وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية
ساحة الاعتصام – بورتسودان – نيالا – نيرتتي – كاودا
ياسر عرمان
اختفت الخرطوم كمركز للسلطة السياسية والقيادة والسيطرة العسكرية للمرة الأولى منذ أن نجح كتشنر في غزو السودان في عام 1898، وبفضل سياسات الإنقاذ وإسلامييها وعنف الدولة المتطاول ضد القوميات والريف ما عادت القوات المسلحة والدولة المحتكر الوحيد للسلاح وأصبحت تعددية الجيوش والمليشيات وصناعتها على قفا من يشيل.
غياب الجيش الواحد يعني بالضرورة غياب البلد الواحد فإذا أردنا بلادا واحدة فلنسعى لجيش واحد فلا تنمية أو ديمقراطية أو استقرار أو أمن في بلد جيوشها ومليشياتها أكثر من جامعاتها ومستشفياتها!
في مايو 2019 بعد قيام الثورة كتبت مقالا عن أن تعددية الجيوش هي قضية الثورة الأولى ودون معالجتها ستُهزم الثورة والدولة، واليوم أضحت تعددية الجيوش والمليشيات مرتبطة بحياة كل إنسان ووجود الدولة نفسها، ولا يفوقها في الأهمية إلا معاجلة الكارثة الإنسانية ووقف الانتهاكات وحماية المدنيين، وهي نفسها نتاج فساد الترتيبات الأمنية وحرب الجيوش والمليشيات.
اليوم فإن الدولة قد انهارت والمجتمع قد تشتت وتراجع الناس عن أحلامهم الكبيرة إلى مكافحة خطاب وممارسة الكراهية ومن الحقوق السياسية إلى الحقوق الطبيعية وعلى رأسها حق الحياة وحق الإقامة في المنزل الآمن، ومطلب المواطن الأول هو وقف الحرب وأولوياته هي الأمن والطعام والسكن والعلاج وكل إستراتيجية سياسية يجب أن تُبني على ما ينفع الناس وصون مصالحهم وتحقيق مطالبهم.
إن الإغاثة قبل السياسة والعملية الإنسانية قبل العملية السياسية بل هي مدخل لها، والبحث عن حق الحياة قبل البحث عن السلطة، كل ذلك يتحقق عبر عملية متكاملة وكحزمة واحدة تبدأ بهموم المواطن وحمايته وتنتهي بإكمال الثورة وبناء الدولة، والعملية السياسية مرتبطة بتحقيق وقف الحرب أولاً كي تُعالج إنهاء الحرب ومخاطبة أسبابها وأولها تعددية الجيوش والمليشيات.
تعددية المراكز الجغرافية السياسية:
برزت مراكز جغرافية سياسية جديدة وأخرى قديمة بعضها كبير وورث مظاهر الدولة ومركزها القديم والبعض الآخر يعبر عن أحلام ومطالب إقليمية أو قومية في ظل غياب الخرطوم، وواقع الأمر فإن السودان اليوم يضم مراكز متعددة، وهنالك بورتسودان ونيالا أو الضعين ونيرتتي وكاودا- على سبيل المثال لا الحصر- ومن يدرك المجهول فينا والقادم نحونا!
وحدة القوى المدنية المركز الغائب الحاضر:
المركز الغائب والحاضر الذي يمثل إرادة الشعب والتغيير الغلابة والتي لا غالب لها-مركز ثورة ديسمبر- ومقره الجغرافي وعاصمته هي ساحة الإعتصام المغدور في قلب الخرطوم، وهو في قلب كل ثائر وثائرة وضمير حي، وهو مركز يضم أكبر وأوسع كتلة جماهيرية تمثل التنوع السوداني الاجتماعي والجغرافي والسياسي والثقافي، وهو إمتداد للثورات السودانية المتراكمة في الريف والمدن منذ ثورة 1924، وعمر هذا المركز 100 عام ويطمح لبناء سودان جديد فالسوريون اليوم يتحدثون عن سوريا الجديدة، ومن جمهورية النفق وساحة الاعتصام يطل هذا المركز من خلف حُجب الحرب، وسيثبت المستقبل إن الثورة أبقى من الحرب.
وحدة مركز الثورة المدني في الريف والمدن هو الضامن لوحدة النسيج الإجتماعي ووحدة السودانيين والسودانيات ووحدة السودان. وعلى قوى الثورة المدنية جميعها أن تنتظم في جبهة معادية للحرب حتي تُعيد توازن القوة في مواجهة تعددية الجيوش والمليشيات وأن لا تتوزع بين حاملي السلاح بل أن ترفض الحرب على هُدى كتاب الثورة المنير، وإن تشتتها سيطيل أمد الحرب ويؤدي إلى حلول هشة.
لابد من جيش واحد مهني يُنهي عصر تعدد الجيوش والمليشيات ويُدشن عصر القبول بالتعددية السياسية والإجتماعية والثقافية كعملة وحيدة، ولابد من بناء الخرطوم الجديدة كمركز يحترم إرادة مكونات وأقاليم السودان في وحدة لا إنفصام لعراها قائمة على الإرادة الحرة وفي ظل مواطنة بلا تمييز ونظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية وبترتيبات دستورية جديدة.
قوى الثورة ليست بطلاء لحلول قسمة السلطة:
المزاج الإقليمي والعالمي يقرأ من قاموس ودليل الحلول السريعة لقضايا الحرب، وهي إتفاق الأطراف المتحاربة على قسمة السلطة، ولأن حرب السودان تأتي على خلفية الثورة وعلى خلفية إلتزام المنظمات الإقليمية والدولية بإستعادة الحكم المدني الديمقراطي فإن أصحاب الحلول والوجبات السريعة يسعون إلى إستخدام قوى الثورة كطلاء على حائط قسمة السلطة، واستخدام تشتت قوى الثورة كذريعة لإستخدام ما تيسر من طلاء، وإن لم يفي بالغرض فبعض الموز يكفي ولا يضر!
إن وحدة قوى الثورة هي التي يُمكن أن تمنع الحلول الهشة وتُولد الحلول المستدامة حتي لا يُستخدم بعض المدنيين على طريقة “كف العين” في قسمة السلطة.
الوسومالخرطوم السودان بورتسودان تعدد الجيوش مراكز السلطة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الخرطوم السودان بورتسودان مراكز السلطة
إقرأ أيضاً:
وسم “الثورة مستمرة” يجتاح مواقع التواصل بعد فيديو يسخر من ثورة ديسمبر
سيطر وسم “ديسمبر باقية، الثورة مستمرة” على مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهور فيديو يظهر أفرادًا من القوات النظامية وهم يسخرون من ثورة ديسمبر وشهدائها. الفيديو يظهر الجنود وهم يسخرون من صور الشهداء في الخرطوم، مما أثار استنكارًا واسعًا. العديد من الشخصيات العامة، والثوار والناشطين شاركوا في الحملة مؤكدين أن الثورة مستمرة رغم محاولات إجهاضها..
التغيير: الخرطوم
سيطر وسم “ديسمبر باقية، الثورة مستمرة” على منصات التواصل الاجتماعي في السودان بعد انتشار مقطع فيديو يظهر أفرادًا من القوات النظامية وهم يسخرون من ثورة ديسمبر وشهدائها.
ويُظهر الفيديو جنودًا يرتدون زيًا يُرجح تبعيته لجهاز المخابرات العامة، في منطقة قيادة الجيش بالخرطوم، يسخرون من صور الشهداء المرسومة على الحائط وعبارات “الثورة مستمرة”، مرددين عبارة “الثورة بالنص أم بالوادي”، في إشارة إلى إحدى مناطق أم درمان.
استنكار واسعولاقى الفيديو استنكارًا كبيرًا على موقع فيسبوك، حيث رأى البعض أن تصرف هؤلاء الأفراد يكشف الهدف الحقيقي للحرب، وهو القضاء على الثورة.
خالد عمر يوسف، المهندس والقيادي السياسي، شارك في الحملة الواسعة على الإنترنت وكتب على صفحته الرسمية:
“الثورة مستمرة وستظل مستمرة. لن تجهضها هذه الحرب الإجرامية التي لا يمكن إخفاء طبيعتها وأهدافها بغربال. حقيقتها وغاياتها واضحة، ومعلوم من يتكسب منها على دماء الناس وأشلاء البلاد. قوى الثورة حية لم ولن تنكسر، وستواصل مسيرتها لوقف هذه الحرب ومعالجة آثارها الإنسانية وإحلال السلام واستكمال مسيرة ديسمبر التي لن تتوقف.”
نانسي عجاج، الفنانة السودانية، وصفت ثورة ديسمبر بأنها أسوأ كوابيس عناصر النظام البائد، وكتبت على صفحتها:
“من سخريات الأقدار، وبعد الميزانيات الكبيرة للغرف الإعلامية الموجهة لخداع البسطاء بأنها حرب كرامة، يكشفون يومًا بعد يوم الغرض الأساسي من الحرب عبر الفيديوهات الموثقة. الأشرار أغبياء بالفطرة، وستظل ثورة ديسمبر أسوأ كوابيسهم.”
أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله، فقد قال: “ستظل ثورة ديسمبر مستمرة لاجتثاث آخر كوز فاسد، وإن تدثر بالكاكي وزينت له نفسه الإمارة بالسوء أنه طمرها في ركام البلد التي حولوها إلى خراب. واثقون أن مارد ديسمبر سينهض من تحت هذا الدمار ليحيل ظلام الليل إلى نهار ستسطع فيه شمس الثورة.”
موقف لجان المقاومةأصدرت تنسيقية لجان مقاومة الكلاكلات وجنوب الخرطوم بيانًا يدين ما وصفته بـ”استهزاء مليشيا البراء بن مالك بالثورة ورموزها”. وجاء في البيان: “الظالمون سيذهبون ولن يعودوا من جديد. إن عادوا، عدنا لهتافات الشوارع والنشيد. لقد طالعنا استهزاء أفراد كتائب البراء بن مالك بثورة ديسمبر المجيدة ورموزها. هذا الاستهزاء يعكس جهالة وضلال مليشيا الثورة المضادة. ديسمبر غير قابلة للهزيمة، وستظل شعلة الثورة متقدة حتى تحقق غاياتها.”
حوادث مشابهةوسبق أن وقعت حوادث مشابهة أثارت الغضب، منها ظهور أفراد نظاميين في مدينة بحري يهددون القوى المدنية أمام إحدى معتقلات جهاز الأمن، حيث قال أحدهم: “هذا معتقل جهاز الأمن (تلاجات موقف شندي) الذي تعرفونه جيدًا أيها القحاطة (قوى الحرية والتغيير).”
كما هدد قناص يُدعى هيثم الخلاء قوى الثورة، قائلاً: “أيها الثوار وكل من قال تسقط بس، لم ننساكم. نعم، نحن عناصر النظام البائد.”
في حادثة أخرى جرت في وقت سابق، ظهر ناشط داعم للحرب يُدعى محمد عمر الشكري، وهو يقول: “لا ثورة بعد اليوم.” لكن حملة على مواقع التواصل أجبرته لاحقًا على الاعتذار.
ورغم حملات التشويه والاستفزاز، تستمر الثورة السودانية كرمز للصمود في وجه محاولات القضاء عليها، مؤكدين أن “شعلتها ستظل متقدة حتى تحقيق أهدافها”.
الوسومآثار الحرب في السودان الثورة مستمرة ثورة ديسمبر 2018 حرب الجيش والدعم السريع ديسمبر باقية