بدأت الشركات الروسية في استخدام البيتكوين وغيره من العملات الرقمية في المدفوعات الدولية بعد تغييرات تشريعية سمحت بهذا الاستخدام في مواجهة العقوبات الغربية، وفقا لما صرح به وزير المالية، أنطون سيلوانوف، الأربعاء.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه روسيا صعوبات متزايدة في تجارتها مع شركائها الرئيسيين مثل الصين وتركيا، حيث تتوخى البنوك المحلية في هذه الدول الحذر في تعاملاتها مع موسكو تجنبا للتدقيق من قبل المنظمين الماليين الغربيين.

ودفع هذا الواقع دفع موسكو للبحث عن بدائل غير تقليدية، وعلى رأسها العملات المشفرة التي يصفها الرئيس، فلاديمير بوتين، بأنها “اتجاه واعد وديناميكي”.

وسمحت روسيا التي تعد واحدة من الرواد العالميين في تعدين البيتكوين، هذا العام، باستخدام العملات المشفرة في التجارة الخارجية، واتخذت خطوات لجعل تعدين العملات المشفرة، بما فيها البيتكوين، قانونيا.

وبينما تسعى روسيا لتوسيع استخدام العملات المشفرة في تجارتها الخارجية، تتصاعد المخاوف الغربية من تحولها إلى ثغرة رئيسية في نظام العقوبات الدولية.

للعملات المشفرة خاصيتين رئيسيتين تجعلانها أداة محتملة للتهرب من العقوبات؛ الأولى هي عملها خارج نطاق البنوك التجارية التقليدية، حيث تتم المعاملات مباشرة بين المحافظ الرقمية المشفرة، التي يتم تشفير ملكيتها من خلال نظام المفتاحين: مفتاح عام يمثل عنوان المحفظة، ومفتاح خاص يعمل ككلمة مرور، وكلاهما عبارة عن رموز رقمية وحرفية.

وتنقسم المحافظ الرقمية إلى نوعين: محافظ وصائية تديرها شركات خدمات الأصول المشفرة، ومحافظ غير وصائية يديرها الأفراد مباشرة.

المحافظ الوصائية تتطلب من المستخدمين الكشف عن هوياتهم ومعلومات بنوكهم، بينما المحافظ غير الوصائية لا تتطلب ذلك وتتيح المعاملات المباشرة بين الأفراد.

الخاصية الثانية هي قابلية نظام “التعدين” للاختراق السيبراني. فرغم تصميم النظام ليكون آمنا، إلا أن هناك ثغرات يمكن استغلالها. مثلاً، إذا سيطر المخترقون على 51 بالمئة من قوة الحوسبة في الشبكة، يمكنهم تعديل تفاصيل المعاملات غير المصدقة.

كما يمكنهم اختراق الجسور بين سلاسل البلوكتشين المختلفة وسرقة الأموال أثناء انتقالها.

قدمت إيران وكوريا الشمالية نموذجين مختلفين لاستخدام العملات المشفرة للتهرب من العقوبات. إذ شرعت إيران، التي تخضع للعقوبات الأميركية منذ 40 عاما، استخدام العملات المشفرة في التجارة الخارجية. وقد نفذت أول عملية استيراد رسمية بالعملات المشفرة بقيمة 10 مليارات دولار في أغسطس 2022.

أما كوريا الشمالية فقد اعتمدت نهجا مختلفا، حيث ركزت على الهجمات السيبرانية لسرقة العملات المشفرة.

ونجحت مجموعة “لازاروس”، وهي مجموعة قرصنة تابعة للدولة، نجحت في جمع أكثر من مليار دولار منذ 2015 من خلال هذه الهجمات.

كما استخدمت منصة “Tornado Cash” لغسل الأموال المسروقة، وفقا لمعطيات أوردتها ورقة بحثية لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
الحالة الروسية والتحديات

تواجه روسيا وضعا مختلفا عن إيران وكوريا الشمالية. إذ أن وارداتها اليومية تبلغ أزيد من 600 مليون دولار، وهو ما يفوق بعشر مرات واردات إيران. هذا يعني أن سوق العملات المشفرة، الذي تصل قيمته الإجمالية إلى حوالي 2 تريليون دولار، لا يمتلك السيولة الكافية لتلبية احتياجات روسيا التجارية.

