أذهلت النهاية السريعة لحُكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد الشعب الإيراني، الذي استعاد تطلّعاته المُستمرّة للإصلاحات، وتحسين مستوى المعيشة.

وحسب استطلاعات رأي فرنسية من الداخل الإيراني، تبدو الجمهورية الإيرانية، التي أصبحت معزولة على المستوى الإقليمي بعد أن فقدت حليفاً أساسياً في ما يُسمّى "محور المقاومة"، وضعفت اقتصادياً وما زالت متأثرة بالاحتجاجات الاجتماعية، تبدو أكثر عُرضة للخطر من أيّ وقت مضى.

La chute d’Assad vu d’Iran : «Tout le monde dans les rues parlait de la Syrie, c’était comme si un rêve avait repris vie»

L’effondrement du régime de Bachar al-Assad ravive l’espoir que le pouvoir des mollahs, affaibli, vacille à son tourhttps://t.co/KYnqUc0E98

— Libération (@libe) December 20, 2024 استعجال أمريكي

الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي كميل نيفو، يعتبر من جهته أنّ مصير إيران بات الآن في مرمى تهديدات الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب، فبعد انهيار حزب الله وسقوط الأسد، قد تُصبح طهران العضو التالي في "محور المقاومة"، المُعرّض للانهيار. وبرأي كثيرين فإنّ الطموحات بتغيير النظام الإيراني لم تعد مُجرّد سيناريو خيالي، بل حقيقة مُحتملة جداً.

وفي إشارة لجدّية فريق ترامب، فإنّه وبعد 3 أيام من سقوط الأسد، عُقد اجتماع في مجلس الشيوخ الأمريكي بحضور ممثلي المُعارضة الإيرانية، حذّر فيه السيناتور الجمهوري تيد كروز من أنّ "هناك تغيير في المشهد السياسي"، مُذكّراً بقيام ترامب، خلال فترة ولايته الأولى، بتخفيض إنتاج براميل النفط الإيرانية بشكل صارم، مُشدّداً العقوبات عليها بشكل غير مسبوق.

وتمّ هدر الكثير من الأموال الإيرانية في سوريا للحفاظ على نظام الأسد، فضلاً عن الخسائر البشرية. وتجد الجمهورية الإسلامية نفسها معزولة أكثر فأكثر.

وفي الداخل أيضاً، يتزايد الضغط على السلطات الإيرانية، حيث لم يتوقف المجتمع المدني عن الاحتجاج في السنوات الأخيرة.

وقال كروز "سنقطع موارد هذا النظام القاسي والقمعي"، وسوف نُجبر طهران على "إيقاف مراكز الأبحاث النووية"، و"وقف إنتاجها النفطي"، مؤكداً أنّ "آية الله يشعر بالذعر، لأنّ دخل نظامه على وشك التلاشي"، ولذلك فإنّ إيران ضعيفة، وهي خائفة، وربما ستُفاجئ سرعة التغيير الكثيرين.

Après la chute de Bachar al-Assad en Syrie, l’Iran face à un possible effet dominohttps://t.co/ECBUZNj7Lk

— Libération (@libe) December 19, 2024 قلق وتفاؤل

ويتردد صدى حلم وقوع حدث مماثل لما حصل في سوريا لدى العديد من الإيرانيين، ويُثير الأمل والخوف معاً، الأمل بإضعاف النظام الحاكم والخوف من تداعياته الاقتصادية.

وفي هذا الصدد تنقل يومية "ليبراسيون" الفرنسية عن أشكان، وهو مدرس من طهران، وصفه ليلة 8 ديسمبر (كانون الأول) بأنّها لحظة بالغة الأهمية في بلاده أيضاً "ربما في يوم من الأيام ستُسمع مثل صرخة التحرر هذه في إيران أيضاً".

أما مجتبى، وهو طالب جامعي فيوضح "كان الجميع في شوارع طهران يتحدثون عن سوريا. كان الأمر كما لو أن الحلم قد عاد إلى الحياة، نفس الحلم الذي عاد إلى الظهور خلال احتجاجات (المرأة، الحياة، الحرية) في إيران منذ عام 2022".

ويُثير سقوط الأسد قلق إيرانيين آخرين، من زوايا مختلفة، وخاصة من أنصار الحكومة وإيديولوجية "محور المقاومة" هذا التحالف الذي أصبح اليوم ضعيفاً جداً، فيما تتزايد الشكوك حول قوة إيران العسكرية ومشروعية خطابها، وتُطرح التساؤلات حول "ماذا سيحدث لحزب الله الآن بعد سقوط الأسد".

La chute d’Assad vu d’Iran : «Tout le monde dans les rues parlait de la Syrie, c’était comme si un rêve avait repris vie» https://t.co/SmIyFkxQAo

— Le Miroir Persan (@Lemiroirpersan) December 20, 2024 حذر من الثورات 

بالمُقابل تنقل مراسلة "ليبراسيون" في طهران، ديوان شيرازي، عن مواطنين إيرانيين قولهم إنّ الأحداث في سوريا ذكّرتهم بثورة 1979 ووعودها التي لم يتم الوفاء بها. فأحد المخاوف الرئيسية هو أنّ سوريا سوف تتبع مسار إيران مع وصول نظام إسلاموي إلى السلطة وتقييد الحريات المدنية، حسب وصفهم.

