انتهى مجلس أمناء الحوار الوطني من التوصيات النهائية للجان الحوار في المرحلة الأولى والتي تم رفعها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أمر بإحالتها للجهات المعنية واتخاذ ما يلزم بشأنها في إطار الصلاحيات القانونية والدستورية.

وفي المحور السياسي تناولت لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة قضية التمييز وقضية الحريات الأكاديمية والبحث العلمي.

توافق الحوار الوطني ولجانه ومجلس أمنائه على التوصيات التالية:قضية التميز 

كشفت جلسات الحوار الوطني بلجنة حقوق الإنسان والحريات العامة، عن إجماع وطني واضح على أهمية دعم قضايا حقوق الإنسان باعتبارها مستهدفًا وطنيًا تعمل على تحقيقه جميع مؤسسات الدولة، ولكن ارتكزت المناقشات على الوسائل والإجراءات والبدائل المتاحة لتحقيق هذه الغايات في الموضوعات المختلفة.

اتفق الحاضرون على أنه من الضروري التأكيد على أن الدولة المصرية، نفاذًا لدستور 2014 قطعت أشواطًا وخطوات واسعة في سبيل تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وأولت اهتمامًا تشريعيًا وتنفيذيًا في سبيل حماية الفئات الأولى بالرعاية وتميزهم تميزًا إيجابيًا مثل المرأة وذوي الإعاقة، كما أصدرت القانون الذي يضمن حرية بناء الكنائس ودور العبادة للمسيحيين بعد حوالي 150 عامًا من الأمر العالي الصادر المنظم لهذه المسألة.

قطعت الدولة مساحات كبيرة في سبيل التوزيع الجغرافي العادل للتنمية التي طالت شمال سيناء وجنوبها والصعيد والريف المصري، ويعتبر مشروع حياة كريمة درة تاج هذه المشروعات التي تعبر وبحق عن صدق الدولة المصرية في إيصال التنمية الحقيقية إلى كل شبر في الأراضي المصرية.

أهمية سرعة إصدار قانون يضمن حقوق كبار السن والمسنين وتنظيم المجلس القومي لذوي الإعاقة.

أهمية تطبيق الاستحقاق الدستوري في نص المادة 53 "بإصدار قانون ينظم إنشاء وإدارة مفوضية منع التمييز" حيث تنص المادة المُشار إليها على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي».

تفاصيل التوصية بإصدار تشريع لإنشاء مفوضية مُناهضة التمييز:

الأساس الدستوري للتشريع: يجب أن يستند أي تشريع لإنشاء المفوضية على الدستور والاتفاقيات الدولية والمصدق عليها والنافذة التي انضمت إليها جمهورية مصر العربية بحسبان أن تلك الاتفاقيات بموجب نص الدستور هي جزء من التشريع الداخلي ولها مرتبة القوانين. 

ضرورة التفرقة بين التمييز المُباشر وغير المُباشر ووضع تعريف لكل منها: توافق الحاضرون على أن يميز التشريع بين التمييز والتمييز المُباشر والتمييز غير المُباشر، وذلك على النحو التالي: 

التمييز هو كل تفرقة بين الأشخاص؛ بسبب المعاملة المتحيزة أو التفضيلية لشخص بسبب الجنس، أو اللغة، أو الأصل، أو السن، أو المعتقد الديني والممارسة الدينية، أو الانتماء السياسي، أو المكانة الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الانتماء المهني، أو الموقع الجغرافي، أو الظروف الصحية، أو لأي سبب آخر، مما يؤدي إلى الحرمان الكلي، أو الجزئي لفئة، أو لشخص طبيعي، أو اعتباري من بعض الحقوق المنصوص عليها في الدستور المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.  

 التمييز المباشر: هو التفرقة بين الأشخاص بالمعاملة المتحيزة أو التفضيلية لشخص على أساس عضويته الحقيقية أو المتخيلة في مجموعة أو فئة بشرية، وهو أي استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أي معايير تحكمية مثل الجنس، أو اللغة، أو الأصل، أو السن، أو المعتقد الديني والممارسة الدينية، أو الانتماء والنشاط السياسي، أو المكانة الاجتماعية، أو الظروف الصحية وخاصة الإعاقة، أو المسئولية العائلية، أو المطالبة بحقوق العمال، أو لأي سبب آخر، ويؤدي إلى الحرمان الكلي أو الجزئي لفئة أو أكثر من المواطنين من بعض الحقوق المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

التمييز غير المباشر: التفرقة بين الأشخاص هو التأثير غير العادل لتطبيق قاعدة أو سياسة عامة على بعض الفئات الذين يشتركون في سمة معينة كالنساء أو ذوي الإعاقة بما لا يُمكنهم من التمتّع بنفس الفرصة المتاحة للآخرين.

