ما مستقبل النفوذ الروسي في سوريا والمنطقة بعد سقوط الأسد؟
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تواجه روسيا تحديات إستراتيجية عقب سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بعدما كانت على مدار العقد الأخير أبرز اللاعبين في المشهد السوري، لكنها تبدو حاليا أمام خيارات محدودة في سوريا الجديدة.
ويرفض الكرملين توصيف ما حدث في سوريا على أنه هزيمة لروسيا، لكن انهيار نظام الأسد حجّم بشكل كبير النفوذ الروسي وجعل آفاق بقاء القواعد العسكرية الروسية في سوريا ضبابية للغاية.
ووفق تقرير بثته الجزيرة، تعاملت موسكو ببراغماتية مع حكام سوريا الجدد الذين كانت تصفهم "بالإرهابيين"، إذ تصب التعديلات التشريعية الأخيرة بشأن رفع التنظيمات المحظورة من قوائم الإرهاب الروسية في هذا الاتجاه.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال مؤخرا إن روسيا جاءت إلى سوريا "بغية عدم إنشاء جيب إرهابي هناك، ولقد حققنا هدفنا"، مشيرا إلى أن "الجماعات التي كانت تقاتل القوات الحكومية خضعت لتغييرات داخلية".
وشدد بوتين على ضرورة التفكير في مستقبل قواعد بلاده بسوريا، وكيفية تطوير علاقات موسكو مع القوى السياسية التي تسيطر على الوضع في دمشق، مؤكدا أهمية أن "تتوافق مصالحنا".
ويرى مراقبون -وفق التقرير- أن توافق المصالح "مهمة تبدو معقدة لموسكو، لكنها ليست مستحيلة"، رغم الضغوط الغربية والإقليمية على حكام دمشق الجدد لإخراج روسيا من المشهد الجيوسياسي في المنطقة.
إعلانوأعرب محلل سياسي -في حديثه للجزيرة- عن قناعته أن الجميع يدرك أنه من دون روسيا لا يمكن للشرق الأوسط أن يتطور بشكل متين لكونه يتعرض لضغط هائل من أميركا وإسرائيل.
وخلص إلى أن "روسيا قادرة على إيجاد توازن في المنطقة تمنح الشعوب العربية مساحة للمناورة".
وبعد سقوط الأسد، قالت سلطات سوريا الجديدة إنها منحت لموسكو فرصة لتصحيح علاقات روسيا مع الشعب السوري، وهو ما يرى مراقبون أنه يحتاج إلى جهود روسية هائلة.
وفي هذا السياق، قال رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع للجزيرة نت إن السلطات المختصة تجمع الأدلة من أجل محاكمة بشار الأسد على الفظاعات والانتهاكات المروعة التي وقعت في سجونه.
وحسب التقرير، فإن روسيا أمام خيارات محدودة في سوريا؛ إذ عليها تصحيح العلاقات والبقاء وما يتطلبه الأمر من تنازلات في مسألة العدالة الانتقالية قد يكون الأسد فيها ورقة للمساومة، أو المغادرة وخسارة نفوذ لطالما سعت إليه موسكو في شرق البحر الأبيض المتوسط.
وبشأن وجود قوات روسية في قاعدتين روسيتين في اللاذقية وطرطوس، قال الشرع إن سوريا وروسيا تتمتعان بعلاقات إستراتيجية قديمة، وشدد على أهمية بناء علاقات إستراتيجية مع روسيا على أساس سيادة سوريا واستقلال قرارها.
وفي مقابلة مع "بي بي سي"، منح الشرع الضوء الأخضر للروس من أجل البقاء في سوريا مبدئيا، مستبعدا انفكاك دمشق عن موسكو بشكل سريع، مشيرا إلى وجود قنوات تواصل مع الروس و"اتفاقيات جائرة جرت بين النظام السابق وروسيا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بعد سقوط نظام الأسد.. سوريون يحدوهم الأمل بغدٍ أفضل
أعرب سوريون عن أملهم بمستقبل واعد وتحسّن الأوضاع المعيشية في البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد.
واستطلعت الأناضول آراء عدد من المواطنين السوريين في العاصمة دمشق حول المرحلة التي تمر بها البلاد وتطلعاتهم بشأن المستقبل.
وعبرّت المواطنة يالا فهد، عن أملها بتلاشي المخاوف التي تعتري البعض بشأن المرحلة التي تلت سقوط النظام.
وذكرت أن من بين هذه المخاوف "وضع الأقليات في البلاد وحقوق المرأة".
وقالت: "نحن الآن في الأسبوع الثاني بعد سقوط نظام الأسد. عندما تمنح الإدارة الجديدة الناس حقوقهم وتحسّن ظروف المعيشة، ستتلاشى الكثير من هذه المخاوف".
ولفتت إلى عدم وجود أي مضايقات تجاه الأقليات من مختلف الأديان والطوائف في سوريا.
وأشارت إلى أن سقوط النظام فتح أمام الشعب السوري مرحلة طويلة تتطلب جهودًا كبيرة، وشددت على ضرورة وضع قوانين تراعي حقوق الأفراد من مختلف الطوائف والأديان.
وأكدت رغبتها في حصول المرأة على دور أكبر في الإدارة الجديدة، قائلة: "نحن بحاجة إلى دولة مدنية تحترم حقوق الجميع".
- "تحسين الظروف المعيشة أولوية قصوى"
وشددت فهد على أن تحسين الظروف المعيشية هي أولوية قصوى، إلى جانب تعزيز دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الداعمة لسوريا والمنظمات الدولية.
وأشارت فهد إلى أن العديد من الأشخاص في البلاد يعتمدون على مساعدات أقاربهم الذين يعيشون في الخارج لتأمين معيشتهم.
كما أكدت على أهمية زيادة رواتب الموظفين الحكوميين وإنهاء الضرائب الباهظة التي فرضت خلال فترة النظام المخلوع.
وسلطت الضوء على حالة الفقر الشديد التي وصل إليها السوريون وانعدام وسائل التدفئة.
- "نريد معاقبة مرتكبي الجرائم بحق السوريين"
كما شددت فهد على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري وأن يتحمل المسؤولون عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا خلال فترة نظام الأسد مسؤولية أفعالهم وينالوا العقوبات المستحقة، وذلك في إطار عملية قضائية.
وقالت: "يجب محاكمة هؤلاء الأشخاص بشكل قانوني وأمام الشعب. نريد معاقبة من ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوري في المحاكم الدولية".
- "الآن أستطيع عزف الموسيقى بحرية في الشوارع"
من جهته أحمد بكر، المقيم في دمشق، ومن أبناء مدينة عفرين بريف حلب، أشار إلى أن الفترة الانتقالية بعد سقوط النظام قد تكون صعبة، لكنه أعرب عن ثقته بأن الإدارة الجديدة لن تسلب حقوق الناس كما فعل نظام الأسد.
وأكد بكر أن مطلب الشعب الوحيد هو العيش بكرامة وحرية، والابتعاد عن مطالب تقسيم سوريا قائلاً: إن غالبية شعبنا أصبح أكثر هدوءاً ولا يرغب في إثارة أي صراعات. كل ما نريده هو حياة صحية وطبيعية".
وتحدث بكر عن شغفه بالموسيقى منذ صغره، موضحاً أنها بالنسبة له أكثر من مجرد هواية أو وسيلة للترفيه.
وأشار إلى أنه يعزف على آلات موسيقية ويعمل مدرسا للموسيقى، قائلاً: "في السابق، لم يكن بإمكاننا العزف على الآلات الموسيقية في الشوارع، لمنع عناصر النظام لنا. أما الآن، فأستطيع العزف بحرية".
- "نشعر الآن بأمان أكبر"
بدورها أعربت مروة نور، إحدى سكان العاصمة دمشق، عن رضاها حيال التطورات الأخيرة التي أعقبت سقوط النظام.
وأشارت إلى أن الأمور أصبحت أفضل بكثير رغم ارتفاع الأسعار.
وتحدثت نور عن الخوف الذي كان ينتابهم أثناء السير في الشوارع خلال فترة النظام بسبب نقاط التفتيش لعناصر النظام التي كانت منتشرة في كل مكان.
وقالت :"بعد سقوط نظام الأسد، تجولت بحرية سيراً على الأقدام في أنحاء دمشق".
وأكدت أن أهم قضية يجب التركيز عليها في المرحلة التي تلت سقوط النظام هي تلبية احتياجات الشعب الأساسية مثل الكهرباء والماء والبنزين والغاز.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار سوريا لمدة 24 عاما منذ 17 يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1971-2000)، وغادر البلاد هو وعائلته خفية إلى حليفته روسيا، التي أعلنت منحهم حق اللجوء لما اعتبرتها "أسباب إنسانية".
وفي اليوم التالي لخلعه، أعلن قائد الإدارة الجديدة لسوريا أحمد الشرع، تكليف محمد البشير رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.