القيمة الاجتماعية للزرق: ما وراء القاعدة
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
القيمة الاجتماعية للزرق: ما وراء القاعدة..
دخول القوات المشتركة فى منطقة الزرق يمثل ضربة شديدة التأثير على آل دقلو وخاصة الأسرة ، فهذه المنطقة بإمتداداتها تعتبر (ملاذ خلفي) لبدايات تشكيل دولة العطاوة ، أو العطوية ، هى ليست نقطة عسكرية أو إرتكاز فحسب ، وإنما (دار جديدة) للقبيلة ولمجتمع الشتات ، هنا بدأت أحلام كثيرة لإعادة امجاد غابرة ، كانت بداياتها فى العام 1171م ، واستمرت حتى 1501م .
فمنذ العام 2023م ، سحبت مليشيا كل المدرعات من قاعدة الزرق وتم الدفع بها إلى الخرطوم فى اطار حملة مليشيا الدعم السريع احكام السيطرة على البلاد ، والكثير من العتاد تم الحصول عليه من خلال اموال وفرها الاتحاد الاوربي تحت غطاء محاربة الهجرة غير الشرعية ، واتخذت المليشيا من ذلك ستارا لبناء قاعدة عسكرية للتدريب والتاهيل وكانت اهم محطات التاهيل وتطوير القدرات دون رقابة لصيقة من الحكومة المركزية..
وفى اطار خطوات السيطرة على الخرطوم ، اشاع اعلام المليشيا تفكيك قاعدة الزرق ونقل العتاد العسكري والسيارات إلى الخرطوم و منها 170 عربة قتالية اتجهت إلى مروى ، و73 عربة قتالية وصلت إلى المدينه الرياضية يوم 13 ابريل 2023م لدخول القيادة العامة والسيطرة عليها ، وشوهدت عربات مدرعات محمولة على شاحنات تدخل الخرطوم ، وبقية التفاصيل معلومة..
ومنذ ذلك الوقت وكافة المتغيرات العسكرية فإن قاعده الزرق ظلت (نقطة عبور) للأسلحة القادمة من ليبيا أو المجموعة الزاحفة إلى الفاشر ، ومخزن مرجعي للفاشر..
ومع قلة الفاعلية العسكرية للزرق على المستوى الآجل ، إلا إنها ظلت ذات قيمة استراتيجية كبيرة فى المنظور الإجتماعي والعسكرى للمليشيا..
فبعد سقوط آخر الممالك الفاطمية فى الشمال الافريقي وتفرق مجموعات كثيرة جنوبا ، وتحالفهم مع ممالك النوبة نشأت تشكلات و سلطات جديدة فى الشمال السوداني وامتدت غربا إلى وادى الملح شمال دارفور ، بما يعرف (مملكة خذام) عام 1310م ، وامتد سلطانهم حتى منطقة (الجنيق) قرب (الزرق) وتقريبا فى ناحية (دونكى) الوخائم الحالى ، ومع سقوط دولة علوة فى شمال السودان لصالح دولة الفونج ، فإن سلطة الخزام تراجعت خاصة بعد نشوب معركة (ناقة فنى) عام 1501م ، وهو معركة بين ابناء العمومة ، وتراجعت السلطنة وبقيت مسميات القبيلة (ومنهم العطاوة وخزام) وقد تراجع وجودهم إلى حدود شمال كردفان وجزء من دارفور ، بينما اصبحت هذه المنطقة من حواكير الزغاوة وامتداداتهم التجارية،..
و خلال السنوات القليلة الماضية نشط آل دقلو فى إعادة إعمار المنطقة و إجراء تغيير ديمغرافى حتى تصبح مرة اخري (دارا) جديدة للعطاوة أو نواة دولة (الجنيد) وابناء راشد..
وهناك الكثير من الاشارات التى تعزز هذه الفرضية:
– واولها: إنتقال أسرة (آل دقلو) ، إلى هذه المنطقة ، فقد تم منذ وقت مبكر تعيين (جمعة دقلو) عم حميدتي عمدة فى المنطقة ، ولحقه شقيقه حمدان دقلو والد قائد المليشيا وكل الأسرة من النساء والاخوات والأصهار ، وغالب القاطنين فى المنطقة من خاصة آل دقلو ، وكذلك القوة العسكرية فى المنطقة من الرزيقات فقط..
– تم تركيز الاهتمام على تشجيع الرعاة للعودة للمنطقة ، مع قلة المرعى ، ولكن تم مضاعفة عدد (دوانكي المياه) ، وهذا وضع مناسب (للأباله) ..
– تتحكم المنطقة فى حركة التجارة العابرة ، وهو وضع جيد لأسرة تمتلك الكثير من المال ولديها الرغبة فى المزيد ، هنا تمر كل التجارة العابرة من ليبيا للسودان ، وكل السلع والمنتجات الحيوانية فى طريق التهريب إلى مصر ، ومن هنا يتم تهريب الصمغ العربي والذهب السوداني ، فهذا سوق آمن..
وفوق ذلك ، فإن الامتداد الجديد لأسرة آل دقلو سيجنبهم أى تداخل مع القيادات التاريخية للرزيقات فى مناطق الضعين حيث التأثير القبلي لآل مادبو أو مناطق كبكابية وجبال سي وتأثير موسي هلال ، واصبح العمدة جمعة دقلو فى أرض جديدة وأطيان جديدة..
بعد نهاية المعركة ، ظهر العمدة جمعة دقلو فى فضاء الزرق متوعدا منى اركو مناوى واشار إلى اهله وعشيرته من الزغاوة ووجودهم فى الاسواق وكذلك الفور والتنجر والميدوب..
والواضح هو الحرص على تغييب المظهر العسكري ، ومع أن والد حميدتي ظهر بزي عسكرى وعربة مدرعة إلا أن العمدة دقلو كظهر بالجلباب وقفطان ودون سلاح ظاهر أو رتبة عسكرية أو حتى عربات قتالية ، وحديثه اقرب للرجاء منه إلى خيار المواجهة..
لقد فتت ضربة (منطقة) الزرق مخطط كبير جرى الاعداد له منذ فترة طويلة.. ضمن سياقات التغيير الناعم فى دارفور خاصة وفى السودان بشكل عام.. وسيكون للتحركات فى شمال دارفور تأثير كبير على الروح المعنوية للمليشيا ولمن استقر فى ذهنهم دوام الأمر أو الخروج منه برقعة ارض ، ووجدت المليشيا حقيقة شعار (لستم آمنين)..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
25 ديسمبر 2024م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: آل دقلو
إقرأ أيضاً:
ساويرس: مصر أغنى دولة في المنطقة العربية لكنها تواجه مشاكل داخلية كثيرة
أكد رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس أن مصر تعتبر أغنى دولة في المنطقة العربية، إلا أنها تواجه العديد من المشاكل الداخلية التي ساهمت في تعميقها فترة الحكم الاشتراكي التي شهدتها البلاد في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وخلال افتتاح صالون إحسان عبد القدوس الثقافي الذي يُقام سنويًا في القاهرة، أشار ساويرس إلى أن الفقر والتحديات الاقتصادية التي تعاني منها مصر في الوقت الراهن تعود إلى السياسات الاشتراكية التي تم تطبيقها في منتصف القرن الماضي، بما في ذلك التأميم والمصادرة التي أدت إلى تدهور كثير من القطاعات الحيوية في البلاد، ووضعت قيودًا على النمو الاقتصادي.
وأوضح أن هذه السياسات كانت سببًا رئيسيًا في تأثير الأداء الاقتصادي على المدى الطويل، ما أدى إلى تراكم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي لا يزال المصريون يعانون منها حتى اليوم.
وعلى الرغم من هذه التحديات، فقد أبدى ساويرس تفاؤله بشأن المستقبل، وقال إنه يثق في قدرة الحكومة المصرية الحالية على التغلب على هذه المشاكل، مشيرًا إلى أن الحكومة بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات جادة لحل المشكلات، بما في ذلك تحسين البيئة الاستثمارية، والعمل على مشاريع تهدف إلى جذب الاستثمارات وتحسين الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى تناول ساويرس في حديثه التأثيرات السلبية للصراعات الإقليمية على الاقتصاد المصري، خصوصًا تلك التي تتعلق بالحرب في غزة، والتي ألقت بظلالها على النشاط التجاري والاقتصادي في المنطقة.
وأوضح أن "الأزمة في غزة ساهمت في تراجع السياحة، إضافة إلى التأثيرات السلبية على التجارة البحرية، خصوصًا في البحر الأحمر، وهو ما عطل بعض مسارات الشحن الرئيسية".
وأعرب عن أمله في أن تساهم الإصلاحات الاقتصادية التي تطرحها الحكومة في حل هذه التحديات، مشيرًا إلى أهمية التشجيع على الابتكار والمرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية المتزايدة.
وأكد ساويرس أن مصر تتمتع بالكثير من الموارد الطبيعية والبشرية التي يمكن أن تدفعها إلى الأمام إذا ما تم استغلالها بشكل أمثل.
واعتبر أن الإرادة السياسية والإصلاحات المستمرة هما مفتاح التغلب على أي أزمة اقتصادية قد تواجهها الدولة.
تجدر الإشارة إلى أن صالون إحسان عبد القدوس الثقافي يُعدّ حدثًا ثقافيًا سنويًا يهدف إلى تعزيز الحوار الثقافي وتبادل الآراء بين الشخصيات العامة من مختلف القطاعات في المجتمع المصري.