دبي- خاص

أعلن فندق "داماك ميزون ديستينكشن"، وجهة الإقامة الفاخرة الواقعة في قلب دبي، عن إنجازه الرائع في الدورة العاشرة من جوائز التميز بقطاع الضيافة في الشرق الأوسط "Middle “East Hospitality Excellence Awards 2024"؛ إذ حصل على جائزة "أفضل فندق بوتيكي"، ليعزز بذلك مرة أخرى مكانة "داماك ميزون ديستينكشن" كواحدة من الشركات الرائدة في مجال الضيافة الفاخرة في المنطقة.


 

وتُوج الفندق بهذه الجائزة في حفل كبير أقيم في نادي ميدان للجولف في دبي؛ حيث اجتمع ممثلو أبرز الفنادق في المنطقة للاحتفاء بالفنادق الرائدة التي تميزت بالإبداع والابتكار بقطاع الضيافة في الشرق الأوسط وأفريقيا. وقد تم تكريم "داماك ميزون ديستينكشن" ضمن قائمة الفنادق الفاخرة، مع تسليط الضوء على خدماته الشخصية المميزة والمبادرات البيئية المستدامة التي تفرد بها.

واستلم الجائزة بفخر عدد من القيادات البارزة في "داماك للفنادق والمنتجعات"، وهم: حسام الكشك مدير "داماك ميزون للضيافة"، وأحمد لطفي المدير العام لـ"داماك ميزون آيكون سيتي"، وزين حبوس المدير الأول للمواهب في "داماك للفنادق والمنتجعات". وقد كان دورهم مهماً في تحقيق هذا التميز الذي جعل "داماك ميزون ديستينكشن" أيقونة في مجال الفخامة.

وقال دين روسيلي نائب الرئيس الأول للضيافة في "داماك للفنادق والمنتجعات": "نحن في غاية السرور بهذا التقدير، فهو نتاج العمل الجاد والمثابرة من فريقنا لتقديم مفهوم جديد للضيافة الفاخرة في الشرق الأوسط. هذا الفوز يشجعنا على الاستمرار في تقديم الأفضل لضيوفنا".

ومن خلال المساحات الأنيقة والواسعة التي تم تصميمها بعناية، إلى جانب الأجنحة الفاخرة يهدف فندق "داماك ميزون ديستينكشن" إلى تلبية أذواق ضيوفه وجعلهم يشعرون وكأنهم في منزلهم من خلال دمج الخدمة الرفيعة مع أسلوب حياة فاخر. ومع مرافقه من الطراز العالمي وتجاربه المخصصة، وموقعه المميز في قلب دبي، يعيد "داماك ميزون ديستينكشن" تعريف تجربة الفنادق العصرية الفاخرة، ويعتبر الوجهة المثالية لكل الأشخاص الذين يبحثون عن تجربة مميزة.

وتُعد جوائز التميز بالضيافة في الشرق الأوسط من أبرز الجوائز في قطاع الضيافة الفاخرة. وقد سلطت الجوائز هذا العام الضوء على الفائزين من خلال تكريم الأفراد المخلصين والمنظمات المبتكرة، وذلك بعد عملية تصويت شفافة وبمشاركة واسعة من 151,000 صوت من مجتمع الضيافة والسفر.

ويقع داماك ميزون ديستنكشن في الخليج التجاري، وهو مشروع رائد من قبل داماك العقارية، حيث يوفر إطلالات خلابة على وسط مدينة دبي النابض بالحياة وعجائبه المعمارية. سواء للعمل أو الترفيه، يعد داماك ميزون ديستنكشن الموقع المثالي، حيث يوفر للضيوف مجموعة متنوعة من خيارات تناول الطعام والترفيه والتسلية لاستكشافها في وسط مدينة دبي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

النتائج المتوقعة بعد الاجتماع العاصف بين ترامب وزيلينسكي

يشكّل الرابع والعشرون من فبراير/ شباط 2024، الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يُعدّ من منظور موسكو بمثابة معركة وجودية تتصل ببعدَين: أحدهما داخلي يتمثل في بقاء الدولة أو فنائها من الخارطة الجيوسياسية للعالم، وآخر دولي يرتبط بإمكانية عودتها-روسيا- للعب دور محوري في العلاقات الدولية كقوى كبرى، ومن ثم البناء على ذلك لإعادة مجدها كقوى عظمى.

