أفادت مصادر حقوقية، الأربعاء، بأن مسؤولاً حوثياً أقدم على إغلاق مدرستين لتحفيظ القرآن الكريم في محافظة إب (وسط اليمن) وحولهما إلى مساكن خاصة لمسلحي المليشيا.

وأوضحت المصادر لوكالة خبر، أن مدير المركز التعليمي في مديرية القفر بمحافظة إب، المدعو حارث النويرة، المعين من قبل القيادي الحوثي أبو الحسن القحيف، أقدم على إغلاق مدرستين لتحفيظ القرآن الكريم للنساء وتحويلهما إلى ثكنات ومساكن خاصة للمسلحين التابعين للمليشيا.

ووفقاً للمصادر، أُغلقت مدرسة تحفيظ القرآن في الجامع الكبير بمنطقة رحاب بمركز المديرية، حيث تمت مصادرة محتوياتها بالكامل وتحويلها إلى مقر إقامة لعناصر مسلحة. كما شهد مسجد الصهباني الواقع تحت فرزة رحاب القفر إغلاق مدرسة تحفيظ أخرى، ومنع الطالبات من مواصلة الدراسة فيه.

يأتي ذلك ضمن سلسلة من الانتهاكات التي طالت المؤسسات التعليمية والدينية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب).

وشهدت محافظة إب في السنوات الأخيرة تصعيداً حوثياً استهدف المناهج الدينية والمؤسسات التعليمية، مع فرض توجهات طائفية تخدم أجندتهم السياسية.

وأثارت هذه الممارسات موجة انتقادات من الأهالي والناشطين الذين وصفوها بأنها تدمير للهوية الثقافية والدينية للمجتمع اليمني.

وطالب الأهالي والمنظمات الحقوقية المحلية بإعادة فتح المدارس وإعادة محتوياتها، مؤكدين أن هذه الممارسات تُعد انتهاكاً صارخاً للحق في التعليم وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

 

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

مدارس القرآن معاقل للعلم وصانعة للأجيال

في قلب سلطنة عمان تتجلى مدارس القرآن كأبراج نور تضيء دروب المعرفة والإيمان، حيث تنسج بين جدرانها خيوط القيم الإسلامية التي تُعزز من نسيج المجتمع العماني، وهي ليست مجرد مدارس تُعلم الحروف وترسخ الآيات، بل هي معاقل للعلم تُبث فيها روح الوعي والثقافة، وتصقل فيها شخصيات النشء بأخلاق نبيلة تعكس جوهر الإسلام. على مر العصور، كانت مدارس القرآن بمثابة بساتين تُزرع فيها بذور المعرفة، تُثمر أجيالا متعلمة قادرة على مواجهة تحديات الزمان. فهي تحمي المجتمع من الأفكار المتطرفة، وتدعو إلى الحوار والتفاهم، لتظل دوما منارة تنير النفوس وتوجههم نحو آفاق أرحب. «عمان» سلطت الضوء على دور مدارس القرآن في مختلف المحافظات في رسم ملامح حاضر مشرق ومستقبل واعد.

