تطلق الولايات المتحدة على إدارتها أنها رائدة وقائدة للعالم فى مجال «حقوق الإنسان وسيادة القانون» حسب افتتاحية تقرير «الاتجار فى البشر» المنشور على موقع السفارة الأمريكية فى القاهرة، ومن هذا المنطلق عينت الإدارات الأمريكية المتعاقبة نفسها وصّية ومراقبة لأداء الدول فى هذين المجالين رغم اختلاف بعض مفاهيم حقوق الإنسان بين مجموعات دول معسكرى الغرب والشرق وخاصة الدول العربية والإسلامية.

ورغم تحقيق الدولة المصرية للعديد من الإنجازات فى ملف «الاتجار فى البشر» وإعجاب منظمة الأمم المتحدة وإشادة المكتب المعنى بالمخدرات والجريمة الإقليمى بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالجهود البارزة مدعومة بالتشريعات بداية من الدستور 2014 إلى القوانين «64 لسنة 2010» وتعديلاته فى 2017 حتى يتواكب مع المستجدات العالمية، بالإضافة إلى إصدار الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار فى البشر «2016 - 2021»، والتى تم استحداثها 3 مرات حتى الآن، فضلًا عن تحقيق العدل والمساواة فى الحقوق والواجبات بين المصريين واللاجئين على الأرض المصرية ومعاملاتهم كضيوف وليسوا لاجئين، وإيواء البعض نظرًا لظروفهم الخاصة فى دور الرعاية التى وصل عددها إلى 10 دور على مستوى الجمهورية، مع تقديم كافة الخدمات للمقيمين بشكل لائق وكريم ومتابعة شئونهم الصحية والنفسية والتعليمية والاجتماعية بشكل مستمر من وزارة التضامن الاجتماعى وغيرها من الجهات المختصة.

وقد تعاونت الدولة المصرية وكافة الأجهزة المعنية مع برامج الاتحاد الأوروبى فى مكافحة الاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية، وكذلك فى الدورات التدريبية المقدمة للإخصائيين الاجتماعيين والمسئولين والفرق الطبية على مستوى المحافظات لتقديم جلسات توعية من خلال حملات الاتصال المباشر فى التجمعات داخل والمراكز والندوات وكذلك عبر مختلف وسائل الإعلام.

ورغم تلك الجهود وغيرها تعددت الانتقادات التى وجهتها السفارة الأمريكية للدولة المصرية عبر تقريرها متهمة إياها بالتقصير تارة ومحاكمة الضحايا بدلًا من الجناة تارة أخرى ووصل الحد إلى التدخل السافر فى الشئون الداخلية وكيفية إدارة مصر لهذا الملف.

الوفد تستعرض الانتقادات الأمريكية التى تتضمنها التقرير الذى استغرق إعداده خمس سنوات ماضية فى رصد وتحليل كل الظواهر المذكورة، كما تستعرض الوفد الإجراءات والخطوات المصرية التى سبق وإتخذتها وأكدتها تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى فى الاحتفال باليوم العالمى «للاتجار فى البشر»30 يوليو 2023 للرد على التقرير كالتالى:

أولًا: اتسم التقرير بالتناقض منذ السطور الأولى حيث أكد أن الحكومة المصرية لم تف بأدنى حد من الإجراءات المتخذة فى قضية الاتجار فى البشر إلا أنها تبذل جهودا كبيرة فى هذا الصدد من تجريم هذه النشاطات وتدريب المسئولين والمختصين على نشر المزيد من الوعى وتحقيق التوجيهات الرئاسية التى تضع هذه القضية على أولوياتها فى نشر المعلومات اللازمة عبر وسائل الإعلام وغيرها.

ثانيًا: تدخل اتقرير فى الإجراءات القضائية والنيابية فى إدانة أو براءة بعض مرتكبى هذه الجرائم منذ 2019 ومن بينهم الفتيات اللاتى تمت محاكمتهن فى قضايا الاتجار فى البشر عبر «التيك توك» وكذلك الإخلال وتهديد قيم وأخلاقيات المجتمع المصرى وهو ما لم يعتبره التقرير جريمة من وجهة نظره بل اعتبرها أحد «المؤثرين» عبر شبكات التواصل الاجتماعى، وأطلق التقرير على الاتهامات أنها «إدانات غير مناسبة أو غير لائقة» وهو ما يعتبر تدخلًا فى شئون القضاء وتعديل على ضمير القاضى وما استند إليه فى أحكام الشريعة الإسلامية.

ثالثًا: زعم التقرير افتراء على عدم توفير الأجهزة المصرية الحماية والرعاية لضحايا الاتجار فى البشر والمهاجرين ومن بينهم السودانيين الذين هربوا من ويلات الحرب والصراع العسكرى الدائر منذ أكثر من أربعة أشهر، رغم شهادات السودانيين أنفسهم الذين أقروا وأكدوا بشعورهم بالأمن والأمان وحفاوة استقبال المصريين لهم واستضافتهم فى بيوتهم كأفراد عائلاتهم واندماجهم هم وغيرهم من الجنسيات العربية والأفريقية وغيرهم داخل المجتمع المصرى وحصولهم على كافة الخدمات الصحية والتعليمية والحماية الاجتماعية وغيرها على نفس قدم المساواة مع المصريين والمقدمة من مختلف الوزارات والمبادرات وكذلك المجتمع المدنى، مع الوضع فى الاعتبار أن مصر هى البلد الوحيد الذى يستضيف أكثر من 9 ملايين لاجئ بلا معسكرات للإيواء أو خيم مقدمة من الأمم المتحدة وغيرها فى العراء.

رابعًا: تدخلت الأجهزة الأمريكية المعنية بوضع هذا التقرير فى الشئون القضائية والتشريعية المصرية، حيث طالبت بوضع تعريف محدد فى التشريع الخاص بالإتجار فى البشر «للضحايا» وكيفية إجراء المحاكمات ونفاذ القانون على أساس هذه الاعتبارات التى تراها الإدارة الأمريكية مناسبة لتصوراتها وليس مناسبًا للحالة المصرية وفقًا للمعايير الدولية، وكانت مصر من أولى الدول العربية والأفريقية التى وضعت قانونًا مفصل للاتجار فى البشر وبحثه منذ 2008 حتى صدوره فى 2010، وقد المشرع المصرى تعريفا كاف وواف لمفهوم «الاتجار فى البشر» وتفنيده بالتفصيل فى الدستور والقانون رقم 64 لسنة 2010 وانعقاد اللجنة التنسيقية لإعداد القانون وتعديلاته الحديثة بشكل مستمر، وعرَّف المشرع هذا المفهوم بأنه «يعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة فى شخص طبيعى بما فى ذلك البيع أو العرض أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسليم سواء فى داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه- وذلك كله- إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صوره بما فى ذلك الاستغلال فى أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسى، واستغلال الأطفال فى ذلك وفى المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول أو استئصال الأعضاء البشرية أو الأنسجة البشرية أو جزء منها».

 

فضلاً عن إصدار اللجنة للقانون رقم 5 لسنة2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية ولائحته التنفيذية، وتعديل بعض أحكامه بالقانون رقم 142 لسنة 2017، وذلك بغرض التصدى لجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية باعتبارها أحد أنماط وصور الاتجار بالبشر، والذى نظم أيضاً عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية بشكل قانوني- ليغلق الأبواب أمام مافيا عصابات الجريمة المنظمة فى التعامل مع البشر كسلع يتم تداولها بشكل يمتهن الكرامة الإنسانية ولا يتسق مع مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها.

خامسًا: وأوصى التقرير الأمريكى موجها إملاءاته الغريبة للحكومة المصرية «بمنع التنسيق أو دعم الجماعات المسلحة التى تقوم بتجنيد الأطفال فى أعمالهم الإجرامية»، مدعيًا رصد إحدى مؤسسات المجتمع المدنى التى لم يذكر اسمها لهذه الواقعة، وهو ما لا يوجد بالقطع فى مصر التى قادت مكافحة الإرهاب فى سيناء وليبيا وغيرها بالنيابة عن العالم بشهادة الإدارات الأمريكية والحكومات الأوروبية المتعاقبة والتى تطلب التعاون مع الأجهزة المنية والعسكرية والمخابراتية المصرية من أجل إستباق الإجراءات الوقائية والتبادل المعلوماتى قبل وقوع الحوادث الإرهابية على أراضى البلدان الأخرى.

سادسًا: تضمن التقرير التدخل فى محاكمة عناصر تعتبرها الإدارة الأمريكية بمفاهيمها عن «حقوق الإنسان» الغربية غير مدانين أو لا يجب محاكمتهم، من بينهم مرتكبات البغاء واللائى يتاجرن بأجسامهم أو يحرضن على ذلك فى مقابل عائد مادى، مطالبًا رجال القضاء ألا تعاقب هذه الفئات متهمًا الحكومة المصرية بعدم المصداقية والجدية فى محاسبة المتاجرين بالجنس والعمال جنائياً، وتجرأ التقرير فى ذكر عدم وفاء الحكومة المصرية بالتزامات حماية ضحايا الاتجار بالبشر مناقضا نصه، رغم كل الجهود المبذولة والمدعومة بالتشريعات وإلتزامات مصر بكافة الاتفاقيات الدولية والمعاهدات وإكتسابها قوة القانون والإلزام فى التنفيذ كما نصت المادة 93 من دستور 2014 حيث «قامت بالتصديق والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق والصكوك والبروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام وتدابير ذات صلة بمكافحة استغلال الأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزءاً من القوانين الوطنية المطبقة فى مصر وتلتزم السلطات المعنية – قانوناً - فى الدولة بتطبيق وإنفاذ الأحكام الواردة فيها، «كما تم حظر» كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار فى البشر، ويجرم القانون كل ذلك، وحظر الاتجار بأعضاء الإنسان كصورة من صور الاتجار بالبشر.

