ويعرّف إبراهيم محمد زين -وهو أستاذ تاريخ الأديان في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة- إعادة قراءة التاريخ بأنها عملية غير علمية ومحاولة أيديولوجية لتغيير طريقة نظرة المسلمين للشخصيات الفاعلة والمؤثرة في التاريخ، وتقديم صورة جديدة للتاريخ بناء على رؤية أو أيديولوجية جديدة.

ويقول إن الكثير من القراءات التي قام بها المستشرقون للتاريخ الإسلامي كانت بغرض السيطرة على المسلمين، وإن بعض أبناء الأمة الإسلامية الذين درسوا على يد هؤلاء المستشرقين نقلوا أسلوبهم واستعملوه في إعادة قراءة التاريخ الإسلامي.

وفي هذا السياق، يعطي أستاذ التاريخ مثالا بالحركة الصهيونية التي قال إن لديها طريقة معوجة في النظر إلى تاريخ المنطقة العربية تهدف إلى إحكام السيطرة وبناء سردية تاريخية ترمي إلى تبرير الوجود الصهيوني في المنطقة، مشيرا إلى أن المدرسة الصهيونية لم تفلح حتى في إقناع الصهاينة أنفسهم بجدوى دعواهم إلى إعادة قراءة وفهم تاريخ المنطقة.

من جهة أخرى، تتأسف أستاذة الفلسفة العربية والإسلامية في الجامعة اللبنانية نايلة أبي نادر من كون العرب والمسلمين يعانون من "النزعة التقديسية" التي تعظم وتمجد، ليس فقط السلف، بل أي شخصية تراها مميزة رغم أن هؤلاء هم بشر ومحدودون معرفيا واجتماعيا وإيمانيا، كما تقول.

إعلان

وترى نايلة -في مداخلة لها ضمن برنامج "موازين"- أن تقديم خدمة راقية ومقدسة للتاريخ في العصر الحالي يكون عبر إعادة قراءة هذا التاريخ وإبراز السقف الأيديولوجي الذي كان مسيطرا على من كتب التاريخ في حينه.

ويعترض أستاذ تاريخ الأديان في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة على كلام نايلة من جهة أن فيه الكثير من التعميم، ويوضح أن أول من كتب سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ابن إسحاق، ولم يكن في هذه السيرة أي تقديس للنبي الكريم ولم يرفعه إلى مصاف أكثر من مصاف البشر، ولم يقم المسلمون بتقديس السلف الصالح ولم يعتبروهم غير بشر.

ويواصل الأستاذ أن الطريقة التي دوّن بها التاريخ الإسلامي ليس فيها تقديس، بل إن هذا التقديس ربما يوجد في الطريقة التي كُتب بها التاريخ اليوناني والروماني والهندوسي، إذ يختلط ما هو مقدس إلهي بما هو بشري.

في المقابل، يقر المتحدث نفسه بوجود تسييس في كتابة التاريخ الإسلامي، خاصة الذي كتب من منطق عقائدي عند بعض المؤرخين.

القضايا الشائكة

وعن كيفية إعادة قراءة القضايا الحساسة في التاريخ الإسلامي، يوضح المفكر والداعية الإسلامي محمد العبدة أنه لا توجد خطوط حمراء عندما تكون القراءة موضوعية وتبحث عن الأدلة الصحيحة والمنصفة، فمقتل الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان من أكبر الفتن ومن أكبر المصائب التي أصابت المسلمين، ولكن لا ضير من تناول الموضوع إذا كانت الأدلة قاطعة وثبتت صحتها، والشرط هو الابتعاد عن الهوى والجهل والأكاذيب.

ويشير إلى أن هناك مجالا للتحقيق الدقيق والموضوعي في القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي عبر الاستعانة بكتب الحديث وكتب الطبقات، وليس فقط كتب التاريخ.

ويبرز المفكر والداعية الإسلامي -في حديثه لبرنامج "موازين"- أن الأمة الإسلامية هي أكثر الأمم اهتماما بالتاريخ، فهناك 5 آلاف مؤرخ و10 آلاف كتاب في التاريخ، وقد وضع المؤرخ والفيلسوف عبد الرحمن بن خلدون ضوابط وقواعد لمعرفة الروايات الصحيحة من المغلوطة.

