آراء الفقهاء في حلق شعر المولودة الأنثى
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن حلق شعر المولود يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه أمرٌ مستحب، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، فقد رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
وأوضحت الإفتاء أنه إذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى فيترك الحلق حينئذ؛ رفعًا للضرر، ويُقدَّر وزن الشعر ويتصدق بزنته.
شكر نعمة الولد والحكمة من حلق شعر المولودوأضافت الإفتاء أن من نعم الله تعالى على عباده نعمة الولد، قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]، وهي نعمة عظيمة تستدعي شكر المولى سبحانه وتعالى عليها.
ومن صور الشكر على هذه النعمة العقيقة عن الولد، وحلق رأسه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمتهما؛ فعن سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ غُلامٍ رهينةٌ بعقيقته تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى» رواه أبو داود.
وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مع الغلام عقيقةٌ، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» أخرجه البخاري.
وممَّا يُفهم من الحكمة من حلق شعر المولود والتَّصدُّق بقيمة وزنه ذهبًا أو فضة أن الحلق فيه نظافة وتطهير مما يكون قد علق به من شوائب أثناء الولادة، ويرمز التَّصدُّق بزنة الشعر ذهبًا أو فضة إلى شكر نعمة الله تعالى، وإيصال الخير إلى الغير على جهة التعاون والتكافل، وكل ذلك على رجاء حصول البركة في المولود في مستقبل أيامه وحياته.
حكم حلق الشعر للمولود في سابع ولادته
وذهب جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة إلى أن حلق شعر المولود الذكر يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة لمن قَدر عليه مستحب؛ لعموم الأحاديث الواردة في هذا الشأن، وذهب الحنفية إلى أنه مستحب، وقيل: مباح، وليس بواجب ولا سنة؛ إذ السنة عندهم أعلى رتبة من المستحب؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، بخلاف المستحب والمندوب فلم يواظب عليه وإن رغَّب فيه، وهما مترادفان عند الجمهور.
قال الإمام محمد بن شهاب الدين البزازي الكردري في "الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية" في فقه الحنفية (6 / 371، ط. دار الفكر): [والعقيقة عن الغلام وعن الجارية، وهو ذبح شاة في سابع الولادة، وضيافة الناس، وحلق شعره مباح لا سنة ولا واجب] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336، ط. دار الفكر): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.
وآراء الفقهاء في حكم حلق شعر المولودة الأنثى
في خصوص حلق شعر المولودة الأنثى -وهو محل السؤال- اختلف الفقهاء على قولين:
الأول: أنه لا فرق في استحباب حلق شعر رأس المولود والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة بين المولود الذكر والأنثى، فكما يستحب حلق شعر الذكر يستحب كذلك حلق شعر الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية في المشهور والشافعية؛ لعموم حديث سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه السابق، ولما رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
ووجه الدلالة: أن هذه الأحاديث لم تفرق بين الذكر والأنثى، والأذى: هو شعر الرأس، وهو عامٌّ في كليهما، كما نقله الشوكاني عن ابن سيرين في "نيل الأوطار" (5/ 157، ط. دار الحديث).
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 432، ط. دار الفكر): [يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه، قال أصحابنا: ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبًا، فإن لم يفعل؛ ففضة، سواء فيه الذكر والأنثى، هكذا قاله أصحابنا] اهـ.
والقول الثاني: أن استحباب الحلق خاص بالمولود الذكر ولا يشمل الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنابلة، فلا يستحب عندهم حلق شعر الأنثى عند ولادتها، بل نصُّوا على كراهية الحلق في حقها.
قال الإمام الحجاوي الحنبلي في "متن الإقناع" (1/ 411، ط. دار المعرفة): [ويحلق رأس ذكر لا أنثى يوم سابعه، ويتصدق بوزنه وَرِقًا] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حلق شعر المولود شعر المولود حكم حلق شعر المولود الإفتاء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم الذکر والأنثى الله تعالى رضی الله
إقرأ أيضاً:
مجلة أتلانتيك: حرب ترامب على الحوثيين بلا خطة وقد ترتد عليه
نشرت مجلة أتلانتيك الأميركية مقالا تناولت فيه الحرب الجوية التي تشنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحوثيين في اليمن، والتي كانت محور الرسائل النصية التي سربت فيها الخطط الحربية للجيش الأميركي إلى رئيس تحرير المجلة جيفري غولدبيرغ، وقد تتحول إلى فضيحة بحد ذاتها على غرار فضيحة تسريبات "سيغنال".
