نواجه في اليمن مشكلة معقدة، من حيث القيم والمبادئ التي تريبنا عليها، نواجه الحوثي في الشمال، والتحالف في الجنوب، وبينهما قضيتنا المحورية كعرب ومسلمين، فلسطين والجرائم التي تحدث في غزة.
في الداخل استطاع التحالف بتدخله ان يفرغ شرعيتنا من محتواها القيمي والأخلاقي في استعادة التوافق السياسي وفق مخرجات الحوار، وعزز صراعات مناطقية طائفية ومذهبية، من خلال التشكيلات السياسية والعسكرية المدعومة من قبله، دعم غير محدود على حساب الدولة ومؤسستها العسكرية والأمنية والمدنية والخدمات الضرورية وحياة المواطن المعيشية، بل استدعى كل الخصومات القديمة وبناء عليها حلوله، ليشكل منظومة سياسية هشة مبنية على الثأر والانتقام، مسلوبة السيادة والإرادة، من خلالها تم ترسيخ الكراهية والعنصريات، لإيجاد مبررات العودة للخلف، حيث عاد البعض لمشاريع استعمارية وكهنوتية ورجعية متخلفة، وتم ضرب المشروع التقدمي، حيث تعاني اليوم الجمهورية والديمقراطية من الانحسار، ومعها تسقط كثيرا من القيم والمبادئ والاخلاقيات التي تربينا عليها.
وفي الشمال يحاول الحوثي الظهر بمظهر البديل الوطني والعربي والإسلامي المدافع عن الامة، من خلال استهدافه للإسرائيل وامريكا، و الحقيقة يجب تقال إن استهدافه للعمق الإسرائيلي قد كسب تعاطف البعض، خاصة وان ما يسمى بالشرعية قد سلمت امرها للتحالف، وبالتالي فأمرها مرهون بمحور أمريكا وإسرائيل، وهذه هي المعضلة التي يوجهها اليمنيين اليوم، بين شرعية لم تعد تمثلهم وحوثي يفرض نفسه عليهم.
وبالتالي فالحسم العسكري اليوم غير مجدي، وخاصة ان معظم ادواته من صنع التحالف، وهي نفس الأدوات التي ساهمت في اغتيال فكرة الشرعية، وتحويلها لمجرد كيانات مهلهلة فسادا وتنازع مشاريع صغيرة تحمل في طياتها ساطور التقسيم والتفتيت، والعودة للماضي العفن، في اغتيال واضح لثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين، والواقع خير دليل لذلك.
في هذه الحالة نحتاج لتوافق سياسي يعيد جميع القوى للولاء للوطن، والتخلي عن الاحتماء بالخارج مهما كان هذا الخارج، نعود لطاولة الحوار الوطني، ونجلس بجدية وحرص شديد على ان تكون المنتجات يمنية خالصة، ونبحث كل السبل التي ترضي الجميع لوطن يستوعب الجميع، بشرط ان تحييد السلاح، وتحييد استخدام الدين والقبيلة، ونترك للعقول والكفاءات ان تعمل لتصيغ لنا ميثاق وطني يلزم الجميع دون استثناء، فيه يحرم التحريض المناطقي والطائفي، يحرم استخدم التناقضات العقائدية والقبلية والعشائرية، ويحرم رفع السلاح في وجه الدولة او للحسم في قضايا خلافيه.
والبدء في بناء دولة عادلة وحكم رشيد، دولة النظام والقانون دولة المواطنة، كلا يحتفظ بعقيدته( المذهبية والطائفية) بحيث لا ضرر ولا ضرار والوطن للجميع، دولة لها ادواتها السياسية الأحزاب السياسية، وادواتها المدنية منظمات المجتمع المدني.
هنا نحتاج لإصلاح حال الأحزاب السياسية لتكن في مستوى الحدث والمسؤولية، لتتنافس بنزاهة وشرف و وطنية في انتخابات لتصل لسلطة بإرادة الشعب وتحت رقابة الشعب، ان احسنت احسن اليها الناس، وان أخفقت فتغييرها حتمي والبديل في انتخابات، كلا يقدم نفسه في مشاريع سياسية والشعب يحكم.