غرض المُفوضية ونطاق سريان التشريع 

يجب أن يتضمن التشريع غرض المفوضية باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وذلك وفقاً لنص المادة 53 من الدستور.

يجب أن تمارس مفوضية التميز جميع أعمالها دون الاخلال باعتبارات حماية الأمن القومي والنظام العام والآداب العامة

على أن يكون نطاق سريان التشريع وعمل المفوضية على أشخاص القانون العام والخاص على مراحل، ويشمل ذلك الحكومة والهيئات العامة والمؤسسات والشركات الخاصة والمؤسسات الأهلية والتعاونيةوفق المراحل التي سيحددها القانون، كما يتضمن عمل المفوضية مكافحة أي شكل من أشكال التمييز في التمتع بالحقوق والحريات في كافة المجالات، ومنها على وجه الخصوص: 

التمييز في التعليم والثقافة 

التمييز في الرياضة 

التمييز في الضمان الاجتماعي والحصول على السلع والخدمات.

التمييز في الرعاية الصحية والإسكان 

التمييز في الإعلام وحرية التعبير

التمييز في حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية والحق في الاعتراف بالشخصية القانونية.

التمييز؛ بسبب الانتماء السياسي أو النقابي أو الأهلي.

التمييز في علاقات العمل والحق في تولي الوظائف العامة.

استقلالية المفوضية:

اتفق المُشاركون على أن تتوفر للمفوضية مقومات الاستقلال اللازمة لأداء عملها، وفي هذا السياق توصي اللجنة بما يلي:

يجب أن تتمتع المفوضية بالاستقلال الفني والمالي والإداري.

يجب تحديد العلاقة بين المفوضية ومجلس النواب، ويقترح أن يكون شأنها شأن علاقة مجلس النواب مع كل الهيئات المستقلة. (لاسيما الجهاز المركزي للمحاسبات) مع عدم قابلية رئيس المفوضية للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون.

ترفع المفوضية تقاريرها لكل من: السيد رئيس الجمهورية – رئيس مجلس النواب – رئيس مجلس الوزراء.

يشترط في جميع أعضاء المفوضية ورئيسها ألا يكونوا أعضاء أو لهم مناصب في السلطة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية. (مع التأكيد على صعوبة تحقيق ذلك من الناحية العملية)

تنشئ المفوضية جهازها الإداري الخاضع لسلطتها المباشرة.

يكون للمفوضية موازنة مالية مستقلة تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

يؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها.

القانون يجب أن ينص على أن تكون ممارسة المفوضية لنشاطها؛ على مراحل؛ من الناحية النوعية أو الجغرافية، على أن يكون لكل مرحلة مدة زمنية محددة.

صلاحيات المفوضية:

تم التوافق على أن تكون صلاحيات المفوضية متناسبة مع دورها في اتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على أشكال التمييز كافة، بما لا يخل أو يتداخل مع صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية، مع مراعاة الاشتراطات المقررة في القوانين الخاصة بعد مراجعتها حسبما هو وارد في البند الأول من هذه المادة، وذلك على النحو التالي:

إعداد خطة لطرح مقترحات بسياسات بديلة وسبل مواجهة وتجريم خطاب الكراهية مع الحفاظ على حرية التعبير.

تلقي الشكاوى والبلاغات المتعلقة بالتمييز المقدمة من ذوي الصفة والمصلحة، والتحقيق فيها وتسويتها، أو اتخاذ الإجراءات الوقتية، أو إحالتها لجهات الاختصاص، أو جهات التحقيق المختصة بحسب الأحوال.

إنشاء منصة لإتاحة المعلومات والبيانات الخاصة بالتمييز يتبع المفوضية.

وضع الخطط اللازمة لبناء قدرات المؤسسات والأفراد القائمين على المؤسسات العامة ومؤسسات إنفاذ القانون لزيادة قدرتهم على مواجهة التمييز.

