نظّم المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ورشة عمل مميزة، في إطار تعزيز الجهود للحفاظ على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي، تحت عنوان "إعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المناطق المنكوبة بالبحر الأحمر". تأتي هذه الورشة كجزء من مشروع بحثي مدعوم من الأكاديمية، وجرى تنفيذها تحت رعاية وحضور الأستاذة الدكتورة عبير منير، رئيسة المعهد، والدكتورة سوزان الغرباوي، نائب رئيس المعهد والباحثة الرئيسية للمشروع، إلى جانب نخبة من العلماء والباحثين.

فعاليات علمية ثرية

افتتحت الورشة بكلمة ألقتها الدكتورة عبير منير، تلتها عرض تقديمي قدمته الدكتورة سوزان الغرباوي حول نتائج المشروع. وشملت الفعاليات سلسلة من المحاضرات المتميزة:

الدكتور حسين نصر: عرض تقنيات استزراع وإعادة تأهيل بعض أنواع الشعاب المرجانية.الدكتور مصطفى أحمد: تناول بيئة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وأهميتها البيئية.الدكتور محسن يوسف: ركز على تأثير التغيرات المناخية على الشعاب المرجانية ومخاطرها المتزايدة.الدكتورة مديحة حلمي: قدمت رؤية علمية عن استخدام الجيوفيزياء البحرية والاستشعار عن بعد لدراسة ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية.حلول مستدامة ومستقبل بيئي أفضل

أبرزت الورشة أهمية تبادل الخبرات وطرح تقنيات حديثة لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية المتضررة، مع التركيز على وضع خطط عملية لاستعادة هذه النظم البيئية الحيوية التي تشكل ركيزة أساسية للتنوع البيولوجي في البحر الأحمر.

خطوة نحو التنمية المستدامة

تجسد هذه الورشة التزام المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بتطوير البحث العلمي ودعم الحلول المبتكرة للحفاظ على الموارد البحرية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات والمعايير العالمية. وتعد الخطوة مثالًا ملموسًا على التعاون بين المؤسسات البحثية لتحسين استدامة البيئة البحرية وضمان استفادة الأجيال القادمة من ثروات البحر الأحمر الطبيعية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الغردقة معهد علوم البحار البحث العلمى البحر الاحمر المزيد الشعاب المرجانیة

إقرأ أيضاً:

البحر الأحمر..الخليج الجديد في لعبة النفوذ

منذ أن انطلقت عمليات "عاصفة الحزم" في مارس 2015، كان يُفترض أن تكون عدن هي نقطة التحول الإستراتيجي التي تُعيد رسم خرائط الأمن القومي العربي على ضفاف البحر الأحمر، ذلك البحر الذي ظل طويلا مجرد ممر تجاري في حسابات الدول الكبرى، قبل أن يتحول تدريجياً إلى مسرح مفتوح لتصادم الإرادات، وتنافس المشاريع، واختبار التحالفات.

تحرير عدن في يوليو 2015 لم يكن مجرد انتصار عسكري موضعي، بل كان لحظة نادرة في التاريخ العربي الحديث: لحظة يمكن فيها للعرب، وبقيادة خليجية فاعلة، أن يصنعوا توازنا جديدا في الإقليم، يمنع تمدد إيران، ويغلق الباب أمام مغامرات الإسلام السياسي، ويُعيد للبحر الأحمر موقعه الطبيعي كحزام أمني عربي لا يُسمح باختراقه.

لكن بدلا من تحويل هذا الانتصار إلى نقطة انطلاق نحو إعادة بناء منظومة أمنية عربية فاعلة، دخل الملف في دوامة التشويش، وخضعت الأولويات لمساومات جانبية، وتداخلت الحسابات الإقليمية مع المزايدات الأيديولوجية، وأُفرغت عدن من مدلولها الرمزي والسيادي، ودُفع بالملف اليمني من مساره العربي إلى منطقة التدويل، حيث فقدت العواصم العربية زمام المبادرة، وبدأت القوى الدولية ترسم حدود النفوذ، وتوزّع الأدوار وفق مصالحها لا وفق الضرورات الأمنية للمنطقة.

