دعا الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إلى الاستماع إلى العلماء الذين أمضوا عقودا طويلة في طلب العلم، والتي تصل من ثلاثين عاما إلى 40 عاما أو أكثر في طلب العلم الشرعي على أسس صحيحة ومنهج وسطي، مؤكدا أنه لا يؤخذ العلم إلا من أهله، الذين تتلمذوا على يد شيوخ موثوقين، وامتحنهم العلم، وأجازتهم المؤسسات المعتمدة، كما قال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

العلم الشرعي يتطلب أركانا واضحة

وأوضح عبر صفحته على فيسبوك، أن العلم الشرعي يتطلب أركانا واضحة، لا يكتسب بالقراءة الفردية أو الاجتهاد الشخصي فقط، بل بالرجوع إلى المتخصصين، كما أن العلم بلا مرجعية يؤدي إلى التشدد والانحراف، ومن يظن أنه بمجرد التدين صار عالما، فهو مخطئ، متسائلا:« فمن امتحنك؟ ومن أجازك؟ وبأي درجة؟».

وأشار إلى خطورة دعاة التشدد الذين يدّعون العلم بلا أساس، قائلا:«هؤلاء يصدّون عن سبيل الله بغير علم، يأخذون بظاهر النصوص دون فهم حقيقتها، بينما الإسلام دين يسر ورفق، مستشهدا بقول  رسول الله «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق».

تحصيل العلم الشرعي وفهم مقاصده

وشدد على أن العالم الحقيقي هو من أمضى عمره في تحصيل العلم الشرعي، وفهم مقاصده، وتحقيق الوسطية، داعيا المسلمين إلى التمسك بمرجعية العلماء الثقات الذين قضوا حياتهم في خدمة الدين، بدلا من الانجراف خلف مدعي العلم والتشدد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: علي جمعة الدكتور علي جمعة العلم الشرعي التشدد العلم الشرعی

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: ندرس مشروعٍ يقصر الإفتاء على منسوبي المؤسسة الدينية

شهد جناح دار الإفتاء المصرية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الأحد، ندوةً تناولت موضوعًا شائكًا بعنوان "الفتوى ومسائل الهُويَّة وتعزيز الانتماء"، والتي شارك فيها الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العام- إلى جانب نخبة من العلماء الأجلَّاء والمتخصصين الذين قدَّموا رؤًى معمَّقة حول قضايا الهُويَّة الدينية والوطنية وأهمية الفتوى في الحفاظ على قِيَم المجتمع.

وفي معرض الندوة تحدَّث الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، عن علاقة الفتوى وأهميتها في تعزيز الانتماء للوطن، مؤكدًا أن الفتوى تلعب دورًا أساسيًّا في الحفاظ على الهُويَّة وتعزيز الانتماء للأوطان، مشيرًا إلى أنه لا يجب النظر إلى الفتوى على أنها حكم شرعي فقط، بل يجب أن يُنظر إليها باعتبارها بجانب الحكم الشرعي أداةً لبَسط الأمن والسلم، ووسيلة لتوجيه المفاهيم المتعلقة بالأوطان وساكنيها.

وقال عياد، إن المفتي عند إصداره للفتوى يستحضر المقاصد الكلية التي تهدُف إلى غرس المفاهيم الصحيحة المتعلقة بالدين والنفس والمال والعرض والعقل، وأنه إذا كان المفتي مدركًا لهذه المقاصد فإنه يكون على دراية كاملة بأهمية الأمور التي تتطلب مراعاة الواقع ومآلاته ومقاصد الشرع الحنيف، مشيرًا إلى أن الفتوى تهدُف إلى تطبيق حكم الله بشكل شامل.

أوضح المفتي أنه من المهم أن نأخذ في الاعتبار حرص الصحابة على اختيار خليفة للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى قبل الانتهاء من دفنه، بما يقدم مثالًا واضحًا لأهمية الحفاظ على المقاصد الكلية والعمل على الحفاظ على مفهوم الدولة وتماسكها وضمان استمراريتها، وقال إن الفتوى لا تقتصر على مجرد بيان الحكم الشرعي فقط، بل تهدُف إلى الربط بين قِيَم المجتمع وأفراده، موضحًا أن الفقهاء قد استنبطوا مجموعة من القواعد الفقهية التي يمكن أن تُستخدم في تأسيس الهُويَّة الدينية والوطنية.

