موقع 24:
2024-12-26@16:28:54 GMT

تحديات السودان مع مطلع 2025

تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT

تحديات السودان مع مطلع 2025

في نهاية 2024 يبدو المشهد في السودان مختلفاً تماماً عما كان عليه في الأيام الأخيرة من العام الماضي. آنذاك واجه الجيش خسارة كبيرة عندما اجتاحت «قوات الدعم السريع» مدني، عاصمة ولاية الجزيرة و«صرة السودان»، بعد انسحاب قيادة الفرقة الأولى مشاة من دون معارك تذكر. تبع ذلك موجة من التساؤلات بشأن مسار الحرب، وحملات من التشكيك بعد أن خسر الجيش مواقع عديدة ومدناً حيوية، وتمددت «قوات الدعم السريع» في مساحات شاسعة، ومعها اتسعت دائرة النزوح القسري للمواطنين، ودورة الانتهاكات الفظيعة والتدمير الممنهج لقدرات البلاد.


اليوم تظهر الصورة مختلفة بشكل كبير بعد الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش السوداني والقوات المشتركة وكتائب الإسناد من المستنفرين، متمثلة في استرداد مناطق استراتيجية، واستهداف خطوط الإمداد بما في ذلك تدمير قاعدة الزرق في شمال دارفور التي تعد أهم قواعد «قوات الدعم السريع» وشريان الإمداد بالوقود وشحنات الأسلحة القادمة من الخارج. في غضون ذلك واصل الجيش وحلفاؤه التقدم نحو مدني، واستعادوا السيطرة على معظم أنحاء مدينة بحري وتقدموا للالتقاء مع القوات التي كانت معزولة في سلاح الإشارة، ليبدأ من هناك الزحف لاستكمال استعادة الخرطوم.
ينظر كثيرون إلى هذه التطورات المتسارعة كمؤشر على نقلة نوعية في مسار الحرب توحي بأن مطلع العام الجديد سيشهد تحولات ميدانية ستكون لها انعكاساتها على مجمل الأوضاع، مع تغير موازين القوى بشكل كبير وواضح. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع في السودان يعتمد على جملة من العوامل العسكرية، والسياسية، والإنسانية، والاقتصادية، والخارجية أيضاً.
الانتصارات العسكرية التي تحققت للجيش وحلفائه تمثل فرصة حقيقية لتعزيز الجهود نحو إنهاء الحرب، لكنها ليست حلاً نهائياً بحد ذاتها. فالوضع أعقد من ذلك بكثير، والمعالجات تحتاج إلى نظرة متعمقة في كيفية معالجة آثار هذه الحرب التي هزت السودان بشكل غير مسبوق، وأحدثت فيه جروحاً غائرة واستقطاباً حاداً، بما يستدعي تضافر الجهود، ورؤية حكيمة لكيفية عبور هذا المنعطف بسلام وبالطريقة التي تحافظ على وحدة السودان، وتصد عنه المكايد والمؤامرات التي غذت هذه الحرب.
خلال العام الجديد يمكن أن يشهد السودان نقلة مهمة إذا تم البناء على التحولات العسكرية الأخيرة بطريقة استراتيجية وشاملة تعالج الأزمة بمختلف أبعادها. فتحقيق السلام يتطلب أكثر من الانتصار في المعارك؛ إنه يتطلب رؤية للمعالجة السياسية تتجاوز دعوات الإقصائيين، وتفتح الباب أمام الحوار الشامل، الذي من دونه لن يكون هناك حل حقيقي، أو استقرار يحقق للبلد الوقوف على قدميه لمواجهة حرب أخرى أصعب هي إعادة البناء والإعمار، وجذب المساعدات والاستثمارات الضرورية في المرحلة المقبلة.
التحديات كثيرة، والطريق لن يكون سهلاً. بداية هناك التحدي المتعلق بكيفية معالجة الوضع الإنساني المتفاقم، والمعاناة التي تشتد كلما طال أمد الحرب. فالسيطرة على الأرض لا تعني انفراجاً إذا لم يتبعها توفير الظروف الأمنية، والخدمات الأساسية التي تتيح عودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم، وتضمن تقديم الإغاثة العاجلة التي يحتاجونها. فالسودان اليوم يواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية المركبة نتيجة التهجير القسري، والتدمير الممنهج للبنى التحتية والمنشآت الخدمية، وتعطل وسائل الإنتاج، وشل الحياة الطبيعية بما في ذلك العمل والتعليم.
تحدٍّ آخر سيتمثل في الطريقة التي سترد بها «قوات الدعم السريع»، والأطراف الخارجية الداعمة لها، وهل ستمضي في الحرب بما يعني إطالة أمدها. فالواضح الآن وفقاً للتحولات في الميدان، وفي موازين القوى، أن محاولة فرض السيطرة على السودان تبددت، وأن أقصى ما يمكن أن يحدث هو فرض واقع تقسيمي في غرب البلاد إلى حين، أو حدوث تحول في موقف الجيش الأخير وقبوله العودة إلى منبر جدة، للتفاوض هذه المرة على شكل انتهاء الحرب انطلاقاً من مفهوم أن الحروب تنتهي عادة بترتيبات عبر التفاوض حتى ولو كان هناك نصر ميداني.
في هذا الإطار فإن هناك عدة أسئلة شائكة مثل: هل بعد كل الانتهاكات التي حدثت، يمكن أن يكون هناك دور لـ«الدعم السريع» في أي مشهد مستقبلي؟ وهل يمكن استيعابها في الجيش الوطني «المهني» الواحد الذي يفترض أن يكون من بين أهداف وخطط مرحلة ما بعد الحرب التي ستشمل أيضاً الفصائل والحركات المسلحة الأخرى؟ وهل أن منحها أي دور مستقبلي سيعني نهاية الحروب في السودان، أم أنه سيشجع آخرين على تكرار تجربتها بكل مرارتها؟
يبقى بعد ذلك التحدي المتمثل في الإرادة السياسية للحل، وما إذا كانت الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش وحلفاؤه ستفتح مجالاً للبدء في خطوات نحو إطلاق حوار وطني سياسي شامل حول مستقبل السودان، وكيف يُحكم بما يحقق له الاستقرار، ويفتح طريق التنمية المتوازنة والمستدامة، ويعالج القضايا الجوهرية المتجذرة بما ينهي دوامة الحروب المستمرة منذ ما قبل الاستقلال والتي كبلت البلد وكلفته أثماناً باهظة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات أحداث السودان قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