هنا، ضاعت فرصة تاريخية كان يمكن فيها للعرب أن يفرضوا سرديتهم الخاصة، ويعيدوا تعريف البحر الأحمر بوصفه شأناً عربيا خالصا لا يُخترق إلا بإرادتهم، فلحظة عدن كانت قابلة للتحوّل إلى رافعة لإعادة تشكيل مفهوم الأمن القومي العربي، لكنها أُهملت، بل وأُحبطت بفعل التردد من جهة، والحسابات السياسية الضيقة من جهة أخرى، والمناكفة غير الموضوعية والمراهنة على جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، واعتبارهم امتداداً قبلياً دون النظر إلى توجهاتهم الأيديولوجية أوقع طرفاً عربياً في تقديرات خاطئة ها هو ومعه المنطقة والعالم كاملا يدفع أثمانا باهظة لم يكن أحد في حاجة إلى دفعها لو أنه استحكم العقل والمنطق وقدم أولوية الأمن القومي العربي على المزايدة والرهانات المحكومة بالفشل سلفا.

ومع ذلك، يُحسب للإمارات، وهي أحد أبرز الفاعلين في التحالف العربي، أنها لم تتورط في الفوضى، بل تصرّفت كفاعل عقلاني يُوازن بين ضرورات الأمن والاستقرار وبين تعقيدات الداخل اليمني، فحافظت على مكتسبات تحرير عدن، ولم تفرّط في التوازنات الدقيقة التي تحكم المشهد، ولم تتعامل مع اليمن كحديقة خلفية، بل كفضاء إستراتيجي يرتبط بأمن الخليج والبحر الأحمر معا، بل يمكن القول إنها، حتى اللحظة، هي الطرف الوحيد الذي يتصرف بهدوء، ويعمل على تثبيت معادلات الحضور من دون ضجيج، وبمنطق إستراتيجي يراعي الجغرافيا والتاريخ معا.

فالبحر الأحمر، ببساطة، يتحول اليوم إلى "خليجٍ جديد". خليج لا تُطلق فيه الحروب بالصواريخ فقط، بل بالموانئ، وبالقواعد العسكرية، وبالتحالفات التجارية. من قناة السويس في الشمال إلى مضيق باب المندب في الجنوب، يتشكل خط جيوبوليتيكي أشبه بحزام النار، تمر عبره أكثر من  10 في المئة من تجارة العالم، ويتحكم في رئات الاقتصاد العالمي من الصين حتى أوروبا، هذا البحر، الذي ظل لعقود في الظل، بات الآن في قلب الصراع الدولي على النفوذ، وربما في طليعة الحروب القادمة.

تركيا أعادت التموضع في الصومال، وتسعى إلى موطئ قدم دائم في السودان، إيران وجدت في الحوثيين ذراعا إستراتيجية لتهديد الممرات البحرية، بل وتحويل البحر الأحمر إلى ورقة ضغط دائمة على خصومها، إسرائيل فتحت قنواتها مع السودان وإريتريا ضمن هندسة أمنية قديمة–جديدة، الصين تمتلك قاعدة عسكرية في جيبوتي، وتُراكم استثماراتها في الموانئ الأفريقية ضمن مشروع "الحزام والطريق"، وواشنطن، التي كانت غائبة عن مسرح البحر الأحمر لعقود واقتصر دورها على مكافحة القراصنة الصوماليين منذ تسعينات القرن العشرين، ها هي تحاول الآن بناء تحالف بحري موجه ضد هجمات الحوثيين التي أربكت شريان التجارة العالمية، وفضحت هشاشة المعادلات الراهنة.

كل من هذه القوى يتصرف وفق منطق مصالحه، ويعيد رسم خرائط نفوذه، ويُراكم حضوره العسكري والسياسي والاقتصادي، فيما العرب يراوحون مكانهم، أو يتنافسون على المساحات الصغيرة، ويفرّطون بالمشهد الكبير،  فلا يزال العقل العربي أسير البرّ، وكأن الجغرافيا البحرية ليست امتدادا لأمنه، ولا معبرا حيويا لسيادته.

