نبوءة.. سينقلب السحر على الساحر
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
بكل بجاحة وغطرسة أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس عن أن إسرائيل هزمت حماس وهزمت حزب الله وأسقطت النظام السورى السابق وأصابت المحور الإيرانى بالشلل، ولم يكتف بذلك بل تعهد بتدمير البنية التحتية للحوثيين واستهداف قادتهم.
اعتراف وزير الدفاع الاسرائيلي، وزيارات الوفود الأمريكية والتركية إلى أحمد الشرع زعيم هيئة تحرير الشام المسيطر على الأمور فى دمشق، يكشف حقيقة ما حدث فى سوريا ويعكس مؤامرة إسقاط النظام السورى وتفكيك الجيش وتدميره.
تصول وإسرائيل وتجول بجيشها فى فلسطين والشام، وتهدد ايران والحوثيين فى اليمن وتظن أن السيطرة دانت لها فى المنطقة وأنها قطعت شوطًا كبيرًا فى اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى، معتمدة بالطبع على الدعم الأمريكى والأوروبى اللا محدود.
فى يقينى أن الأمر لن يحدث كما خططت له إسرائيل لعدة أسباب أهمها إرادة الله مدبر الكون الذى يقول للشىء كن فيكون وهو القادر على تغيير كل الموازين وقلب وإفساد كافة المخططات فى أى وقت وبشكل قد لا يتخيله البشر.
أما بقية الأسباب فتعود للمصالح وطمع النفس البشرية وربما المشهد فى شمال شرق سوريا ينذر بخطر نشوب حرب أهلية وتنقسم سوريا إلى دويلات، فقد شهدت منطقة ريف منبج اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والفصائل الموالية لتركيا وتقدمت قوات «قسد» وتراجعت الميليشيات الموالية لتركيا، أما « قَسَدْ» لمن لا يعرف فهو تحالف متعدد الأعراق والأديان للميليشيات التى يغلب عليها الطابع الكردي.
ودعونى أتنبأ بما قد يحدث فى المنطقة بما أننا على أعتاب عام جديد وهو موسم العرافين وخبراء الفلك والأبراج، أرى أن تركيا لن تسمح بإقامة دولة كردية فى شمال سوريا وستتدخل بقوات لصالح الميليشيات التى تدعمها فتنجرف قواتها النظامية إلى حرب شوارع وتتكبد خسائر، وتطول الحرب وعمليات الكر والفر فيتكبد اقتصادها خسائر فادحة، والمتابع للمشهد يرى أن روسيا تتابع من بعيد ولن تتورط فى أية حروب داخل سوريا وكل ما يهمها أن تظل لها قاعدة وتسيطر على ميناء على البحر المتوسط.
أتوقع أن تتعرض تركيا نفسها التى تدعم الميليشيات فى سوريا وليبيا إلى هزة عنيفة نتيجة سياسات غير محسوبة وتعيد مشهد الإمبراطورية العثمانية «الرجل المريض» الذى فقد الكثير من أملاكه التى جمعها على مدار سنوات طويلة.
الموقف المصرى من سوريا كان متوازنًا، يعتمد على رؤى صائبة تتسم بالرصانة وعدم التعجل فى اتخاذ أية خطوات غير محسوبة، فقد أعلنت وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السورى، ودعمها لسيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها.
وهى رسالة لو تعلمون عظيمة لمن يعى ويتدبر ويقرأ المشهد بالشكل الصحيح.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هوامش خالد إدريس حزب الله
إقرأ أيضاً:
الوضع السورى.. ومستقبل ليبيا
من السابق الحكم على مستقبل سوريا فى ظل تعدد اللاعبين الدوليين على الأراضى السورية، وسعى كل القوى الدولية والإقليمية لتقديم نفسها فى المشهد السورى وفرض نفوذها خلال المرحلة الانتقالية التى تؤسس لشكل الدولة السورية بعد سقوط نظام الأسد الذى أسس للطائفية والعرقية فى سوريا، ولم يستطع تجاوز المرحلة الأولى من الربيع العربى منذ عام 2011 وكانت سببًا فى هجرة وتشريد ما يقارب نصف الشعب السورى، وسقوط كثير من المحافظات والمدن السورية فى أيدى الجماعات الإرهابية وتيار الإسلام السياسى والمعارضة السورية، حتى جاءت لحظة التفاهمات الدولية الجديدة لمسرح الأحداث فى أوكرانيا والشرق الأوسط، لتتخلى روسيا عن النظام السورى مقابل مصالحها المباشرة فى أوكرانيا وحماية أمنها القومى فى مواجهة الغرب، وفى ذات اللحظة انسحبت إيران من المشهد السورى مقابل تأمين منشآتها النووية باعتبارها أهم أهدافها الاستراتيجية، لتتصدر تركيا المشهد السورى وتصبح اللاعب الرئيسى فى سوريا نتيجة دعمها لهيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع فى دخول دمشق وإعلان سقوط النظام السابق.
