تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال راعي الأبرشية المطران مار تيموثاوس متى الخوري خلال قداس عيد الميلاد المجيد في كاتدرائية السيدة العذراء أم الزنار بحمص مساء امس، :" الكلمة صارجسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً... ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا، ونعمةً فوق نعمة» (يوحنا1: 14 و16)".

وأضاف: “أهنئكم أحبائي بهذا العيد المبارك، عيد ميلاد سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح، هذا الحدث الجليل الذي غيّر وجه البشرية، إنه اليوم الذي فيه التقت السماء بالأرض، اليوم الذي جسّد فيه الله محبته للإنسانية بميلاد يسوع في مغارة بيت لحم. هذا الميلاد ليس مجرّد مناسبة تاريخية، بل هو حدثٌ يحمل رسالة حياةٍ لنا جميعاً، رسالةٌ تقول: إننا «به نحيا ونتحرك ونوجد”. 
 

وإن هذه الكلمات للرسول بولس (أع 17: 28) تختصر عمق العلاقة بيننا وبين إلهنا، فهو ليس فقط مصدر حياتنا، بل هو من يعطي لوجدنا معنى. فبه نحيا، لأنه وهبنا الحياة الروحية الجديدة بموته وقيامته. وبه نتحرك، لأنه يعطينا القوة للسير في طرق الحق والمحبة، حتى في أحلك الظروف. وبه نوجد، لأن وجودنا يرتكز على حضوره الدائم معنا، حضور يملأنا بالسلام والرجاء.

في ميلاد السيد المسيح، نتأمل بتواضعه العجيب. الإله الكلي القدرة، اختار أن يولد في مغارة، ويُلف بأقمطة وضيعة، ويُحاط برعاة بسطاء. في هذا المشهد رسالة عميقة لنا جميعاً: أن العظمة الحقيقية تكمن في التواضع، وأن القوة الحقيقية تظهر في المحبة، هذه هي الدعوة التي يوجهها لنا المسيح، أن نحيا كأبناء وبنات لله، أن نعيش المحبة الحقيقية، بل أن نعكس نورها في عالمنا.

أحبائي، ونحن في سورية الحبيبة، بلد الإيمان والحضارة، البلد الذي في حدود ولاية سورية التاريخية ولد المسيح كما يخبرنا البشير لوقا، في هذا البلد وهو بلد السريان الأزلي نعيش في ظروف صعبة منذ سنوات طويلة، حملت وتحمل الكثير من التحديات، وكان أهمها تحدي الوجود أو عدمه، لكن كما أشرق نور المسيح في ظلمة ذلك الزمان، نحن مدعوون اليوم لنكون شهوداً لهذا النور في أرضنا، كما كان آباؤنا وأجدادنا من قبلنا، دعوتنا كمسيحيين في هذا الوطن العزيز أن نكون نوراً في وسط العالم، ثابتين في الإيمان، أقوياء في المحبة، شهوداً للرجاء، حاملين رسالة الميلاد إلى كل مكان، فنعلن أن السيد المسيح هو الحياة الحقيقية، هو الذي نحيا به ونتحرّك ونوجد، الذي لا يتركنا وحدنا بل يقترب منا ويسكن فينا ويحمل معنا كل الأثقال، ويبدل حزننا برجاء.

فنور المسيح أشرق من هذه الأرض وسيبقى الشرق مصدراً لهذا النور، ومهما حاولت قوى الظلام لن تستطيع أن تطفئه لأنه متجذر في شرقنا الحبيب، وقوده المحبة، وفتيلته الإيمان، واناؤه السلام.

وها نحن اليوم نشهد على ولادة سورية جديدة التي لطالما حلمنا بها، وسنبقى حاضرين وفاعلين فيها نتشارك مع إخوتنا في الوطن مسؤولية أمانه وبنائه وتطوره، حتى نصل إلى وطن يكون للجميع والجميع له، في عدالة كاملة ومساواة في الحقوق والواجبات.

وما نريده فقط هو العدالة الحقيقية، فالمسيحي السوري لا يبحث عن حماية خاصة أو امتيازات، بل عن عدالة تنصف الجميع، مسيحيين ومسلمين، وتعيد لهذا الوطن استقراره وسلامه، ما يريده المسيحي السوري من العالم اليوم أن ينظر إلى سورية ليس كما تعود ويحب أن يراها منطقة نزاع أو مورد هام للثروات الباطنية، أو موقع جيوسياسي مميز، بل كأرضٍ مقدسة لها حقها في السلام، وكوطن يزخر بتنوعه الذي لطالما كان مصدر قوته، ما يريده المسيحي السوري من العالم أن يدرك أن دعم الوجود المسيحي في سورية لا يقتصر على حماية الكنائس أو المعالم والرموز الدينية، ولا حتى حرية ممارسة الطقوس الكنسية، بل يشمل العمل على تحقيق بيئة آمنة تُحترم فيها كرامة الإنسان، ويُصان فيها العيش المشترك، بيئة تعي جيداً التراث المسيحي وغناه ودوره في المنطقة، فالمسيحي في سورية ليس غريباً عن هذه الأرض، بل هو جزء أصيل من تاريخها وحاضرها ومستقبلها، وما نقوله عن المسيحيين نقوله أيضاً عن جميع إخوتنا في هذا الوطن المتنوع في أديانه وأعراقه وثقافاته، فجميعنا شركاء في تعزيز القيم الإنسانية، وكلنا خدام للحق وللكرامة الإنسانية، ولا نريد لأحد أن ينظر إلينا بعين الشفقة أو الحماية، بل أن يعاملنا كشريك متساوٍ في بناء وطن أكثر عدلاً وسلاماً.

نتعاطف جداً مع عائلات الضحايا والسجناء والمفقودين، ومن منّا لم يخسر أحد في هذه الحرب القاسية، نفتح قلوبنا وبيوتنا لعودة جميع اللاجئين والمهجرين، ونطالب بمحاكمة عادلة لكل من أخطأ أو قد يخطئ اليوم بحقّ الوطن وبأهله، نرفض أي سلاح غير سلاح الدولة، نرفض التخوين، نرفض كلمة أقلية وكذلك كلمة الأغلبية، نرفض الطائفية، نرفض أي شكل من أشكال التمييز الديني أو العنصري أو الجندري، ولن نقبل إلا بكلمة «سوري».

سورية، أرض التاريخ والإيمان تحمّلت الكثير، لكنها ظلّت شامخة كالصخرة. واليوم، دورنا أن نكون نحن أبناء هذه الأرض حجارة حية، نبني بها وطننا بمحبة المسيح التي تسكن في قلوبنا، فلنجعل من عيد الميلاد دعوة لتجديد إيماننا، ولنحيا بالمحبة التي تغيّر النفوس، وتزرع الأمل في القلوب، وترمّم الجراح عن طريق الحوار والمصالحة الكاملة وبناء الثقة والتعالي عن أي مصالح فئوية أو شخصية.

أيها الأحباء، بمناسبة عيد الميلاد المجيد نكرر تهنئتنا لكم جميعاً، ومن هذه الكاتدرائية التاريخية أم الزنار، أهنئ جميع أبناء الأبرشية إكليروساً ومجالساً ومؤمنين في حمص وحماه وطرطوس المقيمين فيها وأيضاً المنتشرين في مختلف دول العالم، وباسمكم جميعاً نرفع آيات التهاني البنوية الصادقة إلى قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، ولجميع مطارنة وكهنة وأبناء الأبرشيات السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع، وهي فرصة أن نشكر كل من تواصل معنا وسأل عنا وشاركنا الدموع والآمال وفرحة ولادة سورية الجديدة، نسأل الرب الإله أن يبارك شعبه ويحفظ ميراثه بشفاعة هذه الأيام المباركة، وأن تحمل السنة الميلادية الجديدة كل الخير والفرح والسلام لسورية ولدول المنطقة بل ولجميع أنحاء العالم.

وكل عام وأنتم بألف خير.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس عید المیلاد فی هذا

إقرأ أيضاً:

بيان مصرى تركى : نرفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وندعم صمودهم

افادت قناة القاهرة الأخبارية، خبر عاجل يفيد بأن عقد وزيرا خارجية جمهورية مصر العربية وجمهورية تركيا مشاورات في أنقرة اليوم الثلاثاء، تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث عُقِدت هذه المشاورات في إطار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

مطران الكنيسة اللاتينية بمصر يترأس احتفالية يوبيل المكرسين والمكرسات ببورسعيدتدريبات فنية قوية لـ لاعبي الزمالك اليوم

وصدر بيان مشترك عن وزارتي الخارجية المصرية وتركيا أكد أن الوزيران اتفاقا على الآتي:


1. وضعاً في الاعتبار حلول الذكرى المئوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا في عام 2025، أعرب الوزيران عن رضائهما تجاه المسار الإيجابي للعلاقات الثنائية، وهو ما يتسق مع مخرجات اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين جمهورية مصر العربية وجمهورية تركيا في سبتمبر 2024، والتي انعكست في الزيادة الملحوظة لحجم التبادل التجاري، حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 8.8 مليار دولار خلال عام 2024.

2. أكدا التزامهما نحو مواصلة جهودهما لتعزيز المناخ الاستثماري للقطاع الخاص والمستثمرين في البلدين، كما تعهدا بالاستمرار في دفع حجم التبادل التجاري بينهما قدماً ليبلغ 15 مليار دولار عبر تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية وتعزيز التعاون في مجال الصناعة.


3. رحبا بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى في غزة، وأثنيا على الجهود التي بذلتها جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الصدد، كما دعما الجهود الرامية لضمان تنفيذ الاتفاق في كافة مراحله.

4. شددا على أهمية تكثيف الجهود الجماعية من قبل المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة في غزة، وذلك عن طريق زيادة المساعدات الإنسانية، والالتزام بإعادة إعمار القطاع دون تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. وعلى ضوء آثار الحرب على غزة التي أدت إلى واحدة من أسوأ المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث، دَعَا الوزيران في هذا السياق المانحين الدوليين إلى المشاركة الفعالة في مؤتمر إعادة الإعمار الذي من المتوقع أن تستضيفه مصر.

5. أكدا أهمية الحفاظ على دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي لا يمكن الاستغناء عنها في سبيل دعم اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى التأكيد على ضرورة تراجع إسرائيل عن قراراتها التي تقوض دور الأونروا.

6. شددا على دعمهما القوي لصمود الشعب الفلسطيني والتزامه الثابت بأرضه ووطنه وحقوقه المشروعة. وجدد البلدان رفضهما لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية وضم الأراضي، أو من خلال التهجير والانتزاع من الأرض، أو تشجيع نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينية لأغراض قصيرة أو طويلة الأجل على حد سواء، حيث أن مثل هذه الأعمال تهدد الاستقرار وتؤجج الصراع في المنطقة وتقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.

7. جددا التزامهما بمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تحقيق سلام عادل ودائم بين فلسطين وإسرائيل استناداً إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وحل الدولتين، لا سيما من خلال ترسيخ دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

8. أكدا تصميمهما على وحدة وسيادة سوريا وسلامة أراضيها، وضمان ألا تشكل الأراضي السورية تهديداً لأي دولة. وشددا على أهمية وجود عملية سياسية شاملة تخدم مصالح الشعب السوري الشقيق. وجددا فهمهما المشترك حول العودة الطوعية والكريمة للنازحين السوريين إلى وطنهم. وفي هذا الصدد، أكدا أهمية مكافحة الإرهاب واقتلاعه من جذوره، والحفاظ على علاقات حسن الجوار مع دول المنطقة.

9. جددا التزامهما بدعم سيادة ووحدة الصومال وسلامة أراضيه، بالإضافة إلى دعم الحكومة الفيدرالية في تحقيق الأمن والاستقرار.
10. أعربا عن أسفهما وقلقهما بشأن الصراع المستمر في السودان، والذي أدى إلى عواقب إنسانية كارثية في جميع أنحاء البلاد والمنطقة، وأثنيا على قرار مجلس السيادة السوداني الانتقالي لإنشاء مناطق إنسانية بهدف تسهيل نفاذ وتوزيع المساعدات الإنسانية.

11. شددا على التزامهما بدعم عملية سياسية يقودها ويملكها الليبيون تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على الوحدة السياسية وأمن واستقرار وسيادة ووحدة الأراضي الليبية.

12. أكدا التزامهما بدعم العمل المنسق والمشترك من قبل المجتمع الدولي للقضاء على الإرهاب بجميع أشكاله، بما في ذلك معالجة أسبابه وجذوره الأيديولوجية ومكافحة تنقل العناصر الإرهابية عبر الحدود، ودَعَوا إلى "عدم التسامح مطلقاً" مع الإرهاب وداعميه.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء القطري: نرفض خروق إسرائيل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار
  • مستشار وزير الخارجية الأوكراني: كييف لم تبدأ الحرب وتطالب بالسلام الكامل
  • عبد المسيح: دعم مطلق وغير مشروط لإنطلاقة العهد
  • بيان مصرى تركى : نرفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وندعم صمودهم
  • ‏«النص الحلو».. برنامج جديد لـ بسمة إبراهيم على قناة الحدث اليوم
  • ملتقى النص ينطلق اليوم ويكرم القشعمي
  • المفكر التونسي منصور مهني: العالم العربي بحاجة إلى منهجية واضحة لتطوير حركة الترجمة
  • الأول بعد عيد الميلاد.. كل ما تريد معرفته عن صوم يونان
  • المطران حداد: ما شاهدَته عيوننا في العمق الجنوبي كان شديد العنف وهدّد السلام
  • أسرار التطبيق الصيني الذي أودى بأسهم أكبر شركات التكنولوجيا في العالم