ويشير كاتب المقال الصحفي الأميركي روبرت ورث إلى أن الحرب على الحوثيين بلا إستراتيجية واضحة، سوى تعطش ترامب إلى ما يسميه "عملا سريعا لا يرحم" على جميع الجبهات. ومن المرجح أن تنقلب عليه بشكل سيئ إن لم تُغير الإدارة مسارها.
منذ منتصف مارس/آذار الماضي، ألقت القوات الأميركية صواريخ وقنابل وقذائف بقيمة تزيد على 200 مليون دولار على الصحاري والجبال النائية في اليمن، ضمن ما سماها وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث -في تعثر تاريخي فاضح- عملية "الفارس الخشن". ويحاول هذا الاسم استحضار هجوم الرئيس الأميركي ثيودور روزفلت عام 1898 على تلة سان خوان خلال الحرب الأميركية الإسبانية. لكن يبدو أن هيغسيث لا يعلم أن الولايات المتحدة تكبدت ضعف عدد ضحايا الإسبان في تلك المعركة، التي كانت مقدمة لحرب عدوانية باهظة الثمن ولا داعي لها.
وقال ترامب إنه يهدف إلى "القضاء التام على الحوثيين"، الذين هاجموا سفنا في البحر الأحمر على مدار الـ18 شهرا الماضية لدعم الفلسطينيين. والضربات الأميركية الجديدة أكثر كثافة بكثير من تلك التي نفذتها إدارة الرئيس الأسبق جو بايدن العام الماضي، وتشمل محاولات لاغتيال قادة حوثيين (أُشير إلى أحدهم في سلسلة الرسائل، دون ذكر اسمه).
إعلانويلفت الكاتب إلى أن الضربات ألحقت بعض الأضرار بالآلة الحربية للحوثيين، وقتلت بعض الضباط والمقاتلين، ودفعت الباقين إلى العمل تحت الأرض. لكن القوة الجوية وحدها نادرا ما تحسم الحروب، والحوثيون يتمتعون بميزة المناطق الجبلية النائية والمناطق الوعرة والمعزولة التي تؤمّن لأسلحتهم الحماية. وإذا صمدوا في وجه هذه الحملة المكثفة، فقد "يخرجون منها أقوى سياسيا، وبقاعدة دعم شعبية أكثر صلابة، حسب المحلل الأمني اليمني محمد الباشا.
ويقول الكاتب إن انتزاع الأراضي من الحوثيين يتطلب حملة برية، وهو ما لا تتضمنه عملية "الفارس الخشن". ولم تُجرَ أيضا أي محاولات دبلوماسية مع خصوم الحوثيين المحليين في الجنوب والغرب من اليمن، رغم أنهم منقسمون لكنهم كُثر. وتتخذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من الجنوب مقرا لها وتعتمد على الدعم الأجنبي. وقد قال له مسؤول هناك إن "الأميركيين لا يردون حتى على أسئلتنا. لا وجود دبلوماسيا على الإطلاق".
في الواقع، أضرت إدارة ترامب بحلفائها اليمنيين من دون قصد: "فالحكومة اليمنية المعترف بها شرعيا تعتمد على برامج مساعدات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي ألغتها إدارة إيلون ماسك الجديدة. العام الماضي، موّلت هذه المساعدات جهدا لتوحيد خصوم الحوثيين، لكن المشروع أُلغي كذلك".
ويشير الكاتب إلى أن ترامب قد يسعى لاغتيال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. ومثل هذه الضربة قد تهز الجماعة بعض الشيء، وتمنح ترامب لحظة نصر تلفزيونية كتلك التي حصل عليها قبل 5 سنوات باغتيال قائد قوة الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي نظم هجمات عديدة على الأميركيين.
لكن إذا ظن ترامب وفريقه أن بإمكانهم قطع رأس جماعة الحوثي وتجاهلها بعدها، فعليهم إعادة النظر في التاريخ. فجماعة الحوثي -حسب الكاتب- تعرضت للتدمير عدة مرات خلال العقدين الماضيين، وفي كل مرة عادت أقوى. قُتل أول زعيم للجماعة، حسين الحوثي، (شقيق عبد الملك الأكبر) عام 2004، لكن الجماعة استبدلته بسرعة، ومن المؤكد أنها ستفعل الشيء ذاته مع الزعيم الحالي.
ويرى الكاتب أن إيجاد حل حقيقي لمشكلة الحوثيين ليس أمرا سهلا؛ يتطلب الأمر جهدا منظما لتوحيد أطرف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي تنقسم حاليا إلى 8 فصائل مسلحة، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الأميركية قد تنجح في هزيمة الحوثيين إذا وفرت دعما جويا للقوات اليمنية البرية، ووفرت الحماية للخليج من انتقام الحوثيين، بحسب مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
إعلانقد يبدو هذا عبئا ثقيلا، حتى على إدارة أقل تقلبا من إدارة ترامب. فبايدن لم يسعَ حقا لمواجهة الحوثيين، مفضلا دعم جهود الأمم المتحدة الطويلة الأمد للتوصل إلى اتفاق سلام بين الجماعة وخصومها.
لكن من المرجح أن تضطر الولايات المتحدة لمحاربة الحوثيين في نهاية المطاف، فقد أصبحوا أكثر خطورة، ويواصلون تعطيل ممر مائي حيوي يمر عبره نحو 15% من التجارة العالمية (عبر قناة السويس). وهناك أهداف أخرى معرضة للخطر في البحر الأحمر، منها 14 كابلا بحريا للإنترنت (عددها يقارب تلك العابرة للأطلسي). ويدّعي الحوثيون أنهم أسقطوا 17 طائرة بدون طيار من نوع "ريبر" منذ بدء النزاع، وتبلغ قيمة كل منها نحو 30 مليون دولار. أما الصواريخ والقذائف الأميركية، فقد كانت تعاني من نقص كبير منذ العام الماضي، حسبما كتبه مارك بودين في هذه المجلة في وقت سابق. وتُقدر تكلفة عملية "الفارس الخشن" بأكثر من مليار دولار حتى الآن.
ويقول الكاتب إن الحوثيين ربما حصلوا مؤخرا على تكنولوجيا خلايا وقود هيدروجينية، مما يجعل طائراتهم المسيّرة أكثر صعوبة في الرصد، وقادرة على الوصول إلى مسافات أبعد. الحوثيون يصنعون أسلحتهم الآن، وهو تحول لافت لجماعة كانت تعتمد في السابق على غنائم من الجيش اليمني أو دعم إيراني. وهم يصدرون أسلحة خفيفة إلى القرن الأفريقي أيضا.
ويضيف الكاتب أن قدرة الحوثيين على إرباك التجارة العالمية جعلتهم أكثر فائدة للدول المعادية للولايات المتحدة وأوروبا، وأبرزها إيران، التي فقدت كثيرا من حلفائها في "محور المقاومة". وروسيا كذلك زودت الحوثيين ببعض الأسلحة، واقتربت العام الماضي من تزويدهم بصواريخ متطورة مضادة للسفن، ردا على دعم أميركا لأوكرانيا. كما أشاد قوميون روس مثل الفيلسوف ألكسندر دوغين بالحوثيين، واعتبروهم مناضلين ضد الغرب. أما الصين، فقد باعتهم مكونات أسلحة مفيدة لترسانتهم.
إعلانويرى الكاتب أن الحوثيين سعداء بدورهم الجديد، وقد أوضحه زعيمهم عبد الملك الحوثي في خطاباته المتكررة. وقد ضاعفوا جهودهم لغرس عقيدتهم الثورية في الشباب، وقد حصدوا دعما عالميا العام الماضي بسبب موقفهم الداعم الصريح من غزة، الذي ميزهم عن معظم قادة العالم العربي. وقد حاولوا استغلال هذه الشعبية.
وكما أظهرت رسائل "فضيحة سيغنال"، فإن هناك خلافات داخل فريق ترامب للأمن القومي، واحتكاكا أكبر مع الحلفاء الأوروبيين. فقد عبّر جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي عن شكوكه في العملية، ليس لأن الضربات الجوية لن تنجح، بل لأنه رأى أن وقف الحوثيين سيفيد أوروبا أكثر من أميركا، إذ كتب فانس: "أنا فقط أكره أن نضطر لإنقاذ أوروبا مرة أخرى".
ويخلص الكاتب إلى أنه إذا ساد هذا المنطق، فقد يقرر ترامب أن هذه الحرب لا تستحق العناء. حينها، سيعلن الحوثيون نصرا تاريخيا على "الشيطان الأكبر".