احتقان قبلي يتصاعد ضد ممارسات مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
شهدت عدة مناطق تحت سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن غليانًا وتصعيدًا ملحوظًا بسبب انتهاكات وممارسات مليشيا الحوثي التي أثارت استياءً واسعًا في أوساط المجتمع القبلي.
شمل التصعيد حصارًا مشددًا واعتداءات مسلحة من قبل مليشيا الحوثي على منازل الشيوخ القبليين، مما تسبب في توتر واحتشادات متبادلة بين المليشيا والقبائل في عدة مناطق من صنعاء وذمار والجوف وعمران.
توتر واحتقان في الحدا وصنعاء
صباح يوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، فرضت مليشيا الحوثي حصارًا مشددًا على منزل شيخ قبلي في صنعاء، وهو الشيخ محمد علي معدل من قبائل الحدا.
جاء هذا الحصار بعد ساعات من تعرض منزله لإطلاق نار من مسلحين تابعين لآل المرادي المدعومين من الحوثيين، وقوبل برد من مرافقي الشيخ معدل، ووقع الاشتباك على مقربة من قسم شرطة المليشيا.
جاء الرد القبلي سريعًا، حيث تداعت مجاميع مسلحة من قبائل الحدا لمنزل الشيخ معدل لحمايته، مستعدين لمواجهة الحملة الحوثية وسط جهود مشايخ ووجهاء قبليين للضغط لرفع الحملة الحوثية.
وفي مديرية الحدا في محافظة ذمار، يتواصل توتر كبير إثر حملة عسكرية حوثية كانت تهدف إلى فرض حصار على منطقة "اعماس الحدا".
تصدت قبائل الحدا بقوة لهذه الحملة العسكرية الأولى، مما أسفر عن فشل الحملة واستقدامها تعزيزات، وسط تمترس القبائل لليوم الثاني على التوالي ومنعها من دخول مناطق اعماس الحدا.
كانت الحملة، التي يقودها القيادي الحوثي أبو علي الرزامي، تهدف لاستعادة سيارة جيب ومعدة ثقيلة قامت قبائل الحدا بنهبها من قبائل صعدة ردًا على نهب عصابة من صعدة سيارة ومقتنيات ثمينة من الشيخ عبدالسلام البيحاني من الحدا.
حصار جديد في الجوف
في محافظة الجوف، فرضت مليشيا الحوثي حصارًا على قبائل بني نوف بعد فشلها في استعادة طقم عسكري مع أفراده، في تصعيد جديد يعكس التوتر المتصاعد بين الحوثيين وهذه القبائل. يمثل الحصار استجابة مباشرة لفشل المليشيا في تنفيذ أهدافها العسكرية في المنطقة.
انتفاضة قبائل ذو سيله
في محافظة عمران، تجددت المواجهات بين مليشيا الحوثي وقبائل ذو سيله بعد محاولة المليشيا اقتحام إحدى القرى في المنطقة.
لاقت الحملة الحوثية، التي زعمت أنها تبحث عن مطلوبين، تصديًا قويًا من أهالي القرية الذين خرجوا للاحتجاج على هذه العمليات العسكرية العشوائية، مما أجبر الحوثيين على الانسحاب.
احتجاج في صنعاء
وفي العاصمة المختطفة صنعاء، خرج مئات من أبناء وصاب محافظة ذمار في مظاهرة حاشدة مطالبين بمحاكمة القاتل رشاد عبده صالح الورد، الذي تم إطلاق سراحه من قبل مليشيا الحوثي بشكل غير قانوني.
تكشف هذه الاحتجاجات عن حالة الغضب السائدة في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا، حيث يطالب المواطنون بالعدالة وتحقيق الحقوق.
ويرى مراقبون أن تصاعد التوترات بشكل لافت بين مليشيا الحوثي المدعومة من إيران والقبائل في المحافظات الخاضعة لسيطرتها يعكس تدهورًا كبيرًا في العلاقة بين الطرفين.
ولفتوا إلى أن الحوثيين يجدون أنفسهم في مواجهة مع رفض متزايد من المجتمع القبلي في ظل ممارسات العنجهية والهمجية الحوثية التي لا تلتزم بالقوانين أو الأعراف والتقاليد.
هذا الاحتقان القبلي لا يقتصر على قضايا محدودة كاستعادة ممتلكات منهوبة، بل يشمل أيضًا انتهاكات حقوق الإنسان، مثل حصار المنازل والاعتقالات غير القانونية، مما يزيد من حالة الغضب القبلي والسخط المجتمعي.