بينما تُمثل للطرف الأورو- أميركي خطوة تأمينية لازمة لاستمرار بسط النفوذ والسيطرة التي امتدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا، مع الإقرار بوجود بعض التراجعات حول مستوى القبضة المفترضة على مفاصل النظام الدوليّ.

وبذلك يمكن النظر للصراع خارج سياق كونه صراعًا بين دولتين مدعومتين من طرفين مختلفين، إلى دائرة أوسع تتمثل في تحدي إقرار معادلة دولية جديدة تأخذ بعين اعتبارها كل المتغيرات التي أثرت بشكل كبير على قواعد النظام الدولي الأحادي الذي تمَّ بناؤه في العام 1945.

وبمجيء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تغيرت المقاربة الأميركية لملفّ الأزمة الأوكرانية بشكل مثّل قطيعة كاملة لتعاطي الإدارة السابقة، الأمر الذي يطرح عددًا من التساؤلات، والتي نحاول الإجابة عنها في هذا المقال، ومنها:

إعلان

ما هي التقاطعات الأمنية بين واشنطن وبروكسل؟ ما انعكاس التباينات القائمة بين الشريكين التقليديين على الأمن الأوروبي؟ ما هي طبيعة المكاسب التي أفرزها هذا الصراع بالنسبة للشرق الأوسط، وإلى أي مدى يمكن تطويرها واستدامتها؟ ما تأثير أي تسوية يتم التوصل إليها على مستقبل النظام الدولي؟

تقاطع الأجندات الغربية في كييف

ثمَّة تعقيدات جيوبوليتيكية فرضت نفسها على منطقة شرق أوروبا، والتي من بينها سقوط الاتحاد السوفياتي، مما دفع حلف "الناتو" للتمدّد شرقًا، فانضمّت جمهوريات: التشيك، والمجر، وبولندا، للحلف عام 1999، وبين عامَي 2004 و2009 انضمّ للحلف عدد تسع دول من شرق أوروبا، والتي شملت كلًا من: بلغاريا، إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، ألبانيا، كرواتيا، لتلحق بها بعد ذلك كل من الجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية، ليصبح إجمالي عدد الدول التي انضمت من 1999 إلى العام 2020 أربع عشرة دولة، تشكل ما يقارب نصف عدد الدول الأعضاء التي انضمت للحلف الذي تأسس عام 1949.

وبالتالي لم يعد متبقيًا من الدول العازلة بين روسيا و"الناتو" سوى بيلاروسيا وأوكرانيا، وترى روسيا أن انضمام هاتين الدولتين يعني تطويقها وإحكام عملية الخنق الجيوبوليتيكي المفضية لزوالها من الخارطة الجيوسياسية.

فروسيا تقاتل في هذه المعركة المفروضة عليها من قبل حلف "الناتو" بوصفها معركة وجودية لا تحتمل القسمة على اثنين، وهذا ما يُفسر جزءًا من تخلّيها عن دعم حليفها المعزول في سوريا بشار الأسد.

والأجندات الغربية في صعيدها الأميركي والأوروبي متفقة على تعزيز المكاسب الجيوبوليتيكية عبر خنق روسيا أكثر بضمّ أوكرانيا لحلف "الناتو".

وكانت هذه الرؤية محل اتفاق الشركاء الغربيين، خاصة على مستوى الإدارات الأميركية السابقة؛ بدءًا بإدارة أوباما، وإلى حد ما إدارة ترامب الأولى عام 2016، وانتهاءً بإدارة بايدن التي قدمت دعمًا سخيًا لكييف.

إعلان

ومثّل ذلك اتساقًا كاملًا بين الموقف الأوروبي والأميركي في هذا الإطار، ولكن الوافد الجديد للبيت الأبيض في العام 2025 كانت لديه رؤية مغايرة كليةً لمن سبقوه، ومتناقضة مع الموقف الأوروبي إلى حد التضاد.

فدونالد ترامب لا يرى في الحرب الأوكرانية مصلحة إستراتيجية أميركية، وتتسق رؤيته مع غلاة المتشددين من أنصار النظرية الواقعية الهجومية في العلاقات الدولية، والتي ترى أنّ أكبر الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها الولايات المتحدة هو دخولها فيما أسموه بالمستنقع الأوكراني، ويرون ضرورة أن تتفرغ واشنطن لمواجهة ومحاصرة خصمها الإستراتيجي الصين بدلًا من اللهث وراء مكاسب غير منظورة من تمدد "الناتو" في المحيط الحيوي لموسكو.

ولعل أُذن ترامب تبدو مصغية لهذا التوجه الواقعي، وذلك من خلال تبنّيه خطة تضع حدًا لهذه المعركة، حيث قام بالتواصل مع الرئيس بوتين بعد قطيعة فرضتها إدارة بايدن السابقة.

وتبدو دلالات التقاطع في رؤية واشنطن مع حلفائها واضحة من خلال عدم إشراك ترامب حلفاءَه الأوروبيين في المشاورات الدبلوماسية بقيادة ماركو روبيو وزير الخارجية الأميركي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف التي جرت بالعاصمة السعودية الرياض، ولا يبدو في الأُفق أي مؤشرات على إشراك بروكسل وحلف "الناتو" في هذه المساعي، ولعل المستغرب أنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس طرفًا هو الآخر.

ومن هنا تبدأ المخاوف الأوروبية في التعاظم، حيث تخشى أن تجد القارة العجوز نفسها طرفًا رئيسيًا في إدارة صراع كبير على أبوابها لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، خاصةً إذا ما توصل ترامب لاتفاق مع روسيا لا يضمن حماية كافية لأوكرانيا، وبالتالي لأوروبا ضد أي تهديدات روسية مستقبلًا.

وتعتبر أوروبا أن استجابة واشنطن لأهداف الكرملين في الحرب ستضر بمصداقية حلف الناتو، وتزعزع استقرارها. وما جرى من مشادة كلامية بين ترامب والرئيس الأوكراني في البيت الأبيض، عمّق المخاوف الأمنية لدى الأوروبيين.

إعلان

ولعل هذا الانكشاف الأمني الذي يمكن أن تتعرض له أوروبا الحليف التاريخي للولايات المتحدة يستدعي النظر المتعمق لمترتبات استمرار الحرب أو الوصول لتسوية في الملف الأوكراني على الشرق الأوسط.

التداعيات المحتملة لاجتماع البيت الأبيض

بداية يُمكن القول إنّ مسرح الاجتماع، قد أُعد بشكل مسبق ليقود إلى تلك اللحظة التي تعالت فيها الأصوات بين ترامب وزيلينسكي، والتي قُصد منها إحراج الضيف الأوكراني، ووضعه تحت الضغط؛ بغية الحصول على تنازلين رئيسيين:

الأول: هو حصول واشنطن على نصيب مقدر من الموارد الأوكرانية النادرة، والتي تقدر بمكاسب تتجاوز قيمتها الـ 500 مليار دولار، نظير الدعم الذي قُدم لها إبان الحرب.

والثاني: يرتبط بقبول كييف بتسوية لا تنطوي على أية ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، فتمَّ استفزاز زيلينسكي، بدءًا من انتقاد الزي الذي يرتديه، رغم رمزيته للشعب الأوكراني الذي يخوض حربًا قضت على الأخضر واليابس، مرورًا بتدخل نائب الرئيس الأميركي في سابقة غير متوقعة، وانتهاءً بتلويح ترامب للباب في إشارة واضحة بضرورة مغادرة الضيف للبيت الأبيض.

ويبدو أنّ ما جرى للرئيس الأوكراني يُعد امتدادًا حقيقيًا للأزمة القائمة بين الأوروبيين والولايات المتحدة في مقاربتهما للملفات الأمنية، والتي من بينها ملف حلف الناتو والأزمة الأوكرانية.

