“هندسة الابتسامة”.. حل مبتكر لعلاج إصابات العصب الوجهي
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
الولايات المتحدة – تمكّن فريق من المهندسين البيولوجيين في جامعة بيتسبرغ من تطوير تقنية مبتكرة تهدف إلى إصلاح الأعصاب المصابة، باستخدام الخلايا الجذعية.
تقدم هذه التقنية الجديدة بديلا واعدا للعلاج التقليدي للاضطرابات العصبية، لا سيما تلك التي تصيب العصب الوجهي، المسؤول عن التحكم في عضلات الوجه والتفاعل غير اللفظي، مثل الابتسامة.
ويعتبر التفاعل غير اللفظي جزءا أساسيا من تفاعل الإنسان مع الآخرين، والابتسامة هي إحدى أهم طرق هذا التواصل. لكن إصابة العصب الوجهي يمكن أن تؤثر بشكل بالغ على قدرة الشخص على الابتسام والتفاعل، ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في نوعية حياته. وفي حالات كهذه، يتطلب العلاج عادة الطعوم الذاتية، وهي أنسجة مأخوذة من مناطق أخرى في جسم المريض بهدف إصلاح العصب المصاب. ومع ذلك، يعاني المرضى من تحديات كبيرة، مثل تلف موقع المتبرع وصعوبة استعادة الوظائف بشكل كامل.
وبهذا الصدد، اعتمد الباحثون في جامعة بيتسبرغ على استخدام الخلايا الجذعية لب الأسنان (DPSCs) في تطوير تقنية جديدة لإصلاح الأعصاب. وتتميز هذه الخلايا بقدرتها الفائقة على تجديد الأنسجة العصبية وخلق بيئة ترميمية ملائمة. وعند زراعتها في قنوات قابلة للزرع، يمكن لهذه الخلايا أن تساهم في توجيه نمو المحاور العصبية عبر الفجوات الكبيرة، ما يسمح بتجديد الأعصاب في المواقع المصابة.
وأوضح الفريق أن إحدى أهم التحديات التي تواجه إصلاح الأعصاب هي ضرورة توجيه المحاور العصبية النامية نحو الأنسجة الصحيحة. وفي الطعوم الذاتية، يكون هذا التوجيه بطيئا وأحيانا غير دقيق، ما قد يؤدي إلى نمو غير مرغوب فيه للأعصاب في الأماكن الخطأ. لذلك، صمم الباحثون هياكل نسيجية اصطناعية تحتوي على أخاديد دقيقة، تعمل كخطوط إرشادية للمحاور العصبية المتجددة.
وتقول الدكتورة فاطمة سيد بيكارد، أستاذة علوم الفم والوجه والفكين والهندسة الحيوية، والمشرفة على الدراسة: “اعتمدنا على فكرة أن الخلايا تعرف كيف تُعيد بناء الأنسجة بشكل طبيعي، وقد أظهرت الأنسجة التي تم تصميمها هندسيا قدرة على محاكاة البيئة الطبيعية بشكل أفضل من العديد من الحلول الأخرى المستخدمة في هندسة الأنسجة”.
واختبر الباحثون هذه التقنية على الأعصاب الوجهيّة للفئران، حيث تم زراعة القنوات العصبية في فجوات كبيرة تم إحداثها في العصب الوجهي للفئران. وأظهرت النتائج بعد 12 أسبوعا من الزرع أن المحاور العصبية المتجددة عبر هذه القنوات كانت مشابهة في أدائها لتلك التي تم علاجها باستخدام الطعوم الذاتية التقليدية. علاوة على ذلك، أظهرت الفئران المزروعة بالقنوات تحسنا ملحوظا في الحركة، مماثلا للفئران التي تم علاجها بالطعوم الذاتية.
ويهدف فريق البحث إلى دراسة دور المصفوفة خارج الخلوية (ECM)، التي هي شبكة جزيئية حيوية تُحاط بالخلايا في عملية تجديد الأعصاب بشكل أعمق. ومن خلال فهم دور هذه المصفوفة والخلايا بشكل أفضل يأمل الباحثون في تحسين فعالية هذه التقنية وتوسيع نطاق استخدامها في علاج أنواع أخرى من الإصابات العصبية.
