الأحد.. افتتاح معرض "رحلتنا والزمن" للفنان مهاب عبد الغفار بجاليرى قرطبة
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يفتتح جاليرى قرطبة، معرض رحلتنا و الزمن للفنان مهاب عبد الغفار، فى تمام السادسة مساء يوم الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤، ويستمر حتى 18 يناير 2025.
عن معرضه قال الفنان مهاب عبد الغفار: "يعرف الزمن بالحركة، ليكون الزمن هو وحدة قياس الحركة ومعرفة كينونتها، ونحن نواجه زعماً بأن الشكل الدائري للحركة يتبدى كأنه قانون الوجود والموجودات، وبالتالي فإن الحركة الدائرية لتلك الكينونة تعني لا نهائية الوجود، وبالرغم من أن الحركة الدائرية للكون على قدر ما نعرف الآن قد تطرح شكلاً من أشكال الاكتمال حيث لا بداية واضحة ولا نهاية واضحة أيضا.
وأضاف: "إلا أن ذلك الاكتمال المزعوم ليس سوى صيرورة تبحث عن اكتمالها الذي لن يتحقق، فعدم الاكتمال هنا هو السر المتضمن في استمرار الكون، ليكون النقص هو عنصر الاستمرار، وهو عنصر الحركة وبالتالي هو المفهوم الفيزيائي المتحقق للزمن".
وتابع: "ويبدو في تواريخ الحياة الإنسانية ولاسيما في الحضارات القديمة أن التعرف على الحركة ونطاقها الزمني لم يكن من خلال العلم الوضعي فقط، ذلك الذي تقوم عليه ثقافة اللحظة التي نعيشها على الأرض، ولكنها كانت تقوم على معرفة أخرى على ما يبدو، هي معرفة تقف بين التأمل و الرمز، لتطالعنا تلك الحضارات الإنسانية القديمة ( كمثال: حضارة مصر القديمة – وحضارة ما بين النهرين في العراق القديم) بشكل خاص للفكر وللعقيدة، حيث تأسس ذلك الشكل في ترميز الأفكار والعقائد، حيث كان مفهوم الحياة ليس فقط في ما نراه وإنما فيما تدركه الروح. وتدعونا تلك الترميزات إلى إعادة رؤية تفاعل آخر مع الوجود غير ما تقوم عليه ثقافتنا اللحظية."
وأردف الفنان: "من هنا تأتي الأشكال الموحية بالحركة في أعمالي البصرية حيث أسعى إلى الإيحاء بالحركة بالرغم من ثباتها البصري في نطاق العمل التصويري، وتلك الحركة تتطلع إلى استمرارية الوجود والخلق حيث يعاد الخلق مرة بعد مرة من الفناء، وبناء عليه فربما يرمز الجلوس الى استقرار الذات العليا لتَنسج مجموعة من العلاقات الشكلية التي تتوالد وتتخلق وكأنها تتوافق مع الوجود من لحظة لأخرى، بمعنى أنها لا تأخذ فقط شكل الكائن سواء كان العنصر الإنساني أو الحيواني بل أيضاً تتخلق في قانون الحركة على المسطح، فالأشكال سواء مدموجة في بعضها أو منفردة فإنها محاولة للدلالة على الحركة، وبالتالي تتشكل رمزية الزمن المتضمن في الحركة، لنصل إلى سؤال أبدي تنطق به الحياة الإنسانية في كدحها البشري عن المعنى وراء الحضور والزوال، وهل هو ليس زوالاً كاملاً فربما تكون حركة من التحول من شكل إلى آخر، ليكون عنصر الزمن هو أيضاً كائناً حياً يتقلص ويتمدد مندمجاً في حركة الوجود".
فيما قال الدكتور مصطفى عيسى، الفنان والناقد التشكيلى، عن معرض رحلتنا والزمن: "ينتقي مهاب ودائما ما يتصل بهذا الفهم من رموزه الحياتية، فثمة جسد يأتي غالبا ثنائي يجتمع فيه الذكر والأنثى، بوصفه تفويضا جماليا قبل ان يكون دلالة حاملة لبعد انساني شديد الغور في التاريخ، ولأنه كمن يرى المثنوية هذه فيما يشبه الحلم، فقد دأب على تغليفها بشيء من الغموض التي تكتسي بها ملامح غائمة ومبهمة، انها رمزية بامتياز وليس ثمة انثى بعينها او ذكر محدد، بل لعل الصورة تكتمل بوجود قوارب نجاة غالبا هي تائهة في سماوات وبحور ممتدة ومتشاكلة مع بنيات اخرى ربما يمكن اعتبارها بيوتا ضلت شوراعها عن الانسانية وربما ضلت الاجساد نفسها طريقا امنا الى حجرة منها".
