقها، وليس أدل على أهميتها الآن من كلام قاله أحد مديري «جوجل» عند افتتاح مكتب الشركة في جنوب شرق آسيا بقوله: «عندما تتعاملون مع الإنترنت، فلا شيء في حياتكم يبقى كما كان. كلّ شيء سيتغيّر ولن تستطيعوا العودة إلى الوراء، فتغير طريقة الحياة تأتي معه تغيرات متنوعة في التواصل الاجتماعي والسلوك والتصرفات الفردية»، وهو كلام صحيح يمكن قياسه إلى الواقع، وكيف تغيرت المجتمعات بعد انطلاق الإنترنت. ولكن يبقى أنّ أسباب الانحدار الأخلاقي كثيرة، إلا أنّ وسائل الاتصالات وما فعلته في تغيير المجتمعات تبقى هي الأبرز. فمن أبرز ما أفرزته هو الكراهية، وذلك نتيجة إحساس البعض بانعدام المسؤولية عند استعمالها، ونشأ من جراء ذلك ما عُرف بـ«الذباب الإلكتروني»، الذي نشط في الهجوم على دول وأشخاص ومجتمعات دينية أو سياسية ومذاهب إسلامية، وتسبب في إثارة الفتن والحقد والبغضاء، سواء على المستوى الشخصي أو الجماعي. وقد نال عُمانَ منها الكثير بسبب مواقفها المشرّفة واستقلال قرارها، وقد يكون قرار وزارة التربية والتعليم بتعليم النشء مفاهيم الوطنية طريقًا صحيحًا لتخليصه من تلك الآفات، وسدًا منيعًا لعدم الانجرار وراء الحرية الزائفة، لأنّ الهجمة على عُمان شرسة، ولن تقف أبدًا، إذ أنها أمام كلِّ موقف تتجدّد، وخير دليل هو ردود فعل البعض من الموقف العُماني من أحداث غزة.