طفلة الهاتف النقال…قصة من الواقع
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
#طفلة_الهاتف_النقال…قصة من الواقع
فايز شبيكات الدعجه
انفجرت الطفله ذات الاثني عشر عاما بالبكاء عندما قال لها والدها،، انتي يا صغيرتي ذكية سصبحين بأذن الله طبيبة.. وأخذت تصرخ وتقول لالالا ثم هربت والتصقت بأحدى زوايا البيت وغطت وجهها بكفيها وطأطأت رأسها . لحق بها الأب ثم الأم وهرع بقية الاولاد مستغربين هذا الأمر الطاريء.
احتضنتها الأم وكفكفت دمعها وضمتها لصدرها وشرعت تهديء روعها.
كانت الطفله تتابع منذ فتره فيلما أعجبت به كثيرا وأخذت تشاهده كلما اختلست هاتف من البيت، فتختبيء وتكرر المشاهده. وقد انبهرت بمقطع لفتاة حسناء رشيقة تؤدي دورها في الفيلم، وشدها المقطع ووقع في نفسها وقعا شديدا مؤثرا، وتمنت أن تصبح مثلها مستقبلا، فتلبستها هواجس متصلة، وتركز تفكيرها واهتمامها حول الكيفية التي ستصل بها إلى مبتغاها، وتحقق امنيتها وحلمها الكبير، وقد صعقها حديث الأب الذي لا يمت بصلة لما تتمناه وتحلم به، واعتبرت عبارته وأداً محققا لاحلامها وطموحها .
من الطبيعي أن يتسمر الأب أمام وقع صراخ البنت، بينما الأم مستمرة في الضم وتحاول معرفة السبب وتخليص ابنتها من الحالة، ولقد أصيبت العائلة برعب لا ينسى وذهول.
هدأت الطفلة الان لكنها لا زالت تحت وقع الصدمة فلاذت بالصمت، وامتنعت عن الكلام، ورفضت الاجابه عن أسئلة الوالدين والأخوة ففضلوا تركها لحين التخلص من تأثير ما وقعت فيه.
في الأثناء عقدوا اجتماع طارىء تداولوا فيه حيثيات ما يحدث وتساءلوا كثيرا فيما بينهم، لكن أحدا لم يقدم تفسيرا واضحا أو فهما محددا لما حل بالطفله البريئه وملاك العائله الرائع وينبوع سعادتها وفرحتها.
أجروا بعدها تحقيقا أُسريا موسعا لاستنطاق الابنة، ودفعها للبوح بأسرار ما تعرضت له، وأن تكشف لهم كامل الحقيقة وتتلوا عليهم الحكاية مجردة كما هي دون زيادة ولا نقصان واتخدوا في النتيجة قرارا مفاده بأن يكون السؤال الأول على الوجه الاتي… طالما أنك لا ترغبين في أن تصبحي طبيبه فماذا تريدين ان تصبحي إذن؟ ونحن لك من الداعمين مهما كانت رغبتك.
هنا كانت المفاجأة الأشد صدمة عندما قالت إنها تريد أن تكون رقاصة… وأردفت نعم هذا كل ما أريد ولن اغير قراري مهما كلفني ذلك من ثمن.
سادت مشاعر مضطربة. ضحك بعض الإخوة والأخوات، قالوا مجرد تفكير عابر وبراءة أطفال، وغضب أخرون واعتبروا الواقعة شارة خطر يجب التعامل معها على محمل الجد، بينما صمت الوالد وهو يفكر في السواد ومصير العفة والطهاره ، وبكت الأم.ثم توقفت وقالت.. نحن هنا نقف أمام سلوك قهري أصاب ابنتي، يشبه في أثره ما يفعله الادمان، هذه غلطتي، كان عليَّ أن أشخِّص ميل البنت الشديد للانزواء والبقاء على الهاتف وتفقُّدها من حين إلى آخر،. مرة أخرى قالت هذه غلطتي وعادت لأستئناف البكاء.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
لماذا تأكل قشر المانجو يا أبي؟
جاء الأب بحبات مانجو لذيذة، راح يقشرها أمام أبنائه، ويعطي كل واحد منهم حبة، فيما كان هو يتلذذ بأكل القشر، سأله أحد الصغار بدهشة: لماذا تأكل قشر المانجو يا أبي؟ فأجاب الأب بابتسامة: حتى لا تضطر أن تأكلها أنت وإخوتك.
قشر المانجو الذي يأكله الآباء ليس مجرد قشر فاكهة، بل هو رمز للتضحيات الكثيرة التي يقدمونها في سبيل توفير حياة أفضل لأبنائهم، فعندما ترى والدك يقود تلك السيارة المتواضعة التي ربما تخجل أحيانًا أن يراك أصدقاؤك فيها، تذكر أنه يفعل ذلك لتتمكن أنت وإخوتك من ركوب السيارات الجديدة، وعندما ترى والدك يلبس «الدشداشة» التي فصلها لعيد الفطر مرة أخرى في عيد الأضحى، تذكر أنه يفعل ذلك ليضمن أن تلبس أنت وإخوتك ملابس جديدة في كل مناسبة. هو يستخدم هاتفه القديم الذي مر عليه الزمن وتهالك، ليتيح لك ولإخوتك امتلاك أحدث الطرازات من الهواتف الذكية، فلا تشعر بالدونية وأنت تقارن نفسك بأصدقائك، هو قد يقضي ساعات عمله الطويلة دون أن يتناول وجبة، من أجل أن يوفّر ثمنها فقط ليؤمّن لك وجبة مغذية ومشبعة.
هذه التضحيات ليست أفعالًا عابرة، بل هي اختيارات واعية تحمل معاني الحب والمسؤولية يمارسها الآباء على الدوام، إن الثمن الذي يدفعه الآباء من أجل أن تنعم أنت بالراحة والرفاهية باهظ جدًا، ولكنك لن تدرك حجمه وقيمته الحقيقية، إلا عندما تجد نفسك في يوم من الأيام أبًا أو أمًا، تواجه الخيارات نفسها، وتختار التضحيات نفسها.
والدك يأكل الكثير من القشور من أجل أن تحيا أنت هذه الحياة المرفهة التي تحظى بها، والتي تفاخر بها أقرانك دون أن تشعر، في المقابل نعجز نحن كأبناء عن تقديم التقدير الذي يستحقه آباؤنا، رغم أن هذا لا يتطلب أحيانا سوى أفعال صغيرة تعبّر عن امتناننا لهم، وعدم تحميلهم ما لا يطيقون من نفقات، ومن خلال إظهار مشاعر الحب لهم، وأن نكون مصدر فخرهم، وهو أقصى ما يتمناه الآباء من أبنائهم.
حمدة الشامسية، كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية