انطلاقة قوية لصالون تواصل الأجيال وحزمة توصيات لاستعادة هيبة الصورة الصحفية
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
كتب- إسلام لطفي:
شدد المشاركون في الجلسة الأولى من صالون تواصل الأجيال، الذي انطلق مساء الأربعاء بنقابة الصحفيين، تحت عنوان: «أخلاقيات الصورة الصحفية بين الحقوق المهنية وحرمة الحياة الشخصية»، على ضرورة العمل على تنمية الوعي المهني واستعادة هيبة الصورة الصحفية أحد أهم فنون التحرير الصحفي.
وافتتح الكاتب الصحفي أيمن عبدالمجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين، رئيس لجنة المعاشات الحلقة الأولى من الصالون مرحبًا بأساتذة المهنة وشبابها، مؤكدًا على أن الهدف من الصالون خلق منصة تواصل بين الأجيال يستفاد بها من عصارة خبرة أساتذة وشيوخ المهنة لنقلها للشباب، مع الخروج بتوصيات ترفع لمجلس النقابة والقائمين على إدارات التحرير للارتقاء بالأداء المهني.
وبدأ عبدالمجيد الصالون بطرح تساؤلات حول رسالة الصورة الصحفية، وأخلاقياتها، والحقوق المهنية وحرمة الحياة الخاصة موضوع النقاش، مع وضع خط فاصل بين ممارسي المهنة من أعضاء النقابة والمتدربين، ومنتحلي الصفة.
وأكدت القامات المهنية المشاركة في الصالون، محترفو التصوير، وإدارة التحرير، خلال نقاشاتها، على أن للمهنة أخلاقيات راسخة ومواثيق شرف ينبغي الالتزام بها خلال الممارسة، مع العمل من خلال الحرية المسؤولة، والتعامل الحرفي مع الأحداث بما يضمن أداء المصور الصحفي لدوره المهني والحفاظ على حقوق المجتمع وحرمة الحياة الخاصة.
وأجمع المشاركون على ثوابت ينبغي الانطلاق منها، تبدأ بضرورة التفرقة بين المصور الصحفي النقابي أو الذي يعمل متدربًا بصحيفة، وهؤلاء الهواة ومنتجي المحتوى لصفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي أو من يتكسبون من تصوير الحفلات والجنازات وسرادقات العزاء.
وتساءل المشاركون: الصحافة مهنة ورسالة فما هي رسالة تصوير جنازة أو متوفى خلال إنزاله القبر؟ مؤكدين على ضرورة وضع ضوابط مهنية ملزمة تحمي كرامة المهنة من أخطاء الدخلاء، وحقوق ممارسي المهنة وتلزمهم في الوقت ذاته بأخلاقياتها، وتحمي حقوق المجتمع وحرمة الحياة الخاصة.
حسام دياب: على المصور الصحفي إظهار الضعف وليس الضعاف
- على المصور الالتزام بأخلاق المهنة ووضع نفسه موضع من يصوره، وأكد حسام دياب الرئيس الشرفي لرابطة المصورين المصريين، أمين عام اتحاد المصورين العرب، على أهمية وضع خطوط فاصلة بين المصور الصحفي محترف المهنة، و"البلوجر"، والهاوي الذي يتواجد في أماكن الأحداث والفعاليات باحثًا عن مشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف دياب الالتزام بأخلاقيات المهنة هو الأساس، والقاعدة الأولى التجرد، والموضوعية والرسالة، ويتحقق ذلك من خلال، تبادل الأدوار، بمعنى أنه على المصور الصحفي قبل التصوير التفكير في العمل فنيًا، وأخلاقيًا، كيف أحصل على صورة ذات مواصفات فنية عالية تحقق الرسالة المهنية، وما مدى توافقها مع الأخلاق والقيم المهنية؟ هل ستنشر أم لا؟
وأوضح دياب، على المصور الصحفي تبادل الأدوار من فاعل إلى مفعول به، بمعنى إذا كان هو الذي سيتم تصويره هل يرتضي ذلك لنفسه؟، وما تأثير تلك الصورة عليه بعد النشر وعلى أسرته ومحيطه الاجتماعي؟، وهنا اتبع مبدأ عظيما، صور الضعف ولكن لا تركز على الضعفاء، لا تأذي الآخرين فليس من حقك تصوير وجه متهم أو نشر صورة جثمان لضحية في حادث.
وقدم دياب نموذجًا عمليًا، يدمج بين الحرص على تحقيق سبق صحفي وفي الوقت ذاته الالتزام بأخلاقيات المهنة وحرمة الحياة الخاصة، من خلال سعيه للحصول على موافقات بتصوير تنفيذ حكم الإعدام في مدان بجريمة قتل، وبعد الحصول على الموافقات واستئذان الذي سينفذ بحقه الحكم، سأله القائمون على التنفيذ نفسك في إيه، فأجاب أنه يريد شرب كوب شاي.
واستطرد دياب، وهنا تم التركيز على الضعف وليس الضعيف، فقمت بالتركيز على يده التي تحمل كوب الشاي وفي التكوين، جزء من بدلة الإعدام الحمراء، وتفاصيل مكان تنفيذ الحكم، وهنا حققت الرسالة من الصورة دون أن تنتهك خصوصيته فلم أصور وجهه مطلقًا، فلا تعارض بين الحقوق المهنية والالتزام بالأخلاقيات وحرمة الخصوصية.
وأشار دياب إلى واقعة أخرى وضع فيها المصورون الأمريكيون أنفسهم فيها موضع المفعول به وليس الفاعل (القائم بالتصوير)، عندما قُتل زميل لهم مصور في أفغانستان، ونشرت صحيفة صور جثته، وهنا ثار المصورون في أمريكا معربين عن سخطهم ورفضهم نشر صور جثة زميلهم، وهو درس يجعلهم يشعرون بما يشعر به أهل المجني عليهم.
على حسن: تغطية الجريمة يجب أن تستهدف ردعها لا الترويج للجناة
- الحياد والموضوعية قاعدة أساسية ولا ينبغي تصوير المتهم في القفص ورأى على حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، الذي عمل لعقود محررًا قضائيًا، أن الأصل في التغطية الصحفية تحرير وتصوير، ينبغي أن يكون هدفها منع انتشار الجريمة، والتزام الصحفي والمصور بالحياد التام والموضوعية وعدم الانحياز لأي طرف.
وأضاف حسن، لذلك ينبغي عند تغطية أحداث الجريمة وجلسات التقاضي، عدم التهوين أو التهويل في المعالجة، أو استباق التحقيقات بالحكم على المتهمين، فهناك عناوين تخرج مصدرة الحكم على متهم لم يثبت إدانته بحكم نهائي وبات، كأن تقول القبض على قاتل زوجته، وهو مجرد متهم في القضية سيمثل للتحقيق والمحاكمة وقد يدان في درجة تقاضي ويبرأ في الاستئناف أو النقض.
وأضاف حسن: لا يجب نشر صور المتهمين، فهم مشتبه بهم والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومن الأخطاء التي ترتكب أن تنشر الصحافة صورة متهم وقد تم تغطية عينيه، ثم في متن الخبر تجد اسمه الثلاثي، وهذه الممارسات يجب مراعاتها باستبدال الاسم بالأحرف الأولى فقط للحفاظ على الخصوصية وعدم امتداد الأثر السلبي إلى الأسرة والعائلة.
ونوه حسن عبر نماذج لقضايا عرضها، داعيًا للحذر عند تناول القضايا التي تمس الشرف، مثل قضية اغتصاب فتاة المعادي، ففي هذه الحادثة التي هزت الرأي العام نُشرت صور الفتاة، واسم والدها كاملًا وظيفته مدير مدرسة واسم المدرسة، وبات الأمر يصيب العائلة كلها بأضرار نفسية وامتد إلى مكان عمل الوالد ذاته.
وأكد حسن على عدم جواز انتهاك حرمة الحياة الخاصة، فلا يجوز تصوير المشاهير دون علمهم أو إذنهم، كما لا يجوز انتهاك حرمة المتوفى، وجثث ضحايا الحوادث أو الجنازات.
بينما رأى المصور الصحفي القدير عادل مبارز، أن تصوير جنازات الشخصيات الشهيرة، إذا اقتضت الضرورة المهنية، فيجب أن يكون عن بُعد كما يحدث في تصوير مباريات كرة القدم، فالمصور في المباريات لا يدخل أرض الملعب.
وأضاف مبارز، ما يتم رصده من أزمات يؤكد أهمية إعادة النظر في آليات تدريب الشباب في المؤسسات الصحفية، ونقابة الصحفيين، فيجب تكثيف الدورات التدريبية في مراحل التكوين المهني، وليس مجرد أيام معدودات سابقة على لجان القيد.
وضرب مبارز عدة أمثلة لأعمال مهنية حقق خلالها بالتنسيق مع المحرر انفرادات مهنية، دون أي انتهاك لخصوصية، منها تصوير معاينات في قضايا شغلت الرأي العام، رافضًا في الوقت ذاته التصوير داخل منازل المتهمين.
واستند مبارز لمثال من أرشيفه المهني، عندما صور أول حوار يجرى مع الرئيس الأسبق محمد نجيب، الذي ظل سنوات رهن الإقامة الجبرية، مشيرًا إلى حرصه خلال التصوير على إظهاره بالروب الذي يرتديه دون الالتفات إلى المظاهر السلبية التي رآها في المكان".
وقال مبارز صوّرت جنازة عبدالحليم حافظ من فوق كوبري المشاه لإظهار حشود المودعين، فحققت الهدف دون المساس بحرمة المتوفى أو انفعالات وحرمة الحياة الخاصة لمودعيه، فالمصور الصحفي لديه من الإمكانيات ما يمكنه من التصوير عن بُعد ليحقق الهدف دون انتهاك خصوصية.
وتطرقت الكاتبة الصحفية إيمان راشد مدير تحرير الأخبار، إلى ضرورة الاهتمام بالتدريب داخل المؤسسات، والإشراف من قبل القيادات التحريرية ورؤساء أقسام التصوير على تأهيل شباب المهنة، وأهمية التنسيق التام بين المحرر والمصور، للخروج بعمل متكامل، يلتزم بأخلاقيات المهنة وضوابطها.
وعرض الكاتب الصحفي عبدالله حسن رئيس مجلس إدارة وتحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، الذي عمل مراسلًا صحفيًا للوكالة بعدد من العواصم الأوروبية، تجارب أوروبية في التغطية الصحفية المصورة لحوادث شغلت الرأي العام العالمي والدروس المستفادة منها.