وأكد الباحثون أيضا أن هذه القنوات العصبية القابلة للزرع قد تساعد في تقليل الالتهاب وتحفيز الشفاء بطريقة أسرع وأكثر فعالية، وهو ما يمثل تقدما مهما في علاج إصابات الأعصاب المعقدة.
نشرت النتائج في مجلة الهندسة العصبية.
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
شاهد كيف أتاحت التكنولوجيا العصبية لشخص مشلول التحكم بطائرة افتراضية؟
في خطوة تُعد ثورية، استطاع شخص مصاب بالشلل التحكم في طائرة مسيرة افتراضية باستخدام عقله فقط، حيث تُعيد التكنولوجيا العصبية تعريف حدود القدرات البشرية من خلال فتح أبواب جديدة للتواصل بين العقل والآلة.
ويوضح هذا التقدم في تكنولوجيا الأعصاب، الذي جرى تفصيله في دراسة حديثة، الاحتمالات المتاحة لأولئك الذين يعانون من إعاقات حركية ويريدون الاستمتاع بالأنشطة الترفيهية، مثل الألعاب الإلكترونية.
ومن خلال دمج ما تسمى واجهة الدماغ والحاسوب "بي سي آي" (BCI) -أو واجهة عصبونية، مع أنظمة الطائرة المسيرة الافتراضية- تُظهر هذه التجربة إمكانات كبيرة لتحسين جودة حياة ذوي الإعاقات الحركية، بالإضافة إلى التقدم نحو مستقبل يصبح فيه العقل الأداة الأساسية للتفاعل مع التكنولوجيا.
ويكشف هذا المقال تفاصيل هذه القفزة التكنولوجية التي تجمع بين الأبحاث العصبية المتقدمة والابتكار الهندسي، وكيف نجح الباحثون في تخطي التحديات التقنية، وما الذي قد يعنيه هذا التطور بالنسبة للمستقبل الطبي والتكنولوجي.
واجهة الدماغ والحاسوبتوجد طرق غير جراحية تسمح بالتحكم في ألعاب الفيديو، مثل استخدام تخطيط كهربية الدماغ لالتقاط الإشارات من الدماغ، ولكن إشارات تخطيط كهربية الدماغ تجمع بين البيانات من مناطق كبيرة من الدماغ.
إعلانويعتقد الباحثون أنه يجب وضع الأقطاب الكهربائية بشكل أقرب إلى الخلايا العصبية من أجل استعادة التحكم الحركي الدقيق العالي الأداء.
ونتيجة لذلك، طور العلماء واجهة عصبونية مخصصة لمعالجة هذه المشكلة، الأمر الذي سمح بتحقيق تقدم كبير في إظهار كيف يمكن للذين يعانون من إعاقات جسدية الاستمتاع بالألعاب والتواصل مع الأصدقاء بطرق غير مسبوقة.
وجرى اختبار الواجهة العصبونية على مشارك في البحث مصاب بالشلل الرباعي بسبب إصابة في الحبل الشوكي.
وقسمت الواجهة العصبونية اليد إلى 3 مجموعات مستقلة من الأصابع، هي الإبهام وزوجان من الأصابع (السبابة والوسطى، البنصر والخنصر). وتستطيع كل مجموعة التحرك عموديًا وأفقيًا، مما يوفر تحكما دقيقا في الطائرة المسيرة.
وعندما يفكر المشارك في تحريك المجموعات الثلاث من الأصابع، فإن الطائرة المسيرة الافتراضية تستجيب وتتحرك عبر مسار عقبات افتراضي.
معظم جهود الواجهات العصبونية الحركية السابقة على التحكم بالمؤثرات الفردية (شترستوك)وفي سبيل ربط هذه التكنولوجيا بالدماغ، وضعت أقطاب كهربائية في القشرة الحركية للدماغ، مع توصيل الأقطاب الكهربائية بقاعدة مثبتة في الجمجمة وتخرج من الجلد، مما يسمح بالاتصال بجهاز حاسوب.
وتُرسل الإشارات إلى الحاسوب للتحكم في حركة الطائرة المسيرة الرباعية المراوح عبر مسار عقبات افتراضي.
وكان على المشارك في الدراسة إتمام المسار من خلال توجيه الطائرة عبر عدة حلقات بأسرع وأدق طريقة ممكنة.