كما أوضح أنَّ المفتي يوقِّع عن الله تبارك وتعالى، وأَولى الأمور التي يجب أن يركِّز عليها هي الدين، ثم الوطن، وهو النهج الذي اتَّبعه النبيُّ صلى الله عليه و آله وسلم.

وفي هذا السياق، تحدَّث عن مقاصد الوطن والمقاصد الوطنية، وضرورة تأصيل هذا الموضوع وكيفية وضع الوطن ضمن المقاصد الكلية.

وأشار إلى وجوب التفريق بين المقاصد المتعلقة بالفرد، مثل الدين والنفس والعقل والمال، وبين المقاصد المتعلقة بالمجتمعات مثل مقصد الدولة، الذي يُعتبر بيئة رشيدة تساهم في تحقيق المقاصد الكلية.

وتطرَّق المفتي إلى مسألة الحق في التحدث باسم الدين، موضحًا أن النص القرآني يؤكد على ضرورة الرجوع إلى أهل الذِّكْر، وأنَّ الفتوى أمانة يجب أن تُبنى على مجموعة من العلوم المختلفة، بما في ذلك العلوم اللُّغوية والإنسانية والدينية، كما أشار إلى أنه يجب أن تراعي الفتوى الواقع والمقاصد الشرعية، حيث لا يستطيع المفتي التعبيرَ عن كافة الأمور لأنها محكومة بقواعد تضمن الأمن المجتمعي والاستقرار الفكري، محذرًا من القفز على هذه القواعد لأغراض شخصية أو للبحث عن الشهرة.

وأشار المفتي إلى رأي العلَّامة ابن رشد الذي أكَّد أن الشريعة أوجبت النظر العقلي، ولكن لا يتصدى له إلا من توافر له الذكاء والعدالة، حيث يجب على الفقيه أن يتبع الحق أينما كان، وأن يحرص على تحقيق المصلحة من خلال ضوابطها وسلوكها.

وأكَّد مفتي الجمهورية أن مصر لديها مؤسسة دينية تحافظ على هذا الإرث متمثلة في الأزهر الشريف، وأنه بفضل الله تعالى، توجد تحت مظلة هذه المؤسسة دار الإفتاء ووزارة الأوقاف وغيرها من المؤسسات الدينية، حيث يعملون حاليًّا بالتعاون مع مؤسسات الدولة على دراسة مفصَّلة لمشروع يقصر التصدُّر لأمر الإفتاء على منسوبي المؤسسة الدينية فقط، وتجريم مَن يتصدى للفتوى بدون علم، وأوضح أنه توجد مشكلة متعلقة بالمؤسسة الإعلامية والمؤسسات المعنية، ولا بدَّ من تعاون الجميع لتوحيد الجهود في هذا الأمر، آملًا أن يرى هذا المشروع النور قريبًا.

وفي ختام حديثه أشار المفتي إلى أن الأسئلة الشائعة والفتاوى الشاذة التي ترتبط بالمناسبات أصبحت تتردَّد كطقس متكرِّر، مشددًا على أن دَورنا هو توضيح الأمور وتصحيح المفاهيم، وأن هذا يتطلب جهودًا مشتركة لتوعية الأجيال القادمة، وأكد أن ذلك يحتاج إلى تعاون وتكامل بين كافة الجهات المعنية.

كما أعلن أن دار الإفتاء قد انتهت من تطبيقات هامة سيُعلَن عنها قريبًا، من أبرزها تطبيق "مصر قرآن"، الذي يتضمَّن مجموعةً من الفتاوى لتيسير الأمور على السائلين، بالإضافة إلى تطبيقات أخرى متعلقة بالفتاوى.

من ناحيته تحدَّث اللواء فؤاد علام، الخبير الأمني، عن العلاقة بين الهُويَّة الوطنية والهُويَّة الدينية، مشيرًا إلى أن الإنسان هو أفضل مَن يدافع عن الدين الإسلامي، وأفضل مَن يتحدَّث عن دَور مصر في حماية القيم الأصيلة، مؤكدًا أن نموذج المواطن المصري هو مثال نفخر به جميعًا. كما شكر دار الإفتاء على دَورها الكبير في تصحيح المفاهيم، موضحًا أن جهودها في اللقاءات مع بعض الجماعات التي فهمت الدين بطريقة خاطئة كانت لا تُنسى بالنسبة لكل مسلم.