فترامب لديه حاليًا كروت ضغط كبيرة للغاية على كييف، والتي بإمكانها تغيير المعادلة، فواشنطن بإمكانها تجميد الدعم العسكري والفني الذي يحتاجه زيلينسكي للدفاع عن أراضيه كخطوة أولى.

أما الخطوة الثانية، فهي منع مبيعات السلاح الأميركي لأوكرانيا، وإنْ توفر تمويل أوروبي لها، فضلًا عن تجميد أميركا مشاركتها في الناتو للدفاع عن أوروبا في حال وجود أي تداعيات أمنية ناتجة عن تطور الأزمة بين موسكو وكييف، ويُعد ذلك كابوسًا أمنيًا غير محتمل للأوروبيين.

إعلان

ويمكن القول إنّ الاجتماع الفوضوي الذي تم بين الرئيسيين: الأميركي والأوكراني، ستكون له تداعيات محتملة، والتي من بينها خلق موقف أوروبي موحد داعم لأوكرانيا، وإن كانت كلفته الأمنية باهظة على القارة العجوز في غياب الضمانات الأمنية الأميركية لأمنها.

بجانب أنّ العالم ربما يشهد تعنتًا روسيًا غير مسبوق لجهة الشروط التي يمكن أن تفرضها موسكو لحل الأزمة مع أوكرانيا، فبوتين لم يكن يحلم أن يُكشف ظهر غريمه بالطريقة المذلة التي تمت بالأمس، وهي تُعطيه ضوءًا أخضرَ فحواه أنّ أوروبا فقدت حليفًا ظلت تراهن عليه لعقود في إطار معادلتها الأمنية.

والخلاصة في هذا الجانب، هي أنّ كل الطرق باتت تقود لتسوية غير مقبولة لكييف ولحلفائها الأوروبيين.

ولعل هذا الانكشاف الأمني الذي يمكن أن تتعرض له أوروبا الحليف التاريخي للولايات المتحدة، يستدعي النظر المتعمق لمترتبات استمرار الحرب، أو الوصول لتسوية في الملف الأوكراني على الشرق الأوسط.

التسوية المحتملة وانعكاساتها على الشرق الأوسط

كما هو معلوم أنّ الحرب في أوكرانيا، كان لها تأثيرات متباينة على دول المنطقة، خاصة فيما يتعلق بواردات الغذاء والطاقة، فالعديد من بلدان الشرق الأوسط تعتمد على القمح الوارد من أوكرانيا وروسيا.

وبطبيعة الحال فإنّ الحرب الدائرة بين كييف وموسكو قد أسهمت بشكل مباشر في إخراج الدولتين من معادلة تصدير الغذاء لدول الإقليم، الأمر الذي أحدث نوعًا من الضغط السياسي والاقتصادي الناتج عن ارتفاع أسعار الغذاء داخل بعض الدول.

والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أنّ أكثر من رُبع صادرات القمح العالمية، يأتي من روسيا وأوكرانيا، ووفقًا للمنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو)، تعتمد خمسون دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على القمح الروسي والأوكراني، أي بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة من واردات هذه الدول. في مقابل دول استفادت من ارتفاع أسعار النفط والغاز.

إعلان

وبنظرة تحليلية فاحصة لإمكانية تأثير التسوية المحتملة للأزمة الأوكرانية الروسية على منطقة الشرق الأوسط، يمكن القول إنّ أحد تمظهرات هذا التأثير، هو تعزيز الدور الجيوبوليتيكي الإقليمي والدولي لمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بمعطى الإمكانات المادية والثروات التي تتمتع بها، رغم التحديات السياسية والأمنية التي عاشتها المنطقة؛ بسبب مجموعة من العوامل التي شهدتها المنطقة مؤخرًا، بدءًا بجائحة كورونا، مرورًا بالحرب في السودان التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023، ثم أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في غزة إلى سقوط نظام الأسد.

فاختيار الرياض لتكون مسرحًا للقاء الرئيسين: الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لتسوية الأزمة الدائرة بين كييف، وموسكو يعضد فرضية عودة ووجود دور محوري قادم لمنطقة الشرق الأوسط.

فهامش المناورة الذي وفرته الأزمة الأوكرانية لكثير من القوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، والتي لم تقطع علاقاتها بموسكو رغم عمق تحالفاتها الإستراتيجية مع واشنطن، يُعد أمرًا قابلًا للاتساع والاستثمار الإيجابي لجهة تنويع شراكات مع قوى دولية خارج محيط المعسكر الرأسمالي الغربي، وتتوقف عملية الاستفادة من هذه الفرص على عاملين رئيسيين: العامل الأول هو وعي قيادات المنطقة بالمتغيرات الدولية الجديدة، والتي من بينها أنّ الولايات المتحدة نسخة 2025 تختلف عن تلك التي عرفها العالم عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، أما العامل الثاني فهو قليل من الجرأة وكثير من الإدراك بعناصر القوة المتوفرة لدى دول الإقليم.

ولعل الأمر الأكثر أهمية في هذا السياق، هو براغماتية الرئيس الأميركي الجديد، والذي ينظر للعالم باعتباره حسابًا بنكيًا يجب أن يغطي نفقاته اللامحدودة.

وبالتالي تُعد هذه المرحلة مهمة للغاية في تعزيز مكانة الشرق الأوسط الجيوسياسية، وإنجاز ما كان يُعتبر مستحيلًا من قبيل امتلاك التقانات النووية، وتوطين الصناعات الدفاعية، وتحقيق الاستقلال التكنولوجي المفضي لحجز كرسي دائم مع الكبار، وتفادي التراجع الإقليمي والدولي الذي بات مصيرًا تواجهه الكثير من القوى كالاتحاد الأوروبي، وحلف "الناتو"؛ بسبب إدارة ترامب ظهره لهم، فالشرق الأوسط يمكنه أن يكون من بين أكبر المستفيدين من المتغيرات المحتملة لأي تسوية قادمة على صعيد الأزمة الأوكرانية في إطار الصورة الكلية لمستقبل النظام الدولي، أو على أقل تقدير ما يمكن تسميته بترتيبات دولية جديدة. فالعالم بعد الأزمة الأوكرانية سيكون مختلفًا عما سبق من المنظور الجيوسياسي.

إعلان المشهد الجيوسياسي المتوقع بعد التسوية

ينظر الكثير من المراقبين للصراع في أوكرانيا باعتباره صراعًا بين إمبراطوريتين يتم فيه توظيف أقاليم بعينها لتحقيق مكاسب جيوسياسية، بيد أنّ المقاربة التي يتبناها دونالد ترامب تشكل تحديًا لهذا الافتراض، وذلك من واقع نظرته لهذه الحرب باعتبارها خطأ ما كان له أن يقع، وبالتالي هو لا يعتبرها حرب أميركا بقدر ما أنّها خطأ الإدارات الديمقراطية السابقة، واستمرت بدعم وتأييد أوروبيين.

وحسب المعلومات المتوفرة نجده يتجه لجعل أوكرانيا دولة محايدة، وربما منزوعة السلاح لديها القابلية على التعايش مع جارتها روسيا بدون أي تهديد آنيّ أو مستقبلي، وهو يضع نصب عينيه جائزتين كبيرتين، هما الموارد الكبيرة التي تتمتع بها كييف، وقد سبق له التصريح عن تلك الرغبة بشكل صريح، والثانية هي الاستفادة من الضعف والإنهاك الذي تسببت فيه الحرب لموسكو والتقارب معها لضرب شراكتها الاضطرارية مع بكين، وإبعادها عن الارتماء في أحضان شي جين بينغ.

وهو يستغل في ذلك مخاوف موسكو من تعاظم قوة الصين بحكم الجوار الجغرافي، ويسعى للاستجابة للمطالب الأمنية الروسية عبر تكسير حُلم كييف بالانضمام للناتو لإحداث نوع من التحييد طويل المدى من أي إمكانية لتحالف صيني روسي من قبيل ما جرى إبان الفترة السابقة.

وتظل قدرة واشنطن على إنجاز ذلك قابلة للاصطدام بأحلام بوتين الجيوبوليتيكية التي لا تقبل استمرار فرضية وجود دور مركزي للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في أن يضعوا شروط النظام الأمني الأوروبي دون تدخل موسكو.