تطوير مدارس القران

تحدث في البداية الشيخ سعيد بن هلال الشرياني إمام وخطيب في ولاية نزوى بقوله: «كانت تسمى المدارس القرآنية المنتشرة في كل مكان من ربوع هذا الوطن سابقًا بالكتاتيب، وقد أدرك العمانيون باكرًا أن النشء تربيته في ظلال القرآن هو الحارس الأمين وهو السد المنيع الذي يجسد تلك الصورة الجميلة للإنسان العماني المسلم المرتبط أصلا وفصلا بكل شبر بعمان، وهو يحمل أخلاقا عالية تشرّبها منذ صغره في حلقات القرآن الكريم ومن محيطه الأسري، مؤكدًا أن الإيمان العميق بأهمية مدارس القرآن الكريم هو الذي ضاعف من انتشارها؛ فبذل لها المجتمع مالًا كثيرًا يضمن بقاءها واستمرار عطائها ودورها، نجد ذلك ماثلا في كثرة المواقيف التي يذهب ريعها لبناء المدارس القرآنية ولصيانتها ولكي تغطي أجرة المتعلمين فيها سواء كانوا رجالًا أم نساء بل وجدت الكثير من المواقيف يذهب ريعها للطلبة ومن في حكمهم تشجيعا وتحبيبًا لهم ودفعهم للتواصل مع معلميهم في حلق الذكر وقراءة القرآن الكريم، ومن هنا ندرك حقا أن إعداد النشء وتربيته تربية إيمانية وخلقية وتأهيله ليكون صالحا نافعا لدينه ووطنه يكمن في تلك المنظومة المتكاملة التي تقدمها هذه المدارس من تعليم للقرآن الكريم وغرس للقيم والأخلاق العالية وتعزيز للوازع الديني الذي يبنى على الفهم الصحيح لمراد الله بما في كتابه، وقد ظلت هذه المدارس القرآنية لفترات طويلة الشريان المغذي للمبادئ والقيم والجرعة الأهم التي تدفع الجميع لكل خير فقد أدت دورها المجتمعي على أكمل وجه وفي أكمل صورة فتخرّج من بين جدرانها هامات وقامات كبيرة من رجال العلم ورواد الفكر والحفظة لكتاب الله والمؤلفين والكتاب والقادة والساسة والمربين حماة الحق وبناة الأوطان». وقال الشرياني: «لعل من أسباب تراجع دورها اليوم هو النقلة الكبيرة التي أفرزتها حضارة اليوم والتغيرات السريعة المتتالية التي طرأت على واقع مجتمعاتنا والنمط العصري الحديث الذي أدخل على المدارس وطرق التعليم المختلفة وعامل الوقت الذي غير وقت التعليم ورسم له أوقاتا تختلف عن السابق ومناهج التدريس المختلفة وطرق التدريس وما تتطلبه مفرزات العصر من تخصصات شتى فأثر كل ذلك على اهتمام الأسر بالدفع بأبنائهم لهذه المدارس والحلقات والتي قلت في الواقع فظلت محصورة في أماكن معينة وبنسب متفاوتة في قضية الإقبال عليها».

وأفاد بأن «إدراك الناس ووعيهم بأهمية إحياء المدارس القرانية مجددًا أمر مهم لما تمثله من دور في تعزيز القيم الدينية والجوانب الأخلاقية لأبنائهم، خاصة في فترة إجازة الصيف والإجازة الموسمية للطلبة حيث الإقبال الكبير على المراكز الصيفية التي تنتشر انتشارًا واسعا ولعل القائمين عليها بما يقدمونه من منهجيه وتنظيم وتنويع في التعليم وتعزيز للطلبة بالمسابقات والبرامج الهادفة كالرحلات والأنشطة الرياضية والسفر عامل كبير ساهم في حراكها وعودتها من جديد مع بقائها محافظة على دورها الرئيس وهو تحفيظ القرآن الكريم وتعليم العلوم الشرعية».

مضيفًا: تطوير مدارس القران أصبح ضروريًا في الوقت الراهن لتلبية احتياجات الطلبة والعصر، مع الحفاظ على هويتها الدينية، وذلك من خلال إدخال أدوات التعليم الجديدة ورفد كوادرها بالدورات التدريبية والخبرات العلمية التي تؤهلهم بكيفية التعامل مع النشء وما تتطلبه التربية المعاصرة، واتباع طرق تدريس محببة.

تجهيز مدارس القرآن

أما ثريا بنت سعود النبهانية رئيسة مركز التعليم والإرشاد النسوي بمحافظة الداخلية فتقول: «تقوم مدارس القرآن الكريم بدور مهم في إعداد النشء من الناحية الأخلاقية والدينية، وتعد المؤسسة التي يتعلم فيها النشء القرآن الكريم وعلومه المرتبطة به حيث تقوم بدورها في إخراج جيل متقن لتلاوة القرآن وحفظه وتدبره كما أنها تحرص على ترسيخ العقيدة الصحيحة التي تحمي النشء من التأثر بالتيارات الفكرية التي لا تنسجم مع تعاليم الدين الحنيف».