لكن روسيا تمتلك ميزات أخرى، تخدم توجهها في هذا الجانب، إذ تعد ثالث أكبر دولة في تعدين البيتكوين عالميا، ولديها موارد طبيعية وفيرة تساعدها في العملية. وقد أطلقت شركة “غازبروم” الروسية شراكة مع منصة “Bitriver” أكبر مزود لخدمات تعدين البيتكوين، لتزويد مراكز التعدين بالغاز.

وحتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا واتساع نطاق وحجم العقوبات الدولية عليها، أطلقت موسكو سلسلة إجراءات في التعامل مع الأصول الرقمية، إذ تغير موقفها من معارضتها والتقليل من أهميتها إلى العمل على تبنيها ودمجها بالقطاع الاقتصادي للبلاد.

المرحلة الأولى (2020-2021):

فبراير 2020: البنك المركزي الروسي يعلن أن الروبل الرقمي قد يساعد في تقليل الاعتماد على الدولار ومواجهة العقوبات.

أكتوبر 2020: إعلان خطط إطلاق نموذج أولي للعملة الرقمية.

يونيو 2021: شراكة مع 12 بنكا روسيا رئيسياً

خريف 2021: عقوبات أميركية على منصات روسية لتداول العملات المشفرة.

تحول الموقف (2022):

يناير: رئيس البنك المركزي يدعو لحظر شامل على العملات المشفرة، معتبراً إياها عبارة عن “مخطط هرمي”

فبراير: نجاح نموذج تجريبي لمنصة للروبل الرقمي في إجراء التحويلات المصرفية عبر تطبيقات الهواتف المحمولة.

18 فبراير: وزارة المالية تقدم مشروع قانون لتنظيم الأصول الرقمية

24 فبراير: بدء الغزو الروسي لأوكرانيا

مارس: تجميد حوالي 300 مليار دولار من الاحتياطيات الروسية

12 مارس: حظر سبعة بنوك روسية من نظام “سويفت”

التطورات الأخيرة (2023-2024):

فبراير 2024: توقف ثلاثة بنوك صينية عن قبول مدفوعات من مؤسسات روسية محددة.

مايو 2024: إيران تؤكد تعاونها مع روسيا في مجال العملات الرقمية

يوليو 2024:

ـ بوتين يصف العملات المشفرة بأنها “اتجاه واعد وديناميكي”

ـ إقرار قانونين لتشريع تعدين العملات الافتراضية والمدفوعات الدولية

أغسطس 2024: مصادقة بوتين على القوانين

سبتمبر 2024: بدء تجارب المدفوعات المشفرة

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس، فلاديمير بوتين، إن الإدارة الأميركية الحالية تقوض دور الدولار الأميركية كعملة احتياطية باستخدامه لأغراض سياسية، مما يدفع العديد من البلدان للتحول إلى أصول بديلة.

وأشار بشكل خاص إلى البيتكوين كمثال على هذه الأصول، قائلاً إنه لا أحد في العالم يمكنه تنظيم البيتكوين. وتشير تصريحات بوتين إلى أن الزعيم الروسي يدعم الاستخدام الواسع للعملات المشفرة.

ورغم التحولات الأخيرة، لا يزال الحظر المفروض على استخدام العملات المشفرة في المدفوعات المحلية سارياً في روسيا.

ومع ذلك، لم يؤثر هذا على الاستخدام الواسع للعملات المشفرة داخل البلاد التي تحتل باستمرار مرتبة متقدمة بين الدول في المؤشر السنوي العالمي لتبني العملات المشفرة.

ويتوقع أن يجري في يوليو من العام المقبل، طرح الروبل الرقمي للتعاملات التجزئة (بين الأفراد)، حسبما أفادت منصة “تشين أنالييسيز”، المختصة في متابعة أخبار التعدين والأصول الرقمية.

اختلف النهج الغربي في مواجهة استخدام روسيا للعملات المشفرة للتهرب من العقوبات. فبينما يتبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجية موحدة وشاملة من خلال قانون “MiCA” الذي يضع ضوابط صارمة على منصات تداول العملات المشفرة، تظل المقاربة الأميركية مشتتة بين هيئات تنظيمية متعددة، وفقا للورقة المذكورة.

ويمثل الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس جو بايدن في مارس 2022 أول إطار تنظيمي شامل للأصول الرقمية على المستوى الفيدرالي، حيث يهدف إلى تطوير استراتيجية وطنية لتنظيم العملات المشفرة وحماية المستهلكين والنظام المالي الأمريكي.