ارتفاع سعر الذهب عالميا وسط ترقب لتطبيق سياسة رفع سعر التعريفة الجمركية مطلع 2025

ارتفع سعر الذهب في البورصات العالمية، وسط حالة من الترقب لتطبيق سياسات نقدية جديدة خلال أيام بعد أن يتولى دونالد ترامب كرسي الرئاسة الأمريكية بشكل رسمي مطلع العام القادم 2025.

ومن المتوقع أن تؤثر قرارات ترامب على سوق الذهب والتداولات والعملة في الولايات المتحدة «أكبر الاقتصادات العالمية»، بالإضافة لسياسة النقد التي ينتوي البنك الفيدرالي الأمريكي اتباعها في العام القادم بشأن أسعار الفائدة، سينعكس مردودها أيضا على سوق المعدن الأصفر عالميا.

ويُتوقع أن يرتفع سعر الذهب عالميا بنهاية عام 2025 ويصل سعر الأونصة لـ 3000 دولار أمريكي، في ظل ضعف العملة الأمريكية «الدولار الأمريكي» حال تطبيق ترامب سياساته الجديدة بجانب نهج البنك الفيدرالي «المركزي الأمريكي» لسياسة التيسير النقدية خلال العام القادم.

ارتفاع سعر الذهب عالميا سياسة البنك الفيدرالي خلال عام 2025

وتسود حالة من التخوف العالمي بشأن استمرار البنوك المركزية العالمية اعتماد خفض سعر الفائدة على أموال الإيداع والاقتراض خلال العام القادم بعد وجود سياسة عالمية تميل تجاه اعتماد خفض سعر الفائدة بعد عامين من الاستمرار في تطبيق سياسة التيسير النقدية للوصول بمعدلات التضخم عالميا إلى المستويات المستهدفة، وعلى الرغم من حاجة الأسوق عالميا لذلك إلا أن هناك قلقا بسبب مواجهة العملات الرئيسة عالميا ضعفا بسبب عزوف أغلب المستثمرين عن المصارف والاتجاه ناحية السلعة الأكثر محافظة على قيمتها «الذهب» في ظل وجود توترات واضطرابات في العملات، مما سينعكس على سعر الذهب الذي قد يلامس عنان السماء وخاصة في ظل إقبال البنوك المركزية على التحوط بالذهب بكميات غير مسبوقة.

ارتفاع الذهب عالميا وسط ترقب لقرارات هامةمطلع 2025

والجدير بالذكر أن سعر الذهب عالميا سجل مستويات قياسية عدة هذا العام، مرتفعا بنحو 27% حتى الآن ليحقق أفضل أداء سنوي له منذ عام 2010، مدفوعًا بعمليات شراء قوية من البنوك المركزية، والتوترات الجيوسياسية، وتخفيف السياسات النقدية من قبل البنوك الكبرى.

اقرأ أيضاًعودة ارتفاع سعر الذهب عالميا لـ مستويات قياسية والأوقية تسجل 2668.75 دولار

سعر الذهب العالمي يتراجع.. و«المركزي الأمريكي» ينتهج سياسة التيسير النقدية

الذهب يستعيد عافيته بعد موجة من الانخفاضات مع ترقب لاجتماع الفيدرالي الأمريكي

مقالات مشابهة

  • تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. المشكلات الموضوعية
  • تحديات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. المشكلات الموضوعية
  • قائد الجيش غادر إلى السعودية.. وهذا ما سيبحثه هناك
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • الجيش السوداني يعلن مقتل العشرات من «قوات الدعم السريع»
  • ارتفاع سعر الذهب عالميا وسط ترقب لتطبيق سياسة رفع سعر التعريفة الجمركية مطلع 2025
  • تليفزيون بريكس: منح 9 دول صفة شريك في المجموعة مطلع 2025
  • التوسع الزراعي استراتيجية لتأمين احتياجات الغذاء.. وخبراء: هناك دور للتكنولوجيا في تحقيق التوسع وحماية الموارد البيئية.. والتوسع حل أساسي لتعزيز الأمن الغذائي ومواجهة تحديات التغير المناخي
  • ميقاتي من الجنوب: ممنوع أن يكون هناك عائق أمام الجيش للقيام بواجباته