وقالت: إن «اهتمام الأسر يختلف من مجتمع لآخر وهذا يعود لاختلاف ثقافة المجتمع وإدراكه لأهمية هذا الكتاب العظيم في تربية النشء، كما يعتمد ذلك على وعي وحرص الوالدين وإدراكهم لأهمية تعلّم أبنائهم القرآن الكريم باعتباره المصدر الأول للحصانة من التيارات الفكرية، ففي محافظة الداخلية ثمة مدارس يرتادها المئات من الطلبة وهناك أخرى تعاني عدم الإقبال عليها ويعود الأمر لعدة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر عدم وعي المجتمع بأهمية تعلم القرآن الكريم، والعادات والتقاليد وكثافة المناهج الدراسية والمهام الدراسية التي تأخذ كل وقت الطالب إضافة إلى طول اليوم الدراسي في مدارس التربية والتعليم وعودة الطالب لاستكمال مهامه الدراسية فلا يجد وقتا لارتياد مدارس القرآن الكريم كما يعود السبب في بعض المجتمعات لعدم توفر مدارس قرآن كريم أو عدم توفر معلمي القرآن الكريم.

وتناولت النبهانية البرامج التدريسية المرافقة لتحفيظ وتلاوة القرآن ومن بينها برامج تحفيظ القرآن الكريم وتثبيته بطرق متنوعة وتعليم التجويد وأحكام التلاوة والتفسير المبسط وتدبر الآيات إضافة إلى الفقه المبسط والسيرة النبوية وكذلك الفضائل والأخلاق الإسلامية وأسماء الله الحسنى وتدبرها كما أن هناك دروسا في المتون مثل تحفة الأطفال والجزرية والقاعدة القرآنية والنورانية.

وعن حاجة مدارس القرآن للتطوير أفادت النبهانية بأنه من المهم النظر في تجهيز مدارس القرآن الكريم لتكون بيئة تعليمية تربوية ملائمة ومنسجمة مع التقدم الذي تشهده مؤسسات التعليم ودعمها ماديا ومعنويًا والعمل على إيجاد لائحة تنظيمية وخطط ومناهج واضحة تسير عليها، كذلك التوسع إعلاميا في توجيه المجتمع بأهمية مدارس القرآن الكريم والتعاون بين جميع مؤسسات الدولة لجعل القرآن الكريم وتعليمه أساسا مهما ومادة أساسية يدرسها الطالب؛ كذلك تزويد المجتمع بكادر مؤهل لتدريس القرآن الكريم تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وإقامة مسابقات وبرامج لتأهيل الحفظة وإعدادهم للمشاركة في المسابقات المحلية والإقليمية.

ذكريات من حلقات القرآن

ويضيف مصعب بن خميس الشكيلي من ولاية عبري: «كنا نذهب في إجازة الصيف إلى المسجد لنتعلم ولنحفظ القرآن الكريم فيقسموننا إلى مجموعات في حلقات دائرية تصل إلى خمس أو ست تبعًا للعمر، كنا نردد آيات القرآن فيضج المسجد بأصوات الأطفال ضجيجًا لا يفهمه السامع، ولكن يفهمه الله ويحبه الملأ الأعلى، كنا نردد الآيات ونكررها، ويتخلل ذلك مسابقات وتعليمات وإرشادات وتوجيهات ساهمت في صناعة الرجال».

