كيف يمكننا إعادة قراءة التاريخ الإسلامي بعيدا عن التقديس والتدنيس؟
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
ويعرّف إبراهيم محمد زين -وهو أستاذ تاريخ الأديان في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة- إعادة قراءة التاريخ بأنها عملية غير علمية ومحاولة أيديولوجية لتغيير طريقة نظرة المسلمين للشخصيات الفاعلة والمؤثرة في التاريخ، وتقديم صورة جديدة للتاريخ بناء على رؤية أو أيديولوجية جديدة.
ويقول إن الكثير من القراءات التي قام بها المستشرقون للتاريخ الإسلامي كانت بغرض السيطرة على المسلمين، وإن بعض أبناء الأمة الإسلامية الذين درسوا على يد هؤلاء المستشرقين نقلوا أسلوبهم واستعملوه في إعادة قراءة التاريخ الإسلامي.
وفي هذا السياق، يعطي أستاذ التاريخ مثالا بالحركة الصهيونية التي قال إن لديها طريقة معوجة في النظر إلى تاريخ المنطقة العربية تهدف إلى إحكام السيطرة وبناء سردية تاريخية ترمي إلى تبرير الوجود الصهيوني في المنطقة، مشيرا إلى أن المدرسة الصهيونية لم تفلح حتى في إقناع الصهاينة أنفسهم بجدوى دعواهم إلى إعادة قراءة وفهم تاريخ المنطقة.
من جهة أخرى، تتأسف أستاذة الفلسفة العربية والإسلامية في الجامعة اللبنانية نايلة أبي نادر من كون العرب والمسلمين يعانون من "النزعة التقديسية" التي تعظم وتمجد، ليس فقط السلف، بل أي شخصية تراها مميزة رغم أن هؤلاء هم بشر ومحدودون معرفيا واجتماعيا وإيمانيا، كما تقول.
إعلانوترى نايلة -في مداخلة لها ضمن برنامج "موازين"- أن تقديم خدمة راقية ومقدسة للتاريخ في العصر الحالي يكون عبر إعادة قراءة هذا التاريخ وإبراز السقف الأيديولوجي الذي كان مسيطرا على من كتب التاريخ في حينه.
ويعترض أستاذ تاريخ الأديان في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة على كلام نايلة من جهة أن فيه الكثير من التعميم، ويوضح أن أول من كتب سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ابن إسحاق، ولم يكن في هذه السيرة أي تقديس للنبي الكريم ولم يرفعه إلى مصاف أكثر من مصاف البشر، ولم يقم المسلمون بتقديس السلف الصالح ولم يعتبروهم غير بشر.
ويواصل الأستاذ أن الطريقة التي دوّن بها التاريخ الإسلامي ليس فيها تقديس، بل إن هذا التقديس ربما يوجد في الطريقة التي كُتب بها التاريخ اليوناني والروماني والهندوسي، إذ يختلط ما هو مقدس إلهي بما هو بشري.
في المقابل، يقر المتحدث نفسه بوجود تسييس في كتابة التاريخ الإسلامي، خاصة الذي كتب من منطق عقائدي عند بعض المؤرخين.
القضايا الشائكةوعن كيفية إعادة قراءة القضايا الحساسة في التاريخ الإسلامي، يوضح المفكر والداعية الإسلامي محمد العبدة أنه لا توجد خطوط حمراء عندما تكون القراءة موضوعية وتبحث عن الأدلة الصحيحة والمنصفة، فمقتل الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان من أكبر الفتن ومن أكبر المصائب التي أصابت المسلمين، ولكن لا ضير من تناول الموضوع إذا كانت الأدلة قاطعة وثبتت صحتها، والشرط هو الابتعاد عن الهوى والجهل والأكاذيب.
ويشير إلى أن هناك مجالا للتحقيق الدقيق والموضوعي في القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي عبر الاستعانة بكتب الحديث وكتب الطبقات، وليس فقط كتب التاريخ.
ويبرز المفكر والداعية الإسلامي -في حديثه لبرنامج "موازين"- أن الأمة الإسلامية هي أكثر الأمم اهتماما بالتاريخ، فهناك 5 آلاف مؤرخ و10 آلاف كتاب في التاريخ، وقد وضع المؤرخ والفيلسوف عبد الرحمن بن خلدون ضوابط وقواعد لمعرفة الروايات الصحيحة من المغلوطة.
إعلان 25/12/2024المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التاریخ الإسلامی إعادة قراءة فی التاریخ
إقرأ أيضاً:
المفتي السابق: تفسير المتطرفين للنصوص جعل القرآن بعيدا عن الرحمة
أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن تفسير بعض الجماعات المتطرفة للنصوص الدينية يشوه الفهم الصحيح للإسلام، مشيرًا إلى مثال على ذلك تفسيرهم لآية اطلقوا عليها "السيف" في سورة التوبة، حيث يروجون لفكرة أن هذه الآية "نسخت" جميع الآيات التي تدعو إلى الرحمة، معتبرين أن الإسلام قد أصبح محصورًا فقط في جانب العنف والقتال.
وأكد مفتي الديار المصرية السابق، خلال تصريح اليوم السبت، أن هذا التفسير يتنافى مع الفهم الصحيح للنصوص، موضحًا أن هذه الجماعات تدعي أن الآية التي تقول: "فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ"، قد نسخت جميع الآيات التي تدعو إلى الرحمة، مما يحرف جوهر الإسلام الذي يعتمد على التسامح والرحمة.
وأشار إلى أن هذا التفسير المغلوط يتجاهل قواعد اللغة العربية والسياق التاريخي الذي نزلت فيه الآية، فالسياق الزماني والمكاني يُظهر أن الآية تتحدث عن المشركين المعتدين في حالة الحرب، وليس عن قتل أي شخص مشرك في أي مكان، لافتا إلى أن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بعد هذه الآية يوضح أنه إذا استجار أحد المشركين، يجب أن يُمنح الأمان، مما ينسف التفسير الذي يقصر الآية على القتل.
وأكّد أن هذا النوع من الفهم المشوّه يؤدي إلى التلاعب بالنصوص الشرعية لخدمة أهداف تلك الجماعات المتطرفة، مشددا على ضرورة فهم القرآن والسنة في إطارها الكامل من خلال ربط الآيات ببعضها البعض، مع مراعاة السياق الزماني والمكاني، والابتعاد عن التفسيرات التي تهدف إلى تأجيج العنف والتطرف.
وتابع: "إذا تم التعامل مع النصوص بهذا الشكل المجتزأ والبعيد عن الفهم الصحيح، فإننا نكون قد فقدنا جوهر الإسلام الذي يقوم على الرحمة واللين".