وقال "ماثيو ويلسي" (Matthew Willsey) أستاذ مساعد في جراحة الأعصاب والهندسة الطبية الحيوية جامعة ميشيغان والمؤلف للدراسة "تلتقط الأقطاب الكهربائية الإشارات التي تنشأ في القشرة الحركية عندما يحاول المشارك تحريك أصابعه، ومن ثم تستخدم الواجهة العصبونية لتفسير نوايا التحكم بالأصابع الافتراضية في المحاكاة".
إعلانوأُجري البحث بصفته جزءًا من التجارب السريرية "برين غيت 2" (BrainGate2) التي تهدف إلى تحديد كيف يستطيع المصابون بالشلل الرباعي استخدام الواجهة العصبونية للتحكم في الأجهزة.
وركز البحث على كيفية ربط هذه الإشارات العصبية بالتعلم الآلي لتوفير خيارات جديدة للتحكم بالأجهزة الخارجية للأشخاص الذين يعانون من إصابات أو أمراض عصبية.
وتمثل التجارب فرصة هامة لأولئك الذين يعانون من إصابات أو أمراض عصبية تؤثر في قدرتهم على استخدام اليدين، ويشمل هذا إصابة الحبل الشوكي العنقي، السكتة الدماغية في جذع الدماغ، ضمور العضلات، التصلب الجانبي الضموري، من بين الحالات الأخرى.
وعمل المشارك المصاب بالشلل مع الباحثين منذ عام 2016، وأعرب عن اهتمامه بقيادة الطائرة المسيرة الافتراضية.
وكان أحد المواضيع الرئيسية -التي ظهرت من نتائج الدراسة- هو الشعور بالتمكين الذي منحته الواجهة العصبونية للمشارك.
وأعرب المشارك عن حماسه لإكمال جلسات المسيرة الافتراضية، حيث جعلته يشعر وكأنه يستطيع النهوض مجازيًا من سريره أو كرسيه.
وتشير الدراسة إلى تحسن أداء طيران المسيرة للمشارك بمقدار 6 أضعاف من خلال قراءة الإشارات مباشرة من الخلايا العصبية الحركية مقابل تخطيط كهربية الدماغ.
تطور التكنولوجيا العصبية يمنح ذوي الإعاقة الأمل في قدرتهم على ممارسة مجموعة أوسع من الأنشطة (دال إيه) أمل جديد لمرضى الإعاقةركزت معظم جهود الواجهات العصبونية الحركية السابقة على التحكم في المؤثرات الفردية، مثل التعامل مع المؤشرات والأذرع الروبوتية القادرة على إمساك الأشياء.
وفي حين تستهدف الواجهة العصبونية المطورة حديثًا التحكم في الأصابع بشكل أكثر تعقيدًا، مما قد يسمح لمصاب الشلل بأداء أنشطة، مثل العزف على آلة موسيقية أو استخدام ذراع التحكم بألعاب الفيديو الرقمية.
وبفضل القدرة على تحريك أصابع افتراضية متعددة باستخدام التحكم الدماغي، يمكنك الحصول على أنظمة تحكم متعددة العوامل لجميع أنواع الأشياء، من تشغيل برامج التصميم بمساعدة الحاسوب إلى تأليف الموسيقى.
إعلانومع تطور التكنولوجيا العصبية، تتزايد إمكانيات استخدام الواجهات العصبونية في منح ذوي الإعاقة القدرة على الوصول إلى مجموعة أوسع من الأنشطة.
ومن النتائج الجديرة بالملاحظة لهذا التطور أن هؤلاء الأشخاص قد يشعرون بالمزيد من الارتباط بالآخرين، مما يعزز مستوى التواصل الاجتماعي الصحي ويساعدهم في التغلب على الحواجز المتعلقة بالإعاقة التي تمر أحيانًا دون أن يلاحظها أحد.
وقال "جايمي هينديرسون" (Jaimie Henderson) أستاذ جراحة الأعصاب جامعة ستانفورد وأحد المؤلفين المشاركين للدراسة "يركز الناس عادةً على استعادة الوظائف التي تعد ضروريات أساسية، مثل الأكل واللباس والتنقل، ولكن في كثير من الأحيان لا تحظى جوانب أخرى مهمة بنفس القدر بالاهتمام الكافي، مثل الترفيه أو التواصل مع الأقران، حيث يريد الناس ممارسة الألعاب والتفاعل مع الأصدقاء".