إعلان 25/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التاریخ الإسلامی إعادة قراءة فی التاریخ

إقرأ أيضاً:

قراءة في تحرير العراق من النفوذ الإيراني

آخر تحديث: 25 فبراير 2025 - 9:53 ص بقلم:سعد الكناني كثر الحديث من قبل فريق الرئيس الأمريكي ترامب عن قطع الأذرع الإيرانية في العراق وأحداث التغيير الذي ينتظره الشعب في تحرير البلاد من النفوذ الإيراني المطلق وإسقاط حكومته الإطارية، هذا المسار يواجه عدة عوامل منها، الأوضاع السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية. ومن الصعب التنبؤ بسرعة التغيير بشكل دقيق بهذا الاتجاه، ومع ذلك، هناك أيضًا إشارات على التقدم بعمليات التغيير من ضمنها غضب الشارع العراقي على العملية السياسية الفاسدة التي دمرت البلاد والعباد جراء ولائها المطلق لإيران وما نتج عنها من فساد وعجز مالي مدور وزيادة نسبة الفقر والبطالة والأمية وتكريس التخلف والطائفية وتمزيق النسيج الاجتماعي ونشر المخدرات والرذيلة وغيرها كثير تنفيذا للمشروع الإيراني. كما ان النفوذ الإيراني في العراق قضية معقدة، لتواجده بأدق مفاصل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والحوزات والأحزاب والقنوات المتلفزة والإذاعية وميليشياتها لخدمة مشروعها التوسعي بدعم سياسي حكومي حتى مجلس النواب هو برئاسة ولائية مع (190) نائباً بذات الاتجاه. في ظل حكومة ترامب الحالية، هناك إصرار على محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة بشكل عام، بما في ذلك فرض عقوبات على إيران ورفع درجة الضغط على الدول التي لها علاقات وثيقة مع طهران، مثل العراق. والموقف الأمريكي تجاه حكومة الإطار ليست نتيجة لضغوط من لوبيات داخل واشنطن، بل تعكس قناعة متنامية في البيت الأبيض بأن العراق أصبح جزءًا من النفوذ الإيراني، وهذا التصور ليس مقتصرًا على وجهة النظر الأمريكية، بل يعبر عنه العراقيون أيضًا. ومن هنا جاء الأمر الأمريكي لحكومة السوداني بمنع استيراد الغاز والكهرباء من إيران وفرض عقوبات على بعض المصارف العائدة لأحزاب الإطار وحرمانها من التعامل بالدولار لمنع تهريبه إلى إيران، وفي قادم الأيام ستكون هناك عقوبات وقرارات أكثر تشدداً وتأثيراً على حكومة السوداني وزعماء الإطار والميليشيات، رغم كل ذلك من غير المرجح أن يحدث تغيير جذري “سريع” في الخلاص من النفوذ الإيراني في العراق للأسباب التالية:- 1.إيران تملك شبكة واسعة من الحلفاء في العراق، سواء من خلال المليشيات المسلحة أو الأحزاب السياسية التي تدين بالولاء لها او الحوزات الشيعية ومؤسساتها. هذه الروابط تجعل من الصعب التخلص من هذا النفوذ بسهولة. 2.القوى الشيعية ترى في إيران حليفًا استراتيجيا في مواجهة التهديدات السياسية والأمنية في مقدمتها غضب الشارع العراقي ضد حكوماتها الولائية. 3.العراق بعد (2003) دولة ذات طابع سياسي معقد وهذا يجعل من الصعب اتخاذ خطوات جذرية ضد إيران دون التأثير على الاستقرار الداخلي. 4.الوجود العسكري الإيراني المتمثل في ميليشياتها الذي يساهم في فرض نفوذها في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والأمن. والحشد الشعبي يعتبر قوة محورية في الحفاظ على تأثير إيران. 5.الولايات المتحدة كانت تضغط على حكومة السوداني للحد من النفوذ الإيراني، إلا أن هناك أيضًا علاقات استراتيجية بينها والعراق، خاصة في مجال التعاون الأمني والاقتصادي. وهذا يخلق نوعًا من التوازن الصعب بين المصالح الإيرانية والأمريكية في العراق. رغم ما ذكر أعلاه هناك قراءة أخرى في أحداث التغيير وإمكانية سقوط الحكومة الإيرانية في العراق من خلال: – 1.الضغوط الشعبية: مثل انتفاضة تشرين الخالدة التي خرجت في (2019)، والتي كانت تطالب بإصلاحات سياسية وتنظيف العراق من النفوذ الإيراني. الحكومة الحالية تواجه تحديات كبيرة إذا استمرت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، خصوصًا مع ارتفاع البطالة والفقر والعجز المالي وتردي الخدمات العامة. وإذا استمر تزايد الاستياء الشعبي، قد يكون لذلك تأثير على احداث التغيير. 2.الاختلافات داخل الإطار التنسيقي: على الرغم من أن الحكومة تتشكل من تحالف القوى الشيعية، إلا أن هناك أحيانًا خلافات بين المكونات المختلفة داخل الإطار التنسيقي، مما قد يؤدي إلى انقسامات أو تغيير في الدعم السياسي. مثل هذه الانقسامات قد تضعف الحكومة وتؤدي إلى تفكك منظومتهم وتساهم في الإسراع بإحداث التغيير. 3.التغيير في التوازنات الإقليمية يؤثر بشكل كبير على الحكومة الحالية وبالتالي التغيير في المشهد السياسي. 4.الأزمات الأمنية والاقتصادية: العراق لا يزال يعاني من تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، بسبب تراجع أسعار النفط واستمرار الفشل والفساد. 5.الدور السياسي لأحزاب المعارضة: هناك أيضًا أحزاب وقوى معارضة قد تكون لديها القدرة على الضغط من خلال التصعيد السياسي أو الاحتجاجات. فإذا تمكنت هذه القوى من توحيد صفوفها بشكل فعال، قد يؤدي ذلك إلى تقويض سلطة الحكومة الحالية. 6.إن الشعب العراقي يعاني بالفعل من تحديات كبيرة في ظل النفوذ الإيراني المستمر. هذا النفوذ يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة على استقرار البلاد، سواء من خلال الأحزاب الموالية لإيران أو المليشيات المسلحة. والعراقيين يرون أن هذا النفوذ يعوق سيادة البلد ويحد من استقلال قراراته السياسية ولابد من تحرير البلاد منه. 7.أمريكا تدرك جيدًا أن العراق يعد الرئة الاقتصادية لإيران، ولهذا ستسعى إلى فرض عقوبات متنوعة تستهدف بغداد بشكل مباشر تحديدا الطبقة الحاكمة وخصوصا الإطار، في محاولة للحد من الدعم المالي الإيراني، لأن الإطار جعل العراق ان يتعرض إلى خطر حقيقي بسبب قبوله بأن يكون جزءًا من إيران، وتشجيعه للفصائل المسلحة، وهو ما قد يجعله في مواجهة مباشرة مع العقوبات الأمريكية. هناك أمل كبير في تحرير العراق من النفوذ الإيراني إذا استمرت الضغوط الدولية على إيران وخاصة من قبل الولايات المتحدة بإدارة ترامب، وإذا استطاع الشعب العراقي والقوى السياسية المعارضة من خلال انتفاضة حاشدة ضد هذا النفوذ دون المساس بأمن الشارع. وكذلك إذا سقط نظام الملالي في طهران نتيجة الاحتجاجات الشعبية هناك بسبب تدهور الوضع المعيشي جراء العقوبات الأمريكية. يسرع من إسقاط حكومتهم في العراق والعكس صحيح.

مقالات مشابهة

  • بعيدا عن التغطية الإعلامية.. كريم قاسم يتلقى عزاء والده غدا بمسجد عمر مكرم
  • كتاباتي: عن قراءة الروايات
  • قراءة في مؤتمر حزب العدالة والتنمية
  • مطر: لا يمكننا عدم نقل إعتراض الطرابلسيين على تمثيلهم الخجول في الحكومة
  • وزير النفط والثروة المعدنية السيد غياث دياب في تصريح لـ سانا: نرحب بقرار الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن قطاع الطاقة في سوريا، والذي جاء في ظل التطورات التاريخية التي تشهدها سورية بعد سقوط النظام البائد
  • دياب لـ سانا: قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات يمثل خطوة إيجابية نحو إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار في سوريا لكون قطاع الطاقة أحد الأعمدة الأساسية التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار سوريا
  • خبير: سوريا تسعى لنموذج سياسي محلي بعيدا عن التبعية الخارجية
  • ضبط مؤسسة علم النفس
  • علمانية الدولة بعيدا عن الميثاق التأسيسي!
  • قراءة في تحرير العراق من النفوذ الإيراني