وأشار إلى حادث مقتل الأميرة ديانا والأخطاء المهنية التي سقط فيها صحفيون ومصورين غربيون، منها ما اسموه بصائد الصور، حيث تتبع مصورون الأميرة ديانا وتصوير ملامح الحمل ببطنها، ناشرين أخبارا مصورة تقول إنها حامل من دودي الفايد.
وقال عبدالله حسن، إنه خلال حادث مقتلها، كان والكاتب الصحفي أنيس منصور بلندن وتصادف تواجدهما بفندق قريب من موقع الحادث، فخرجت عناوين الصحف في اليوم التالي تقول إن جهات التحقيق رصدت شخصين بموقع الحادث بملامح شرقية يقيمان بفندق كذا، وعند مطالعة الأستاذ أنيس الأخبار تلك اتصل بي مازحًا لا تتصل بي ابحث وحدك عن تفاصيل الحادثة.
وشدد المصور الصحفي القدير مصطفى أمين، أن المصور الصحفي صاحب رسالة، ومن ثم ينبغي طرح سؤال على نفسه ما هي الرسالة التي أسعى لتحقيقها من هذه الصورة، وما هي الزوايا الفنية التي تحقق تلك الرسالة، وهذا ينطبق على كل شيء خاصة الحوادث والجنازات ما الهدف من تصوير جنازة؟
وأضاف أمين، يجب التنسيق التام مع المصور والمحرر والمخرج الصحفي، حتى لا يتم تقديم زوايا صور والتركيز على جوانب عند النشر لا تحقق هدف المصور.
وعن الصورة الكاذبة تحدث محمد بغدادي المدير الفني السابق بمؤسسة روزاليوسف، عن خطورة الصورة الكاذبة، وهي الصورة التي تستهدف تقديم واقع مغاير لحقيقة ما يجري، عبر تضخيم جزء من المشهد وإخفاء أجزاء أخرى تعكس الحقيقة كاملة.
وقدم بغدادي مثالا بصحيفة أخذت صورة وكبرت مساحة صغيرة جدًا منها لتظهر شخصية فنية وكأنها عارية، وعند الرجوع لأصل الصورة اتضح انها مزيفة، من خلال تضخيم جزء ضئيل منها. وشدد الكاتب الصحفي القدير سعد السيد، على أن المصور يلتقط صورا عدة من زوايا عدة، لإتاحة ما يمكن من صور تعبر عن الموضوع، بينما حق إقرار النشر وتوظيفها وفق أخلاقيات المهنة متروك لإدارة التحرير، ومن ثم فإن حسن توظيف الصورة وفق الحقوق المهنية والضوابط الاخلاقية شريك فيه إدارة التحرير.
وشدد مجدي إبراهيم رئيس شعبة المصورين في نقابة الصحفيين، على أن الصحفيين المحترفين أعضاء الرابطة، ومن يعملون لصالح مؤسسات صحفية من المتدربين، يتحملون تبعات الجرائم المرتكبة من الهواة وغير المؤهلين، الذين يدفع بهم للبث المُباشر سعيًا للأرباح.
وأكد إبراهيم على أن البنية التشريعية الحاكمة للتصوير وتلزم المصور النقابي بالحصول على ترخيص مسبق عند الرغبة في تصوير أي شيء حتى في الشارع والميادين العامة، كان سببا في أن باتت الجنازات والحوادث والمحاكمات ساحة متاحة بديلة فظهرت المشكلات التي يشكو منها الجميع وتنال من سمعة وهيبة المهنة.
ودعا إبراهيم النقابة لتتبنى تعديلات تشريعية تحصر حظر التصوير على الأماكن العسكرية المحظور تصويرها بنص القانون الخاص، وفي الوقت ذاته تفعل النقابة آلياتها في مواجهة منتحلي الصفة ومنتهكي مواثيق المهنة فمن أمن المساءلة أساء الأدب.
وأكد الكاتب الصحفي أحمد جعفر، على أهمية الاهتمام بأقسام التصوير بالمؤسسات الصحفية، فقد أدى تراجع الاهتمام إلى الاعتماد على الصور الأرشيفية، ما أوقع سكرتارية التحرير في أخطاء كارثية ناتجة عن الاستعانة بصور من شبكة الإنترنت، ضاربًا المثال بصورة تمت الاستعانة بها من الإنترنت لتضاف لموضوع صحفي، وهي صورة تناقض الواقع والمواطنين، تم وضع تعليق لها وقام الأرشيف بإضافتها للأرشيف بمعلومات كاذبة، وأعيد استخدامها في موضوع له صلة بحادثة، ما تسبب في أزمة كبيرة للمواطنين الذين ظهروا بها فأقاموا دعوة ضد الصحيفة.
وقدم مثالا آخر له علاقة بالتقاط صور ذات صبغة طائفية على سيارة نقل وهي ما رفضها، داعيًا للتدريب المهني، وبناء الوعي داخل المؤسسات الصحفية لشباب المهنة، وتجنب نشر صور طائفية أو تنتهك حقوق المواطنين.
وأوصى جعفر بتأسيس مرصد مهني داخل النقابة لرصد التجاوزات المهنية والعمل على التعامل معها.
فيما رأى المصور الصحفي صلاح الطائر، أن من المهم إعادة النظر في التشريعات، بما يوفر بيئة عمل آمنة للمصورين، تساعد على ممارسة عملهم بحرية، داعيًا إلى تحمل إدارات التحرير مسؤولية تدريب الشباب والارتقاء بالمستوى المهني خلال فترات التدريب بالصحف وقبل القيد بجداول النقابة.
ومن جانبه شدد الكاتب الصحفي صلاح فضل على أهمية بناء الوعي لدى الجمهور ذاته بأهمية الصحافة ودور الصحفي والمصور في نقل الحقائق للجمهور، مسترجعًا من الذاكرة تحقيق صحفي ذهب لتحقيقه في قرية فقدت العديد من أبنائها في حادث غرق الباخرة سالم إكسبرس الأولى، حيث جاء التحقيق تحت عنوان (الموت يمشي في قرية…)، وكانت الأسر في حالة انهيار في انتظار جثث الغرقى، فعارض البعض التصوير، فقام الزميل بالتقاط صور بانورامية تعكس الواقع دون انتهاك الخصوصية.
ودعا الكاتب الصحفي محمد الدسوقي مدير تحرير الأهرام، إلى ضرورة بناء قدرات الصحفي الشامل، الذي يجيد الكتابة والتصوير في آنٍ واحد، فليس من المنطقي أن تطرح سؤالا على مصور صحفي شاب عن أنواع الصورة الصحفية ولا يجيب، وليس من المنطقي أن يصور ولا يجيد صياغة تعليقات الصور، والعكس لا ينبغي أن يكون لدينا محرر غير ملم بفنيات الصورة الصحفية، والقدرة على توظيفها الأمثل في الموضوع الصحفي.
ورصد الدسوقي عددا من الأخطاء المرتكبة في تعليقات الصور فهناك صحيفة كتبت تعليق (جثة أرشيفية)!، وآخر كتب تعليق "نقل جثث خمسة مصابين"!
وقال الدسوقي الصورة مثل الخبر لا بد أن تجيب عن الأسئلة الخمسة فهي صورة خبرية صحفية، فيجب أن يطرح المصور على نفسه سؤالا ما هي الرسالة التي تستهدف إيصالها من الصورة؟ وهل يحق تصويرها أم تنتهك خصوصية أحد.
وأضاف الدسوقي، كما ليس من حق إنسان التسجيل لأي إنسان آخر بدون إذن، فلا يجب انتهاك خصوصية أحد وتصوير بدون إذن، كما ينبغي أن تكون الصور غير جارحة لمشاعر المتلقي فما الهدف من نشر صورة جثة ممزقة نتيجة حادث مروع؟ يجب احترام مشاعر المُتلقي.
وخلص الدسوقي إلى ضرورة بناء وعي مهني بفنيات وحرفية التصوير وفي الوقت ذاته "أخلاقي".
وتطرق الكاتب الصحفي محمد العبادي نائب رئيس تحرير الجمهورية، إلى ضرورة وضع ضوابط مهنية حاكمة لتصوير الأطفال، عارضًا تجربة لصحيفة يابانية التقط فيها مصور صورا لعدد من الأطفال "أحداث"، فتم محاكمته بانتهاك خصوصية الأطفال، وعندما دفع محامي الصحيفة بأن المصور استأذنهم قبل التصوير وأذنوا له، كان رد الادعاء الأطفال في مرحلة سنية لا تؤهلهم لإدراك عواقب تصويرهم كمتهمين، ومن ثم ادعاء موافقتهم لا تحمي المصور والصحيفة التي نشرت.
وشدد العبادي على ضرورة احترام التعهد الذي يقطعه الصحفي أو المصور على نفسه للمصدر، ضاربًا مثل بتحقيق عن موائد الرحمن التي تقيمها راقصات في رمضان، وخلال تصوير مائدة، طلبت الراقصة الشهيرة منه عدم ذكر اسمها والامتناع عن نشر الصور في الموضوع، لأنها تريد أن تفعل الخير دون إعلان ذلك، وكان رئيس التحرير الأستاذ سمير رجب، فأبلغه بذلك الوعد الذي قطعه على نفسه، ومن ثم وافق على عدم نشر صورتها.
وشدد الكاتب الصحفي صبري الديب، على ضرورة استعادة هيبة الصورة الصحفية، رافضًا بشكل قاطع السماح بتصوير ونشر تشييع الجنازات، مؤكدًا على أن تلك الممارسات لا يقدم خلالها المصور إبداعا مهنيا ولا تمثل قيمة خبرية.
ودعا الديب لاستعادة فنون تراجعت في الصحف منها حكاية صورة والصورة الناطقة التي تقدم قصة خبرية، لاستعادة القيمة الإبداعية للصورة.
وفجّر الكاتب الصحفي علي القماش قضية خلافية عندما أكد على أن أهم الصور التي أثارت ضجة في تاريخ المهنة كانت صورا التقطها أشخاص من غير المصورين الصحفيين، تواجدوا في مكان الوقائع والأحداث وأمدوا الصحافة بها.
وضرب القماش مثالا بصور لتمثال أثري أرسلت من شخص في فرنسا تواجد في مزاد بيعه، وهو تمثال مسروق منذ عقود.
وأضاف القماش، من المهم التعاون بين المصور والمحرر في كتابة تعليقات الصور، وتحديد زوايا تناول الموضوعات والإبداع في تقديم صور تحقق قيمة مضافة للموضوعات.
وأيدت الكاتبة الصحفية محاسن السنوسي، ضرورة وضع ضوابط لتغطية المصورين الجنازات وسرادقات عزاء المشاهير، كون أزماتها باتت متكررة وتحتاج إلى معالجات تحفظ كرامة المهنة، ومراجعة رؤساء التحرير الذين يدفعون بغير المؤهلين لهذه المهام.
وتساءلت السنوسي، عن حدود الصورة الاخلاقية، ففي حين تعتبر الصحافة البريطانية التقاط صور للأميرة ديانا وهي حامل حقا وسبقا، فإن هناك من يراها انتهاك خصوصية، ومن ثم ما الحدود الفاصلة بين الحرية المهنية وانتهاك حرمة الحياة الخاصة؟
الصورة الصحفية لا تنفصل عن أخلاق المجتمع ورد على السؤال عميد المصورين المصريين حسام دياب، قائلاً: أخلاقيات المهنة لا تنفصل عن أخلاقيات المجتمع التي تمارس به المهنة وتخدم جمهوره، ومن ثم على المصور الصحفي احترام أخلاقيات المجتمع.
وضرب دياب مثالا على ذلك، تصوير شاب يقبل فتاة في دولة أوروبية لا يمثل أي انتهاك لخصوصية وفق مجتمعهم، فيحدث ذلك في الشارع دون أي رفض، بينما في مجتمع عربي يعد انتهاكا لأن مثل هذا الفعل لا يسمح بممارسته في المكان العام.
وأضاف دياب، المجتمع الشرقي له ضوابطه وتقاليده، وليس من المنطقي أن ما يمارس في الغرب يصلح فعله في الشرق، فالصورة الصحفية لا تنفصل في أخلاقياتها عن أخلاقيات المجتمع الملتقطة به، والمُقدمة لجمهوره.
ومن جانبه شدد الكاتب الصحفي محمد رجب، على رفضه القاطع لاعتبار تصوير الجنازات وسرادقات العزاء والأفراح عملا صحفيا مهنيا، كونها لا تحتوي على أي رسالة مهنية أو خدمة إخبارية.
ولفت رجب الانتباه إلى ضرورة بحث خطورة تزييف الآراء والحقائق من خلال اقتطاع جمل من سياقها عبر المونتاج لأحاديث يدلي بها المصادر، خاصة مع تنامي الصحافة الرقمية ومنصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار رجب إلى عدم جواز تصوير الجلسات الخاصة دون إذن، ما لم يكن التصوير كاشفًا لفساد أو جريمة، داعيًا لاتخاذ نقابة الصحفيين إجراءات بالتعاون مع المؤسسات الصحفية لوقف تصوير الجنازات بشكل تام.
وشددت الكاتبة الصحفية أميرة عبدالله، مدير تحرير صحيفة العمال، على ضرورة تأهيل المصورين والصحفيين، على كيفية التعامل عند تعرضهم لأزمات وتحديات خلال أداء مهام عملهم، وكيفية التنسيق التام والدراسة الوافية للموضوع من قبل المحرر والمصور، لإنتاج محتوى متكامل يحقق قيمة مهنية مضافة.
واختتم الصالون جلسته الأولى بعدد من التوصيات، والإجابة عن تساؤلات الشباب المُشاركين، على أن يواصل نقاش ما تولد من قضايا فرعية في جلسات تالية.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: تنسيق الجامعات فانتازي الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة صالون تواصل الأجيال نقابة الصحفيين أيمن عبدالمجيد المؤسسات الصحفیة الکاتب الصحفی على ضرورة إلى ضرورة على نفسه نشر صور من خلال على أن داعی ا صحفی ا
إقرأ أيضاً:
ننشر البيان الختامي للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين
جاءت الدعوة للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين في ظروف استثنائية، تتعرض المهنة فيها لأزمات حادة على جميع المستويات، مهنية واقتصادية، وكذلك على مستوى الحريات والتشريعات، تعوقها عن ممارسة دورها المنوط بها في خدمة المجتمع والتعبير عن قضايا المواطنين.
حسين الزناتي: القيد عصب نقابة الصحفيين وأداة لتطوير المهنة سكرتير عام نقابة الصحفيين يكشف استعدادات المؤتمر العام السادسوأصبح الصحفيون شهودًا على أزمة حقيقية تتمثل في تراجع حرية التعبير، وزيادة الضغوط الملقاة على الصحفيين، وتحجيم فرصهم للقيام بدورهم الحيوي في المجتمع، وهي الأزمة التي امتدت لتلقي بظلالها على الأوضاع الاقتصادية للمهنة وللصحفيين، ويدفع أعداد كبيرة من ممارسي المهنة ثمنها، وتحجّم فرصهم للقيام بدورهم الحيوي في المجتمع. فالعديد من زملائنا يعيشون ظروفًا مهنية واجتماعية واقتصادية صعبة حان الوقت أن نناقشها بشكل علني وجاد، ومعلن في مؤتمرنا، وعيننا على مستقبل أفضل للجميع.
تصاعد ذلك في ظل التطورات التكنولوجية، التي عجزت الكثير من المؤسسات الصحفية عن ملاحقاتها في ظل ما ينوء بها من أعباء اقتصادية، وبينما اتجه العالم لإعداد تعريفات جديدة للصحافة من خلال التركيز على المحتوى الصحفي، فإن صراعًا جانبيًا ثار بين نوعين من الصحافة هما: الورقية والإلكترونية، وأيهما سيبقى، فيما انشغلت قطاعات واسعة عن ضرورة إنتاج محتوى يلبي احتياجات الجمهور، ويسعى من خلال التدريب وتعظيم الإمكانات إلى صنع تكامل داخل المؤسسات، وبين مختلف المؤسسات لتطوير هذا المحتوى وتطوير البيئة، التي تمكّن الصحفيين من أداء دورهم بحرية واستقلال، وأن بداية الطريق دائمًا تأتي عبر تحرير الصحفي من كل القيود المهنية، والاقتصادية، والتشريعية المكبلة لعمله، خاصة في مهنة لا تعيش، ولا تتنفس، ولا تنمو إلا بالحرية.
لقد كان أمام مجلس النقابة والجمعية العمومية طريقان، إما الاستسلام لتحديات العصر، والاكتفاء بأحاديث الغرف المغلقة، وإما أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لتغيير الوضع الراهن. وأن نسعى جاهدين لبناء نموذج إعلامي جديد يعتمد على الشفافية والمصداقية والابتكار والنقاش الجاد والصريح حول أزماتنا.
فعلى الصعيد العام، جاءت الدعوة للمؤتمر وسط أزمة عامة طالت الحريات العامة في المجتمع، وقيدت المجال العام والقدرة على الحركة، وكذلك وسط أزمة اقتصادية طالت قطاعات واسعة من المواطنين، وأثرت على قدرتهم الشرائية كما تسببت في رفع تكاليف الإنتاج لكل السلع، وهو ما دفع السلطة للدعوة لحوار وطني لمناقشة هذه القضايا، كانت نقابة الصحفيين حريصة على المشاركة فيه تنفيذًا للقرارات الصادرة عن الجمعية العمومية في انعقادها الأخير، وحرص مجلس النقابة على طرح رؤية الصحفيين لإصلاح أحوالهم، وذلك بعد استطلاع قطاعات واسعة من الجمعية العمومية، لكن التقدم في النقاش وطرح الحلول جاء وئيدًا، وتلازمت مع كل دعوة لنقابة الصحفيين حدوث انتهاك يطال المهنة كالقبض على أحد الزملاء، أو استمرار ظاهرة الحجب، فعلى سبيل المثال لا الحصر سعت النقابة لحل ملفات الحبس، والحجب، وحرية العمل في الشارع، فحققت بعض النجاحات في البداية، لكنها ما لبثت جميعًا أن تعطلت، ففي البداية أسفرت جهود النقابة عن خروج ما يقرب من 11 زميلًا من غياهب الحبس، وتم إغلاق الباب الدوار لدخول محبوسين جدد لأكثر من عام كامل، لكن مع بدايات العام الثاني في عمر المجلس وقت تصاعد الدعوة للمؤتمر العام عاد الباب ليدور بشكل عكسي، وبعد أن تراجع عدد المحبوسين من الصحفيين من 30 زميلًا إلى 19 زميلًا، ارتفع العدد مرة أخرى ليصل إلى 24 زميلًا محبوسًا في انتكاسة لكل هذه الجهود، خاصة أن 15 زميلًا من بين المحبوسين تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين كاملين، وبعضهم استطالت فترات حبسه الاحتياطي لتصل إلى خمس سنوات، ويكفي تطبيق القانون الحالي، ومراجعة أوضاعهم لإطلاق سراحهم فورًا.
وخلال مشاركات النقابة في الحوار الوطني، رفع ممثلوها وفي إطار المساحات المتاحة لهم رؤية النقابة للخطوط العامة لحل مشكلة الصحافة، لكن كان لا بد أن نتشارك معًا في كل التفاصيل لتقديم رؤية جامعة لقضايانا.
على الجانب الآخر، كان تطوير العمل النقابي جزءًا أساسيًا من المطالب المرفوعة داخل الجمعية العمومية، ففي ظل هذا الوضع أصبح فرض عين علينا نحن كصحفيين أن نبني نقابة قوية تُعبر عن صوتنا، وتدافع عن حقوقنا من خلال هيكل مؤسسي فعّال وقائم على الشفافية، ويستند إلى مشاركة جميع الأعضاء في صنع القرار، مدركين أن تعزيز العمل النقابي سيعزز قوتنا كمجتمع صحفي، ويضمن لنا الأمان الاجتماعي والمهني.
في ظل هذا الوضع، جاءت الدعوة للمؤتمر العام السادس للنقابة مع بداية العام الحالي 2024م، وذلك لفتح نقاش عام داخل الجماعة الصحفية لمناقشة قضاياها عبر كل أطراف المهنة، لنتشارك جميعًا في تحليل الأزمة، التي نعيشها والخروج برؤى وخطوات وحلول واضحة لهذه الأزمة على كل الأصعدة يتولى مجلس النقابة وجمعيتها العمومية، وجميع أطراف المهنة رفعها لكل الجهات، وتكون برنامج عمل نتشارك جميعًا في تحقيقه.
لقد كنا حريصين منذ البداية على الحفاظ على تنوع هذه المهنة في سعينا لاستعادة قوتها الناعمة، لا نفرق بين فريق وآخر، وكان الهدف أن يتم فتح الأبواب للجميع للإدلاء برأيهم من خلال المؤتمر العام.
وعلى مدار عشرة شهور كاملة، شهدت النقابة أكثر من 80 اجتماعًا وندوة وحلقة نقاش تحضيرية للمؤتمر شارك فيها المئات من أعضاء الجمعية العمومية، بدأت بأربعة مؤتمرات تحضيرية عامة، حضرها لفيف من القيادات النقابية، وكذلك قيادات المؤسسات، والنواب الصحفيون، وأعضاء الجمعية العمومية تم خلالها مناقشة الخطوط العريضة لمحاور المؤتمر، وطريقة اختيار أمانته العامة، وكذلك عنوان المؤتمر، وجاءت مواكبة الإعداد للمؤتمر للمذبحة، التي تجري بحق الشعب الفلسطيني على حدودنا الشرقية خلال العدوان على غزة، وجميع الأراضي الفلسطينية ليختار الحاضرون في الاجتماعات التحضيرية بالإجماع عنوان "دورة فلسطين" لهذه الدورة من المؤتمر.
كما تشارك مجلس النقابة، والمشاركون في الجلسات التحضيرية الأولى محاور المؤتمر ولجانه التحضيرية ليتم تقسيم العمل إلى ثلاثة محاور هي: الحريات والتشريعات، والأوضاع الاقتصادية للصحافة والصحفيين، ومستقبل المهنة والتطورات التكنولوجية، كما طغت على جميع المحاور أزمات العمل النقابي والقيود المفروضة على عمل الصحفيين، خاصة ما يتعلق بأزمات الحجب وحبس الصحفيين، لتبدأ دورات عمل اللجان في الدوران متواكبة مع اجتماعات مشتركة للأمانة العامة، وممثلين مع مجلس النقابة، وظهر حماس الزملاء لعمل المؤتمر من خلال تقديم عدد كبير من أوراق العمل منذ الأسابيع الأولى للمؤتمر.
وبالتوازي مع الاجتماعات التحضيرية العامة، وكذلك النقاشات حول قضايا المهنة وقضايا المجتمع، التي طغت خلال هذه الفترة، وفي مقدمتها النقاش المحتدم حول مشروعي قانوني الإجراءات الجنائية والعمل الموحد، التي برزت خلال فترة الإعداد للمؤتمر، استمر العمل الدؤوب داخل اللجان لتعقد لجنة الحريات والتشريعات أكثر من 25 فاعلية بين 12 اجتماعًا تحضيريًا، وثلاث ندوات، وأربع ورش عمل، وستة لقاءات مع خبراء، نتج عنها نحو ثلاثة وعشرين مخرجًا، بينها مشروع قانون لإلغاء العقوبات السالبة للحرية في مجال النشر والعلانية، ومشروع بقانون لحرية تداول المعلومات، ومذكرة بحزمة واسعة من التعديلات التشريعية واللائحية على مجموعة من القوانين ذات الصلة بالصحافة والإعلام، ومذكرة مطوّلة بتعديلات على مشروع قانون العمل الجديد، وثماني أوراق بحثية رئيسية مصحوبة بتوصيات، ومشروع مدونة سلوك لبيئة عمل آمنة، كما تم تقديم مشروعين لمدونتين مهنيتين من لجنة المرأة والزميلات، وسبع أوراق بمقترحات متنوعة.
وعقدت لجنة مستقبل الصحافة، أكثر من 17 فاعلية بين اجتماعات تحضيرية وندوات، وتم تقديم 7 أوراق ودراسات عمل من خلالها، فيما عقدت لجنة اقتصاديات الصحافة أكثر من 20 فاعلية بين اجتماعات تحضيرية، وندوات نقاشية، وتم تقديم 7 أوراق عمل، كما تواصل عقد لقاءات الأمانة العامة والفاعليات العامة حول مختلف القضايا، كما تم تقديم عدد من الأوراق خلال انعقاد فاعليات المؤتمر، الذي انعقد على ثلاثة أيام خلال الفترة من 14 لـ 16 ديسمبر 2024م، عبر أكثر من 20 ندوة ومائدة مستديرة شارك فيها ما يقرب من 120 متحدثًا بخلاف مئات الزملاء، الذين حضروا أعمال المؤتمر، وشاركوا في النقاشات بفاعلية.
ومنذ إطلاق الدعوة للمؤتمر كانت الرسالة التي وصلت للجميع أننا نحتاج ليس فقط لتصحيح الأوضاع، ولكن للمشاركة الفاعلة في وضع الحلول، ورسم خارطة طريق لبناء جديد يستعيد للصحافة مكانتها، وذلك من خلال الإحاطة الكاملة بحجم أزمتنا، وإدراك جميع أبعادها، وتوصيف حالنا عبر تواصل مستمر مع كل الأطراف، وعبر أبواب مفتوحة لجميع الزملاء، وكان علينا أن نطرح ونصيغ ذلك بطريقة عملية، فوضعنا ونحن نعد لهذا المؤتمر استبيانًا لقياس ما وصلنا، ولدراسة أوضاعنا بشكل عملي، وكذلك رؤية أصحاب الأزمة للحلول وأزماتها، فجاءت النتائج لتدق العديد من نواقيس الخطر.
لقد جاءت نتائج الاستبيان لتؤكد أننا في أزمة عظيمة، وفي محنة كبيرة، ولكنها في الوقت نفسه كشفت اعتزاز الصحفيين بمهنتهم، وحرصهم على استعادتها، والإمساك بتلابيب تطويرها، وهو ما أكد أن حلم الخروج من الأزمة ما زال ممكنًا، ولم يفلت منا، وأن أبناء هذه المهنة ما زالوا يحلمون، وما زالوا يضعون التصورات لإنقاذها، وهذا ما ظهر في العديد من النتائج.
لقد شارك في الاستبيان 1568 زميلًا وزميلة، 88% منهم من النقابيين، و60% منهم في الفئة العمرية من 30 إلى 50 عامًا، وما يقرب من 30% منهم من الزميلات، وجاء المشاركون في الاستبيان تعبيرًا عن كل تنوعات المهنة ومؤسساتها، وهو ما يعزز مصداقية أرقام الاستبيان، التي جاءت لترسم خريطة كاملة لأوجاع الصحفيين الاقتصادية والمهنية.
وكان من غير الممكن في ظل العدوان الهمجي على الشعب الفلسطيني أن يخرج المؤتمر دون أن يوجه تحية واجبة لزملاء لنا ضربوا أروع المثل في المهنية والوطنية، والتضحية والفداء، وهم زملاؤنا تحت نيران العدوان الصهيوني في أرض فلسطين الأبية، وهذه التحية جاءت عنوانًا لهذه الدورة "دورة فلسطين".
الأرقام تقول إن ما يقرب من 20% ممن ينقلون الحقيقة في غزة فقدوا حياتهم، وما زال زملاؤهم يعملون، حيث استُشهد أكثر من 194 صحفيًا وعاملًا بقطاع الإعلام، من بين 1000 صحفي يعملون على الأرض في غزة. ولقد كان المؤتمر حريصًا في كل فعالياته أن يقدم تحية إجلال وإكبار لـ 194 شهيدًا للصحافة الفلسطينية، الذين ضحوا بأرواحهم خلال العدوان الغاشم على غزة.
وفي هذا الإطار، فإن نقابة الصحفيين المصرية وأمانة المؤتمر العام تشدد على موقف النقابة الثابت والدائم ضد التطبيع مع العدو الصهيوني، مؤكدةً أن حظر التطبيع المهني والنقابي والشخصي سيظل مستمرًا حتى يتم تحرير الأراضي المحتلة، وعودة حقوق الشعب الفلسطيني.
وشدد المؤتمر على أن رفض النقابة لأي شكل من أشكال التطبيع ليس مجرد موقف سياسي، بل هو تعبير عن التضامن الإنساني العميق مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة، وبهذا تكون النقابة جزءًا من الحركة العالمية المناهضة للاحتلال.
بقيت كلمة أخيرة:
إن نتائج المؤتمر وتوصياته هي رسالة لكل الأطراف، ويبقى العمل على تحقيقها فرض عين علينا جميعًا كأبناء لهذه المهنة، وعلى كل حالم بمساحات أوسع للتعبير عن مشاكله، وكذلك على كل مَن يريد بناء وطن يتسع للجميع دون إقصاء أو تهميش، وكل مَن يريد أن تكون لدينا صحافة تعبر عن جموع المواطنين، وليس طرف واحد مهما علا شأنه وعظمت مكانته.
ويبقى أن تحقيق مطالب وتوصيات المؤتمر وضمان فعاليتها لا بد أن يأتي ضمن حزمة من الإجراءات العامة على رأسها إرساء قواعد الديمقراطية في المجتمع وتوسيع مساحات الحرية المتاحة للتعبير عن الرأي، ورفع القيود عن المؤسسات الصحفية والإعلامية بما يُبرز التعدد والتنوع، ويساعد على صناعة محتوى صحفي يليق بالمتلقي المصري والعربي، ويتيح فرصًا متساوية لجميع الأطراف للتعبير عن نفسها، ووقف التدخلات في العمل النقابي، وتحريره من أي قيود تعوقه، وتحرير المجال العام من القيود التي تمنع النقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب من الحركة، والعمل بحرية، والتفاعل فيما بينها بما يتيح لها تمثيل جموع الموطنين، والتفاوض من أجلهم، فلا حوار منتج أو يحقق هدف التغيير والتطوير بنفس الأدوات القديمة.
والمؤتمر يشدد على أن إعادة الاعتبار للتنوع في المجتمع، من خلال صحافة حرة ومتنوعة عبر تحرير الصحافة والصحفيين من القيود المفروضة على عملهم، وعلى حريتهم في ممارسة مهنتهم سيظل ضمانة رئيسية ليس للصحفيين وحدهم، ولكن للمجتمع بكل فئاته، فحرية الصحافة ليست مطلبًا فئويًا ولا "ريشة توضع على رأس ممارسي المهنة"، ولكنها طوق نجاة للمجتمع بأسره، وساحة حوار دائمة مفتوحة للجميع لمناقشة كل قضايا الوطن والمواطنين، فمطالب الصحفيين لا تقف عند حدود العمل اليومي، ولكنها تمتد أيضًا إلى المناخ العام، الذي يحكم عمل الصحافة، وكذلك الأوضاع الاقتصادية للصحفيين والمواطنين. فلا يمكن أن يكون هدفنا هو الاكتفاء بإصلاح منزلنا بينما بقية البيوت تحتاج إلى خطوات جادة لتعزيز الديمقراطية والشفافية، والحريات العامة، والتصدي لكل الانتهاكات والقيود، التي تعوق تقدم مجتمعنا، وفي مقدمتها تنامي ظاهرة الحبس، والإيغال في تشريعات وممارسات تنال من الحقوق السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية للمواطنين.