عام الأحداث السياسية الكبرى.. موريتانيا في قلب الاستقطاب الدولي
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
عرفت موريتانيا خلال الأشهر الأخيرة، تطورات وأحداث سياسية، بارزة، جعلت مراقبين يعتبرون العام 2024 عام الأحداث السياسية الكبرى في البلد.
فالإضافة للأحداث السياسية المحلية ومن بينها الانتخابات الرئاسية، فقد تولت موريتانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، فيما كان لافتا حجم الاهتمام الدولي والإقليمي بهذا البلد العربي الواقع في غرب إفريقيا والبالغ عدد سكانه نحو خمسة ملايين نسمة.
انتخابات رئاسية أثارت الجدل
ومن أبرز الأحداث التي شغلت الرأي العام الموريتاني في 2024 الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني بولاية رئاسية ثانية مدتها خمس سنوات.
هذه الانتخابات أثارت جدلا واسعا في البلاد بعد أن وصفها مرشح المعارضة الرئيسي بيرام الداه اعبيد بأنها مزورة ورفض الاعتراف بنتائجها، ما تسبب في خروج مظاهرات واسعة في عدد من مدن البلاد.
وقد رافقت تلك الاحتجاجات أعمال شغب تصدت لها الشرطة، وأسفرت عن مقتل ثلاثة متظاهرين بمدينة كيهيدي جنوب البلاد.
وفي محاولة منها للسيطرة على أعمال الشغب التي اندلعت بمدن في البلاد، حينها قطعت السلطات خدمة الأنترنت في جميع أنحاء البلاد.
لكن سرعان ما عاد الهدوء إلى البلاد، لتعلن الحكومة بعد ذلك بأشهر عن عزمها تنظيم حوار سياسي بين مختلف الأطراف السياسية في البلاد، يتوقع أن يبدأ مطلع العام القادم.
أطول محاكمة بتاريخ البلد
كما انشغل الموريتانيون أيضا بتفاصيل محاكمة الرئيس السابق
، حيث تواصل محكمة الاستئناف في العاصمة نواكشوط محاكمة المتهمين في الملف المعروف بـ"ملف فساد العشرية" أي العشر سنوات التي أمضاها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في السلطة.
ويتهم في الملف إلى جانب الرئيس السابق عدد من أركان حكمه بينهم رؤساء حكومات ووزراء سابقون ورجال أعمال.
وشكلت الإفادات التي يدلي بها ولد عبد العزيز أمام المحاكمة بشكل شبه يومي مادة للتداول في الإعلام المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي، فيما يتابع الرأي العام تفاصيل تلك الإفادات التي تتحدث عن فترة حكمة الرئيس السابق.
في المقابل يستمر السجال القانوني بشأن محاكمة الرئيس السابق بين المحامين، خصوصا فريق الدفاع عن المتهمين، وهيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية.
ومن أبرز التهم الموجهة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأركان حكمه في "ملف العشرية" "غسيل الأموال والإثراء غير المشروع ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، والإضرار بمصالح الدولة" وهي التهم التي ينفيها المشمولون في الملف.
وجمدت السلطات حتى اليوم 41 مليار أوقية (أكثر من 100 مليون دولار)، في إطار القضية، أكثر من نصفها من ممتلكات ولد عبد العزيز وأفراد عائلته، بحسب وسائل إعلام محلية.
رئاسة الاتحاد الإفريقي
ومع بداية العام 2024 تسلمت موريتانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي، ما جعل نواكشوط تستضيف العديد من الاجتماعات الإفريقية، كان آخرها اجتماع بشأن السودان غابت عنه أطراف الأزمة وحضرته العديد من الدول والهيئات والمنظمات الدولية، غير أنه لم يفض إلى حل ينهي الاقتتال بالسودان.
وبحكم رئاسته للاتحاد الإفريقي شارك الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في العديد من القمم والاجتماعات الدولية.
لكن تعدد أسافر الغزواني أثار جدلا في بلاده، حيث اعتبر البعض أن انشغالاته بالشأن الإفريقي أثرت بشكل كبير على تسيير الشأن المحلي.
سباق لكسب ود موريتانيا
وكانت الأسابيع الأخيرة من العام 2024 حافلة بالتطورات الإقليمية إذ أدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارة لموريتانيا هي الأولى لرئيس جزائري لنواكشوط.
وقد أثارت هذه الزيارة تفاعلا واسعا، رغم أنها تأتي في إطار مشاركته في مؤتمر إقليمي بنواكشوط.
ورأت الصحافة الجزائرية أن هذه الزيارة تدشن مرحلة جديدة في العلاقات بين موريتانيا والجزائر، مبرزة أهمية موريتانيا الاستراتيجية بالنسبة للجزائر.
لكن بعد أيام قليلة من زيارة تبون لنواكشوط، حطت طائرة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في الرباط بالمغرب، ليكون بذلك أول رئيس موريتاني يزور المغرب منذ سنوات.
ورغم أن الزيارة كانت بهدف الاطمئنان على زوجته مريم فاضل الداه التي خضعت لعملية جراحية بأحد مستشفيات المغرب، إلا أن الزيارة قوبلت باحتفاء كبير، حيث استقبل ملك المغرب محمد السادس الغزواني بالقصر الملكي في الدار البيضاء.
من جهتها اعتبرت الصحافة المغربية الزيارة بأنها تعكس رغبة موريتانيا في تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع المغرب، معتبرة أنها بمثابة "ضربة لجهود الجزائر في إبعاد نواكشوط عن الرباط".
اهتمام أوروبي لافت
وكان لافتا خلال العام 2024 حجم الاهتمام الأوروبي المتزايد بموريتانيا، حيث توافد العديد من المسؤولين الأوروبيين إلى نواكشوط في زيارات يرى متابعون أنها تعكس حجم الرغبة الأوروبية في إبعاد موريتانيا عن "شبح التمدد الروسي في منطقة الساحل الإفريقي".
فخلال الأشهر الأخيرة زار نواكشوط رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ثم توالت بعد ذلك زيارات المسؤولين الأوربيين، وكان آخرها زيارة مفوض الشراكات الدولية بالاتحاد الأوروبي جوزيف سيكيلا.
ومطلع شباط/فبراير الماضي أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدات لموريتانيا بقيمة 522 مليون يورو.
وفي كانون الأول/ديسمبر الجاري أعلن الاتحاد الأوروبي عن منحة لموريتانيا بقيمة 100 مليون أورو لتعزيز التنمية المحلية.
وازداد الاهتمام الأوروبي بموريتانيا مع تفاقم حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، في وقت لم يعد لأوروبا حضور يذكر في ثلاثة من بلدان الساحل هي بوركينا فاسو والنيجر ومالي.
وطردت هذه البلدان الثلاثة القوات الفرنسية من أراضيها، وانسحبت بشكل كامل من مجموعة دول الساحل الخمس، ومن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)
ويرى متابعون أن هذا الاهتمام يأتي للحفاظ على حضور في المنطقة وعدم تركها للمعسكر الروسي الصيني، وسط خريطة جديدة تتشكل في المنطقة.
وينظر الاوربيون باهتمام إلى الأهمية الاستراتيجية لموريتانيا التي تمتلك شواطئ ممتدة حتى إسبانيا.
أولى شحنات الغاز
وتترقب موريتانيا مطلع العام 2025 تصدير أولى شحنات الغاز من حقل "احميم" المشترك مع جارتها السنغال، لتدخل بذلك نادي الدول المصدرة للغاز.
احتياطات الغاز المكتشف في البلاد تقدر بأكثر من 100 تريليون قدم مكعب، من ضمنها احتياطات حقل "السلحفاة" المشترك مع السنغال.
وتقول الحكومة الموريتانية، إنها أكملت مخططات استغلال حقولها الخالصة من الغاز.
وانضمت موريتانيا رسميا شباط/فبراير الماضي إلى منتدى الدول المصدرة للغاز لتصبح العضو رقم 13 في هذه المنظمة.
ويضم المنتدى حاليًا: الجزائر، ومصر، ليبيا، قطر، الإمارات، موريتانيا، إيران، روسيا، بوليفيا، فنزويلا، نيجيريا، غينيا الاستوائية، ترينيداد وتوباجو. إضافة إلى 6 دول مراقبة هي: أنجولا، أذربيجان، العراق، ماليزيا، موزمبيق، بيرو.
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تسهم عائدات ثروة البلاد من الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية، وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل، إذ تبلغ نسبة البطالة 30 بالمئة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية موريتانيا الغزواني محمد ولد عبد العزيز تبون الغاز الغاز موريتانيا محمد ولد عبد العزيز تبون الغزواني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولد عبد العزیز الرئیس السابق العدید من فی البلاد العام 2024 محمد ولد
إقرأ أيضاً:
إزفيستيا: كيف ستتطور الأحداث في الشرق الأوسط خلال العام المقبل؟
يرى الخبير الروسي إيليا فيدينيف أن التغييرات الجذرية والمفاجئة التي شهدها الشرق الأوسط بنهاية عام 2024 تفرض مراجعة شاملة للتوقعات بشأن التطورات التي قد تشهدها المنطقة في العام الجديد.
وقال فيدينيف الأستاذ في الجامعة المالية التابعة لحكومة روسيا الاتحادية في مقال نشرته صحيفة "إزفيستيا" إن عام 2024 لم يكن استثناء في منطقة الشرق الأوسط، فهي منطقة تتسم بالاضطرابات والأحداث المأساوية والتطورات المتسارعة، مما يجعل من الصعب توقع ما سيجري بها بالنسبة لأي مراقب من خارجها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست تكشف تفاصيل عن برنامج أوكرانيا السري لإنتاج الصواريخlist 2 of 2صحف عالمية: صواريخ الحوثيين تخلف آثارا عميقة على إسرائيلend of listواعتبر الكاتب أن شكل المنطقة في المستقبل القريب يرتبط أساسا بتطور الأحداث في سوريا وسيناريوهات حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هناك صلة وثيقة بين الساحتين.
تطورات سورياوحسب الكاتب، فقد بدا الوضع مستقرا على الساحة السورية، قبل أن ينفجر بين عشية وضحاها وتصبح السلطة بيد فصائل المعارضة المسلحة، وعلى رأسها الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام.
ورغم إعلان السلطات الجديدة في سوريا ممثلة بزعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع نيتها الحفاظ على العلاقات مع روسيا فإن الوجود الروسي في سوريا أصبح موضع شك، ولا سيما في ظل ولاء السلطات الجديدة بدمشق لتركيا، وما يعنيه ذلك من نفوذ يخول لأنقرة الضغط على روسيا في ملف القواعد العسكرية، حسب تعبير الكاتب.
إعلانوأضاف أن الأحداث التي عاشتها سوريا مؤخرا فتحت الباب للعديد من التكهنات، من بينها إمكانية إنشاء قاعدة بحرية روسية جديدة في شرق ليبيا، وهو ما نفاه الخبراء العسكريون الروس، مشيرين إلى إمكانية حضور الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط دون قواعد عسكرية كما كان الحال خلال الحقبة السوفياتية.
تقاسم السلطة في سوريا
وبشأن الانتخابات المتوقعة في سوريا في مارس/آذار 2025، يرى الكاتب أن المسألة تتعلق أساسا بتقاسم السلطة بين الفصائل المشاركة في الإطاحة بالنظام السابق، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري.
وأوضح أن التنظيمين يمثلان نوعا من "الكيانات الشاملة" المتباينة في توجهاتها الأيديولوجية والدول التي تدعمها، مما يعني أن الرؤية لمستقبل سوريا متباينة بينهما تماما.
هذا الوضع يفرض على الشرع -وفقا للكاتب- الموازنة بين الفصائل المختلفة لتعزيز نفوذه داخل البلاد وتوسيع "مساحة المناورة" في علاقاته مع الأطراف الدولية المؤثرة، مضيفا أن وضع الأقليات والسيطرة على المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى يشكلان اختبارا حاسما للحكومة الجديدة.
واعتبر الكاتب أنه من الصعب التأكد من صدق نوايا السلطات الجديدة رغم أن الشرع قدّم نفسه لوسائل الإعلام العالمية كإسلامي معتدل، إذ إن القوى التي استولت على السلطة في دمشق قد تضم بعض "المتطرفين" الذين يمكن أن يدفعوا الشرع إلى تبني سياسات راديكالية.
خسائر محور المقاومة
وتابع الكاتب أن روسيا لم تكن الخاسر الوحيد بسقوط نظام الأسد، إذ تكبدت إيران بدورها خسائر كبيرة، حيث استثمرت الكثير في سوريا ضمن إستراتيجيتها الإقليمية المعروفة بـ"محور المقاومة"، والتي تهدف إلى تطويق إسرائيل من الشمال عبر حزب الله في لبنان ومن الجنوب عبر الحوثيين في اليمن.
وأوضح أنه ضمن مساعي طهران لتجنب الصدام المباشر مع إسرائيل دعمت مليشيات ومنظمات شيعية موالية لها، واستخدمت سوريا كجسر بري لإمداد حزب الله اللبناني، لكن هذا الجسر دُمر وبات من الصعب تزويد الحزب بأي نوع من الأسلحة.
إعلانكما تكبد محور المقاومة خسائر فادحة بعد اغتيال قيادات حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لينتهي عام 2024 بتغير في ميزان القوى بالمنطقة لا يخدم بتاتا مصالح إيران.
وأضاف الكاتب أن إسرائيل تمكنت في المقابل من توسيع "مجال سيطرتها" في جنوب سوريا، وتحديدا في مرتفعات الجولان، مما يهدد بتقسيم البلاد وينذر بفشل الحكومة الجديدة في الحفاظ على السلطة.
هدنة متوقعة بين إسرائيل وحماسوعلى صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال الكاتب إن إسرائيل وحماس تقتربان من التوصل إلى تسوية جديدة تزامنا مع الضربات التي تلقاها محور المقاومة واتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان.
واستبعد الكاتب أن يشهد العام المقبل حلا نهائيا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنه رجح أن يتقلص منسوب التوتر في المنطقة بعد توقيع اتفاقات الهدنة.