صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
تحدثت صحف عالمية عن تناقض داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها وقف ضربات أنصار الله (الحوثيين)، وأشارت إلى أن تل أبيب تحاول استغلال الظرف الإقليمي لتغيير شكل المنطقة التي شهدت عاما مدمرا.
فقد كتب أندرو إنغلاند مقالا في "فايننشال تايمز" قال فيه إن التاريخ سيسجل عام 2024 باعتباره أحد أكثر السنوات تدميرا للشرق الأوسط في العصر الحديث.
وأشار الكاتب إلى أن أرواحا لا يمكن تصورها أزهقت خلال هذا العام في حين أجبر ملايين آخرون على ترك منازلهم، لافتا إلى أن حربا جديدة اندلعت في سوريا بمجرد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ.
وفي حين جلبت الإطاحة ببشار الأسد البهجة والأمل لسوريا إلا أنها في الوقت نفسه خلفت مزيدا من عدم اليقين، برأي الكاتب.
محاولة لتغيير المنطقة
وفي صحيفة "وول ستريت جورنال"، كتب دوف ليبر، أن الإسرائيليين يرون فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط في أعقاب الحرب، رغم الانتقادات التي تلقوها بشأن غزة.
وقال الكاتب إن تحقيق هذا الأمر "لن يكون سهلا، خصوصا وأن علاقة الرأي العام في أنحاء العالم العربي بإسرائيل قد ساءت بسبب الحرب التي أضرت بمكانة تل أبيب الدولية".
إعلانوفي "تايمز أوف إسرائيل"، قال تقرير إن رئيس الموساد ديفيد برنيع يدفع قيادة إسرائيل للتركيز على مهاجمة إيران كوسيلة لوقف هجمات الحوثيين.
لكن التقرير يقول إن هذا الموقف يتناقض مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، اللذين يفضلان الاستمرار في تنفيذ الضربات ضد الجماعة نفسها بدلا من إيران.
ونقل التقرير عن مسؤولين أن إسرائيل تشك في قدرتها على إيقاف الحوثيين دون مساعدة من الولايات المتحدة.
بدورها، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتمديد فترة انتشاره في لبنان أكثر من الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت الصحيفة إن الجيش يتواجد حاليا في جميع القرى اللبنانية القريبة من السياج الحدودي، مشيرة إلى أنه لم يسمح لسكانها بالعودة رغم مرور شهر كامل على وقف إطلاق النار.
وفي السياق، تحدثت "نيويورك تايمز"، عن أجواء عيد الميلاد في مدينة صور اللبنانية، وقالت إن المجتمع المسيحي هناك لم يكن لديه سبب يذكر للاحتفال هذا العام.
ووفقا للصحيفة، فإن الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية ألقى بظلاله الثقيلة على المدينة، حيث يعيش السكان في الحي المسيحي واقعا مريرا مع اختفاء مظاهر الاحتفال بالعيد وحلول الحزن والفقد مكانها.
وقالت الصحيفة "إن الهدنة بين إسرائيل وحزب الله أعادت بعض الهدوء إلى المنطقة، لكنها لم تكن كافية لمحو آثار الحرب أو استعادة أجواء العيد بالكامل".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف انعكس اتفاق وقف إطلاق النار على أسواق غزة وأسعار السلع؟
غزة- "لأول مرة منذ بداية الحرب أشتري طبق بيض"، يقول محمد أبو حميد، ليدلل على تهاوي أسعار السلع والبضائع في أسواق قطاع غزة، بصورة كبيرة، لكنها لم تصل إلى الوضع الطبيعي الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023.
وانخفض سعر طبق البيض (30 بيضة) من 120 شيكلا (الدولار يعادل 3.7 شيكلات) إلى 25 شيكلا، بعد مرور أيام قليلة على اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، وأعلنته دولة قطر الأحد الماضي 19 يناير/كانون الثاني الحالي.
ويقول أبو حميد -موظف في الحكومة التي تديرها حماس في القطاع- للجزيرة نت إن 800 شيكل شهريا لم تكن كافية لتدبير الاحتياجات الأساسية للأسرة في ظل الغلاء الفاحش.
ويعيل أبو حميد (50 عاما) أسرة من 5 أفراد، ويقيم في خيمة بمنطقة مواصي خان يونس بعد النزوح القسري من منزله في مدينة رفح جنوب القطاع، وقد طاله التدمير الكلي كما غالبية المنازل في هذه المدينة الصغيرة، التي تعرضت لأطول عملية عسكرية إسرائيلية برية استمرت 8 شهور.
محمد أبو حميد يشتري طبق بيض لأول مرة منذ شهور طويلة (الجزيرة) انخفاض الأسعاروكحال غالبية الغزيين الذين أنهكتهم الحرب وخسروا مصادر رزقهم، كان اعتماد أبو حميد الأساسي على ما تقدمه مؤسسات إغاثية من معونات.
إعلانويقول أبو حميد إن هذه المعونات لم تكن كافية تماما، بسبب القيود التي فرضتها سلطات الاحتلال على إدخال شاحنات المساعدات، إثر اجتياح رفح واحتلال معبر رفح البري مع مصر في 6 مايو/أيار من العام الماضي.
ومنذ ذلك الحين وحتى التوصل لاتفاق وقف النار، كانت نسبة إدخال الشاحنات لا تزيد عن 5% من الاحتياجات الإنسانية لنحو مليونين و300 ألف فلسطيني في القطاع، هوت الحرب بغالبيتهم تحت مستوى خط الفقر، حسب تقديرات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وشهدت الأيام الماضية التي تلت الاتفاق تدفقا في شاحنات المساعدات من منافذ عدة، أبرزها معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع القطاع، والخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ويقع في أقصى جنوب شرقي القطاع.