وتؤكد روشاناك، وهي طبيبة تبلغ 63 عاماً: "إنها تجربة مريرة عشناها بالفعل" موضحة "في اليوم الذي انتصرت فيه الثورة في إيران، كنا سعداء بنفس القدر. لقد اعتقدنا أنّه من خلال الإطاحة بزعيم قمعي، سنحقق الحرية في النهاية. لكنّ الفرحة لم تدم طويلاً. ولم نفهم أنه تحت ستار تطبيق المبادئ الإسلامية، كانت تنتظرنا سنوات من قمع الحقوق المدنية".

وتابعت أنّه "لعقود من الزمن، لا زالت السلطات الإيرانية تتشبث بخطابها الثوري لتقييد الحريات الفردية".

L’effondrement économique en Iran devient une crise de sécurité pour le régime clérical https://t.co/kbKeUA6DHF

— CNRI-France (@CNRIFrance) December 24, 2024 اقتصاد على وشك الموت

كما كان ردّ فعل العديد من الإيرانيين غاضباً، حيث سلطوا الضوء على التكاليف الباهظة لتدخل إيران في سوريا في الوقت الذي تُعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة، مُستنكرين حجة طهران في الدفاع عن أماكن مُقدّسة، مما كلّف إيران مليارات الدولارات وتسبب في مقتل وتشريد ملايين السوريين.

وبالنسبة لرجال أعمال إيرانيين فإنّ سقوط الأسد سيكون له أيضاً عواقب اقتصادية خطيرة على طهران، والأمر لا يقتصر على الأموال المفقودة في الحرب السورية، ولكن التساؤلات اليوم حول ماذا سيحدث للاستثمارات التي لا تزال إيران تمتلكها في سوريا؟ فخسارة عشرات المليارات من الدولارات ستكون بمثابة ضربة موجعة لاقتصاد أصبح بالفعل على وشك الموت، فالتضخم يتجاوز 50%، والعملة الوطنية تنهار، والمدخرات تختفي، ويستمر انقطاع التيار الكهربائي، فضلاً عن نقص في إمدادات الغاز.

L'Iran, état failli. C'est le sort de tous les pays qui dépensent leurs ressources en surarmement.

Malgré son potentiel de producteur majeur de pétrole et de gaz, l'iran des mollahs connait une crise énergétique sans précédant.
"Les administrations, les écoles et les ...⬇️ pic.twitter.com/b0lq8CabW7

— D Mionnet (@geopolitis) December 19, 2024

بالمُقابل يرى آخرون بصيصاً من الأمل مع اختفاء الأسد، إذ سوف تتضاءل قوة إيران الإقليمية إلى حدّ كبير. ولعلّ هذا التغيير برأيهم سيُجبر الحكومة أخيراً على الاعتراف بإخفاقاتها، والتركيز على تحسين الوضع الداخلي وإنعاش الاقتصاد المُنهار. ويُشكّل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش للغاية في إيران، مصدراً لا يُستهان به للسخط، ومظالم الشعب كثيرة.

ويرى محللون فرنسيون أنّ الحالة النفسية للمُجتمع الإيراني باتت سيئة جداً، لدرجة أنّ الناشط والسجين السابق حسين رزاق، خلص إلى أنّ أدنى شرارة، مثل وفاة خامنئي أو أيّ انتكاسة كبيرة أخرى، يُمكن أن تكون إشارة إلى بداية نهاية النظام الإيراني. فيما بات العديد من مؤيدي هذا النظام اليوم يتساءلون عمّا إذا كانت بلادهم نفسها على حافة الانهيار.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات إيران سقوط الأسد سوريا سقوط الأسد ترامب عودة ترامب إيران سوريا سقوط الأسد فی سوریا فی إیران

إقرأ أيضاً:

تعليق الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا

24 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: أفادت وسائل إعلام إيرانية الثلاثاء، بأنّ الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا ستظلّ معلّقة حتى أواخر كانون الثاني/يناير، وذلك في أعقاب سقوط بشار الأسد حليف طهران.

ونقلت وكالة أنباء “إيسنا” عن رئيس منظمة الطيران المدني حسين بورفرزانة قوله “من أجل السفر إلى بلد ما، يتعيّن على بلد الوجهة أن يمنح تصاريح دخول وقبول”.

وأضاف “حاليا، لن يُسمح بالرحلات إلى سوريا قبل 22 كانون الثاني/يناير، أي بعد عطلة رأس السنة الميلادية”.

وليس من الواضح متى أوقفت إيران رحلاتها إلى سوريا.

وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر مع دخول فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع دمشق.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست: مسيحيو سوريا بين فرحة سقوط الأسد وقلق المستقبل
  • سوريا تحذّر إيران بعد تصريحات خامنئي
  • وزير الخارجية السوري يحذر إيران من بث الفوضى في بلاده
  • FA: سقوط الأسد نكسة استراتيجية لإيران
  • معقل الأسد في سوريا يستعد للحياة بعد سقوط النظام
  • إيران …بدء محادثات لإعادة السفارة في سوريا
  • الفنانة يارا صبري وزوجها يعودان إلى سوريا بعد سقوط الأسد (شاهد)
  • تعليق الرحلات الجوية الإيرانية إلى سوريا
  • طهران: سوريا علقت الرحلات الجوية الإيرانية حتى 22 يناير