ولعل تجاهل ترامب للقارة العجوز ربما شكّل عامل إغراء للكرملين بالاصطفاف مع واشنطن في إطار ترتيبات دولية وليس نظامًا دوليًا جديدًا يوفر قدرًا من الكبرياء المفقودة لموسكو.

على صعيد القارة الأوروبية فإنَّ تجاهل واشنطن لها على الصعيد السياسي والدفاعي سيدفعها في ثلاثة اتجاهات في إطار عملية التموضع الإستراتيجي المفترضة، نتيجة لأي تسوية محتملة بين موسكو وكييف.

إعلان

فالاتجاه الأول ينصرف لجهة تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، وذلك من خلال زيادة حجم الإنفاق العسكري، وتطوير الأبحاث التي تقوي الترابط بين الأبحاث المدنية وأبحاث الدفاع.

والاتجاه الثاني يرتبط بتقليل الاعتماد على روسيا فيما يتصل بتوفير احتياجاتها من الغاز والنفط عبر خلق مصادر بديلة.

أما الاتجاه الثالث، فهو العمل على بناء قاعدة اقتصادية ترتكز على تقوية السوق الأوروبية المشتركة، لتكون المحصلة النهائية أن أوروبا تتمتع بدرجة من الاستقلالية في تحديد وجهتها السياسية، الاقتصادية والدفاعية، ولديها الرغبة في الانفتاح الاقتصادي على الصين.

وفي منحى ذي صلة بالتموضعات المتوقعة كانعكاس للتسوية المحتملة، فإنّ مستقبل الصين في أي ترتيبات دولية سيكون محكومًا بقدرتها على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي، وإدارة علاقاتها مع القوى العالمية الأخرى.

فالصين لديها القدرة على أن تصبح قوة عظمى متعددة الأبعاد، لكنها تواجه أيضًا عقبات كبيرة قد تؤثر على مسارها المستقبلي، وتُمثل عملية عزلها عن التقارب مع موسكو، والعمل على تطويقها ضمن ما يعرف بإستراتيجية التوجّه نحو آسيا ضمن أهم المتغيرات التي ستحدد وبشكل رئيسي حجم ودور بكين في أي ترتيبات دولية قادمة بعد نهاية الأزمة الأوكرانية.

الخلاصة

ستمثل طبيعة وشكل التسوية التي ستنتهي إليها الأزمة الأوكرانية نقطة تحول في العلاقات الدولية، ويمكن القول إنّ مخرجات هذه النهاية ستنعكس على مختلف دول العالم، ولكن بشكل رئيسي دول الشرق الأوسط.

ومن هنا تأتي أهمية استثمار الفرص التي ستوفرها عملية إقرار تسوية سلمية للصراع بين موسكو وكييف لمصلحة بناء مواقف تفاوضية بنَّاءة تستند إلى وعي وإدراك كامل لعناصر القوة التي تمتلكها دول الإقليم، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تطوير هامش المناورة الذي تشكل لدول الإقليم إبان الأزمة من جهة، والعمل على التعاطي العلمي والمدروس مع ما يسمى في العلوم السياسية بالنسق العَقَدي للقادة، ونقصد هنا الرئيس دونالد ترامب وتصوراته ومنظومة تفكيره والبيئة المحيطة به لتطوير فهم أعمق يُمكّن دول المنطقة من تحقيق مكاسب إستراتيجية لم يكن متاحًا التفكير فيها من قبل كما تمّت الإشارة إليها في متن المقال.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • فندق فور سيزنز بالرياض يحتفل بشهر الخير بروح رمضان
  • "عمو فؤاد" في «رمضان المصري وأصحابه"على الشرق الأوسط
  • الصّدي عقد لقاءات مع البنك الدولي ومؤسسات دولية
  • واشنطن: مبعوث ترامب يعود للشرق الأوسط خلال أيام
  • ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط!؟
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
  • النتائج المتوقعة بعد الاجتماع العاصف بين ترامب وزيلينسكي
  • ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟
  • أفضل بوفيهات إفطار رمضان 2025 في الأردن