وضع الخطط اللازمة لتدريب وتأهيل الإعلاميين بالتعاون مع الجهات المختصة لتعزيز قيم المواطنة وعدم التمييز ونشر ثقافة المساواة.

إصدار تقرير سنوي عن نتائج أعمالها في مكافحة التمييز وتقديمه لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، متضمنا أية مقترحات تشريعية أو ملاحظات تتعلق بمدى تعاون السلطة التنفيذية معها في تحقيق أهدافها.

إعداد النشرات والمطبوعات وعقد الندوات والمؤتمرات المتصلة بموضوع عمل المفوضية، ونشر تقرير سنوي عن عمل المفوضية بعد إرساله لرئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزارء.

تشكيل وهيكل المفوضية

توصي اللجنة بتشكيل كفء للمفوضية يتناسب مع أداء عملها واستقلاليتها. وتتشكل من الهيئات التالية:

رئيس المفوضية.

مجلس المفوضية.

الجهاز الإداري للمفوضية.

إجراءات الشكوى والتحقيق والتدابير الوقتية والتعويض 

أولًا: الشكوى

تم التوافق على بأن يتضمن التشريع بإنشاء مفوضية لمناهضة التمييز إجراءات واضحة لتلقي البلاغات والشكاوى من الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية ورقيًا وإلكترونيًا، كما توصي بمنح المفوضية، صلاحيات لمواجهة الحالات العاجلة التي تحتاج إلى إجراء وقتي يصدر من قاضي الأمور الوقتية بناء على طلب المفوضية وذلك مع توفير ضمانات التحقيق العادلة والمنصفة. 

ثانيًا: الإجراءات الوقتية

 يجوز للمفوضية بعد تلقى جميع المستندات والأوراق والبيانات الخاصة بشكوى تمييزية، وبعد سماع من ترى لزوم سماعه وتحقيق دفاع المشكو في حقه وتعرض ما انتهى إليه على قاضي الأمور الوقتية المختص لإصدار أمر مسبب بإزالة التمييز، ويكون الأمر الصادر نافذا فور صدوره. وعلى المفوضية إعلان الأمر لذوي الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره بالطرق المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ولها في سبيل ذلك الاستعانة برجال السلطة العامة. ويحق للصادر ضده الأمر الوقتي التظلم منه، ومع عدم الإخلال بالحق في التقاضي.

ثالثًا: ضمانات وضوابط التحقيق

تلتزم المفوضية في تحقيقاتها بضمانات العدالة ومبدأ المواجهة، وخصوصاً سرية البيانات والمعلومات وتمكين أطراف الشكوى من تقديم وجهات نظرهم ومستنداتهم. وبشكل عام، فإن قرارات المفوضية هي قرارات إدارية قابلة للطعن أمام المحكمة المختصة.

قضية: الحريات الأكاديمية والبحث العلمي

حددت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في ٢٠٢١ هدف "تشجيع الفكر الإبداعي وتطوير منظومة البحث العلمي" ضمن الأهداف التي تسعى لتحقيقها ضمن محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفيما يلي أبرز الإجراءات التنفيذية التي تم التوافق عليها في جلسات الحوار الوطني:

تيسير إجراءات سفر الأساتذة للخارج في مهام علمية، بما لا يؤدي إلى ضياع فرصة مشاركة الأكاديميين في الندوات والمؤتمرات الدولية، واختصار دورة ووقت الموافقات المطلوبة لدعوة الأساتذة والباحثين الزائرون من الخارج لإلقاء المحاضرات وحضور الندوات والمؤتمرات.

اختصار دورة ووقت الموافقات المطلوبة لدعوة الأساتذة والباحثين الزائرون من الخارج لإلقاء المحاضرات وحضور الندوات والمؤتمرات.

تيسير إجراءات دخول أساتذة وطُلاب الجامعات العربية إلى داخل الجامعات المصرية للقاء أعضاء هيئة التدريس فيها والاطلاع على مكتباتها.

تيسير عقد الندوات والمؤتمرات والحلقات النقاشية التي تعالج قضايا تدخل في تخصص الكليات الجامعية المختلفة.

تشجيع إقامة المشروعات البحثية المشتركة بين الجامعات ومراكز البحوث المصرية من جهة والجامعات ومراكز البحوث الأجنبية من جهة أخرى، لعدم تعطيل تلك المشروعات. 