وأضاف: "يبلغ الفراغ مداه في لعبة البناء التصويري، ليبدو الشكل مساحة تغزوها المفردات من اتجاهات شتى ما يجعل سطح الفني ملاذا آمنا لاستيعاب كل اشارة وكل رمز يحسب الفنان ان وجوده يسهم على طريقته الخاصة في اكمال صورة او حالة انسانية. اشدد على معنى الإنساني كون هذا الفنان بليغ دائما في الاعتراف باهمية البحث عن الدواخل وعن كيفية استثمار معارفه وثقافته في استحضار قصة خاصة في لغة الشكل".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جاليري قرطبة فن تشكيلي
إقرأ أيضاً:
العربي الأفريقي (مارس 1979): والزمن كان ليل
تمر بنا بشهر مارس هذا الذكرى الثلاثين لصدور مجلة “العربي الأفريقي” (مارس 1979) الشهرية التي لم يصدر منا سوى عدد بهي واحد وأغلقها نظام نميري بالضبة والمفتاح. وكان صاحب امتيازها هو المرحوم الأستاذ عبد الرحمن السلاوي رجل الأعمال المعروف وقدت أنا هيئة تحريرها من وراء ستار.
جئت إلى رئاسة تحرير المجلة خلواً من خبرة في صالة التحرير سوى ما اكتسبته في جريدة أخبار الأسبوع الأسبوعية التي آلت إلينا نحن شباب الشيوعيين من الكتاب في آخر 1968. وكنا احتججنا على بؤس أداء حزبنا الشيوعي في حيز الثقافة والإعلام. فاحتوى أستاذنا عبد الخالق محجوب شتاء سخطنا بأن سلمنا الجريدة خالصة وورطنا في كدح الاصلاح ومصاعبه. ولكني جئت لتحرير مجلة العربي الأفريقي وقد أطلت النظر في مجلة الحوادث وجريدة النهار اللبنانيتين مما كان يبرني بهما الصديق محمد دوعالي وأنا قيد العمل تحت الأرض الشيوعي. كما أطلت النظر في مجلة “سوداناو” التي كان عليها الأستاذ السر سيد أحمد الكاتب الراتب بهذه الصحيفة. وصدرت من وزارة الثقافة والإعلام التي كان وزيرها السيد بونا ملوال مستشار رئيس الجمهورية الحالي. وكانت مجلة قامة كما نقول بإسراف على أيامنا هذه. وكمن من ورائها خبراء تحرير من الإنجليز جعلوها فتنة للقارئين والناظرين. واستمتعت المجلة بحرية صحافية نسبية لصدورها باللغة الإنجليزية لم تقع للناطقات بالعربية. وهي مرجع لا غنى عنه للباحث عن المجتمع خلال فترة صدورها. واقول هذا عن تجربة في البحث عن مادة كتابي عن تاريخ القضائية والإحياء الإسلامي.
من شغلنا في التحرير أننا لخصنا في الصفحة الثالثة أكثر مواد العدد. وربما استفدت هذا من مجلة الحوادث. ودمغنا كل صفحة بخاتم أو شعار المجلة. ونظرنا في هذا إلى جريدة النهار كما اعتقد. ثم جعلنا لصفحاتها عناوين. فتحت “المشهد الداخلي” عرضنا للوقائع السودانية مثل تغطيتنا لاجتماع المؤتمر الثاني لبرلمان وادي النيل بقلم السيد عبد الله حميدة الكاتب وعضو مجلس الشعب آنذاك. كما غطى لنا الأستاذ عبد المولى الصديق افتتاح جامعة الجزيرة. ثم جعلنا “المشهد العربي الأفريقي” عنواناً لقصص عن العالمين العربي والأفريقي. كتب لنا فيه الدكتور نورالدين ساتي عن بدء الديمقراطية التعددية في السنغال والدبلوماسي جعفر طه عن يوم الأرض في فلسطين. ثم جعلنا “المشهد العالمي” عنواناً لما يقع في العالم بأسره. وحررت فيه خلفية فكرية لثورة إيران والخميني بملخصات من كتاب أكاديمي عن شيعة إيران. وقصدنا بذلك أن يستنير القارئ بالمادة ليفهم مجرى الثورة الإيرانية المستفحلة آنذاك. وكنت معجباً بفكرة الصندوق المفروز من صلب المقال التي ربما استفدتها من مجلة النيوزويك والتايم الأمريكيتين. وكنت من المعجبين بحرفتهما الصحفية وما أزال. فخصصت صندوقين واحد لشرح مصطلحات الشيعة مثل “الخروج” و “المشهد” وغيرها. أما الصندوق الآخر فقد عرفت فيه بوثيقة شيعية مركزية هي “تنبيه الأمة”.