تاريخيا، ظل العرب ينظرون إلى البحار بوصفها حدوداً لا فضاءات. لم تكن لدينا إستراتيجية بحرية إلا حين استشعرنا الخطر، ولم يكن هناك تعريف للأمن القومي العربي في العصر الحديث إلا بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. عند تلك الحرب، اتخذ الزعيم جمال عبدالناصر قراره بدعم الثوار في عدن، ليتحقق الاستقلال الأول في 30 نوفمبر 1967، وبعدها، شرعت بريطانيا في الجلاء عن مستعمراتها في شرق قناة السويس، ما أسهم في تحقيق معظم البلاد العربية لاستقلالها الوطني.

ما نعيشه بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 هو مأزقٌ في البحر الأحمر. حين وصل التهديد إلى السفن والناقلات، تذكرنا أن لدينا ساحلاً طويلاً، لكنه بلا مظلة أمنية عربية مشتركة، ولا مشروعاً جيوسياسياً قادراً على مقاومة التدويل. ما يحدث في البحر الأحمر اليوم لا يمكن فصله عن مأزق العقل الإستراتيجي العربي، الذي لم يُحسن استثمار لحظات القوة، ولم يُدرك أن السيطرة على البر لا تكتمل إلا بالهيمنة على البحر. هذا ما صنعه المصريون عندما كانوا يقودون العالم العربي، حيث ربطوا أمن باب المندب بقناة السويس، فتحقق أمن واحد من أطول البحار في العالم، وفرض العرب سيادتهم عليه لعقود.

لولا ذلك التشويش الذي صاحب تحرير عدن، لربما كان المشهد اليوم مختلفا: ربما كان هناك تحالف عربي صلب، يمنع تدويل باب المندب، ويضع قواعد اشتباك واضحة ضد أي تمدد إيراني أو تركي أو غيره.

ومع ذلك، فإن الوقت لم يفُت بعد، ما زال ممكنا استعادة زمام المبادرة، لا عبر المغامرات، بل ببناء مشروع عربي واضح في البحر الأحمر، يستند إلى ثوابت الأمن القومي، ويضع خطوطاً حمراء لأيّ تمدد معادٍ، ويُعيد تعريف دور الدول العربية في هذه المنطقة التي تُعاد هندستها على نار هادئة.

البحر الأحمر ليس مجرد ممر ملاحي،  إنه مرآة لمستقبل الإقليم، ومن لا يملك وزناً فيه، لن يملك صوتاً في تحديد مستقبل المنطقة، فليتحدث العرب مع أنفسهم بصراحة ويعيدوا تصويب المسار، فلا يمكن استمرار الرهان على جماعة الإخوان ولا يمكن أن يترك البحر الأحمر ليقرر مصيره الأتراك أو الإيرانيون أو حتى العم سام، فالقرار يجب أن يكون عربياً خالصاً ولا أخلص من الجنوبيين الذين كانوا وسيبقون في عدن لهم أرضهم وبحرهم.

مقالات مشابهة

  • محكمة الاستثمار والتجارة.. خطوة جديدة لتعزيز بيئة الأعمال في عُمان
  • وصول 93 ألف طن قمح وألومنيوم إلى ميناء سفاجا.. وانتظام حركة الموانئ بالبحر الأحمر
  • كاتب إسرائيلي يدعو لأخذ خطوة حاسمة لمنع نشوب حرب مع تركيا
  • كيف أثرت الحوادث البحرية في البحر الأحمر على السياحة في مصر؟
  • كيف أثرت الحوادث البحرية في البحر الأحمر على السياحية بمصر؟
  • يوتيوب تختبر خطوة جديدة لتحسين تجربة المستخدمين
  • مخيم الهول يرحّل دفعة جديدة من العائلات العراقية قبيل عيد الفطر
  • البحر الأحمر..الخليج الجديد في لعبة النفوذ
  • أكاديمية البحث العلمي تنظم ورشة دولية بعنوان إتقان الدبلوماسية العالمية
  • وفد حوثي زار القاهرة في إطار خفض التصعيد بالبحر الأحمر