حذرت أوساط إسرائيلية مختلفة مما أسمته الدور التركي "الخطير" المتوقع في سوريا من خلال قيادة "محور للإخوان المسلمين" بالتعاون مع قطر، وهو ما يهدد "المصالح الإسرائيلية"، لا سيما بعد توقيع اتفاق الغاز بين "إسرائيل" واليونان.

وقال النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطينية في شعبة التخطيط في جيش الاحتلال وعقيد الاحتياط في جيش الاحتلال عميت ياغور، في مقال عبر صحيفة "معاريف": إنه "بهدوء نسبي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، يتم حاليا تنفيذ عملية استراتيجية هامة للغاية وهي سيطرة تركيا مع قطر تسيطر على سوريا، والبدء في تشكيل النظام الإقليمي الجديد".



وأكد ياغور أن معنى ذلك "نموذج الإمبراطورية العثمانية على شكل "أردوغانستان"، أي منطقة قيادية وتأثير لمحور الإخوان المسلمين السني المتطرف، الذي يحل فعليا محل محور المقاومة الشيعي، الذي انهار مع إخراج سوريا من المعادلة، في النهاية، كل فراغ لابد من أن يُملأ، وأردوغان بدأ بالفعل في ملئه بعدد من الخطوات السريعة".

واعتبر أن "مجموعة من التصريحات من كبار المسؤولين الأتراك تعكس التفكير التركي فيما يتعلق بسوريا وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذكر أنه يرى سوريا كإقليم إضافي ضمن تركيا الكبرى، وتحدث مجموعة من كبار المسؤولين الأتراك عن المساعدات التي تعتزم تركيا تقديمها لسوريا الجديدة بما في ذلك الإشارة إلى القضايا الداخلية السورية، مع التركيز على القضية الكردية".

وذكر أن "واحدة من القضايا المهمة تم الإبلاغ عنها مؤخرًا من قبل وكالة بلومبيرغ، هي أن وزير النقل التركي يقول إن تركيا تعتزم بدء محادثات مع سوريا حول تحديد حدود بحرية في البحر الأبيض المتوسط، وهو اتفاق سيتيح، بحسب قوله للدولتين زيادة منطقة نفوذهما في البحث عن الطاقة". 


وزعم أنه "من منظور إقليمي يتشكل هنا محور إسلامي سني متطرف من الإخوان المسلمين بقيادة تركيا وقطر في الأراضي السورية، حيث قطر البعيدة هي مزود المال والتمويل، بينما تركيا القريبة (حتى وإن كانت تعاني من وضع اقتصادي صعب) هي المزود باليد العاملة والمشاريع والمساعدات العسكرية".

وقال "من المرجح جدًا أن تشمل خطط أردوغان أيضًا إحياء الحلم التركي وجعل تركيا مركزًا لتسويق الغاز إلى أوروبا (في الوقت الذي وقعت فيه ألمانيا اتفاقًا لتوريد الغاز المسال من قطر) – سيعبر أنبوب الغاز من قطر عبر الأراضي السورية إلى تركيا".

واعتبر أنه في مواجهة هذه التطورات، تقف إسرائيل أمام معضلة بين خيارين: معارضة الحكومة الجديدة في سوريا والتعامل معها على أنها ذئب في ثوب حمل، أي أنها ذات أيديولوجية إسلامية سنية متطرفة ترتدي قناعًا مؤقتًا للحصول على شرعية دولية، أو الاعتراف بالحكومة الجديدة، بهدف التأثير على شكل سوريا المستقبلية كجزء من النظام الإقليمي الجديد، بهدف إيقاف الاستراتيجية لإقامة أردوغانستان".

بدوره، قال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، آفي أشكنازي، إن "سقوط نظام الأسد في سوريا سيغير خريطة القوى في الشرق الأوسط، مع دخول تركيا مجددًا كقوة إقليمية قد تدخل في صراع مباشر مع إسرائيل".

وأضاف أشكنازي أن تركيا "عملت وتعمل وراء الكواليس في التمرد بسوريا، ولقد استثمرت منذ عام 2011 موارد اقتصادية وعسكرية في غزو سوريا، بهدف الإضرار بالمنطقة الكردية ومنع الرابط بين المنطقة الكردية التركية والسورية". 

واعتبر أن "لتركيا طموحات إمبريالية في المنطقة، بما في ذلك السعي للعودة إلى كونها نوعًا من الإمبراطورية العثمانية، في المرحلة الأولى في سوريا".

