الغموض الاستراتيجي.. سياسة ترامب لترويض إسرائيل
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
توقع محللون أن عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يمكن أن تعطي إسرائيل مساحة أوسع للحركة في منطقة الشرق الأوسط وفقاً لما تراه مناسباً لها.
ومع ذلك قد يتم اختبار هذا التوقع وقد يثبت أنه خاطئ تماماً، بحسب ويل وولدورف، الأستاذ المساعد وزميل جامعة ووك فورست الأمريكية وزميل مركز "أولويات الدفاع" الأمريكي للأبحاث.
وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية يقول وولدورف مؤلف كتاب "من أجل تشكيل عالمنا نحو الأفضل: إتقان السرديات وتغيير الأنظمة في السياسة الخارجية الأمريكية من 1900 إلى 2011" إنه من الواضح أن ترامب لا يستطيع تحمل أن يتحداه الحلفاء بالطريقة التي تحدت بها إسرائيل الرئيس الحالي جو بايدن في جهود وقف إطلاق النار وصفقة تحرير المحتجزين في غزة.
إيران أم الحوثيون.. خلاف ساخن بين نتانياهو ورئيس الموساد - موقع 24نشب خلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس جهاز الاستخبارات، "الموساد"، دافيد بارنيا، بشأن طريقة مواجهة هجمات ميليشيا الحوثيين اليمنيين على إسرائيل، التي ارتفعت وتيرتها مؤخراً.علاوة على ذلك، فإنه إذا أحرج العدوان الإسرائيلي المستمر على دول الجوار ترامب، وعرقل خططه لتحقيق سلام في الشرق الأوسط، فقد يدفعه الإحباط إلى محاولة السيطرة على إسرائيل بصورة أكبر.
سياسة الخطر الأخلاقيولكن السؤال الأهم هنا الذي يطرحه وولدورف هو كيف يستطيع ترامب عمل ذلك؟. وتكمن الإجابة في تغيير بنية التحالف الأمريكي الإسرائيلي وبخاصة بجعله أكثر غموضاً. فغموض التحالف الاستراتيجي سيفيد كلا من إسرائيل والولايات المتحدة.
والحقيقة أن الظاهرة التي يطلق عليها علماء السياسة "الخطر الأخلاقي" تكمن في جوهر المشاكل، التي من شبه المؤكد أن يواجهها ترامب مثل بايدن مع إسرائيل. ويظهر الخطر الأخلاقي عندما تتعهد قوة عظمى بأمن قوي لحليف تحريفي يميل إلى تغيير المعتقدات السائدة بشأن كيفية وقوع الأحداث. في الوقت نفسه فإن الحماية التي توفرها القوة العظمى تتيح للحليف الإفلات من عواقب أفعاله، مما يجعله أكثر استعداداً للمغامرة وأقل استجابة لمطالب القوة العظمى. وعلى الرغم من التزامها بإنقاذ الحليف عندما يتعرض للمتاعب، تجد القوة العظمى أن تكاليف المحافظة على أمن هذا الحليف المغامر ترتفع إلى مستويات غير مستدامة.
ومنذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، جعل "الخطر الأخلاقي" واشنطن تحت رحمة إسرائيل شريكها الأصغر. وبفضل التزام واشنطن الأمني "الصارم" تجاه إسرائيل والإمدادات الضخمة من الأسلحة الأمريكية، يتباهى القادة الإسرائيليون علنا بالتلاعب بالولايات المتحدة.
القاهرة تحسم الجدل حول مصير مفاوضات غزة - موقع 24صرحت مصادر أمنية مصرية اليوم الأربعاء، أن المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل من أجل اتفاق في غزة يسمح بتبادل الرهائن مقابل السجناء، "لا تزال مستمرة رغم وجود عراقيل كبيرة وعدم إحراز تقدم حقيقي".وقال نتانياهو بثقة في يوليو (تموز) "الولايات المتحدة تدعمنا". واستناداً إلى هذا التأكيد، تجاهلت إسرائيل واشنطن إلى حد كبير بينما كانت تندفع إلى الأمام، مما أدى مراراً وتكراراً إلى تقويض أنواع الجهود الرامية إلى إحلال السلام الذي يريد ترامب رؤيته في الشرق الأوسط. ووفقا لأحد الخبراء، فإن إسرائيل تقول لواشنطن إن الحرب في غزة ستنتهي "بشروطنا وجدولنا الزمني. وليس بشروطكم".