تشجيع التوأمة بين الجامعات المصرية ومراكز البحوث المصرية ونظيراتها الأجنبية، وخصوصًا تيسير التعاون العلمي مع الجامعات العربية.

 التوافق على أهمية تشجيع القطاع الخاص ومؤسسات المُجتمع المدني للمساهمة في تحمل تكلفة البحث العلمي والدراسات العُليا خاصة في ضوء ارتفاع تكلفتها. 

وضع الضوابط التي تضمن التوازن بين الحاجة للتمويل المطلوب وحيادية جهات التمويل وضمان استقلالية مخرجات البحث الممول.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحوار الوطنی حقوق الإنسان مجلس النواب التمییز فی رئیس مجلس فی سبیل یجب أن على أن

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالي: رؤية استراتيجية لتطوير التعليم والبحث العلمي في حوار خاص لموقع الفجر

في حوارٍ صحفي خاص مع موقع "الفجر"، يتحدث د. محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن رؤيته الاستراتيجية لتطوير المنظومة التعليمية في مصر، وكيفية الاستفادة من خلفيته كمهندس مخطط استراتيجي ومعماري في قيادة سياسات التعليم العالي. 

تأتي هذه الرؤية في وقتٍ حرج، تتسارع فيه التحديات المحلية والعالمية التي تفرض نفسها على التعليم العالي، ما يستدعي تحولًا جذريًا نحو الابتكار والتحديث.

أكد د. عاشور على أهمية تطوير التعليم المستمر بما يتماشى مع احتياجات سوق العمل، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على نظام جديد من التعليم المستمر يتجاوز الأساليب التقليدية مثل التعليم المفتوح والتعليم المدمج.

 في هذا السياق، لا يقتصر اهتمام الوزير على تحديث البرامج التعليمية فحسب، بل يتعداه إلى ضرورة تزويد الخريجين والباحثين بالمهارات اللازمة للتكيف مع التغيرات السريعة التي يشهدها العالم.

كما تحدث عن خطة تطوير الجامعات الأهلية ودور "السنة التأسيسية" في توفير فرص تعليمية للطلاب المصريين والوافدين على حد سواء، مؤكدًا أن هذه الخطوات تأتي ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين جودة التعليم وربط الجامعات المصرية بالتنمية الاقتصادية الوطنية.

وفيما يتعلق بمستقبل مكتب التنسيق، طمأن د. عاشور الطلاب وأولياء الأمور بأن النظام لن يتم إلغاؤه، بل سيتم تعزيز دوره بما يتناسب مع التغيرات الجديدة في التعليم العالي. شدد على أن هذه الإجراءات تهدف إلى توفير خيارات متنوعة تلبي احتياجات كافة الطلاب، بغض النظر عن خلفياتهم الأكاديمية.

هذه الرؤية الشاملة لوزير التعليم العالي تعد خطوة هامة نحو تحقيق أهداف رؤية مصر 2030، وتؤكد التزام الوزارة بتطوير منظومة تعليمية تواكب التحديات العالمية وتضمن استدامة الابتكار والتطوير في جميع المجالات.

س: في البداية عاوزين نعرف من حضرتك كيف أثرت خبرتكم كمهندس مخطط استراتيجي ومعماري على دوركم الحالي كوزير للتعليم العالي؟


تجربتي كمهندس مخطط استراتيجي ومعماري أثّرت بشكل كبير على رؤيتي لدور التعليم العالي في مصر. فمن خلال خلفيتي الهندسية، تعلمت أهمية وضع خطط استراتيجية واضحة ومبنية على أسس واقعية، وكيفية تحويل هذه الخطط إلى آليات تنفيذ قابلة للتطبيق. هذا ما بدأت العمل عليه منذ أن كُلفت بوضع الاستراتيجية الوطنية لمنظومة البحث العلمي.

كمهندسين، نحن مدربون على النظر إلى المشروعات برؤية طويلة المدى. نعمل لسنوات على تجهيز مشروعات تبدأ من فهم التحديات الحالية، مرورًا بتطوير حلول مستدامة، وانتهاءً بضمان التنفيذ الفعّال. عندما كنت أستاذًا في قسم العمارة والتخطيط العمراني بجامعة عين شمس وعميدًا لكلية الهندسة لمدة ست سنوات (2014-2020)، ركزت على وضع رؤى مستقبلية للتخطيط العمراني الشامل، مع اعتماد آليات تنفيذ واضحة تعتمد على الإمكانيات المتاحة والقدرات المتوفرة.