ونقل عن الخبير في الشأن التركي في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، حاي إيتان كوهين يانروجك، قوله إنهم "بعد أن نجحوا في دفع إيران وروسيا بسرعة من سوريا، فهم يسعون لملء الفراغ الذي نشأ هناك".

وبين أنه "في الأيام الأخيرة، خرجت تصريحات من الحكومة التركية، بما في ذلك من فم أردوغان، تعلن عن النوايا التركية بشأن المنطقة الكردية في سوريا وكذلك بشأن مناطق أخرى في سوريا، بما في ذلك المناطق الجنوبية".

وذكر أنه "من بين الأمور التي أُعلن عنها، أن الأتراك يعتزمون إعادة بناء خط سكة الحديد الحجازي: إسطنبول - دمشق، وتطوير طريق سريع بين تركيا وسوريا، وبناء مطارات تركية وكذلك موانئ بحرية في سوريا، وذلك بالإضافة إلى ضم أجزاء من سوريا، ما سيحرم قبرص من مياهها الاقتصادية ويمنع بناء أنابيب الغاز إسرائيل - قبرص - اليونان".

وأضاف أن "هذه الخطوة ستؤدي إلى تشكيل تحالفين رئيسيين في المنطقة وهما التحالف الإسرائيلي مع اليونان والأردن والإمارات وفي الخلفية السعودية، وتحالف تحالف تركيا وسوريا ولبنان وليبيا"، وهي ترجيحات لحاي إيتان كوهين، يدعمها النظام الأمني الإسرائيلي.

وأكد أنه "في النظام الأمني الإسرائيلي، يراقبون التحركات التركية، ولم يتوقع أحد هذا التحول الذي حدث بسرعة في سوريا.. أبو محمد الجولاني لم يظن أن الدومينو سيسقط بهذه السرعة، كان يهدف إلى حلب وليس احتلال سوريا بأسرها".


ومن ناحية أخرى، قال أشكنازي، في مقال آخر إن "إيران تعرضت في الأسابيع الأخيرة لانتكاسة كبيرة بعد أن تكبد جزء كبير من محورها هزيمة: حماس في غزة، حزب الله في لبنان، نظام الأسد في سوريا، وفي العراق، هي تفقد قبضتها على الميليشيات الشيعية وكذلك في اليمن".

وأضاف أنه "على الرغم من أن إيران تبني قوة الحوثيين في اليمن، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تزايد الإشارات إلى أن الحوثيين بدأوا يبتعدون عن إيران، ويقومون بخطوات مستقلة، بما في ذلك إطلاق صواريخ على إسرائيل، رغم أن إيران تتعرض لضربات في الأيام الأخيرة، إلا أنه لا ينبغي لنا أن نستهين بنوايا إيران وقدراتها ورغبتها في أن تصبح إمبراطورية إقليمية: عسكرية ودينية".

واعتبر أنه "من ناحية أخرى، تعمل تركيا تحت حكم رجب طيب أردوغان بجد لتعزيز مسار إحياء أيام الإمبراطورية العثمانية، سوريا هي المفتاح لتحقيق هذا الهدف، وانسحاب إيران وروسيا من سوريا يفتح الطريق أمام تركيا. قد يتطور هذا الوضع في الشرق الأوسط إلى تحالفين إقليميين: الأول - تركيا، سوريا، لبنان، ليبيا. الثاني - إسرائيل، اليونان، قبرص، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، وفوق الجميع - المملكة العربية السعودية".

وزاد "الآن هناك مفتاحان موضوعان على الطاولة لتحديد ما سيحدث في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد. المفتاح الأول، الذي يعد بمثابة مفتاح غامض، هو الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، دونالد ترامب، الذي من المفترض أن يتولى منصبه في 20 يناير، كيف سيتصرف في المنطقة؟ ما هي أولوياته: الشرق الأوسط، إيران، أو ربما المكسيك ومشكلة الهجرة؟".


والمفتاح الثاني هو "كيف ستواصل إسرائيل عملها في هذه المنطقة، فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من قلب الموازين بعد فشل السابع من أكتوبر، ولمحة سريعة على شمال قطاع غزة تعلمنا أن غزة أصبحت جحيمًا، وتم تدمير آلاف وربما عشرات الآلاف من المنازل والمباني على يد القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي".

ومن ناحيتها، قالت الكاتبة الإسرائيلية مايا كوهين إن "الشرق الأوسط يشهد تحولًا جيوسياسيًا مهمًا: تركيا تعمق قبضتها على سوريا من خلال مشاريع بنية تحتية وتحركات اقتصادية بعيدة المدى، وما زلنا لم نستوعب بعد أننا أصبحنا جيرانًا لتركيا".

وقالت كوهين إن "التحرك التركي يتماشى أيضًا مع المصالح الأوروبية: الأوروبيون يتخيلون التخلص من اللاجئين السوريين،  لذا يقول أردوغان: إذا كنتم تريدون إعادة اللاجئين إلى سوريا؟ حسنًا، افتحوا خزائنكم، واستثمروا في سوريا الجديدة".

ومن الناحية الاقتصادية، بدأت التأثيرات تظهر بالفعل: "نتوقع أن نشهد ارتفاعًا حادًا في اقتصاد تركيا، والتعاون مع قطر يشكل جزءًا مركزيًا من هذه الاستراتيجية: وتركيا ببساطة قدمت الأمان لقطر، لدينا هنا نوع من الزواج، قطر تزوجت من تركيا، وهي الآن تحصل على أمن كامل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية إسرائيلية سوريا قطر تركيا سوريا إسرائيل تركيا قطر صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط بما فی ذلک فی سوریا

إقرأ أيضاً:

فيدان يحذر طهران.. معركة تركيا وإيران في سوريا

"تهدف علاقاتنا الثنائية مع إيران إلى أن تتطور على أساس مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل وحسن الجوار"، هكذا حددت وزارة الخارجية التركية – على موقعها الرسمي- الأهداف المصممة من قبل أنقرة لعلاقتها مع طهران.

هذا الإطار جاء متسقًا مع مبادئ معاهدة الصداقة التي تم توقيعها بين البلدين، في أبريل/نيسان 1926، والتي شملت مبادئ أساسية تحكم العلاقات الثنائية، وهي؛ الصداقة والحياد، والابتعاد عن مسببات الحروب. كما نصت المعاهدة على إمكانية العمل المشترك للقضاء على أي تهديدات انفصالية داخل أراضي البلدين.

وما بين التنافس والتعاون، مضت علاقة الدولتين، عبر عقود من الزمان، كانت تستبطن من طرف خفي سنوات الصراع المرير بين العثمانيين والصفويين، والتي انتهت بتوقيع معاهدة "قصر شيرين" في مايو/ أيار 1639، التي أنهت زهاء قرن ونصفٍ من القتال بين الطرفين، كما رسمت حدود إيران الحالية مع كل من تركيا والعراق.

وقد شهد العقدان الماضيان، اشتداد حدة الصراع الجيو-إستراتيجي، والجيو-سياسي، بين الدولتين، إثر اتساع النفوذ الإيراني في العراق، عقب سقوط نظام صدام حسين والبعث العراقي 2003، ثم تمدد طهران الواسع في سوريا عقب ثورة 2011، إضافة إلى ازدياد الحضور الإيراني المكثف في لبنان، وفي اليمن.

إعلان

كل هذا كان يمثل خصمًا من الرصيد الجيو-إستراتيجي لتركيا، قبل أن تتبدل الأوضاع مجددًا، مع إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في موازاة تراجع النفوذ السياسي والعسكري لحزب الله اللبناني.

هذه التطورات قلبت الموازين مجددًا، ومنحت تركيا مزايا إستراتيجية هائلة على حساب إيران، أفضت إلى شعور طهران بالهزيمة أمام أنقرة للمرة الثانية خلال سنوات قليلة، كما سنوضح لاحقًا.

من هنا فإن التوتر الحاصل بين الطرفين خلال الأيام الماضية على إثر تحذيرات أطلقها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لم يكن إلا كاشفًا عن الغضب المكتوم لدى الطرفين.

تحذيرات فيدان

في مقابلة مع قناة الجزيرة، انتقد وزير الخارجية التركي، سياسة إيران الخارجية المرتبطة بأذرعها المسلحة وقال: إنها تنطوي على "مخاطر كبيرة رغم بعض المكاسب التي حققتها"، مؤكدًا أن طهران "تكبدت تكلفة أكبر مقابل الحفاظ عليها".

وفي رده على سؤال بشأن احتمال دعم إيران قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أو وحدات الحماية الكردية "YPG" ضد تركيا، حذّر فيدان إيران من ذلك، قائلًا: "يجب ألا ترمي الحجارة إذا كنت تعيش في بيت من زجاج"، وأردف: "إذا كنت تسعى إلى إثارة بلد ما من خلال دعم مجموعة معينة هناك، فقد تواجه موقفًا حيث يمكن للبلد المذكور أن يزعجك من خلال دعم مجموعة أخرى في بلدك".

في أعقاب هذه التحذيرات تبادلت وزارتا الخارجية في البلدين استدعاء السفير التركي في طهران، والقائم بالأعمال الإيراني في أنقرة، للتعبير عن الاستياء المتبادل.

الغضب المكتوم

لا يمكن فصل تحذيرات فيدان، عن الغضب المتراكم لدى تركيا خلال السنوات الماضية، وذلك بسبب عبث إيران بأمنها القومي، وعدم احترامها معاهدة الصداقة المبرمة بين البلدين.

هذا العبث الإيراني اتخذ عدة تمظهرات، أبرزها السعي لإحداث تغيير ديمغرافي ومذهبي واسع في سوريا، التي تمثل العمق الإستراتيجي لتركيا، وذلك عبر إفراغها من المكون العربي السني، وإحلال المكونين الشيعي والكردي مكانه.

إعلان

كما تعمدت إيران انتهاك اتفاقية خفض التصعيد الموقعة عام 2017، وذلك بقصف المناطق المشمولة بالحماية عبر التنظيمات المسلحة المرتبطة بها، وبالتناوب مع روسيا وقوات نظام بشار الأسد.

أيضًا اتهمت تركيا إيران بدعم ومساندة حزب العمال الكردستاني "PKK"، ففي مايو/ أيار 2023، كشف وزير الداخلية السابق، سليمان صويلو عن نقل الحزب، معسكره الرئيسي من جبال قنديل في شمال العراق إلى منطقة ماكو في إيران بالقرب من الحدود التركية، وقال: "إنّه بالرغم من نفي إيران وجود المعسكر لكن تركيا تعرف وجوده وما يدور فيه".

وفي مايو/ أيار من العام 2024، جدد وزير الدفاع، يشار غولر، التبرم قائلًا: إنَّ «نهج الإيرانيين ليس لطيفًا، نتحدَّث إليهم ونقدم معلومات (عن حزب العمال)، فيردون علينا: لا شيء، لا يوجد أحد». وأضاف: «من دون شك، نحن منزعجون».

ومع سقوط نظام بشار الأسد، بدا واضحًا أن تركيا لن تسمح بعدم استقرار الأوضاع في سوريا مرة أخرى، بعد أن باتت على بُعد خطوات من إغلاق ملف تهديد حزب العمال إلى الأبد.

كما أن العبث بالأمن القومي السوري، يتردد صداه على الفور في أنقرة، كما أبانت سنوات الفوضى التي ضربت سوريا لحوالي 13 عامًا.

سوريا.. هل كان ثمة انقلاب؟

لم يمر على تصريحات فيدان سوى أيام قليلة، حتى اندلعت مواجهات عنيفة في منطقة الساحل، إثر هجوم واسع شنته مجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام السابق، وتتلقى دعمًا من قوى خارجية، كما صرّح بذلك مصدر مسؤول بالحكومة السورية.

الهجوم استهدف قوى الأمن العام، وخلف عشرات القتلى، كما أدى إلى سيطرة هذه المجموعات على أجزاء واسعة من محافظتي طرطوس واللاذقية.

الهبة الشعبية الواسعة، والتحرك الفعال لقوات الأمن العام ووزارة الدفاع، ساهما في التصدي للهجوم المباغت الذي وصف بأنه كان محاولة انقلاب تم ترتيبها بمساعدة جهات خارجية، حيث أشارت أصابع الاتهام إلى إيران.

إعلان

اللافت للنظر هو التحرك التركي السريع لدعم ومساندة القوات السورية في مواجهة تمرد الساحل.

إذ نفذت الطائرات الحربية التركية غارات على مواقع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لمنعها من القيام بأي عمليات متزامنة في ريف حلب الشرقي، وربما في المدينة نفسها.

كما شنت المسيرات التركية غارات على مواقع وحدات الحماية الكردية، في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب. فيما دفع الجيش التركي بتعزيزات كبيرة لتغطية تقدم مقاتلي الجيش السوري باتجاه منطقة الساحل.

التحركات التركية المنسقة والسريعة، أعادت إلى الواجهة تحذيرات فيدان، ونبهت على طبيعة تحركات الدولتين في سوريا.