ثم جعلنا “صحافة” عنواناً نعينا تحته الأستاذ السلمابي بأكثر من مجرد الترحم. فعرضنا لسيرته العصامية من جرسون بمقهى بالقضارف لرجل أعمال وصحافي لا يشق له غبار. ووصفه لنا البروفسير محمد عمر بشير بأنه فقد كبير لمجلس الشعب لأنه كان “واحداً من أكثر اعضائه حيوية وحباً للجدل”. كتب لنا الأستاذ رحمي سليمان تحت نفس الباب عن ذكرى له في تونس. ثم جعلنا عنواناً هو “ندوات” لعرض ما يدور في منتديات الثقافة والعلم. ولخصت فيه وقائع ندوة انعقدت للتعريب في جامعة الخرطوم وكان نجمها الدكتور جعفر ميرغني. وقد أعدت نشر الكلمة في كتابي “أنس الكتب” للراغب. وسيقف قارئها على أن تعريب التعليم الجامعي لم يكن مفاجأة صادمة كما تقول الصفوة الناطقة بالإنجليزية. فقد كان استراتيجية طويل المدى للجامعة تستعين لأدائها بالبحث الدقيق. وكل المسألة أن صفوة الإنجليزية لم يستعدوا له سلباً أو إيجاباً ومثل هذه الندوات تنعقد بغير عناية منهم. فقد ظنوا أنها زوبعة في فنجان تفوت ولا حد يموت حتى جاءهم طائف من ربك.
ثم خصصنا باباً لعرض الكتب سميناه “واجهة الكتب”. عرض فيه البروفسير محمد عمر بشير كتاب الاستاذ حلمي شعراوي عن العلائق بين حركتي التحرر في أفريقيا والعالم العربي. كما عرض الدكتور أحمد عبد الرحيم فيه لكتاب “مقدمة لدراسة الأدب الأفريقي المعاصر” للدكتور يوسف الياس. وعرض لنا يوسف نفسه كتاباً لمؤلف من السنغال عن الإسلام والمجتمع في غرب أفريقيا. وتحت عنوان “الشباب” غطينا بالصورة والكلمة حمى مارس وهي المظاهرة الكرنفالية التي كانت تندلع في أول ذلك الشهر من كل عام للاحتجاج على قدوم شهر الامتحانات. ومن أطرف مشاهدها خصام الطلبة والطالبات. فيهتف الطلاب: بنات الجامعة بنات بايرات. فترد البنات: محجوزين للخريجين. وسعيت في مقبل الأيام لدراسة أوفى لهذا الكرنفال. وأوراقي عنه ما تزال تنتظر التحليل والكتابة.
وبدأت مع الأستاذ الطيب محمد الطيب في المجلة دراسة مسلسلة عن شعب بني جرار أهل الفارس ذائع الصيت موسى ود جلي تحت عنوان “شعوب وقبائل”. واتفقنا على استخدام ما جمعته عن هذه الجماعة من كردفان وما جمعه الطيب من البطانة لكتابة سيرة هذه الجماعة المخاطرة. وكتبت الحلقة الأولى. وصحبتها صورة لجبل قرين جلي بشمال كردفان الذي قتل عنده جلي والد موسى. وهي صورة من صنع الأستاذ غالب من مصوري وزارة الثقافة والإعلام الأفذاذ. وكل الفتيات البدويات الحلوات اللائي يزين الدور والقصور مما التقطه غالب في بادية الكبابيش حين اصطحبته في عملي الميداني ليوثق بحثي وليحصل على صور للزينة والزي الكباشي لمشروع آخر. فردوا لغالب حق المؤلف. وتوقفت المجلة ولم نعد لا أنا ولا الطيب للمشروع. ولكنه ما زال يؤرقني وسأنتهز السانحة للفراغ منه بدون الطيب . . للأسف. ولكن إكراماً له.
ثم جعلنا عنواناً هو “اهتمامات” لعرض خبرات الرجال والنساء في شتى الضروب. وجئنا في العدد اليتيم بحوار مع الدكتور طه أمير عن موضوع تخصصه في علم النفس وهو التأتأة. وأعجبني تعريفه لها بأنها ضرورة الكلام والخوف من النطق. ثم خصصنا باباً للطرف والزوايا النادرة تحت عنوان “مما جميعه” كتب لنا فيه الدكتور أحمد عبد الرحيم نصر عن ثائر سوداني من مجاهدي عمر المختار الليبي. وكتبت أنا أعلق على فكاهة سودانية لدفع تهمة التجهم عن السودانيين. كما كتب الأستاذ عبدون نصر عن خصومة الهلال والمريخ. ثم جئنا بعنوان “اصوات” لتغطية ضروب النشاط الثقافي خلال الشهر. وأذكر أنني استفدت هذا الباب من باب سبق بمجلة سوداناو حرره الأستاذ صلاح ؟ ؟ باقتدار. وكتب لنا الأستاذ محمد المهدي بشري عن كتاب أحاجي عبد الله الطيب. وعرضت أنا ندوة للاب فانتيني بدار المكتبة القبطية عن المسيحية في بلاد النوبة. واذكر البرد الذي أحدق بالخرطوم في ليلة المحاضرة. وضاعف منه بؤس المواصلات فشواني البرد منتظراً ركبها المراوغ إلى بري المحس. ثم اقتطفنا من الصحف العالمية في باب “صحافة عالمية”. وحرر الأستاذ حسن مختار صفحة الرياضة. وكتب لنا في المناسبة السيد نجيب المستكاوي الناقد المصري المعروف.
تلك أيام في آخر السبعينات في مكتب بعمارة الضرائب بالخرطوم لم نجد بداً من تهريب حبنا للوطن “والزمن كان ليل”.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب