هاني الخالد

جاءت تصريحات رئيس اللجنة الثورية في حكومة صنعاء، محمد علي الحوثي، لتسلط الضوء على تحول نوعي في الخطاب السياسي والعسكري لصنعاء. التصريح الذي يؤكد غياب “الخطوط الحمراء” في مواجهة الأمريكيين والإسرائيليين ومن يدور في فلكهم، يعكس تصعيداً حاسماً في الموقف اليمني، ليس فقط على مستوى الخطاب، بل في الاستعداد العملي لمواجهة ما تعتبره صنعاء تهديداً مباشراً لأمنها وسيادتها.

تحليل التصريحات: أبعاد ودلالات

1. الإعلان عن استراتيجية مفتوحة

الإشارة إلى غياب الخطوط الحمراء تعني أن صنعاء لم تعد ترى أي قيود على خياراتها العسكرية والسياسية في مواجهة القوى المعادية. هذا التحول يهدف إلى إرسال رسائل متعددة الأطراف:

للداخل اليمني: تأكيد الاستعداد الكامل للدفاع عن السيادة، مما يعزز الروح المعنوية لدى القوات والمواطنين.

للخارج الإقليمي والدولي: إعلان عن استعداد صنعاء لتوسيع نطاق المواجهة، بما يشمل استهداف مصالح قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.

2. كسر الحاجز النفسي في المواجهة
الحديث عن أن هذا الموقف “ليس من أجل الحرب النفسية” يشير إلى رغبة في تجاوز التصريحات الرمزية إلى الفعل الميداني. صنعاء تدرك أن الحروب النفسية كانت إحدى أدوات القوى الكبرى لإضعاف الإرادة الشعبية، وبالتالي تسعى لتأكيد جدية مواقفها بما يتجاوز الدعاية.

3. ربط السياق اليمني بالصراع الإقليمي
بإدخال الأمريكيين والإسرائيليين في دائرة الاستهداف، تربط صنعاء الصراع الداخلي بمشهد إقليمي أوسع. هذا الربط يعكس استراتيجية ترى في الصراع في اليمن جزءاً من معركة إقليمية أكبر ضد الهيمنة الغربية والصهيونية.

الأبعاد العسكرية: خيارات صنعاء في المواجهة

1. الصواريخ والطائرات المسيّرة
تصريحات الحوثي تبرز أهمية التطور الذي شهدته القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة في اليمن. هذه الأسلحة أصبحت أدوات فعالة في كسر هيمنة القوى التقليدية في المنطقة، مع القدرة على استهداف مواقع استراتيجية، سواء داخل اليمن أو في عمق أراضي الخصوم.

2. القوة البحرية
تأكيد دور البحرية يعكس وعياً بأهمية خطوط الملاحة البحرية في معادلات الصراع. مضيق باب المندب والبحر الأحمر يشكلان نقاطاً حيوية للتجارة العالمية، مما يجعل أي تحرك بحري لصنعاء تهديداً استراتيجياً لمصالح القوى الكبرى.

3. المواجهة غير التقليدية
تصريحات الحوثي تؤكد أن صنعاء تستعد لاستخدام أساليب غير تقليدية في المواجهة. هذه الأساليب تعتمد على المرونة، والمفاجأة، واستهداف نقاط الضعف لدى الخصوم، مما يمنحها ميزة في مواجهة قوى متفوقة عسكرياً.

التداعيات الإقليمية والدولية

1. تصعيد المواجهة مع التحالف الإقليمي
إعلان صنعاء عن غياب الخطوط الحمراء يضع القوى المنخرطة في التحالف ضدها، مثل السعودية والإمارات، أمام تحدٍ كبير. هذا التصعيد قد يؤدي إلى تصعيد مقابل، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن إرادة صنعاء في فرض معادلة ردع جديدة.

2. رسائل مباشرة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل
توسيع دائرة الاستهداف لتشمل الولايات المتحدة وإسرائيل يشير إلى أن صنعاء ترى في تدخلاتهما في اليمن جزءاً من مشروع أكبر يستهدف استقلال القرار اليمني. هذه الرسالة تهدف إلى كسر ما يُعتبر حصانة تقليدية لهاتين القوتين، وإجبارهما على إعادة النظر في سياساتهما تجاه اليمن.