الصراع التركي الإيراني في سوريا

لا تزال إيران تتجرع تداعيات الهزيمة الجيو-إستراتيجية التي منيت بها في القوقاز، إذ استطاعت القوات الأذرية – بدعم ومساندة تركيا – عام 2020 إلحاق الهزيمة بالقوات الأرمينية، واستعادة السيطرة على إقليم ناغورني قره باغ، ثم بسطت سيطرتها تمامًا عليه عام 2023.

هذا الانتصار منح تركيا ميزات إستراتيجية واسعة في منطقة القوقاز، ومهد لربطها بريًا من جديد بتلك المناطق، إضافة إلى مناطق آسيا الوسطى، خاصة مع استكمال إنشاء ممر زنغزور الإستراتيجي، الذي سيعيد ترتيب الأوضاع جنوب القوقاز، على حساب النفوذ التقليدي الذي كان متوفرًا لإيران، والذي سيتراجع بشدة.

وفي المحطة التالية، تعرضت إيران لخسارة إستراتيجية كبيرة، بسقوط نظام بشار الأسد، لحساب منافستها التقليدية تركيا، التي أعادت تموضعها الإستراتيجي بانتصار الثورة السورية.

فالتعاون بين إيران، منذ انتصار ثورتها عام 1979، وبين نظام البعث السوري، منحها تفوقًا إستراتيجيًا في مواجهة تركيا، إذ حرم الأخيرة من مجالها الحيوي في الشام، والذي تحول لاحقًا إلى مصدر خطر أمني منذ تأسيس حزب العمال الكردستاني برعاية حافظ الأسد.

كما وفّر لإيران ممرًا إلى البحر المتوسط، وأتاح لها تأسيس قواعد متقدمة للدفاع عنها في لبنان بواسطة حزب الله.

إعلان

لذا لم يكن من المنتظر أن تستسلم إيران لخسارة سوريا، وخروجها منها خالية الوفاض، وهذا ما تدركه تركيا جيدًا وتتحسب له.

وفي هذا السياق المضطرب، يمكن فهم تحذيرات فيدان، وكذلك التحرك السريع والمنظم لقوات الجيش التركي، لدعم نظيره السوري في مواجهة التمرد "الانقلاب" في منطقة الساحل.

فهذا التبدل الحادث في موازين القوة الإقليمية، جاء موازيًا لتعزيز الحضور التركي دوليًا، إذ تتعاظم الحاجة الأوروبية إليها في بناء بنيتها الأمنية الجديدة، وتدور المفاوضات الآن حول كيفية هذه المساهمة وما يمكن أن تمنحه القارة العجوز لأنقرة في المقابل.

إضافة إلى دورها المرتقب في مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا.

هذه الأوراق التي تتجمع في يد أنقرة، ستعمل على توظيفها لتعزيز حضورها الإقليمي خاصة في الملف السوري.

على العكس من إيران التي تعيش أيامًا صعبة مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي ألمح مؤخرًا إلى إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري في التعامل معها، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا العالقة.

هذا التهديد يأتي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها إيران؛ بسبب العقوبات الأميركية الضاغطة، والمرشحة للتصاعد خلال الفترة المقبلة.

لهذا من الصعوبة بمكان صمود إيران طويلًا في لعبة "عضّ الأصابع" مع تركيا، خاصة في ظل الحاجة إليها لمواجهة تقلبات المرحلة المقبلة.

الأمر الذي قد يدفع طهران إلى القبول بسياسة الأمر الواقع، والاعتراف بالمسار الجديد في سوريا، ومن ثم الكفّ عن أي تدخلات ستضعها مباشرة في مواجهة مع تركيا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ملاحقة الفلول في الأرياف والجبال واتهامات لحزب الله بـنشر الفتن.. سوريا.. هدوء حذر بالساحل ودعوات للحفاظ على السلم
  • تركيا تمنع مشاركة إسرائيل في تدريبات للناتو
  • إيران تخترق بيانات إسرائيلية.. وتل أبيب تفشل في تحديد المصدر
  • فيدان يحذر طهران.. معركة تركيا وإيران في سوريا
  • الجيش التركي يقصف محيط سد تشرين شمال سوريا
  • مندوب تركيا بالأمم المتحدة يطالب مجلس الامن بإجراءات حاسمة ضد تصرفات إسرائيل التوسعية في سوريا
  • تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”
  • سوريا.. أول تعليق تركي على الأحداث و«وزارة الدفاع» تؤكّد: فرضنا السيطرة الكاملة
  • فيديو متداول لدخول رتل من الجيش التركي إلى سوريا.. هذه حقيقته
  • ما الذي يجري في سوريا؟