والواقع أن الأحداث تؤكد هذه الحقيقة. ففي أوائل يوليو(تموز)، ضغط بايدن على نتانياهو للتفاوض من أجل وقف إطلاق النار في غزة، لكن تل أبيب شددت شروطها التفاوضية، وشنت غارات جوية على لبنان وغزة، واغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
ونفس الأمر تكرر في سبتمبر(أيلول) وأكتوبر(تشرين الأول). ففي حين طرح بايدن اقتراح خاص بوقف إطلاق النار رفضته إسرائيل وبدلا من ذلك وسعت نطاق الحرب من خلال عملية تفجير أجهزة البيجر التي استهدفت الآلاف من عناصر حزب الله في لبنان، ثم اغتالت زعيم الحزب حسن نصر الله. وقال مسؤول أمريكي إن الحصول على تعاون إسرائيل أشبه "بخلع الضرس".
والواقع أن المكاسب التي حققتها إسرائيل ضد حماس وحزب الله وإيران شجعتها على التصرف بطرق قد تؤدي إلى إفشال خطط ترامب لتهدئة الصراعات الإقليمية وخفض تكاليف الأمن الأمريكية. والواقع أن انتخاب ترامب يبدو وكأن من شأنه زيادة خطورة "الخطر الأخلاقي" الذي تمثله إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة، وليس خفضه.
ويتوقع القادة الإسرائيليون أن "يدعم ترامب بلادهم دون قيد أو شرط"، وهو الاعتقاد الذي يعززه ميل المسؤولين الذين اختارهم ترامب لإدارته الجديدة إلى تأييد إسرائيل. وعلى الرغم من تصريح ترامب بأنه يريد وقف إطلاق النار في غزة قبل يوم التنصيب، ساعدت إسرائيل في قتل محادثات وقف إطلاق النار بعد انتخاب ترامب مباشرة، ويبدو أنها لم تتغير إلى حد كبير في موقفها من المفاوضات الحالية. كما أن غزو إسرائيل لسوريا بعد سقوط نظام حكم الرئيس بشار الأسد ينسف تصورات ترامب المعلنة لجعل السوريين يحددون مستقبلهم بمفردهم، دون تدخل خارجي.
غموض استراتيجيوإذا ظل "الخطر الأخلاقي" يمثل مشكلة في المستقبل، فيتعين على ترامب أن يفعل ما افتقده بايدن وهو الرؤية أو الشجاعة للقيام به، وأن يضيف غموضاً استراتيجياً إلى التحالف مع إسرائيل. وسيبدأ هذا باستبدال الالتزام "الصارم" بتعهد صريح بأن "تحتفظ الولايات المتحدة بالحق"، كما حدث مع تايوان، في الدفاع عن إسرائيل حسب اختيار واشنطن على أساس كل حالة على حدة. وكما حدث مع تايوان، يمكن لترامب أن يقلص إمدادات المعدات العسكرية الهجومية إلى إسرائيل ويرسل بدلا من ذلك إمدادات دفاعية فقط. ومن شأن التخفيض التدريجي للقوات الأمريكية المرسلة لحماية إسرائيل أن يساعد في الإشارة إلى هذا الغموض أيضاً.
ويقول وولدورف الذي يجهز حالياً كتاباً بعنوان "حروب أمريكا الأبدية: لماذا طالت بشدة ولماذا تنتهي الان وما هو التالي لها" إن البعض قد يرى في هذا التحول في طبيعة التحالف الأمريكي الإسرائيلي نوعا من التخلي عن تل أبيب، لكنه ليس كذلك. فالولايات المتحدة لم تتخلى أبدا عن تايوان مع تبنيها سياسة الغموض الاستراتيجي معها. ومازالت تايوان شريكا مهماً في آسيا وتحميها القوة الأمريكية من الهجمات الصينية على مدى أكثر من سبعة عقود. الأمر نفسه يمكن ان يحدث مع إسرائيل والشرق الأوسط.
ترامب يشكل تهديداً لسياسة واشنطن الخارجيةhttps://t.co/iMRkZHxTPk
— 24.ae (@20fourMedia) December 25, 2024وسوف يساعد الغموض في الحد من "الخطر الأخلاقي" من خلال جعل إسرائيل تتحمل، أو تعتقد أنها ستتحمل، المزيد من تكاليف أمنها، وبالتالي تستخدم الدبلوماسية في التعامل مع مشكلاتها أكثر من استخدامها للقوة كما تفعل حالياً، وهو ما سيصب في النهاية في مصلحة كل من إسرائيل وأمريكا والشرق الأوسط.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات عودة ترامب نتانياهو إسرائيل وقف إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل تخلت إسرائيل عن ضرب منشآت إيران النووية بسبب ترامب؟
في ظل المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي، يبدو أن إسرائيل غيرت موقفها من شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، بعد دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فثمة تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث تفضل الآن الطريق الدبلوماسي على الخيار العسكري.