دون ذلك سنبقى في معضلة وتناقض لا يقدم حلول بل يسمح لمزيد من التدخل الخارجي، وفقدان السيادة والإرادة، ومزيدا من الجوع والمجاعة (الناس بل رواتب) والبلد ينهب وثروته تستنزف وتذهب لجيوب اللصوص والفاسدين.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحرب الشرعية اليمن كتابات
إقرأ أيضاً:
حزب الله يرمي كرة الجنوب في حضن الدولة ومخاوف من معضلة قادمة
كتب ميشال نصر في"الديار": رمى حزب الله كرة الوضع في الجنوب في حضن الدولة اللبنانية والعهد الجديد، الذي قد يكون تسرع في قراءته للتسوية التي سدت الفراغ الدستوري، ما قد يضعه امام معضلة كبيرة في الاسابيع والاشهر القادمة، مع تعثر خطط اعادة الاعمار من جهة، واستمرار الاعتداءات والخروقات من جهة ثانية، في طول الاراضي اللبنانية وعرضها.
زاد من طين هذا الوضع بلة المواقف الاميركية الصريحة، التي بدأت مع تصريحات الوسيطة مورغان اورتاغوس من على منبر بعبدا، ولم تنته مع اعلان المبعوث الاميركي الى المنطقة ستيف ويتكوف، ما خفي من جبل الجليد، والذي حتى الساعة لم يصدر أي موقف رسمي ردا عليه، رغم اعتقاد الكثيرين ان ما يطرح لن ينتج عنه سوى تفجير لبنان من الداخل، قد يكون تمهيدا لرسم خارطة جديدة للمنطقة.
وفي هذا الاطار، تشير مصادر ديبلوماسية الى ان كلام المسؤولين اللبنانيين، ومحاولاتهم تبرير تقاعسهم عن تنفيذ الالتزامات التي تعهدوا بها، تحت حجج قديمة عنوانها الوحدة الوطنية والتماسك، لم تعد مهمة، لذلك المطلوب اليوم افعالا، وهو ما لم يبلغ بعد السقف المطلوب، داعية الى عدم التعويل على اقناع الجانب الاميركي بالتخلي عن دعم "اسرائيل".
ورأت المصادر ان "اسرائيل" تسعى من خلال تصعيدها، سواء عبر الغارات او "التوغلات الليلية" في المنطقة الممتدة بعمق كيلومترا ونصف من الخط الازرق، والتي لا تزال حتى الساعة خالية من أي وجود عسكري لبناني او دولي، وحتى من السكان، نتيجة تحولها الى منطقة غير صالحة للعيش والتنقل، نتيجة التغيير الحاصل في جغرافيتها، اظهار لبنان غير ملتزم بالاتفاق وغير متعاون مع لجنة المراقبة الخماسية وآلية عملها، خصوصا ان ثمة اجراءات محددة قد وضعت في هذا الخصوص للتعامل مع أي خرق او اشتباه.
وتابعت المصادر، ان عشرات التهديدات تصل الى لبنان يوميا، وآخرها ما سرب عن ان سلاح الجو "الاسرائيلي" يعتبر الضاحية الجنوبية من ضمن منطقة عملياته العسكرية، وبالتالي فان بنك اهدافه لا يزال كبيرا، وهو مستعد لتنفيذ ضربات تخدم مشروعه ومخططاته.
وحول ما حدث خلال يوم التشييع من استفزازات مع تحليق طائرات الـ "اف-15" والـ "اف – 35" فوق بيروت على علو منخفض، والغارات الـ 14 التي نفذت، رأت المصادر ان هذه الاحداث، لا تدرج في اطار الخروقات اليومية، انما جاءت بهدف ايصال رسائل معينة لحزب الله. وبالتالي، فان هذه الغارات نفذت دون ابلاغ لجنة المراقبة، واستهدفت مواقع مفتوحة بغالبيتها.