كشفت مصادر أمنية إقليمية لصحيفة “ميدل إيست أي البريطانية ” عن تفاصيل خطة إسرائيلية كانت تهدف إلى تقسيم سوريا إلى ثلاث كتل جغرافية، بحيث تضمن عزل البلاد عن إيران وحزب الله، وتحد من نفوذ تركيا في المنطقة.

الخطة، التي وصفها المراقبون للصحيفة بأنها محاولة لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية، انهارت مع سقوط نظام بشار الأسد بيد المعارضة المسلحة بعد سنوات من الصراع الدموي.

وتضمنت الخطة الإسرائيلية إقامة تحالفات مع الأكراد في شمال شرق سوريا والدروز في الجنوب، مع الإبقاء على الأسد في السلطة كواجهة للحكم، ولكن تحت إشراف وتمويل إماراتي.

هذا الترتيب كان من شأنه أن يوفر لإسرائيل مكاسب استراتيجية، بما في ذلك تقليص النفوذ الإيراني وتأمين حدودها الشمالية.

وفي خطاب سابق، صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن إسرائيل بحاجة إلى التواصل مع الأقليات في المنطقة، قائلاً: “علينا بناء تحالفات طبيعية مع الأقليات الأخرى، لأننا سنظل دائماً أقلية في المنطقة”.

سقوط مفاجئ للأسد وانهيار الخطة

لكن الأحداث تجاوزت هذه المخططات عندما انهارت القوات الموالية للأسد في محافظتي حمص وحماة، مما فتح الطريق أمام قوات المعارضة للوصول إلى دمشق.

وفي الساعات الأولى من يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت المعارضة المسلحة سيطرتها على العاصمة دون قتال يذكر، بينما ظهر رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي في تسجيل مصور يعلن استعداده لتسليم السلطة سلمياً.

في هذه الأثناء، حاولت الإمارات والأردن التوسط لمنع سيطرة هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع، على دمشق، إذ كانت الخطة تقضي بتسليم السلطة إلى جماعات المعارضة المعتدلة القادمة من الجنوب بقيادة الجيش السوري الحر، لكن رفض الجلالي لهذه الترتيبات بعد مكالمة هاتفية مع الجولاني أدى إلى فشل الجهود.

إسرائيل تحاول احتواء الأزمة

مع سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق، سارعت إسرائيل إلى تنفيذ عمليات عسكرية لتدمير الأصول الاستراتيجية للنظام السوري، بما في ذلك إغراق أسطوله في اللاذقية واحتلال مواقع استراتيجية مثل جبل الشيخ.

وبحسب المصادر الأمنية كشفت أن إسرائيل كانت ترى أن الأسلحة السورية أكثر أماناً تحت حكم الأسد، وأنها تخشى استخدامها من قبل المتمردين.

وأوضحت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زار القوات الإسرائيلية في جبل الشيخ، مشيراً إلى أهمية بقائها هناك حتى يتم التوصل إلى ترتيب يضمن أمن إسرائيل.

وفي بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أُعلن أن العمليات العسكرية في سوريا كانت “مؤقتة وضرورية لأسباب دفاعية بسبب التهديدات التي تشكلها الجماعات الجهادية”.

ردود فعل إقليمية ودولية

وأثارت الأحداث قلقاً واسعاً في المنطقة، حيث عبرتا الإمارات والأردن عن انزعاجهما من احتمال تشكيل حكومة يقودها الإسلاميون في سوريا، رغم وعود الشرع بأن الحكومة الجديدة ستشمل جميع الأطياف، إذ استضاف الأردن اجتماعاً للجنة الاتصال الوزارية العربية لمناقشة الوضع في سوريا، وأكدت في بيانها ضرورة الإشراف على المرحلة الانتقالية وضمان مكافحة الإرهاب.

وفي الأثناء، رأت الصحيفة أن تركيا أيضاً كانت تراقب التطورات بحذر، إذ عقد البرلمان التركي جلسة مغلقة لمناقشة العمليات الإسرائيلية في سوريا، حيث حذّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من طموحات إسرائيل التوسعية، مؤكداً أن أنقرة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت هذه السياسات.

الأسد وعزلته المتزايدة

مع سقوط دمشق، بدا أن بشار الأسد قد فقد الدعم الإقليمي والدولي، حيث أكّدت مصادر قريبة من الأسد للصحيفة أنه كان يعتمد على تدخل الإمارات لإنقاذه، إلا أن تراجع الدعم الإيراني والروسي دفعه إلى الهروب من العاصمة.