وأشاروا إلى أن تصاعد الغليان القبلي ضد مليشيا الحوثي يعكس عمق الأزمة السياسية والاجتماعية، ويظهر أن القبائل التي كانت تعتبر حليفًا هامًا للمليشيا قد بدأت في الانقلاب عليها بسبب ممارساتها الاستبدادية، وقد تمثل بداية لمرحلة جديدة من التوترات القبلية التي قد تؤثر بشكل كبير على الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی قبائل الحدا حصار ا
إقرأ أيضاً:
مليشيا الحوثي تبسط نفوذها على السلطة القضائية
تسعى مليشيا الحوثي (المصنفة على قائمة الإرهاب)، بوتيرة عالية لتدمير القضاء من خلال إصدار تعميمات مخالفة إجبارية للقضاة وتعيين ثقافيين قضاة في محاكم عدة.
عمدت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران خلال الفترة الأخيرة إلى سلب استقلال القضاء وبسط نفوذها على السلطة القضائية في مناطق سيطرتها، وتزايدت مؤخرا الاعتداءات التي طالت المنتمين للقضاء والمحامين كجناحين للعدالة والحقوق والحريات التي أدت إلى تقويض الحريات القضائية وتراجع مبادئ النزاهة والعدالة.
وتسعى مليشيا الحوثي لإدخال تعديلات قانونية في مختلف مؤسسات الدولة بهدف تعزيز نفوذها وإقصاء خصومها السياسيين.
وارتكب الحوثيون في اليمن سلسلة من الجرائم الممنهجة ضد حقوق الإنسان، مستغلين الظروف السياسية لفرض سيطرتهم بالقوة.. كما عمدوا إلى قمع الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والصحافة، إضافة إلى ممارسات تعسفية كالاعتقالات والإخفاء القسري للمعارضين.
هذا التمادي غير المسبوق في الانتهاكات الحقوقية أدى إلى تضييق الخناق على مختلف الحقوق في اليمن، في ظل غياب شبه كامل لمحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات من خلال القضاء الذي تسعى مليشيا الحوثي لجعله أداةً لقمع الأصوات الحرة.
يقول حقوقيون تحدثوا لوكالة خبر، إنه جرى تسييس القضاء لضمان الإفلات من العقاب، ومصادرة الممتلكات، وتجنيد الأطفال، وحصار المدن، وكلها مظاهر لسياسة ممنهجة تهدف إلى إخضاع المجتمع.
وأكدوا أن هذه الجرائم المتكررة جعلت مفهوم حقوق الإنسان غائباً كلياً تحت سلطة الحوثيين، ما يُشكّل تهديداً صارخاً للعدالة الإنسانية وانتهاكا لنزاهة القضاء وجعله يخدم مشروع الجماعة الطائفي.
وبشأن التعديلات التي عملت عليها مليشيا الحوثي، هو ما قامت به في سبتمبر الفائت من إصدار قرار بتعديلات جديدة في قانون السلطة القضائية، تشمل تغييرات جوهرية تمس المحامين والقضاة على حد سواء.
مجلس الوزراء التابع للحوثيين ناقش هذه التعديلات، التي أثارت حالة من القلق والاستياء داخل أوساط القضاة والمحامين، الذين اعتبروها تعديًا على حقوقهم ومهنتهم، في ظل ما يوصف بمحاولة اغتيال قوانين السلطة القضائية والمحاماة.
وبحسب وثيقة مسربة لمشروع القرار الحوثي المسمى مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الجديد يتضمن نصوصًا تسمح لرئيس مجلس الحوثي، بتعيين أعضاء في وظائف ودرجات السلطة القضائية "من خارج أعضاء السلطة القضائية"، خلال فترة ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون.
ويمنح المشروع للمدعو مهدي المشاط حق اختيار وتنصيب قضاة من بين أساتذة كليات الشريعة والقانون بالجامعات اليمنية أو من يصفهم القانون المعدل بـ علماء الشريعة الإسلامية الحاصلين على إجازات علمية في الفقه، المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والإصلاح بين الناس – وفقا للوثيقة.
ويشير هذا النص إلى إمكانية تعيين الفقهاء والثقافيين التابعين لمليشيا الحوثي، حتى وإن كانوا لا يحملون أي مؤهلات دراسية أو درجة علمية، كقضاة في إجراء غير مسبوق استنساخًا لنظام الحكم الإمامي البائد.
وتأتي هذه الخطوات بعد استكمال مليشيا الحوثي تسجيل اتباعها بناء على تزكيات قياداتها في معهد القضاء خلال السنوات الماضية.
كما حددت المليشيا في مشروع القانون شروطًا معينة تلزم توافرها للسماح بالعمل في مهنة المحاماة، وتبين حقوقهم وتنظم محاسبتهم – بحسب الوثيقة.
ومن بين تعديلات القانون الجديدة، يُمنح القاضي المعين من قبل الحوثيين صلاحية منع أي محام من الترافع لمدة ثلاث سنوات في جميع المحاكم إذا قدم دفعًا لم يناسب رغبة القاضي، بحجة ثبوت تضليل العدالة أو عرقلة إجراءات التقاضي بدفوع كيدية.
جدير بالذكر أن قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة (1991م) ينص على أن القضاء سلطة مستقلة، وأن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون.
ويرى قضاة، أن مشروع القرار الجديد وتعديلات القانون تعطل نصوص الدستور النافذ وتنسف استقلالية السلطة القضائية، ويعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ الدستورية القضائية.
وحذر محامون من أن هذه التعديلات ستؤدي إلى تضييق كبير على عمل المحامين، مما سيدفع الكثير منهم للبحث عن مهن بديلة.
كما تساءل المحامون عن سبب إدراج المحامين في قانون السلطة القضائية، معتبرين أن هذه التعديلات تمثل تعديًا صريحًا على حقوقهم الدستورية والمهنية، إذ تمنح القضاة سلطة معاقبة المحامي على أداء واجباته، وهو ما يهدف لخلق الفتنة بين القضاة والمحامين ويعد خرقًا لمبادئ العدالة.
ويؤكد المحامون، أن هذه التعديلات تمثل محاولة من مليشيا الحوثي للسيطرة على المكونات الحقوقية والمهنية في البلاد، بهدف إسكات أي صوت مستقل يدافع عن حقوق المواطنين.
واعتبروا أن إقدام المليشيات الإرهابية على طرح ما أسمته "مشروع تعديل قانون السلطة القضائية"، يمثل انتهاكا صارخاً لاستقلالية القضاء وحياديته، ضمن استهدافها الممنهج للحقوق والحريات المكفولة في الدستور والتشريعات الوطنية والمواثيق والمعاهدات الدولية.
وقالوا إن تزامن هذه الإجراءات المدمرة لما تبقى من مؤسسات الدولة مع العيد الوطني لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، هو إمعان في تحدي إرادة الشعب اليمني الذي قدم كل التضحيات دفاعاً عن النظام الجمهوري ومكتسباته الوطنية، ورفض النظام الإمامي الكهنوتي".
ووصف محامون هذه التعديلات بأنها "إهانة للمنظومة القضائية" وتهدف إلى تدمير استقلالية القضاء.
ودعوا المجتمع المدني ورجال القانون إلى الوقوف ضد هذه التحركات التي تمثل تهديدًا للدولة المدنية، وتنتهك الدستور والقوانين المتفق عليها في اليمن.
من جانبهم، دعا قضاة ومحامون وحقوقيون، نادي القضاة ونقابة المحامين اليمنيين إلى عقد اجتماع اسثنائي مشترك واتخاذ موقف حازم إزاء هذا التعدي السافر بحق قانون السلطة القضائية والاستهداف المباشر للقضاة والمحامين، ووضع حد لهذه التدخلات التي تهدف إلى استكمال حوثنة القضاء وتقييد حرية المحامي وتحويله إلى أداة خاضعة للإملاءات السلطوية، مطالبين بضرورة التصدي لهذا الاستبداد الواضح الذي قد يسحق الجميع بلا استثناء.
ومؤخرا أصدرت مليشيا الحوثي الإرهابية سلسلة من القرارات تهدف إلى إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتغيير طبيعة أنشطتها وتنظيمها في أحدث تحرك انفصالي بمناطق سيطرتها.
ووفقًا لوكالة "سبأ" التابعة للمليشيا، عيّن رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، "عبدالمؤمن شجاع الدين" رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى، رغم كونه من خارج الجهاز القضائي، إلى جانب تعيين "علوي سهل عقيل" عضوًا في المجلس، وهو أحد أبرز العناصر الحوثية الذين كانوا يقيمون في تعز قبل سيطرة الجماعة على صنعاء.
كما شملت القرارات تغييرات جذرية في الأهداف والمهام والاختصاصات العامة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة التنظيمات الرئيسية لثماني وزارات رئيسية، تشمل وزارات الإدارة المحلية، والشباب والرياضة، والخارجية والمغتربين، والثقافة والسياحة، والتربية والتعليم، والإعلام، والزراعة والثروة السمكية، والشؤون الاجتماعية والعمل.
وتأتي هذه التغييرات في إطار مساعي مليشيا الحوثي لتعزيز سلطتها وإبعاد مؤسسات الدولة اليمنية عن النظام الجمهوري، بما يتماشى مع أجندتها السياسية.
الجدير بالذكر أن التعيينات الجديدة في مجلس القضاء الأعلى جاءت بعد تعديل قانون السلطة القضائية، وهو تعديل أقره برلمان المليشيا مؤخرًا للسماح بتعيين قضاة من خارج المؤسسة القضائية الرسمية.