عملي السابق على مشروعات قومية داخل وخارج مصر أكسبني خبرة كبيرة في كيفية رسم رؤية مستقبلية قابلة للتطبيق. على سبيل المثال، قمت بالمساهمة في إعداد أول خريطة شاملة لمصر تشمل الأقاليم المختلفة والأنشطة الاقتصادية بكل منطقة، مثل الزراعة، والصناعة، والبنية التحتية، والطرق، والتخطيط العمراني. هذه الخريطة ساعدت في وضع تصور دقيق لما تحتاجه الدولة من مشروعات وبرامج لتحقيق تنمية شاملة بحلول عام 2030.

من هنا جاءت قناعتي بأن نجاح هذه الخطط يعتمد بشكل أساسي على وجود خريجين وباحثين مصريين مؤهلين لتنفيذها. لذلك كان من الضروري تطوير التعليم العالي وربط الجامعات المصرية بالأنشطة الاقتصادية لكل إقليم. بدأنا بتحديد احتياجات كل منطقة ووضع برامج تعليمية تتماشى مع هذه الاحتياجات. اكتشفنا أن هناك فجوة بين البرامج التعليمية المقدمة حاليًا واحتياجات الدولة، مما دفعنا لإعادة تقسيم الجامعات وبرامجها.

قمنا بإطلاق استراتيجية لتطوير الجامعات الأهلية كإحدى أدوات التنفيذ. على سبيل المثال، العام القادم سوف نضيف 10 جامعات أهلية جديدة، إلى جانب الجامعات الأهلية الموجودة وعددها 20جامعة. هذه الجامعات ليست فقط لخدمة المجتمع المحلي، بل أيضًا لتعزيز الابتكار وربط التعليم بالمشروعات القومية، وهو ما لاقى استحسانًا وثقة كبيرة من المجتمع المصري.

التخطيط الاستراتيجي الذي تعلمته كمهندس لم يكن فقط في وضع الرؤى، بل في التأكد من تنفيذها بجودة عالية. لذلك، عندما ننظر إلى برامج التعليم، نربطها بمشروعات مثل "المثلث الذهبي" وغيره من المشروعات القومية، ونتأكد من أن هذه البرامج تلبي احتياجات التنمية في كل منطقة.

هذه الخبرة الممتدة لأكثر من 42 عامًا في المجال المهني علّمتني أن التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق هما مفتاح النجاح. وهذا ما أعمل عليه الآن في وزارة التعليم العالي، حيث نركز على بناء منظومة تعليمية وبحثية تواكب التحديات الحالية وتضع أساسًا قويًا لمستقبل أفضل.

في النهاية، يمكنني القول إن خلفيتي الهندسية والمعمارية لم تكن مجرد وظيفة، بل كانت أساسًا لفلسفتي الإدارية الحالية، حيث أعمل على الجمع بين التخطيط الدقيق والتنفيذ الفعّال لتحقيق رؤية مصر 2030.

س: "كيف يمكن لمنظومة التعليم المستمر التي يتم تطويرها حاليًا أن تساهم في تلبية احتياجات سوق العمل، وتجاوز التحديات المرتبطة بالتعليم التقليدي مثل التعليم المفتوح والتعليم المدمج؟"

التعليم المستمر هو مفهوم يركز على ضرورة استمرار الإنسان في اكتساب المهارات والمعرفة طوال حياته، بما يتماشى مع التطورات المتسارعة في مختلف المجالات.

نحن في الوقت الحالي نعمل على تطوير نظام جديد تحت مسار التعليم المستمر، يتجاوز الأساليب التقليدية مثل التعليم المفتوح أو التعليم المدمج.

يجب أن يكون هناك تطوير حقيقي في مهارات الدارسين، ولكن مع وجود معايير واضحة ومحددة وضمان أن يكون الهدف اكتساب معارف ومهارات تؤهلهم لسوق العمل.

نحن نعمل حاليًا في لجنة كبيرة بالمجلس الأعلى للجامعات على تطوير نظام التعليم المستمر، بهدف إنشاء منظومة تضمن أن التعليم المستمر يركز على تنمية مهارات الفرد بشكل مستمر.

فكرة التعليم المستمر تتماشى مع الفكرة العالمية "التعلم مدى الحياة" (Long Life Learning)، حيث يكون حق الإنسان في التعلم المستمر مفتوحًا، لتطوير موهبته ومهاراته في تخصصه أو تعليم مهارات جديدة.

في الوقت الحالي، تظهر العديد من المهن الجديدة التي تتطلب مهارات مختلفة عن تلك التي كانت مطلوبة في الماضي، وهذا يجعل من الضروري أن يتعلم الأفراد مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات سوق العمل.
دوري هو أن أساعدك في تعلم هذه المهارات، وأؤكد لك مجددًا "من حقك أن تتعلم طوال حياتك". التعليم المستمر سوف يركز على المهارات  التي يحتاجها السوق.

التعليم المفتوح في السابق كان يركز على التخصصات النظرية، بينما السوق الآن بحاجة إلى مهارات مهنية محددة، لذلك، نحن نعمل على تطوير برامج تعليمية تتناسب مع هذه الاحتياجات المهنية، وهناك دراسة كبيرة جاري العمل عليها بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات، والتي من المتوقع أن تظهر قريبًا ولكن بأسلوب مختلف يلبي احتياجات سوق العمل بشكل أفضل،والتعليم المستمر سيكون معتمد من المجلس الأعلي للجامعات.

س: في ظل التغيرات الأخيرة في نظام التعليم المصري، هناك تخوف من إلغاء مكتب التنسيق. هل يمكن أن نطمئن الطلاب وأولياء الأمور؟

أطمئن الجميع أن مكتب التنسيق مستمر كما هو ولن يتم إلغاؤه بأي حال من الأحوال، فهو الجهة المسؤولة عن تنظيم عملية القبول بالجامعات الحكومية والمعاهد، مكتب التنسيق يضمن حقوق الطلاب ويؤكد دخولهم الكليات التي تتناسب مع مجاميعهم، دون أي تدخلات خارجية.

كما أؤكد أن الأساليب المعتادة للتقديم عبر مكتب التنسيق مستمرة، كل طالب سيظل يتقدم بناءً على مجموعه والمعايير المحددة كل عام.

والسنة  التأسيسية لا تلغى مكتب التنسيق لأن هذا النظام يخص الالتحاق بالجامعات الخاصة والأهلية، حيث وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2009، ونص التعديل على أن يضاف إلى القانون المشار إليه مادة رقمها (19 مكررًا)، تنص على أنه للجامعات الخاصة والأهلية قبول الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، اعتبارًا من العام الدراسى 2024/2025، والذين لم يحصلوا على الحد الأدنى المؤهل للقبول بالكلية التى يرغبون فى الالتحاق بها بالجامعات الخاصة والأهلية، وذلك متى اجتازوا مرحلة تأهيلية تسمى السنة التأسيسية طبقًا لتأهليهم العلمى للدراسة بتلك الكلية، وذلك كله وفقًا للضوابط والقواعد والشروط، والتى يصدر بها قرار من وزير التعليم العالى، والتى يضعها المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأى مجلس الجامعات الخاصة أو مجلس الجامعات الأهلية – حسب الأحوال -، وذلك كله دون الإخلال بالضوابط التالية: ألا تتجاوز نسبة التخفيض عن 5% من الحد الأدنى المؤهل للقبول بكل قطاع تخصصى بالجامعات الخاصة أو الأهلية حسب الأحوال، ولمجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بالتعليم العالى تجاوز تلك النسبة، وأن يكون الالتحاق بالسنة التأسيسية وفقا للتأهيل العلمى للطالب، كما تضمنت الضوابط عدم تجاوز الطاقة الاستيعابية للكلية، مع مراعاة تحقيق التوازن بين الطلاب المقبولين من خلال السنة التأسيسية وغيرهم من الطلاب المؤهلين للالتحاق بالكلية، وكذا الالتزام بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية.

كما أن  السنة التأسيسية هي فرصة  للطلاب الذين يرغبون في تحسين مهاراتهم أو تغيير مساراتهم الأكاديمية، على سبيل المثال، إذا أراد طالب من شعبة علم علوم التحول إلى دراسة الهندسة، يمكنه خلال السنة التأسيسية دراسة المواد المؤهلة لذلك. في حال نجاحه، يصبح مؤهلًا للالتحاق بالتخصص الذي يطمح إليه.