وبحسب بيانات محلية ودولية دخلت القطاع من 600 إلى نحو ألف شاحنة من المساعدات الإنسانية، بشكل يومي خلال الأيام الثلاثة الماضية.
ويقول أبو حميد إن هذه المساعدات خفضت الأسعار، لكن ليست كما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
ويُثني البائع ماهر الجوراني على حديث أبو حميد، ويقول للجزيرة نت إن الأسعار هوت بشكل كبير وغير مسبوق منذ اندلاع الحرب، ونتيجة ذلك شهدت الأسواق انتعاشة وحركة نشطة، ويعتقد أنها ستزيد مع مرور الوقت.
غالبية أهل غزة لم يتذوقوا طعم اللحوم والدجاج منذ شهور طويلة لندرتها وارتفاع الأسعار (الجزيرة) المصارف وأزمة السيولةجراء انهيار القطاع المالي، وإغلاق المصارف وشركات الصرافة، لم يتسلم "أبو جهاد" راتبه الشهري الذي يتقاضاه من السلطة الفلسطينية كجريح منذ تعرضه لإصابة تمنعه من العمل خلال انتفاضة الأقصى في عام 2000.
ويأمل أبو جهاد، وفضّل عدم ذكر اسمه كاملا للجزيرة نت، أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار في عودة عمل البنوك وشركات الصرافة، ليتمكن من استلام مستحقاته المالية المتأخرة، وسداد ديونه، التي تراكمت عليه خلال الحرب، من أجل إعالة أسرته المكونة من 4 أفراد.
إعلانوتسبب هذا الانهيار في أزمة سيولة حدت من القدرة الشرائية للمواطنين، واستغلها من يصفهم الغزيون بـ"تجار السيولة"، الذين قاسموا الموظفين والمواطنين أموالهم بفرض نسبة وصلت في أحيان كثيرة إلى 40% من قيمة المبلغ لصرفه.
ويقول أبو جهاد إنه تلقى حوالة مالية حوالي ألف دولار كمساعدة من قريب له يقيم خارج غزة، واضطر إلى تحويلها عبر التطبيق البنكي الإلكتروني لأحد التجار، والذي صرفها له في مقابل عمولة وصلت إلى 300 دولار، ويضيف مبتسما "كانت نسبة أقل من السوق لأنني لجأت له من طرف صديق مشترك".
البائع ماهر الجوراني يتحدث عن انخفاض كبير للأسعار إثر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة (الجزيرة) نظرة اقتصاديةيفسر الخبير المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر ما طرأ على الأسواق بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ويقول للجزيرة نت إن الأهم من إدخال شاحنات المساعدات أن المواطن وجد نفسه في حالة من التهدئة، حيث بات لا يشعر بخوف يستدعي منه اقتناء بضائع تفوق حاجته، كاحتمالات عودة المجاعة، وبالتالي الاكتفاء بشراء الاحتياجات بكميات معقولة.
ويضيف أن تدفق المساعدات وحالة الاطمئنان لدى المواطنين ساهما في خفض الأسعار من خلال توفر كميات من السلع والبضائع، وبداية عودة الأسواق تدريجيا إلى وضعها الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
وبلغة الأرقام، يقول أبو قمر للجزيرة نت: كان يدخل القطاع قبل اندلاع الحرب من 350 إلى 400 شاحنة، وخلال شهور الحرب كان لا يدخله أكثر من 50 شاحنة فقط لشمال القطاع وجنوبه بسبب القيود الإسرائيلية.
ويتابع "اتفاق وقف إطلاق النار وعودة الشاحنات إلى مستوى ما قبل الحرب مثلا انفراجة بالنسبة للغزيين الذين عاشوا ويلات الحرب والحصار والمجاعة".
كما أرجع أبو قمر انخفاض الأسعار إلى توقف التجار عن الاحتكار عقب تدفق مزيد من السلع والبضائع بموجب الاتفاق.
تدفق أنواع مختلفة من السلع والبضائع أدى إلى انخفاض الأسعار في أسواق غزة (الجزيرة)لكن أبو قمر حذر من سياسة الإغراق ودراسة حاجة السكان لضمان عدم انهيار الأسعار، وقال حاليا يشهد شمال القطاع إغراقا في مادة الطحين ما أدى لتراجع سعر الكيس زنة 25 كيلو غراما إلى 5 شيكلات بعدما كان قد وصل في شهور سابقة إلى أكثر من ألفي شيكل.
وينبّه الخبير الاقتصادي أن سياسة الإغراق تكون مقصودة أحيانا من الاحتلال بحيث يتم إغراق الأسواق بصنف معين ومنع أصناف أخرى.
كما دعا إلى الحاجة الماسة إلى جلب الكرافانات والخيام والبطاريات والطاقة الشمسية، وأواني المطبخ، وهذا يتطلب من المؤسسات المانحة معرفة حاجة المواطنين.
إعلانورغم التغيير الذي طرأ على الأسواق- يضيف أبو قمر- فإن الوضع الاقتصادي في غزة ليس مستقرا في ظل الحديث عن مراحل متعددة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبالنسبة للحياة التجارية والمالية توقع الخبير الاقتصادي أن تشهد انتعاشة في الفترة المقبلة، خاصة في حال بدء عملية إعادة إعمار القطاع، وشدد الخبير على أهمية توفر المعابر المؤهلة لإدخال البضائع والمواد دون تحكم من جانب الاحتلال.
ومن شأن انتعاش الحركة التجارية أن تؤدي مباشرة إلى انخفاض في معدلات البطالة التي ارتفعت خلال الحرب لأكثر من 90%، وإنعاش قطاع البناء والمقاولات، والبنية التحتية بجانب عودة المصانع المحلية للعمل، وفق أبو قمر.