مسقط- الرؤية

يبدأ، اليوم الخميس، التصويت لاختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان، من خلال دعوة المواطنين والمقيمين في السلطنة للمشاركة في التصويت لاختيار الهوية البصرية التي يرونها الأكثر تعبيرًا عن قيم وأصالة عُمان.

ويعد هذا التصويت جزءًا من سلسلة من مراحل المشاركة المجتمعية التي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية ضمن مشروع تطوير الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان.

ويستمر التصويت حتى يوم الأحد المقبل 29 ديسمبر الجاري، ويُمكن للمواطنين العُمانيين والمقيمين في سلطنة عُمان زيارة الموقع الإلكتروني الرسمي للهوية الوطنية لسلطنة عُمان www.omanbrand.om والتصويت على الهوية البصرية المُفضَّلة لهم من بين 3 هويات مطروحة. وتُجسِّد كل هوية بصرية شعارًا مميزًا يجمع بين عناصر التصميم العُماني التقليدي والمعاصر، وذلك بعد أبحاث مكثفة أجرتها لجنة إبداعية تضم نخبة من خبراء عُمانيين في المجال الإبداعي.

وتُمثِّل هذه الحملة دعوة مفتوحة لجميع أبناء السلطنة للمشاركة الفاعلة في صياغة هوية وطنهم، واختيار الشعار الذي سيُمثلُهم في المحافل الدولية. سيكون هذا الشعار جزءًا أساسيًا من استراتيجية الهوية الوطنية الترويجية طويلة المدى لسلطنة عُمان، والتي تمثل فصلًا جديدًا ومميزًا في قصة الوطن، يعتز بها أبناء السلطنة ويشاركونها مع العالم.

وصُممت عملية التصويت لتكون سهلة وملائمة للجميع، وكل ما يحتاجه المشاركون هو زيارة الموقع الإلكتروني www.omanbrand.om عبر هواتفهم المحمولة أو حواسيبهم المكتبية؛ ثم تسجيل بياناتهم الشخصية؛ واختيار الشعار الذي يرونه الأنسب والأكثر تعبيراً عن القصة الأصيلة للسلطنة. وتم اختيار هذه الشعارات بعد سلسلة من مبادرات الشراكة المجتمعية التي أجريت في مختلف أنحاء السلطنة ضمن مشروع تطوير الهوية الوطنية للسلطنة.

وقالت المهندسة عائشة بنت محمد السيفية مديرة مشروع الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان، نائبة رئيس البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نزدهر": "أدعوكم جميعًا، وأُناشد كل عُمانيّ ومقيم، المشاركة الفاعلة في صناعة هويتنا الوطنية. صُوتكم هو صوت عُمان، وهو الذي سيُشكل ملامح هويتنا التي نفاخر بها أمام العالم. وكل صوت يُمثِّل لبنة أساسية في بناء مُستقبلنا الزاهر. وبهذه المشاركة المجتمعية، سنُظهر للعالم قصة عُمان الأصيلة ووحدة شعبها."

وبعد التصويت، سيتم الإعلان عن الشعار الفائز للجمهور في أوائل عام 2025؛ وسيتم استخدامه لاحقًا كهوية بصرية لاستراتيجية الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عُمان بأكملها.

ويأتي تطوير خيارات الهوية البصرية الثلاثة المختارة للحملة، بفضل التعاون الوثيق بين خبرات عُمانية ودولية، ومرحلة بحث وتطوير مكثفة استمرت 12 شهرًا، شملت 500 استبيان و128 مقابلة، إضافة إلى العديد من المجموعات البؤرية والمقابلات العامة مع المواطنين والمقيمين في جميع أنحاء السلطنة، علاوة على إجراء 5500 استبيان دولي، وتحليل أكثر من 3.8 مليون كلمة مفتاحية في محركات البحث؛ لفهم التصورات الذهنية الحالية عن سلطنة عُمان، وتحديد أفضل السبل لتنفيذ استراتيجية الهوية الوطنية لسلطنة عُمان.

وتُشكل حملة التصويت على الهوية الوطنية البصرية إحدى المبادرات الأولى ضمن سلسلة من مبادرات الشراكة المجتمعية المخطط لها ضمن استراتيجية الهوية الوطنية طويلة المدى لسلطنة عُمان، والتي تهدف إلى تعزيز مكانة السلطنة على المستوى العالمي، والاستفادة من ذلك لصالح اقتصاد البلاد ومجتمعها، ونموها وتطورها على المدى الطويل. وستُسهم الاستراتيجية أيضًا في تمييز سلطنة عُمان عن الدول الأخرى، وإبراز صورتها الحقيقية للجمهور الدولي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام

 

د. سعيد الدرمكي

تسير سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو التحول من ماضي الاقتصاد الريعي إلى مستقبل الاقتصاد المعرفي، انطلاقًا من رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى بناء دولة حديثة ترتكز على الاستدامة، والتكنولوجيا، وتنمية الإنسان.

إنها رحلة انتقال ملهمة من الاعتماد على الثروات الطبيعية كالنفط والغاز، إلى اقتصاد يقوم على الابتكار والمعرفة والتقنيات الرقمية، حيث تتحول عُمان من "الرمال" كرمز للمورد التقليدي، إلى "السيليكون" كرمز للتقنيات المتقدمة والتحول الذكي.

وفي إطار هذا التوجه الطموح نحو التحول الاقتصادي، تُجسّد رؤية "عُمان 2040" التزام السلطنة ببناء مستقبل ذكي ومتكامل، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الابتكار، والاقتصاد الرقمي، والاستدامة. وقد حدّدت الرؤية مؤشرات أداء واضحة تهدف إلى رفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين ترتيب السلطنة في مؤشرات التنافسية والابتكار، وتعزيز موقعها كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية والتقنيات المتقدمة.