3. تأثير على مسار المفاوضات
قد تؤثر هذه التصريحات على أي محاولات لاستئناف المفاوضات السياسية. صنعاء تستخدم هذه اللغة لإعادة تشكيل ميزان القوى قبل أي تسوية محتملة، مما يجعل من الضروري أن تؤخذ مصالحها بجدية.

الرسائل الاستراتيجية: قراءة ما وراء التصريحات

1. تأكيد الاستقلالية في القرار
هذه التصريحات تأتي لتؤكد أن صنعاء ليست خاضعة لأي إملاءات خارجية، وأن قراراتها تنبع من رؤيتها الوطنية والإقليمية.

2. إعادة تشكيل قواعد الاشتباك
بتجاوز الخطوط الحمراء التقليدية، تسعى صنعاء لإعادة تشكيل قواعد الاشتباك، بحيث تكون قادرة على الردع، وليس فقط الدفاع.

3. استثمار في المظلومية الإقليمية
الربط بين اليمن والقضية الفلسطينية يعكس رغبة في تقديم صنعاء كجزء من محور المقاومة ضد الهيمنة الغربية والصهيونية.

خاتمة: صنعاء في معادلة الصراع الجديد

تصريحات محمد علي الحوثي تمثل انعطافة استراتيجية في خطاب صنعاء. هذا الموقف يعكس إدراكاً عميقاً لتعقيدات المرحلة، ورغبة في فرض معادلات جديدة تتجاوز الأساليب التقليدية. إذا ما ترجم هذا الخطاب إلى أفعال، فإنه قد يغير شكل الصراع في اليمن والمنطقة، ويعيد تعريف موازين القوى في مواجهة الهيمنة الغربية والإسرائيلية.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الخطوط الحمراء فی مواجهة أن صنعاء فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الكاتب محمد جلال عبد القوى: هل لابد من تدخل الرئيس حتى ننهض بالدراما ونطورها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعرب الكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي عن سعادته بمشاركته خلال مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر الذى يشارك فيه كبار الفنانين والكتاب والمخرجين، مشيرا إلى أنه لولا الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ألقى حجرًا في المياه الراكدة ما تمت هذه الجلسة وهذا اللقاء، متعجبًا هل لابد من تدخل الرئيس وإصدار توجيهاته من أجل النهوض وتطور الدراما حتى نتحرك هكذا؟

جاء ذلك خلال مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر الذى عقد، أمس الثلاثاء، بماسبيرو تحت رعاية الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.

وقدم الكاتب محمد جلال عبد القوى الشكر لكل رواد الدراما الكبار الراحلين منهم والأحياء على الإرث الفني الضخم الذي تركوه لكنه في الوقت نفسه قدم لهما الاعتذار على عدم القدرة على مواصلة المسيرة، كما قدم الاعتذار للأسر المصرية عما تقدمه في الآونة الأخيرة في الدراما حيث قال دخلنا على أهلنا والبيوت المصرية بشكل غير لائق لدرجة استفزت رئيس الجمهورية.

تجدر الإشارة إلى أن منصة الجلسة الأولى من مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر ضمت عددًا من رموز الفن والإبداع وهم: المخرج محمد فاضل، والفنان محمد صبحي والفنان محمود حميدة والسيناريست مدحت العدل والكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي والكاتبة الصحفية ورئيس لجنة الدراما بالشركة المتحدة علا الشافعي والفنانين أشرف عبد الباقي وهاني رمزي والروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد.

مقالات مشابهة

  • ماذا وراء التصعيد في حضرموت شرقي اليمن؟.. احتقان ينذر بانفجار عسكري
  • الكاتب محمد جلال عبد القوى: هل لابد من تدخل الرئيس حتى ننهض بالدراما ونطورها
  • «ترومان» تواصل ضرب «الحوثي» على مدار الساعة
  • اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
  • كيف تعكس تصريحات “نتنياهو” الأخيرة بشأن اليمن فشلَ العدوان الأمريكي؟
  • مرصد الأزهر يناقش تحديات التطرف وسبل المواجهة في ندوة بأسوان .. صور
  • السعودية تفاجئ وكلاءها في اليمن: استعدوا للتصالح مع الحوثيين
  • مليشيا الحوثي تسطو على منزل مسؤول حكومي سابق وتطرد عائلته من داخله
  • الحزب الاشتراكي يُدين العدوان الأمريكي على اليمن ويستهجن المواقف المتطرفة لبعض القوى
  • تجدد القصف الأمريكي على مواقع الحوثي في اليمن