ديسمبر وقصة ثورتين: حين تمتطي الثورات صهوات جيادها وتنطلق
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
بقلم / عمر الحويج
لا يظن أحد أن هروب بشار الأسد بأسرته وعياله وماله وذهبه ودولاراته ، وكل ماخف وزنه وعليت قيمته وغلا ثمنه ، وحمل محتويات "بقجته" الثمينة وهرب " او بمصطلح حربنا الدخيلة عرد !! " دون حاشيته ومنافقيه وإعلامييه ومطبليه وحراس سلطته وسلطانه ، من كل جنس ولون ، طيلة نصف قرن وأكثر ، زمان تسلط "الأسرة الأسدية " وتحت إشرافهم في تشريع وتقنين القتل والتعذيب داخل السجون الجهنمية " صيديانا " مثالاً .
لا بل سوف يبقى فينا السؤال الكبير ، لكي ينير لنا الطريق ، لفهم ما ينتظر سوريا من مستقبل ، أبيض السلام أم أحمر الدماء ، النماء أم الشقاء ، الموت أم الحياة ، والسؤال هو : هل سقط النظام بفعل مسار خطى الثورة ، وتضحياتها فيما تكبدته من مهالك ، جراء أنتقام النظام حين إشعال الثورة ، دون علمه أو إستئذانه حتى!! ، والعمل لإطفاء شعلتها ونورها ، بإستخدام كل ترسانته العسكرية والأمنية والشرطية والشبيحة المخفية ، بما فيها ترسانة كتلته النقدية .. وتحالفاته العينية عبثية !! .
هل تم إسقاط النظام بيد الثورة السورية ، ومثابرتها وصبرها وصمودها أمام مكاره النظام وبشاعة ممارساته النازيو-فاشية .
ام سقطت على يد المسلحين الذين إستولوا على السلطة في سوريا . وإن كان إلى حين ، فمسارها يشوبه الغموض ، وهل الأمور وصلت إلى منتهاها ، باستلام جبهة الشام المسلحة للحكم ، وتكوين حكومتها المؤقته من داخل عضويتها ، دون النظر لآخرين ، ومن جانب آخر متوقع ومتفق عليه في التحكم التركي ، والتدخل حتى في تكوين جيشها وعسكرها الوطني ، شبيه ذلك تحكم جارتنا الشقيقة ، في عسكرنا . ودعمه رغم إخوانيته الإرهابية ، الظاهرة غير مخفية ، ويا للمفارقة !! فقد عزمت مصر على المفاصلة مع تركيا وخصامها ، لإحتوائها ذات الإخوانية الإرهابية في سوريا ، لأنها تضر بأمنها القومي ، أما في بلدنا الهامل ، فالمساعدة والسرعة في الإنجاز لإستلامهم السلطة في السودان ، رغم إراهبيتهم ، لايضر أمنها أي كان نوع الضرر ، في بلد الخير والطيبة والمسكنة !! . وهذه بداية لاتبشر بخير ، لحكام سوريا الجدد .
وهنا السؤال المتفرع من السؤال ، من له الإستحقاق في إستلام السلطة ، بعد إنتصار الثورات ، هل هم الذين يمثلون مكونات الثورة المختلفة ، التي واصلت ثورتها وهي تضحي بأعمار رجالها وشبابها ونسائها ، وآجالهم المنقرضة تحت الدبابات والبراميل المتفجرات ، وهم يواصلون ثورتهم ، في الشوارع التي لا تخون ، وفي السجون وفي القبور الفردية والجماعية ، وفي المنافي للذين هم مجبرون على الهرب من جحيم النظام ، مهاجرين ، نازحين ، لاجئيين ، وهذا الهروب الجماعي ماهو إلا من فعل الثورة، لأنها لو كانت حرب إحتلال للوطن ، لجابهوه بصدور عارية وما هربوا .. ولكن هذه حرب السلطة من أجل السلطة والتسلط .
نعم يحق للشعب السوري أن يفرح ويغني ويرقص ، ومعهم جميع شعوب العالم ، فلها ومعهم أيضاً أن تفرح وتغني ، لإنزياح هذا الكابوس الجاسم على سطح الأرض السورية ، الذي يحسب على البشرية كنقطة ، سوداء يجب أن لا تتكرر . والأكثر فرحاً هم شعوب ثورات الربيع العربي المجهضة ، التي سوف يحيّ فيها الأمل ، ويرفع الأرواح المخذولة ومجهدة ، لحتمية إنتصار الثورات مهما تكاثرت عليها الخطوب والمحن. .وهذا يأخذنا في بحث نتائج هذا السقوط المدوي لبشار الأسد ، لننظر في ملاحظتين هامتين ، كنتائج محتملة ، وهناك غيرها من نتائج ، قطعاً ستفرزه صراعات المشهد السياسي في سوريا قادم الأيام .
- وفور ما نلاحظه في المشهد السياسي السوري ، يأتينا الإستفسار ، هل هذا النصر يعود إلى الفصائل المسلحة بتنوع مشاربها ، وطرق تأسيسها ، التي استدرجها النظام السوري ، بعد الثورة السلمية ، وإدخالها ، لما يوده ويرغبه ، ليقودها إلى نفق التمرد المسلح ، وهو ميدانه المفضل والمضمون ، لكسب المعركة وانهاء هذا التمرد ، وبالتالي دحر واجهاض الثورة التي بدأت سلمية ، كما كانت الثورة السلمية في السودان ، ولنتوقف قليلاً لنأخذها في دربنا المماثل لما ستؤول اليه نهايات الثورة السورية . ونلقي بعض الضوء بماحدث في مسار الثورة السودانية ، فالثورتان متباريات في المصاعب والنهايات ، فالثورة السودانية ناضلت ونجحت بأن تواصل وتستمر في سلميتها ، رغم الضحايا الذين سقطوا غضون الإصرار على هذه السلمية ، رغم محاولات النظام الإسلاموي ، لجعلها تسلك الطريق المسلح ، مايعني جلب الثورة والثوار لميدانه ، الذي يتقنه بما له من الإمكانات الأمنية والعسكرية ، التي يظن أنها كافية ، في دحر الثورة وإفنائها في حينها ولجظتها . حاولها بداية بفض الإعتصام وفشل ، وتم دحر رغبته بالعكس ، وواصلت الثورة في طريق سلميتها ، وهزمته في 30 يونيو ونجحت ، وحين إحتار دليله لجأ لإنقلاب 25 أكتوبر الإنتحاري ، ولكنه فشل ونجحت الثورة ، فقد واصلت الثورة سلميتها ، ولم ينجح الإنقلاب ، حتي في تعيين حكومة تمثله ، وتنطق بإسمه ، حتى يوم الناس هذا ولم يستطع ، بل كان من نتيجة هذا الفشل ، أن النتيجة جاءتهم بالكارثة التي انتهت إلى خوض حربهم اللعينة ، فقد أعلن الطرف الثاني للإنقلاب التوأم الجنجوكوزي ، تبرؤه من هذا الإنقلاب ، بل الإعتذار الصريح عن تورطه ، في هذا الإنقلاب الخديج ، لمصلحة قادمة ، ندريها ولا ندعيها ، فلا مفر سيك سيك معلق فيك يا حميدتي ، وأكثر خسائر الإنقلاب عليهما معاً ، حين فتح بينهما باب جهنم ، بكشف نوايا الطرفين في الاستئثار بالسلطة ، وتحقيق حلم الجنرالين ، الأول برهان ، يصحبه حلم أبيه بالرئاسة، والثاني حميدتي ، يصحبه حلم الطموح ، الذي غذاه ونماه داخله أفراد مستشاريته ، المنطلقة جلها من منبتها الإسلاموي الكيزاني ، حين فشل المؤتمر الوطني في إقناع شعبه بجدواه وإستمراره في الحكم بعد المفاصلة وقبلها ، وهروب المؤتمر الشعبي ، بحثاً عن براجماتية إنتهازية ، تقوده هو الآخر لحكم البلاد ، بذات النهج الاخواني كيزاني ، مستعيناً بذات مفردات المشروع الحضاري المندحر ، حيث خرجت من داخل كل هذه الإخفاقات التآمرية ، متمثلة في الإنقسامات التي شهدناها أيدي سبأ ، وإن كان أخطرها ، هم أولئك الذين التفوا حول حميدتي وإستخدموه بذكاء ، بعد إلباسه لبوس الثورة المجيده ، لهدمها من داخلها ، مضافاً ومضاف اليه ، إستعجالهما ولهفتهما معاً للوصول والنصر في سباق السلطة ، كل قبل توأمه ،
وهنا علينا أن نتاملهما وأنفسنا لنتساءل : ما جدوى السؤال ، في من أشعل الحرب أولاً ، رغم أن كل القرائن والدلائل والإثباتات ، تؤكد أن
قيادات النطام المباد ، هم مشعلوها وهم الذين بادروا بالطلقة الأولى ، فالطرفين كانا جاهزين ، ليكون هو المبادر في إشعال الحرب . الأول بحسمها بعد سويعات ، مدعوماً بالجارة ذات المصلحة في أمنها القومي والحياتي "المعيشي" !! ، لحسمها لصالح البرهان ، بإستخدام الطيران الحربي خاصة مع الدعومات التي سوف تتآلى تباعاً . والثاني برد جميل أطنان الذهب ، للجار الآخر الأبعد ، والوعد بالمزيد من أطنان الذهب المهرب لمصلحة الطرفين ، والوعد القادم بنهب المزيد من الموارد بارضها وخيراتها .
ورغم حرب الإبادة التي إفتعلها الطرفان في السودان لإجهاض الثورة ، لازال الطريق مفتوحاً للثورة السودانية "حين قالت أطرافها لا للحرب " ، لإستعادة دولتها الديمقراطية .
ثم يأتي هنا سؤال المصير للثورة السورية .. لمن يحق له استلام السلطة ، هل يتسلمها من أتى بالسلاح والمحاربين من أصقاع الأرض وجنسياتها التكفيرية، وقد أتى بسلاحه مدججاَ ، والكل يشير ويعلم !! . ام يتسلم السلطة المدنيةالديمقراطية ، الذين جعلوا إنتصار الثورة السورية ممكناً بالنضال السلمي ، ويستمر التساؤل ، هل تُسلم الحركات المسلحة السلطة في سوريا لأصحابها الحقيقيين ، وكفي الله المتصارعين شر القتال ، لمصلحة استقرار سوريا ، لإعادة إعمارها ونهضتها من جديد . أم لازال الطريق طويلاً أمام الثورتين ، السودانية والسورية ، على إنتزاع حقهما في إقامة دولتهما المدنية الديمقراطية .
وإن كان الطريق شاق للثورتين ، وحتى وإن طال السفر ، فإن الثورات تتواصل وتستمر فهي لا تموت .. وقد تنتكس ، ثم كالعنقاء من تحت رمادها تنهض وتنتفض .. ولا تنقضي
omeralhiwaig441@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا.. ماذا نعلم عن وزراء الداخلية والدفاع والخارجية بالحكومة الجديدة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—كشفت السلطات السورية عن تشكيلة الحكومة الجديدة وهي أول حكومة رسمية تشكل بعد الإطاحة بنظام الرئيس المعزول، بشار الأسد نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2024، وتأتي بعد تشكيل حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال بالدولة بعيد سقوط النظام السوري القديم، وفيما يلي نستعرض لكم ما نعلمه عن وزراء جدد حملوا حقائب سيادية، وفقا لسيرهم الذاتية التي نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية.
مواليد العام 1987، درس في كلية الهندسة والتحق بالثورة السورية منذ انطلاقتها في العام 2011، وعمل في المجال الإداري في صفوف الثورة حتى العام 2016 قبل أن ينتقل إلى العمل في المجال الأمني حتى العام 2024.
وأسس الخطاب جهاز الأمن العام في حكومة الإنقاذ السورية، وكان قد كلّف برئاسة جهاز الاستخبارات العامة في حكومة تصريف الأعمال السورية.
مواليد العام 1984، تخرج من جامعة دمشق العام 2008 بدرجة بكالوريوس في الهندسة الزراعية، ويدرس الماجستير في جامعة إدلب، والتحق بالجيش والقوات المسلحة وأنهى الخدمة الإلزامية قبل اندلاع الثورة السورية برتبة ملازم أول اختصاص مدفعية ميدان، والتحق بالثورة في بداياتها ليكون قائدا عسكريا في حماة.
وشغل منصب قائد الجناح العسكري لـ5 سنوات وكان المسؤول عن تطوير قدراته العسكرية والتكتيكية وتأسيس كتائب "الشاهين"، وكلف بحقيبة وزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية واهتمك بتطوير الصناعات الحربية ومنظومة الاستطلاع والقتال الليلي والمسيرات وعمل كذلك عضوا في المجلس العسكري في غرفة "الفتح المبين" وقائدا عسكريا في عمليات "ردع العدوان".
ولد العام 1987 وتخرج من كلية الآداب والعلوم الإنسانية فرع اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة دمشق، وحاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة صباح الدين زعيم في تركيا، وهو حاليا باحث دكتوراة في العلاقات الدولية، وكذلك يكمل المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال.
عاصر الثورة السورية من لحظاتها الأولى وشارك في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية عام 2017، وأسس إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ وكلف كوزير للخارجية بحكومة تصريف الأعمال وأعاد تمثيل سوريا في المحافل الدولية والمؤتمرات العربية والعالمية.