هكذا يعتقد المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إيتمار آيخنر، ففي تقرير له يذكّر بأن إسرائيل عارضت لسنوات طويلة أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، معتبرة أن طهران تسعى إلى تطوير أسلحة نووية تحت غطاء برنامجها النووي السلمي.
وقد قدمت إسرائيل أدلة ووثائق، مثل ما أسماه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "الأرشيف النووي"، لتأكيد انتهاكات إيران للاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 تحت إدارة ترامب الأولى.
دبلوماسية بديلا للتهديدويقول آيخنر إن إسرائيل كانت دائما تفضل خيار الضربات العسكرية كوسيلة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، يبدو أن التهديدات المتكررة بشن هجوم مشترك مع الولايات المتحدة قد تراجعت في ظل التطورات الأخيرة، خاصة بعد أن بدأت إدارة ترامب محادثات مع طهران.
إعلانفمع عودة ترامب إلى السلطة، بدأت الولايات المتحدة في إجراء محادثات مع إيران عبر وسيط سويسري، مما أدى إلى تغيير في حسابات إسرائيل.
ووفقا للتقرير، فإن إسرائيل، التي كانت تعارض أي اتفاق مع إيران، أصبحت الآن أكثر انفتاحا على الخيار الدبلوماسي، شريطة أن يمنع الاتفاق إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وقد أعلن ترامب مؤخرا أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يدعوه فيها إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد. وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "آمل أن تجري مفاوضات، لأنها ستكون أفضل بكثير لإيران". هذه الخطوة جاءت بعد أن اتصلت إيران بالولايات المتحدة عبر سويسرا لاستكشاف إمكانية إجراء محادثات.
كما واصل ترامب تهديداته ضد إيران، حيث قال في تصريحات صحفية "نحن في المراحل النهائية مع إيران، سيكون الأمر مثيرا للاهتمام، نحن في اللحظات الأخيرة.. على أي حال، ستكون مشكلة كبيرة. إنه وقت مثير للاهتمام في تاريخ العالم، ولكن هناك وضع مع إيران أن شيئا ما سيحدث قريبا، قريبا جدا".
خيارات إسرائيلووفقا للمحلل السياسي، فإن إسرائيل تدرس في الوقت الحالي عدة خيارات للتعامل مع الملف النووي الإيراني، بما في ذلك فرض عقوبات أكثر صرامة، والحفاظ على خيار عسكري ذي مصداقية، ودعم المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران.
ويضيف "وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تثق تماما في إيران، إلا أنها لا تستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد إذا كان ذلك سيحقق الهدف الأساسي المتمثل في منع طهران من امتلاك أسلحة نووية".
ويلفت في هذا السياق إلى تصريح مسؤول إسرائيلي لصحيفة واشنطن بوست بأن إسرائيل كانت قد صاغت خططا لهجوم مشترك مع الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية بعد هجوم أكتوبر الأخير. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل تفضل الآن المسار الدبلوماسي، خاصة في ظل التنسيق الكبير بين واشنطن وتل أبيب فيما يتعلق بالتعامل مع إيران.
إعلانويقول المحلل السياسي إنه على الرغم من التحول نحو الدبلوماسية، فإن إسرائيل لا تزال تحتفظ بخيار الضربة العسكرية كاحتمال قائم، مشيرا في هذا السياق إلى أن إسرائيل أجرت مؤخرا مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، حيث شاركت طائرات مقاتلة إسرائيلية مع قاذفات أميركية.
ويؤكد أن "هذه المناورات، التي تحدث في ظل إدارة ترامب، تهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الدولتين منسقتان وتريدان تحقيق نفس الهدف، بغض النظر عن الطريق الذي سيتم اختياره".
ويسلط آيخنر الضوء على التصريحات الإيرانية المضادة، ومنها تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوكالة الأنباء الفرنسية، حينما قال إن برنامج إيران النووي لا يمكن تدميره بعمل عسكري، مشيرا إلى أن إيران لن تتردد في الرد بشكل حاسم إذا تعرضت منشآتها النووية للهجوم، وأن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيؤدي إلى اندلاع حريق واسع في الشرق الأوسط.
ويلفت إلى رغبة إيران الحقيقية في التوصل لاتفاق نووي مع الغرب، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى رفع العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
ولكن آيخنر الذي يرى أن "الثقة بين الطرفين لا تزال في أدنى مستوياتها، مما يجعل أي تقدم نحو اتفاق نووي جديد تحديا كبيرا"، يؤكد أن الخيارات مفتوحة، سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ويختم المحلل السياسي تقريره، قائلا "مع استمرار المحادثات والتهديدات يبقى مستقبل العلاقات بين هذه الأطراف غير مؤكد، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الدبلوماسية قد تكون الطريق الأفضل لتحقيق الاستقرار في المنطقة".