عبدالسلام التويتي

لقد دأب الكيان الصهيوني -منذ ظهوره إلى الوجود قبل أكثر من 7 عقود- على التهام التراب الفلسطيني والتوسع المستدام -بمساندةٍ غربية- على حساب دول الجوار العربية، في مسعى منه إلى تحقيق حلم «إسرائيل الكبرى» الذي صار -بالنظر إلى توغله في جنوب سوريا بعد سقوط الأسد- في حكم المؤكد.

ممر «داوود» بداية الحلم المنشود
إذا كان البعض ما يزال يبرر لـ«الكيان الصهيوني» ما يرتكبه من جرائم وحشية ومستفزة -منذ 15 شهرًا- في حق أطفال «قطاع غزة»، ويوجه اللوم للمقاومة الفلسطينية لاجتراحها ملحمة «طوفان الأقصى»، على اعتبار أنها أعطت «نتنياهو» المبررات اللازمة لارتكاب جرائمه وإعادة احتلال «القطاع» بصورة دائمة، فإنَّ ممارسة حكومة «نتنياهو» الاستيطانية في «الضفة الغربية» تبرهن بجلاء على خطأ تلك التبريرات الغبية، فكل المؤشرات التي سبقت «الطوفان» كانت دالة على أنَّ الهجوم على «قطاع غزة» كان قادمًا لا محالة، فضلًا عن أنَّ «نتنياهو» لا يحتاج -لارتكاب ما يرتكبه في حق الشعب الفلسطيني والمحيط العربي من منكرات- أية مبررات، بقدر استناده إلى آيات توارتية مفتريات تعطي قومه حق السيطرة على ما بين نهري «النيل والفرات»، وليس أدلّ على ذلك من اتخاذه حادثة سقوط نظام «الأسد» في سوريا التي لم تُطلق منها -منذ اندلاع «طوفان الأقصى»- طلقة واحدة فرصة سانحة لقصف كل ما تمتلك الجمهورية العربية السورية من منشآت عسكرية وذخائر وأسلحة، وليس هذا فحسب، بل سارع إلى توجيه قواته باختراق الحدود واحتلال مئات الأميال من الأراضي السورية بكل ما تمثله تلك الاعتداءات السافرة والإجراءات الاحتلالية من انتهاكٍ صارخٍ للقوانين الدولية.


ولا يمثل احتلال ل«جبل الشيخ» وريف «القنيطرة» السوريين سوى خطوة أولى لتعبيد «ممر داوود»، فقد قررت حكومة «نتنياهو» بمساندةٍ ترامبية ومباركة غربية -وفق ما أورد «دندراوى الهوارى» في سياق مقاله المعنون [6 مشاهد كاشفة لتنفيذ مشروع «ممر داوود» في سوريا لتحقيق حلم «إسرائيل الكبرى»!] الذي نشره موقع «اليوم السابع» منتصف ديسمبر الجاري- (تنفيذ مشروع «ممر داوود» من النهر «الفرات» إلى البحر «الأبيض المتوسط» مرورًا بدرعا والسويداء، والرقة، ودير الزور، والبو كمال، والتنف، وحتى الجولان.. وسيربط إسرائيل بالفرات، ويطوق الحدود العراقية، وسيشكل منفذا بريا لإسرائيل يفض عزلتها وحصارها، بجانب أهميته كطريق تجارى، يزيد من الحركة التجارية، وتقام فيه مشروعات للطاقة، بجانب المشروعات السياحية، ويعزز من قوة إسرائيل العسكرية، ويوسع من دورها الإقليمي، ويشكل ضغطًا كبيرًا على العراق ثم تركيا).
وبالرغم من الأهمية الاستراتيجية للممر، فإنه مجرد خطوة مرحلية على طريق تحقيق النبوءة التوراتية المؤكِّدة على حق الكيان المسمى «إسرائيل» في امتلاك كافة الأراضي الواقعة بين نهري الفرات والنيل.

خطوات تترى نحو تحقيق «إسرائيل الكبرى»
مع أنَّ مصطلح «إسرائيل الكبرى» قديم قدم فكرة تأسيس دولة «آل صهيون» وفق رؤية توراتية، فقد أرجئت مهمة تنفيذها حتى تتهيأ الظروف الإقليمية والدولية المواتية، وهي الآن متهيئة أكثر من أيِّ وقتٍ آخر، ومن مظاهر تهيؤها مجاهرة بعض الحكام العرب بتصهينهم ومساندتهم دولة «الكيان» في ما تخوضه من حرب وتبوئ المعتوة «ترامب» الذي يرى ضرورة توسع مساحة «إسرائيل» أخطر منصبٍ في عالم الغرب، ولعل آخر حكومات «نتنياهو» المتطرفة هي الأجرأ في اتخاذ خطوات ملموسة باتجاه تحقيق حلم «إسرائيل الكبرى»، وتمثلت أولى تلك الخطوات في توسيع رقعة حربها لتشمل -إلى جانب «قطاع غزة»- الضفة الغربية ولبنان وأخيرًا سوريا، التي تنبأ الكاتب «ديمتري نيفيدوف» بحقيقة استهدافها بشكلٍ مباشر قبل 3 أشهر.
وقد أشارت إلى الشروع في تنفيذ هذا المشروع الكاتبة الأردنية «إحسان الفقيه» في سياق مقالها التساؤلي المعنون [هل بقي مِن شك في مشروع «إسرائيل الكبرى»؟] الذي نشرته جريدة «القدس العربي» في الـ10 من نوفمبر الفائت بقولها: (الأحداث منذ السابع من أكتوبر، تؤكد أن التوسع خارج حدود فلسطين وإقامة دولة إسرائيل الكبرى هو من صميم العقيدة الصهيونية التي تتبناها الحكومة اليمينية المتطرفة.
وهناك حزمة من الدلائل تعزز القول إنَّ هناك توجهات إسرائيلية للتوسع خارج حدود فلسطين ضمن مشروع إسرائيل الكبرى).. وكل ما يحدث من توسعات صهيونية مستندٌ إلى نصوص دينية، وهذا ما أكدته الكاتبة قائلةً: (فـ«دانييلا فايس» واحدة من أهم القيادات المتطرفة ذات العلاقة الوثيقة بمخططات استيطان الضفة، وتكوين ميليشيات من متطرفي المستوطنين، تنادي علانية بمشروع إسرائيل الكبرى، فتقول: «حدود دولة اليهود هي الحدود التي وعد الرب بها إبراهيم: من الفرات إلى النيل»، وتعني بذلك ما ورد في سفر التكوين: «لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات». كما أكدت فايس على أنَّ هذه الحدود تشمل أراضي من دول أخرى، وأنَّ كتابهم المقدس هو الوثيقة الوحيدة التي يعتدون بها).. وممَّا هو مأخوذٌ بالحسبان أن تشمل دولة «إسرائيل الكبرى» -في ضوء الخرائط التي يعرضها مسؤولو الكيان- أجزاء من مصر والعراق والسعودية وسوريا بالإضافة إلى فلسطين والأردن ولبنان.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إسرائیل الکبرى

إقرأ أيضاً:

الجائزة الكبرى.. كيف نجحت مصر في استرداد سيناء من إسرائيل؟

تحتفل مصر والقوات المسلحة بالذكرى الـ 43 لتحرير سيناء، حيث سيظل يوم تحرير سيناء يجسد ذكرى خاصة في وجدان كل مصري، فملحمة استرداد الأرض تخطت كونها انتصارًا عسكريًا ودبلوماسيًا، بل امتدت لتصبح نموذجًا خالدًا لقهر اليأس والإحباط من أجل استرداد الكرامة عسكريًا وسياسيًا.

عيد تحرير سيناء

ويحتفل المصريون في الخامس والعشرين من إبريل من كل عام، بذكرى عيد تحرير سيناء، فقد تم تحرير أرض الفيروز من الإحتلال الإسرائيلي في عام 1982 واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988، حيث قام الاحتلال الإسرائيلي باحتلال سيناء كاملة بعد حرب الخامس من يونيو 1967، ومن بعدها، انطلق الكفاح المسلح بين الجيش والشعب في حرب الاستنزاف، وأنتهى بملحمة النصر الكبرى في أكتوبر 1973.

عيد تحرير سيناء.. وبعد نصر أكتوبر، بدأت معركة أخرى، وهي المعركة الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل، وكانت بدايتها المفاوضات للفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية عام 1974 وعام 1975، ثم بعد ذلك مباحثات كامب ديفيد، التي أفضت إلى إطار السلام في الشرق الأوسط ، وبعدها تم توقيع معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية» عام 1979.

عيد تحرير سيناء.. وفي الخامس والعشرين من إبريل عام 1982 قام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من إسرائيل، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسلة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية.

مباحثات الكيلو 101

في مباحثات الكيلو 101 والتي كانت في شهري "أكتوبر ونوفمبر عام 1973"، تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع في 11 نوفمبر 1973 على اتفاق تضمن التزامًا بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، واعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية هامة في إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط.

اتفاقيات فض الاشتباك الأولى يناير 1974 والثانية سبتمبر 1975

في يناير من عام 1974، تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترًا شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية، وفي سبتمبر 1975 تم التوقيع على الاتفاق الثاني الذي بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية و لكن بالوسائل السلمية.

زيارة الرئيس السادات للقدس

زار الرئيس الراحل أنور السـادات القدس في نوفمبر 1977 وذلك بعد الخطاب الشهير الذي ألقاهُ في مجلس الشعب المصري باستعداده للذهاب لإسرائيل من أجل السلام، وبالفعل قام السادات بزيارة إسرائيل وألقى كلمة بالكنيست الإسرائيلي طرح من خلالها مبادرته للسلام والتي تتكون من خمسة أسس محددة يقوم عليها السلام وهي:
- إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية التي احتلت عام 1967.
- تحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته.
- حق كل دول المنطقة في العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة.
- تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقًا لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية.
- إنهاء حالة الحرب القائمة في المنطقة.

كامب ديفيد وتوقيع اتفاقية السلام

في الخامس من سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق بين مصر وإٍرائيل يوم 17 سبتمبر عام 1978، كما تم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوي الاتفاق على وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.

الوثيقة الأولى.. السلام في الشرق الأوسط

نصت على أن مواد ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولي والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول، وتحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338.

الوثيقة الثانية؛ إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل: وقعت مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقًا لقراري مجلس الأمن 242 و 238 وتؤكدان من جديد التزامهما بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد.

معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979

وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وأيضًا المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.

عودة سيناء

أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلي كامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصري وقد تم تحديد جدول زمني للانسحاب المرحلي من سيناء على النحو التالي:

في 26 مايو 1979، تم رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط "العريش / رأس محمد" وبدء تنفيذ اتفاقية السلام.في 26 يوليو 1979، بدأت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء، من "أبوزنيبة حتى أبو خربة".في 19 نوفمبر 1979، تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام.في 19 نوفمبر 1979، تم الانسحاب الإسرائيلي من منطقة "سانت كاترين ووادي الطور"، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء.في يوم ‏25‏ أبريل‏ 1982‏ تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عامًا وإعلان هذا اليوم عيدًا قوميًا مصريًا في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء.

فيما عدا الجزء الأخير ممثلًا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصري المكثف‏، وفي 19 مارس 1989، رفع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك علم مصر على طابا المصرية.

طباعة شارك سيناء تحرير سيناء القوات المسلحة كامب ديفيد

مقالات مشابهة

  • هاشم: الكيان الصهيوني لا يزال يضع وطننا في دائرة استهدافاته
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (7) جابوتنسكى «الملهم»
  • منتخب سويسرا لا يعترف بـ “الكيان الصهيوني”
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (6) وصايا الجد
  • ما هي عقيدة القدر المتجلي الخطيرة التي يسعى ترامب إلى إحيائها؟
  • يافا وحيفا تحت النيران.. اليمن يزلزل الكيان الصهيوني
  • الاعترافات الأمريكية بالفشل في اليمن تعمّق حالةَ اليأس داخل الكيان الصهيوني
  • الرئيس السوري يؤكد أهمية التعاون مع العراق لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة
  • الجائزة الكبرى.. كيف نجحت مصر في استرداد سيناء من إسرائيل؟
  • شروط الرئيس السوري للتطبيع مع إسرائيل