أتصور أننى لم أكن مبالغا عندما وصفت فى مقال الأسبوع الماضى ما جرى فى سوريا مؤخرا بأنه فتنة، ومؤدى هذا التوصيف هو الالتباس فى الموقف الذى يعلنه أى طرف مما يجرى هناك، حيث يمكن تسويقه على أوجه مختلفة، ما يتطلب التأنى فى إصدار الآراء أو المواقف بشأن الأحداث هناك. أقول ذلك وفى ذهنى تطورات العلاقة ما بين دمشق وطهران، وفى خلفية المشهد الخاص بهذه العلاقة ذلك المتعلق بحالة إسرائيل على الساحة السورية.
لسنا فى وضع نحسم فيه ما اذا كان كلام الشيبانى يعكس الحقيقة أم مبالغة، لكنه فى كل الأحوال يشير إلى المسار الذى تتخذه علاقات الدولتين فى ظل التطور الجديد المتعلق بما بعد إسقاط الأسد. فبعد أن كانت طهران حليفا قويا للنظام السورى والذى كان يعتبر فى بعض التقديرات امتدادا لنفوذها فى المنطقة إلى جانب باقى مناطق نفوذها، من الواضح أن «الثورة» السورية أطاحت بهذه العلاقة وتكاد أن ترتقى بها لمستوى العداء.
أى مناقشة لكلام الشيبانى بالنقد أو التوضيح قد تحمل معنى التحفظ على ما جرى فى سوريا، ولكن المنطق لفهم الصورة العامة لما يجرى هناك يقتضى أن نشير إلى أن إيران ربما تكون فى وضع لعق جراحها فى الوقت الحالى، وليس المبادرة بشن هجوم مضاد يتمثل فى بث فوضى فى سوريا فى الوقت الراهن على الأقل. معنى ذلك أن فى موقف وزير الخارجية حالة استباقية تعكس تحفيز مناخ العداء تجاه طهران، خاصة مع تأكيد الأخيرة أنه لم يعد هناك مواطن إيرانى فى سوريا وتوصية مواطنيها بعدم الذهاب إلى هناك بسبب الوضع الغامض حاليا.
طبعا من السذاجة تصور أن إيران ستسكت وتقبل النتيجة التى انتهى إليها وضعها فى سوريا ببساطة، لكن هذا الجانب المتعلق بتصريحات الشيبانى يشير تحديدا إلى ملامح تسخين سورى لملف العلاقات مع طهران فى سكة عدائية يعود جانب منه وهو طبيعى لتحالفها مع الأسد، وآخر ربما يعكس مشهدا من أجندة أكبر ترتبط بوضع إقليمى أشمل.
بمفهوم المخالفة، يمكن تبين صورة من ذلك المشهد فى خلو تصريحات الشيبانى من أى شىء يتعلق بما تقوم به إسرائيل. فإذا كان من حق الشييانى أن يحذر طهران من بث فوضى – لم تتم – فى بلاده، فإنه من الغريب أن يصمت على حالة القضم والتدخل والتفكيك والتدمير التى تقوم بها إسرائيل حاليا لكل ما يتعلق بالشأن السورى. ببساطة شديدة فإننا لو حللنا المشهد من منظور الأمن القومى السورى فإننا سننتهى إلى أنه من بين الأخطار الشديدة الملحة على ذلك الأمن هناك نوعان من الخطر أحدهما مستقبلى يتعلق باستئناف إيران مساعيها لضم سوريا لحظيرة نفوذها الإقليمى أو حتى الانتقام من إخراجها من هناك ببث الفوضى حسب تعبير الشيبانى وهناك خطر آخر أكثر إلحاحا يتعلق بخطط إسرائيل لترويض الموقف فى سوريا حسب مخططاتها الإقليمية وفق شكل الشرق الأوسط الجديد الذى تسعى لإيجاده.
منطق الأشياء يقرر أن مواجهة الخطر الأكبر يجب أن يكون على رأس الأولويات، ولعل غياب مثل هذا المنطق يطرح التساؤلات. للتوضيح نقول إن التوافق فى الاختصام مع طهران من قبل سوريا وإسرائيل ليس شرطا أن يعكس نوعا من التنسيق.. ولكن المشكلة أن وصول الأوضاع فى سوريا إلى هذه الحالة تؤكد وجود هذا التنسيق.. وذلك هو بيت القصيد!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبد الرازق هذا التوصيف فى سوریا
إقرأ أيضاً:
الفتنة الكبرى.. حقيقة تحريم مشاهدة مسلسل «معاوية»
لا يزال مسلسل «معاوية » يثير الجدل في الأوساط الدينية والفنية منذ طرح البرومو التشويقي له
ورغم أن مسلسل معاوية يناقش أحداثا في التاريخ الإسلامي عرفت بـ الفتنة الكبرى، إلى أن المسلسل أحدث فتنة في حد ذاته حول قضية عرض وتجسيد شخصيات الصحابة.
وأظهر البرومو الرسمي لـ مسلسل معاوية تجسيد شخصيات الصحابة رضي الله عنهم على الشاشة، فخرج الكثير من جماهير وسائل التواصل الاجتماعي يعبرون عن رأيهم، ولكن اختلف الكثير منهم وانقسموا بين مؤيد ومعارض، وتداول الكثير منهم التصريحات التي أدلى بها علماء الأزهر وأكدوا فيها رفضهم تجسيد شخصيات الصحابة.
وتواصلت «الأسبوع» مع الدكتور فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء، الذي أكد بألفاظ حاسمة أنه «لا يجوز تجسيد شخصيات الصحابة في الأعمال الدرامية، ولا يجوز حتى مشاهدة مثل هذه الأعمال»
وأكد «الفقي» أن أهم أسباب رفض الأزهر لـ تجسيد شخصيات الصحابة في الدراما، تكمن في أنه لا يجوز أن يكون الممثل الذي يحضن النساء ويشرب الخمر في أفلام أخرى، يأتي بعدها ليمثل شخصية أحد من الصحابة، حتى لو كان ذا قدرة تمثيلية وموهبة عالية، موضحا أن من يجسد شخصية الصحابة في المسلسلات أو الأفلام الدرامية، يجب أن يكون على قدر كافي من الخلق ومن العلم.
وأضاف أنه يجب أن يكون المسلسل الدرامي موثق وبه نصوص صحيحة والتراجم المأخوذ منها النص تكون موثقة وصحيحة.
الأزهر يوضح ضوابط صناعة الدراما الدينيةوأكمل «الفقي»: «نحن لنا منهجنا الذي يجب أن نلتزم به في حياتنا وهو كتاب الله وسنة رسوله، وعلى ذلك فيجب علينا أن نكون ذوي قدر جيد من المسؤولية التي تحتم علينا أن نقتدي برسول الله وأصحابه وأن نعظمهم وألا نسيئ إليهم، وأن يكون كل من يجسد شخصياتهم ويعيد ذكراهم إلى عقولنا على شكل مسلسل تاريخي درامي على قدر جيد من الخلق والعلم والسيرة الحسنة، وأن تكون نصوصه صحيحة كي تصل الرسالة إلى أبنائنا بشكل صحيح».
واختتم: «وأنا لا أذكر أسماء أو أهاجم شخصا بعينه وإنما أؤكد على الضوابط العامة الواجب اتباعها للوصول إلى أفضل شكل لمثل هذه الأعمال».
يشار إلى أن، مسلسل معاوية بن سفيان من إنتاج المملكة العربية السعودية، وتدور أحداثه في إطار درامي تاريخي.
ويتناول مسلسل معاوية أحداث الفتنة الكبرى، وهي فترة ما بعد استشهاد الخليفة "عثمان بن عفان"، مرورًا بتولي "علي بن أبي طالب" الحكم، ثم استشهاده وتولي الحسن، ثم تنازله ليتولى معاوية، وبعده نجله يزيد، وحتى استشهاد الإمام الحسين في كربلاء.
ويجمع طارق العريان في بطولة مسلسل معاوية بن سفيان عدد كبير من النجوم، أبرزهم، عائشة بن أحمد، جميلة الشيحي، أسماء جلال «زوجة معاوية»، محمد قريع، خالد حمام، حكيم بلكحلة، حمد مراد، ياسين بن قمرة، غانم الزرلي، وهو من تأليف خالد صلاح.
اقرأ أيضاًظهور الصحابة في مسلسل معاوية.. «عالم أزهري»: مشاهدة هذه الأعمال حرام شرعا
طارق العريان يكشف أسباب خروج مسلسل «معاوية» من رمضان 2023 «فيديو»
أسماء جلال تكشف كواليس تحضيرها لمسلسل «معاوية» رمضان 2023