ويركز الأمر على عدة محاور رئيسية تشمل حماية المستهلكين والمستثمرين من المخاطر المالية وعمليات الاحتيال والتلاعب في السوق، إلى جانب الحفاظ على الاستقرار المالي من خلال مراقبة المخاطر النظامية وتعزيز الأمن السيبراني ومنع استخدام العملات المشفرة للتهرب من العقوبات.

وخلال العامين الماضيين، أصبح واضحاً أن العملات المشفرة تشكل جزءا رئيسيا من استراتيجيات موسكو للتهرب من العقوبات. ونتيجة لذلك، كثف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية تركيزه على تقييد أنشطة روسيا المتعلقة بالعملات المشفرة.

وخلال العام الجاري، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عدة شركات وأفراد في القائمة السوداء، بزعم تسهيلهم التحايل على العقوبات الروسية.

وتحث وزارة الخزانة الكونغرس، على منحها سلطات إضافية لملاحقة الأشخاص الذين يستخدمون العملات المشفرة للتهرب من العقوبات، كما تسعى الوزارة لفرض عقوبات على منصات تبادل العملات المشفرة الروسية والمعدنين أو الجهات الفاعلة المماثلة في هذا القطاع، وذلك وفقا لمركز “خدمات الاستخبارات الجيوسياسية” (GIS).

وحتى الآن، كانت “BitRiver” الشركة الروسية الوحيدة في مجال تعدين العملات المشفرة التي تفرض عليها وزارة الخزانة عقوبات.

وبحسب موقع “أكسيوس”، فإن التطور الأخير في لجوء روسيا ورهانها على العملات الرقمية، يمثل تحدياً للرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يعد مؤيدا للعملات المشفرة ومدافعا عن هيمنة الدولار الأميركي، في نفس الوقت.

الحرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: للعملات المشفرة من خلال

إقرأ أيضاً:

متى تُرفع العقوبات الغربية عن سوريا؟

ما تزال العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية تقف حائلًا أمام تعافي سوريا الجديدة، وتمنع البدء بعمليات إعادة إعمار ما دمّره نظام الأسد البائد، حيث تضع كل من الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا وألمانيا واليونان وقبرص، شروطًا عديدة من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وتربط رفعها بالخطوات التي ستقوم بها الإدارة الجديدة، وذلك على الرغم من ترحيبها ببعض الخطوات التي قامت بها السلطات الجديدة، وخاصة الحكومة الانتقالية، التي وصفتها واشنطن بحكومة تكنوقراط، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرحه السوريون، هو: متى ترفع العقوبات الغربية المفروضة على بلادهم؟

الواقع هو أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن، قامت ببعض الإجراءات، تضمنت إصدار إعفاءات مؤقتة لمدة ستة أشهر من العقوبات، وطالت قطاعات الطاقة والمياه والحوالات الشخصية، فيما تضمنت الإعفاءات التي قررها الاتحاد الأوروبي إزالة خمس مؤسسات مالية واقتصادية من قائمة الكيانات الخاضعة لتجميد الأموال والموارد الاقتصادية، وهي: البنك الصناعي، بنك التسليف الشعبي، بنك الادخار، البنك التعاوني الزراعي، والخطوط الجوية العربية السورية، إلى جانب السماح بإتاحة الأموال والموارد الاقتصادية للمصرف المركزي السوري.

إعلان

إضافة إلى إدخال بعض الاستثناءات على الحظر المفروض على إقامة علاقات مصرفية بين البنوك السورية والمؤسسات المالية في دول الاتحاد الأوروبي.

لكن كل هذه الإجراءات ليست كافية للخروج من الوضع الاقتصادي الكارثي في سوريا، خاصة أن الإعفاءات الأوروبية غير فعالة في ظل استمرار العقوبات الأميركية.

الشروط الأميركية

تتمحور الشروط الأميركية المعلنة حول ضرورة تمثيل الأقليات، ومحاربة الإرهاب، وتدمير ما تبقى من مخزون الأسلحة الكيماوية، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن المناصب العسكرية العليا، والمساعدة في مساعي العثور على الصحفي الأميركي المفقود في سوريا أوستن تايس.

وتتقاطع مع الشروط الأوروبية، وتضيف إليها "وقف الانتهاكات"، التي جرت في الساحل السوري، ومحاسبة المتورطين فيها وغيرها.

وقد سبق أن سملّت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام وسوريا، ناتاشا فرانشيسكي، قائمة الشروط الأميركية إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، خلال اجتماع مباشر عُقد على هامش مؤتمر للمانحين بشأن سوريا في بروكسل يوم 18 مارس/ آذار الماضي.

مؤخرًا، قدمت الحكومة السورية للإدارة الأميركية ردّها الرسمي على قائمة الشروط التي وضعتها واشنطن كمتطلبات أساسية لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.

ويعكس عدم تلكؤ الحكومة السورية الجديدة في الرد عليها نوعًا من الالتزام ببعض الشروط، مع إبداء المرونة والاستعداد للعمل على بعضها الآخر، لكن الأمر ليس سهلًا، لأن انفتاح العلاقات بين واشنطن ودمشق، يعني طي صفحات سوداء وشائكة، بدأت منذ عام 1979، عندما فرضت الولايات المتحدة أولى عقوباتها على سوريا، وأدرجتها على قائمة الدول الراعية للإرهاب، ثم أضافت عقوبات كثيرة بعد قيام الثورة السورية عام 2011، أبرزها عقوبات بموجب "قانون قيصر".

إضافة إلى أن الوضع في سوريا معقد ومتشابك مع الأوضاع الإقليمية والدولية، يتقاطع معها أحيانًا، ويتعارض معها في أحيان أخرى، وخاصة بخصوص التدخلات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة منذ إسقاط نظام الأسد البائد، ومحاولة إسرائيل تحويل سوريا إلى ساحة منافسة مع الأتراك، فضلًا عن العلاقة القوية ما بين إدارة ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، حيث تريد إدارة ترامب أن توقع الحكومة الجديدة اتفاق سلام مع إسرائيل، يحفظ أمن إسرائيل وتفوقها عسكريًا، دون أن تسترجع سوريا أراضيها المحتلة وخاصة الجولان المحتل.

إعلان

تجدر الإشارة إلى أن بعض الشروط الأميركية تعدّ متطلبات داخلية، خاصة فيما يتعلق بالحكم الشامل، وتمثيل مختلف مكونات الشعب السوري، والتخلص مما تبقى من الأسلحة الكيماوية، حيث أبدت الحكومة السورية تعاونًا كاملًا مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وقد أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في أكثر من مناسبة التزام سوريا بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتدمير بقايا برنامج الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد، وتحقيق العدالة للضحايا، والامتثال للقانون الدولي.

كما أن السلطات الجديدة ملتزمة بمكافحة الإرهاب، وثمة عداء قديم وقتال تاريخي بين فصائل غرفة "ردع العدوان"، وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام" وتنظيم الدولة الإسلامية.

وسبق أن شاركت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية مع الإدارة السورية الجديدة، أفضت مؤخرًا إلى إحباط محاولة تنظيم الدولة تفجير مقام السيدة زينب الواقع في جنوبي دمشق.

إضافة إلى أن سوريا وقعت في التاسع من مارس/ آذار الماضي اتفاقًا خلال اجتماع عمان مع دول الجوار: (الأردن، والعراق، ولبنان، وتركيا)، يدين الإرهاب بكافة أشكاله، ويقضي بمحاربته عسكريًا وأمنيًا وفكريًا، وبتشكيل مركز عمليات مشترك للتنسيق والتعاون في مكافحة تنظيم الدولة، بغية القضاء عليه، والتعامل مع سجون عناصره.

تفترق الولايات المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تضع الوجود العسكري الروسي في سوريا ضمن الشروط الأميركية المعلنة، فيما طالب أكثر من مسؤول أوروبي بذلك، ولعل الأمر يعود إلى العلاقة المميزة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب.

لكن هذه العلاقة لا تمنع وجود جدل بين وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين حول القواعد العسكرية الروسية في سوريا. ولعل زوال التغلغل الإيراني في سوريا كان أكبر مكسب قدمته سوريا الجديدة للولايات المتحدة، دون أن تقدم أي تكلفة تذكر.

إعلان

بصرف النظر عن كل ذلك، فإن سياسات إدارة الرئيس ترامب حيال السلطة الجديدة في سوريا تحظى باهتمام سوري كبير، حيث تأمل في أن يشكل الرد السوري على الشروط الأميركية بداية لحوار بين واشنطن ودمشق يمهد لرفع العقوبات أو على الأقل تخفيفها.