وأشار إلى أن الهُويَّة تظهر بشكل واضح في الأزمات الوطنية، قائلًا: "نحن المصريين نتمسَّك بهُويتنا المصرية أولًا والعربية أيضًا، وقد تحمَّلنا الكثيرَ من أجل الدفاع عنها". وأضاف أنَّ المستعمر البريطاني حاول تغيير هُويتنا، لكنه فشل، حيث كان كلما زاد الاستعمار في محاولاته لتحويل الهُويَّة المصرية إلى مسار آخر، نجد جميع العرب، وفي مقدمتهم المصريون، يقفون مُدافعين عن الهُويَّة المصرية العربية الإسلامية.

وأكد اللواء فؤاد علام أن إيمان الشعب المصري بهُويته العربية الإسلامية قد رسخ في قلوبهم، وأن مصر تحملت الكثير في سبيل الدفاع عن هذه الهُويَّة ورسخت ذلك في قلوبنا، كما تحدث عن دور الفتوى في بناء الوطن، موضحًا أنه عندما تُستخدم الفتوى لصالح الوطن، فإنها تساهم في بنائه ورفع شأنه. وفي المقابل، انتقد الجماعات التي استخدمت الفتوى للتخريب، قائلًا إن هذه الجماعات ادَّعت امتلاكَها لآراء دينية، بينما أصدرت فتاوى لا عَلاقة لها بالدين الإسلامي، مؤكدًا أن هؤلاء الذين تبنَّوا الفتاوى الشاذة هم بعيدون عن الدين والوطن.

كما أشاد بدَور دار الإفتاء في تصحيح المفاهيم، مؤكدًا أنه كان يتواصل بشكل مستمر مع فضيلة المفتي السابق الدكتور شوقي علام، الذي كان يرسل علماء دار الإفتاء لِلقاء عدد من أفراد تلك الجماعات وتوضيح المفاهيم لهم، وأكَّد أن دَور دار الإفتاء كان وطنيًّا ودينيًّا هامًّا في تصحيح المفاهيم لدى هؤلاء الذين تبنَّوا أفكارًا خاطئة.

وفيما يتعلق بالجماعات التي واجهها، أوضح أن هناك قاسمًا مشتركًا بينها، وهو أن جميعهم مروا على إسرائيل، ما دفع الأجهزة الأمنية للتساؤل عن كيفية حديث هؤلاء باسم الدين وهم نشؤوا في مجتمع يحارب الدين الإسلامي بشكل خاص. وأكَّد أن الأمن الفكري يمثل قضية هامة، وأن الجماعات التي ادعت امتلاكها للفكر كانت بعيدة تمامًا عن ذلك، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء لعبت دورًا حاسمًا في الرد على الأسئلة المتداولة في تلك الفترة، حيث كانت هناك هجمة على المفاهيم الإسلامية الحقيقية.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: لا بد من مراعاة الأعراف والعادات عند إصدار الفتاوى
  • بحضور مفتي الجمهورية ووزير الأوقاف.. ندوة تناقش "الفتوى والشأن العام "بمعرض الكتاب
  • في ندوة «مواجهة الشبهات الإلحادية»..مفتي الجمهورية:وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتةلا يعتريها ريبٌ
  • بحضور مفتي الجمهورية...الأنبا إرميا والدكتور محمد أبو زيد يناقشان "الفتوى والعيش المشترك"
  • مفتي الجمهورية: التاريخ نماذج التلاحم بين المسلمين والمسيحيين مثل الهجرة للحبشة ووثيقة المدينة
  • مفتي الجمهورية وقيادات جامعة الأزهر يكرمون المشاركين في دورة مواجهة الشبهات الإلحادية
  • مفتي الجمهورية: وجود الله حقيقةٌ أزلية ثابتة وتوحيده هو لبّ الرسالات
  • مفتي الجمهورية: ندرس مشروعٍ يقصر الإفتاء على منسوبي المؤسسة الدينية
  • قصة أسيرين التقيا أولادهما الذين أنجبوا بنطف مهربة
  • جامعة جدة تستضيف الشيخ صالح آل الشيخ في محاضرة بعنوان “أثر العلم الشرعي في تعزيز الأمن الفكري”