وفي هذا السياق، حققت سلطنة عُمان تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، حيث جاءت في المرتبة 74 من بين 133 دولة، بحسب تصنيف المنظمة العالمية للملكية الفكرية .(WIPO) كما احتلت المرتبة 43 في مؤشر المؤسسات، والمرتبة 66 في مؤشر رأس المال البشري والبحث، وهو ما يعكس بناء منظومة وطنية واعدة ترتكز على المعرفة والابتكار كدعائم للنمو المستدام.

تسعى سلطنة عُمان إلى تفعيل رؤية "عُمان 2040" من خلال تبني نهج ممنهج لتطوير منظومة الابتكار، يشمل دعم البنية التحتية العلمية، وتحفيز البحث العلمي وريادة الأعمال.

كما تركز على إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للنمو. وفي إطار هذا التوجه، تعزز الحكومة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي متطلبات الاقتصاد المعرفي وتُعزز الاستقلالية الاقتصادية.

في الجانب البيئي، الذي يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من رؤية المستقبل، تُمثّل الاستدامة خيارًا استراتيجيًا لعُمان، حيث تحتل الطاقة النظيفة دورًا محوريًا في مسار التحول الوطني. وقد نفّذت السلطنة مشاريع كبرى مثل محطة الدقم للطاقة الشمسية، ومشروع الرياح في ظفار، كما أطلقت منصة "هايدروم" لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، باستثمارات تتجاوز 30 مليار دولار، مما يعكس توجهًا طموحًا نحو اقتصاد منخفض الكربون.

واستنادًا إلى مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024، حققت سلطنة عُمان تقدمًا لافتًا، حيث قفزت 95 مرتبة لتصل إلى المركز 54 عالميًّا والثاني عربيًا، في مؤشر يُصدر عن جامعتَي ييل وكولومبيا. ويُجسد هذا التقدم التزام السلطنة بالاستدامة، ضمن الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري بحلول عام 2050، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتعزيز جودة الحياة.

في خطوة تعزز حضور سلطنة عُمان العالمي كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، أبرمت السلطنة اتفاقيات استراتيجية مع هولندا وألمانيا لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المُسال يربط ميناء الدقم بأوروبا. وتقود شركة هيدروجين عُمان (هايدروم) تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر، فيما تتولى شركة (أوكيو) تطوير البنية التحتية اللازمة للإنتاج والإسالة والتصدير في منطقة الدقم، دعمًا للطلب العالمي المتنامي على الطاقة المستدامة.

وفي انسجام مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، تنتهج السلطنة سياسات تهدف إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، وذلك من خلال دعم مشاريع التكنولوجيا النظيفة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وإعادة التدوير، وتحلية المياه بأساليب مستدامة، بما يُعزز جودة الحياة ويحمي البيئة للأجيال القادمة.

ومع إيمان القيادة العُمانية الراسخ بأن التنمية الحقيقية تبدأ بالإنسان، جاء الشباب في قلب الأولويات الوطنية. وانطلاقًا من توجهات "رؤية عُمان 2040" والإطار الوطني لمهارات المستقبل، أُطلقت مبادرات طموحة تهدف إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتقنيات المتقدمة، والطاقة المتجددة.

قد تعززت هذه المبادرات من خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات تدريبية وشركات عالمية، تُرجمَت إلى ورش عمل متخصصة، وفرص تدريب عملي، ومسارات مهنية واضحة، لبناء جيل قادر على قيادة مشاريع وطنية ذات طابع استراتيجي ومردود مستدام.

وبعد استعراض هذه الجهود المتكاملة، يتّضح أن التحول الذي تشهده سلطنة عُمان لا يُعد مجرد تحديث للقطاعات الاقتصادية، بل يمثل تحولًا ثقافيًا وفكريًا عميقًا، يعكس وعيًا جديدًا بمفهوم التنمية الشاملة والمستدامة. لقد بات جليًّا أن بناء المستقبل لا يعتمد فقط على البنية التحتية أو الموارد الطبيعية، بل يرتكز على الإنسان العُماني الواعي، المتعلم، المبتكر، والمؤمن بقدرته على صناعة التغيير.

"من الرمال نبني طموحًا... ومن السيليكون نصنع المستقبل"

هي أكثر من مجرد عبارة؛ إنها تعبير صادق عن رؤية وطن يخطو بثبات نحو الغد، مزوّدًا بإرث من الحكمة، وطموح لا ينضب، وكوادر وطنية تصنع الفرق. عُمان لا تواكب المستقبل فحسب، بل تُعيد صياغته بأيدي أبنائها.

مقالات مشابهة

  • بعد التصويت على رفع السرية المصرفية.. هكذا علّق طوني فرنجيه
  • من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام
  • خبراء الأمن الإلكتروني يقدمون 3 ورش عمل للارتقاء بالخبرات الوطنية
  • عمان.. وسيط السلام الموثوق
  • خبراء الأمن الإلكتروني من تايوان يقدمون 3 ورش عمل للارتقاء بالخبرات الوطنية
  • رسائل السلام والهيدروجين الأخضر
  • أكاديمية الأوسكار تلزم أعضاءها بمشاهدة كل الأفلام قبل التصويت.. كيف تتأكد من ذلك؟
  • قراءة وتوقيع كتاب «الهوية الوطنية» لجمال السويدي في «الرباط للكتاب»
  • الطائر الميمون وغصن الزيتون
  • مناقشة برامج التأهيل التي تنفذها اللجنة الوطنية للمرأة