إذ كتب إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله، أن الأسد كان مقتنعاً حتى اللحظة الأخيرة بأن حلفاءه سينقذونه، لكنه أدرك الهزيمة عندما أعلن الإيرانيون والروس أنهم لن يشاركوا في المعركة.

تقول الصحيفة، إن اليوم، تقف سوريا على أعتاب مرحلة جديدة، حيث تسعى هيئة تحرير الشام تسيطر على دمشق، وتسعى لتشكيل حكومة شاملة تمثل جميع الأطياف السورية. الأمم المتحدة دعت إلى رفع العقوبات الدولية لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، بينما تتسابق القوى الإقليمية والدولية لرسم ملامح مستقبل سوريا.

مع ذلك، يبدو أن التحديات لا تزال كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لمناطق مثل جبل الشيخ والجولان، حيث يرى مراقبون أن سقوط الأسد قد يؤدي إلى تشكيل محور جديد يضم تركيا وسوريا بقيادة إسلامية سنية، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويفتح المجال لمزيد من المواجهات، وفقا للصحيفة

 

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

إلغاء زيارة وزيرة الداخلية الألمانية إلى سوريا بعد تهديد إرهابي محتمل

ألغت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر ونظيرها النمساوي جيرهارد كارنر زيارتهما المقررة إلى سوريا، بعد ورود معلومات بشأن "تهديد إرهابي" محتمل، حسب صحيفة "بيلد" الألمانية.

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية، الخميس، "بسبب تحذيرات محددة من السلطات الأمنية الألمانية بشأن تهديد إرهابي، ألغت الوزيرة فيزر قبل إقلاعها من العاصمة الأردنية عمّان رحلة إلى دمشق كانت مقررة صباح اليوم".

وأشار المتحدث الألماني قرار إلغاء الزيارة التي تأتي على وقع انفتاح أوروبي مشروط على دمشق، اتخذ بالتنسيق مع الوزير النمساوي جيرهارد كارنر.

وأكد المتحدث أن السلطات الأمنية لم تتمكن من استبعاد احتمال أن يكون التهديد موجها ضد الوفدين الألماني والنمساوي، لافتا إلى أنه "لا يمكن تحمل تبعات التهديد المحتمل على الوفد وقوات الأمن المشاركة في التأمين".


وكانت الزيارة نُظمت وسط إجراءات أمنية مشددة، ولم يُعلن عنها مسبقا، حيث كان من المقرر أن تشمل محادثات مع وزيرين في الحكومة الانتقالية السورية وممثلي منظمات إغاثة تابعة للأمم المتحدة.

وكان الهدف من زيارة الوزيرين الغربيين التي ألغيت قبل مغادرتهما الأردن نحو سوريا، بحث قضايا أمنية وآفاق عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وبحسب  المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية، فإن "ألمانيا والنمسا تعملان بشكل مكثف على ضمان إمكانية إعادة المجرمين الخطيرين والذين يشكلون تهديدا أمنيا من الحاملين للجنسية السورية إلى سوريا في أسرع وقت ممكن".

وفي 20 آذار /مارس الجاري، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إلى العاصمة السورية دمشق في ثاني زيارة لها إلى سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، بهدف إجراء مشاورات مع القيادة السورية وإعادة السفارة الألمانية.


ويأتي  ذلك على وقع تواصل مساعي الحكومة السورية الرامية إلى ترميم علاقات دمشق الدبلوماسية ورفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا خلال عهد نظام الأسد، من أجل دفع الاقتصاد المتدهور والبدء في عملية إعادة إعمار البلد المدمر.

وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة منذ سقوط الأسد.. سوريا تعلن موعد ومصليات العيد
  • تداعيات سقوط نظام الأسد على القضية الفلسطينية.. قراءة في ورقة علمية
  • الأول بعد سقوط الأسد في سوريا.. بأي حال عدت يا عيد؟
  • إلغاء زيارة وزيرة الداخلية الألمانية إلى سوريا بعد تهديد إرهابي محتمل
  • لماذا تأخر إطلاق بث التلفزيون السوري عقب سقوط نظام الأسد؟
  • أجواء أول عيد فطر في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد: بين الأمل والتحديات
  • وثائق بريطانية تكشف رفض الفلسطينيين مشروع التهجير من غزة قبل 70 عاما
  • اعتقالات في صفوف فلول نظام الأسد وضبط متفجرات في حملة أمنية بدمشق
  • أحزاب المعارضة الإسرائيلية تتعهد بالوقوف حاجزا منيعا ضد مشروع ائتلاف نتنياهو للإصلاح القضائي
  • تُثير الفوضى..نتانياهو يهاجم المعارضة الإسرائيلية