التحركات الدبلوماسية الأخيرة، تكشف عن بعض من جوانب الغموض للحالة السورية، خاصة بعد زيارة الوفد الأمريكى ولقائه مع أحمد الشرع وعدد من أعضاء هيئة تحرير الشام التى تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية كجماعة إرهابية، فى تغير دراماتيكى يكشف عن تلون وازدواجية السياسية الأمريكية طبقًا للمصالح الأمريكية الإسرائيلية وتحقيق أهدافهما الاستراتيجية فى الشرق الأوسط.. أما زيارة وزير الخارجية التركى هاكان فيدان قبل أيام كانت كاشفة بجلاء عن أن الرابح الأكبر من أزمة سوريا هى تركيا كما جاء فى المؤتمر الصحفى مع أحمد الشرع عندما أكد أن التنسيق كامل على محاور عدة وأتى على رأسها العمل مع القيادة الجديدة على تحرير كامل الأراضى السورية من الجماعات الإرهابية والمسلحة إلى خارج سوريا، كاشفًا عن التعاون فى شتى المجالات ودعم تركى سياسى وفنى خلال المرحلة الانتقالية لإعادة بناء المؤسسات السورية وأيضًا عمليات الإعمار وبناء البنية الأساسية للدولة السورية، مشيرًا إلى البدء فى ترتيب زيارة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى سوريا فى تأكيد على الهيمنة التركية على سوريا، وفى ظل تشتت وغياب موقف عربى موحد لما يحدث فى سوريا نتيجة أيديولوجيات طائفية وعرقية تحدد مواقف بعض الأنظمة العربية، وعمل البعض الآخر كوكلاء لقوى كبرى، أو بعض الأنظمة التى ترفض التعامل مع تيار الإسلام السياسى والجماعات الإرهابية.
خطورة الوضع السورى لا يقف عند حد الوضع المجهول لمنطقة الشام وتأثيرها على الأمن القومى العربى والنزعة العروبية لهذه المنطقة بالغة الأهمية، وإنما يمتد تأثيرها لما هو أبعد وأخطر وتحديدًا على الأمن القومى المصرى، فى ظل ما تشهده المنطقة من إنتاج موجة من تيارات الإسلام السياسى ودعمها للسيطرة على الدول، كهدف استراتيجى أمريكى لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.. ومع تلاقى المصالح والأهداف التركية الأمريكية فى سوريا والهيمنة التركية على الوضع السورى، يجب التوقف أمام تصريحات وزير الخارجية التركى حول مستقبل جبهة النصرة ونقلها خارج سوريا، خاصة أن الكل يعلم أن تركيا لها مصالح فى الغرب الليبى وتدعم حكومة الغرب وتيار الإسلام السياسى، الذى بات ينتظر الدعم ويتحين الفرصة لتكرار التجربة السورية فى ليبيا، الأمر الذى يدعو الشعب الليبى الآن، وأكثر من أى وقت مضى إلى التحرك واتخاذ خطوات جادة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لحماية دولته ومقدراته من المخططات الخارجية وغزو تيارات الإسلام السياسى إلى الغرب لفرض واقع جديد على ليبيا، وهو نفس الأمر الذى يدعو الدولة المصرية إلى تحركات فاعلة ومسبقة تشكل خطوطا حمراء جديدة أمام محالات العبث بمستقبل ليبيا باعتبارها حدود الأمن القومى المصرى المباشر.
حفظ الله مصر