ويردف حديثه: «تعلمنا الوضوء والصلاة والصيام، وأذكر أننا تناقشنا في بقعة دم وجدتها في ثوبي وكنت أهمّ بالصلاة فقال أحدهم لي: لا تجوز الصلاة فالدم نجاسة، ولكن هناك مخرج هو أن يغسل البقعة امرؤ آخر غير متوضئ»، نقاش مثل هذا لا تسمعه في الجيل الحالي، وليس هذا لقلة مدارس القرآن، فالمدارس اليوم كثيرة ومختصة، والجوائز جزيلة، والمعلمون أكثر علما، ولكن انصرف اهتمام الناس -إلا من رحم الله- إلى غير مدارس القرآن، انصرفوا إلى العلم الطبيعي، والعلم التجريبي، واهتم الأهل بمستوى التعليم وإلى ما يملأ سوق العمل أكثر من اهتمامهم بالدين والأخلاق، يؤسسون الطفل على ذلك، ناهيك عن الشغل الذي تقوم به التكنولوجيا في تشكيل عقل الصغار وتكوين ثقافتهم، فليست المفارقة بين مدارس القرآن قديما وحديثا، ولكن المفارقة بين التنشئة قديما وحديثا».

التوسع في المدارك

ويفيد يوسف العرفي ولي أمر بأن المدرسة القرآنية تغرس في نفوس الأطفال والتلاميذ المبادئ والقيم الاجتماعية التي تسهم في بناء شخصيتهم لاحقا، وتساعدهم في التطلع إلى المثل العليا والأهداف الكبرى في الحياة، حيث يستمد المعلم القرآني برامجه في الحلقات التربوية من ثقافة الأمة، وقد جاء القرآن الكريم ليربي أمة، وينشئ مجتمعا ويقيم نظاما، والمدارس تربي وتوسع مدارك الأطفال، وتفتح عيونهم على آفاق جديدة يستفيدون منها في مستقبل أيامهم، وتجعل منهم مواطنين صالحين يعرفون حق الله، ويحترمون حقوق الناس.

صقل الأخلاق

ويؤكد حمد بن راشد الحسني مشرف ديني أن مدارس القرآن الكريم تعد المورد الثاني من موارد التربية القرآنية بعد دور الأسرة، فهي تحتضن في جنباتها طلبة القرآن الكريم مع معلمهم المبارك، فينهلون من معين القرآن الصافي ويرتشفون من رحيق الكتاب العزيز، تلاوةً وتعلمًا وتدبرًا، والمدارس القرآنية على مستوى سلطنة عمان تعد رافدًا من روافد مؤسسات العناية بالأخلاق وغرس القيم النبيلة والمبادئ السامية، فهي تصقل الأخلاق والقيم، وتنمي المواهب الكامنة في نفوس الناشئة كتلاوة القرآن الكريم والإنشاد وإلقاء الشعر والخطابة وغيرها من القدرات الطلابية، فينبغي علينا الاعتناء بهذه المدارس ودعمها ماديًا ومعنويًا وهذا واجب حتمي على كل أفراد المجتمع صغارا وكبارًا، رجالًا ونساءً.

مقالات مشابهة

  • اندلاع اشتباكات بين أبناء قريتين في إب بسبب خلافات تغذيها مليشيا الحوثي
  • مدارس القرآن معاقل للعلم وصانعة للأجيال
  • مليشيا الحوثي تصادر مواد غذائية لمواطنين قدموا من مارب
  • حوادث قتل في عمران والجوف.. نزيف مستمر في ظل سيطرة مليشيا الحوثي
  • ختام دورات تحفيظ القرآن الكريم بمدرسة الجامع القرآنية في العوابي
  • مليشيا الحوثي تقتل شاباً من قبيلة بني نوف في الجوف
  • اختتام دورات تحفيظ القرآن بالعوابي
  • وعظ الشرقية: افتتاح لجنة فتوى ومكتب تحفيظ القرآن الكريم بـ «طهرة حميدة» بالزقازيق
  • بالتزامن مع انشغال العالم بغزة.. مليشيا الحوثي تصعّد عسكرياً في جبهات اليمن وسقوط جرحى في مأرب
  • ذمار.. مليشيا الحوثي تختطف الشاعر الشعبي صالح السوادي