كما أنها تترقب ما ستثمر عنه زيارة وفد سوري إلى واشنطن، يترأسه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ويضم وزيرَي المالية والاقتصاد ومحافظ البنك المركزي، من أجل حضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بين 15 و20 أبريل /نيسان المقبل.

إذ على الرغم من أن الزيارة تحمل صبغة اقتصادية، فإن الوفد سيحاول عقد لقاءات جانبية مع مسؤولين في الإدارة الأميركية، ومع عدد من النواب في الكونغرس، حيث من المتوقع أن تشهد تلك اللقاءات بحث قضايا تتعلق بالعقوبات، وعمليات إعادة الإعمار، والنظر في العلاقات بين دمشق وواشنطن.

وبالتالي فإنه على الرغم من عدم اعتراف إدارة ترامب الرسمي بالحكومة السورية الجديدة، فإن زيارة الوفد السوري، والمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي، وعقد لقاءات مع مسؤولين في واشنطن، تشي بإمكانية حدوث تحوّل تدريجي في تقييم الولايات المتحدة للسلطة السورية الجديدة.

لذلك يعوّل السوريون على أن تشكّل الزيارة فرصة من أجل عرض رؤية الحكومة السورية بشأن إعادة الإعمار وبناء الدولة، ومحاولة كسب دعم دولي أوسع.

والأهم هو أن تلجأ إدارة ترامب إلى القيام بتخفيف جزئي وانتقائي للعقوبات في حال تقييمها الإيجابي لرد لحكومة السورية، ومدى التزامها بالخطوات المطلوبة، الأمر الذي يرافقه إصدار إعفاءات إضافية، أو دعم دولي للمشاريع الإنسانية والبنية التحتية.

غير أن رفع جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا ما يزال يواجه عقبات داخل الإدارة الأميركية والكونغرس، وذلك بسبب انقسام مواقف مسؤولي الإدارة الأميركية حيال سوريا، ما بين شخصيات في وزارة الخارجية الأميركية، تدعو إلى ضرورة منع تحول سوريا إلى الفوضى والتناثر، وتطالب بأن تتعامل إدارة ترامب بواقعية مع الحكومة السورية الجديدة، ومنحها فرصة لإثبات تغيرها، وشخصيات أمنية متشددة في مجلس الأمن القومي والاستخبارات، تحذر من التعامل مع السلطة الجديدة، وتخشى من التنظيمات المتطرفة، وتشكك في إمكانية تحوّل سوريا إلى حليف موثوق.

إعلان

وفي هذا السياق، يلعب اللوبي الإسرائيلي، وحكومة بنيامين نتنياهو دورًا ممانعًا لأي تقارب أميركي مع السلطة السورية الجديدة، لذلك يعتبر كل من الرد السوري على الشروط الأميركية والزيارة المرتقبة للوفد السوري إلى واشنطن بمثابة اختبار حاسم بالنسبة إلى الحكومة السورية الجديدة.

أخيرًا، يبقى أن من المهم رفع العقوبات الغربية، وخاصة الأميركية، المفروضة على سوريا، لكن الأهم هو أن الحكومة السورية الجديدة ينبغي ألا تتعامل معها وكأن كل شيء متوقف على إزالتها أو تخفيفها، وأن تَبذل مزيدًا من العمل في الداخل السوري، وبشكل يدعم توسيع الحريات، ويؤسس لدولة القانون والعدالة، وتقوية كل القوى الفاعلة فيه على كافة المستويات؛ الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والاستفادة من كل إمكانات السوريين، وتفعيل المؤسسات وتمكينها من العودة للعمل بكامل طاقتها، والاعتماد على أصحاب الخبرات والطاقات السورية، الذين هربوا من مقبرة نظام الأسد البائد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • تراجع الدولار يرفع البتكوين .. قفزة كبيرة للعملة الرقمية
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. بيتكوين ترتفع وإيثريوم تتراجع
  • خبراء يكشفون لـ«الأسبوع» مخاطر العملات المشفرة وأسباب صعودها ومستقبلها
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم الاثنين 21 أبريل 2025
  • أسعار العملات المشفرة مقابل الدولار
  • متى تُرفع العقوبات الغربية عن سوريا؟
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. تراجع البيتكوين وتباين في أداء الأسواق
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. ارتفاع طفيف لبيتكوين وإيثريوم وسط تباين أداء السوق
  • بنك التسويات الدولية: التوسع في اعتماد العملات المشفرة يزعزع النظام المالي التقليدي
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم السبت 19 أبريل 2025