س: هل هناك فوائد أخرى للطلاب الوافدين من هذا النظام؟

بالتأكيد. السنة التأسيسية توفر ميزة كبيرة للطلاب الوافدين، خصوصًا من الدول التي لا تغطي مناهجها الثانوية بعض المواد الأساسية المطلوبة في الجامعات المصرية. خلال هذه السنة، يمكنهم دراسة المواد المؤهلة التي يحتاجونها، مما يفتح لهم الباب للالتحاق بالتخصصات التي يرغبون فيها. هذه الخطوة ستساهم في زيادة أعداد الطلاب الوافدين وتعزيز مكانة الجامعات المصرية كمقصد أكاديمي عالمي.

ومن خلال حضرتك و"موقع الفجر" بأكد إنه لا داعي للقلق، فمكتب التنسيق مستمر كما هو. الإضافات الجديدة تهدف إلى منح الطلاب مزيدًا من الخيارات والمرونة لتحقيق تطلعاتهم الأكاديمية، سواء كانوا من الطلاب المصريين أو الوافدين. نحن ملتزمون بدعمهم وتمكينهم من تحقيق أحلامهم في بيئة تعليمية حديثة ومتطورة.

س:"ما هي أبرز التحديات التي تواجه تطوير الجامعة العمالية، وكيف تسعون للتغلب عليها لتحقيق معايير الجودة المطلوبة وتلبية احتياجات سوق العمل؟"


حاليًا، يجري التنسيق مع معالي وزير العمل محمد جبران للعمل على منظومة متكاملة لتطوير الجامعة العمالية، نحن بالفعل ندرس المشكلات التي تواجه الجامعة، وهو ما بدأناه منذ أن كنت نائبًا لوزير التعليم العالي، حيث توصلنا إلى بعض المؤشرات والاحتياجات التي يمكن أن تساهم في التطوير.

تشمل الخطة المقترحة منح الطلاب خيار الحصول على شهادة الدبلومه خلال سنتين أو استكمال دراستهم لسنتين إضافيتين للحصول على البكالوريوس، لتحقيق ذلك، يتم حاليًا العمل على تطوير المناهج والبرامج التعليمية بما يتماشى مع معايير التعليم العالي، كما يجري إعادة هيكلة شاملة للمنظومة، بما في ذلك الأماكن والتخصصات المناسبة التي ستبدأ بتطبيق البرامج الجديدة.

نحن ملتزمون بطرح برامج تعليمية جديدة معتمدة، خاصة في فرع مدينة نصر، حيث سيكون التركيز على تلبية المتطلبات المهنية والفنية لسوق العمل، أطمئن قراء موقع "الفجر" أن هناك جهودًا كبيرة تُبذل بالتعاون بين وزارتي التعليم العالي والعمل لجعل الجامعة العمالية داعمة حقيقية لمنظومة التعليم الفني والتكنولوجي في مصر، وذلك وفقًا لمعايير الجودة المعتمدة، وكل برنامج يحقق تلك المتطلبات سيُطبّق على الفور، حضر إلقاء الدكتور عادل عبد الغفار المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي 

مقالات مشابهة

  • مصر تناقش حقوق الإنسان في جنيف وتستعد لاستلام التوصيات النهائية
  • أمانة التعليم والبحث العلمي بمستقبل وطن تضع خطة عملها خلال الفترة المقبلة
  • بحث علاقات التعاون العلمي بين سوريا وباكستان ‏
  • الأكاديمية العسكرية المصرية تستقبل الزيارة الأولى لأسر الطلبة الجدد.. صور
  • وزير التعليم العالي: رؤية استراتيجية لتطوير التعليم والبحث العلمي في حوار خاص لموقع الفجر
  • الأكاديمية العسكرية المصرية تستقبل الزيارة الأولى لأسر الطلبة الجدد فترة الإعداد العسكري
  • الأكاديمية العسكرية المصرية تستقبل الزيارة الأولى لأسر الطلبة الجدد خلال فترة الإعداد العسكري
  • التعليم والبحث العلمي: مصر المدافع الأول عن الأمة ضد الظلم والطغيان
  • «البحث العلمي» تكشف تفاصيل إنشاء الأكاديمية المصرية لعلوم الرياضيات
  • إنجازات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030"