سابعًا: عدد التقرير القضايا والتحقيقات وأنواعها والاتهامات المتعلقة بالاتجار فى البشر مع تأكيده على تناقصها فى عام 2022 عن مثيلاتها فى 2020 و2021، وهو ما يعتبره نوعًا من التحسن فى تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار فى البشر والتعاون المتبادل مع منظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدنى وتدريب المختصين والمسئولين، إلا أن عاد التقرير متناقضًا وادعى قيام بعض المراقبين «غير المحددين» بتقييم السلطات قاصدًا «النيابة والقضاء المصرى» اللذين وردت إليهما هذه القضايا متهما إياهما بعدم التعامل معها بشكل متسق، مدعيًا تركيز إجراءات تحديد الهوية والإحالة الحكومية على المصريين على حساب ما أسماهم التقرير «بالفئات الضعيفة مثل المهاجرين واللاجئين» بحجة إهمال السلطات المصرية لشئونهم أثناء إعداد الإستراتيجية.

ثامنًا: عدّل ااتقرير على الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية سواء فى التحقيق مع العناصر الأجنبية المتهمة بالاتجار فى البشر أو من الضحايا على الأرض المصرية وترحيل من ارتأت السلطات إعادته إلى بلاده وهو حق كفله الدستور والقوانين الدولية لسلطة أية دولة فى استخدامها له من أجل تحقيق وضمان الأمن القومى كما تفعل كافة دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مع اللاجئين ومن دخلوا أراضيهم بشكل غير شرعى أو غير رسمى ولم تعدّل عليهم لا مصر ولا غيرها من الدول لأنه شأن داخلى وحق أصيل لسلطات أية دولة، كما استند التقرير إلى ادعاءات منظمات مجتمع مدنى غير محددة هويتها فى التقرير كمرجعية موثوق فى تحليلها وأدلتها وغير معروفة توجهاتها أو أهدافها أو من يديرها ويموّل أعمالها.

تاسعًا: إتهم التقرير السلطات القضائية المصرية بالتقصير فى سن قانون جديد للعمل خلال فترة إعداد ورصد التقرير طوال الخمس سنوات الماضية والذى من شأنه يحفظ حقوق العمالة المصرية من التسريح من المؤسسات التى يعملون بها سواء فى الداخل أو الخارج، إلا أن الحكومة المصرية طرحت بالفعل قانون للعمل جديدا وسوف يتم إقراره فور عودة مجلس النواب من إجازة الصيف، وتتضمن القانون ضمانات حماية وحقوق للعمال وأصحاب الأعمال لم يكن منصوصًا عليها فى قانون العمل السابق رقم 12 لسنة 2003، ومن بينها إنشاء صندوق لحماية حقوق العمالة غير المنتظمة مع صرف إعانات لا ترد بقيمة 1000 جنيه، وكذلك إلزام كل مؤسسات الأعمال العامة والخاصة بإصدار شهادات أمان للعمالة مع توفير خدمات الحماية الإجتماعية والصحية التى توفرها الدولة من خلال حسابات شخصية يمكن للعامل إستغلالها فى أى وقت وتحت أى ظرف، وتجاهل التقرير الجهود البارزة المبذولة من وزارة الهجرة وتواصلها المباشر مع المصريين فى كل بلاد العالم بمن فيهم الطلاب ورؤساء روابط المصريين فى الدول من أجل الوقوف وبحث مشكلاتهم وحلها ومتابعتها بشكل شخصى من وزيرتى الهجرة وشئون المصريين فى الخارج منذ إنشاء الوزارة فى 2015 أى قبل فترة إعداد التقرير بثلاث سنوات لم تذكر فيه هذه الجهود، إنما اقتصر التقرير على توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترات ومناسبات متقطعة بالوقوف على حل مشكلات العمال المصريين والأجانب رغم نصوص قانون العمل الجديد عليهما، بالإضافة إلى التشديد على إلتزام كل مؤسسات الأعمال بنسبة تعيين 5% من ذوى الهمم بعد الحضور والاهتمام البارز من القيادة السياسية بهذه الفئة ورعايتهم. 

عاشرًا: كما وجه تقريرى السفارة الأمريكية إنتقاداته للحكومة المصرية مدعيًا تقصيرها فى وضع حد لزواج الأطفال والقاصرات خلال مدة إعداد التقرير رغم إصدار مجلس الوزراء فى أبريل 2022 مشروع قانون يحظر زواج الأطفال والقاصرات دون 18 سنة ووضع عقوبات رادعة، بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها فى قانون العقوبات من الأصل، فعلى سبيل المثال تضمن مشروع القانون مجموعة من العقوبات الجنائية فى حال محاولة زواج لقاصر أقل من 18 سنة، مع استحداث مسئولية قانونية لموثق الدائرة بضرورة إبلاغ النيابة العامة فى حال طلب أحدهم منه توثيق عقد الزواج، كما أنه يعتر مسئولًا جنائيًا عن ارتكاب أى واقعة توثيق زواج لقاصر، وانفرد القانون باستبعاد المسئولية الجنائية عن الطفل القاصر ذلك لكونه ناقص الأهلية الجنائية، فلو كان الزوجان طفلين فلا مسئولية جنائية أنا لو كان الزوجان أحدهما قاصرًا أى دون السن القانونى المحدد بـ18 عامًا فتكون المسئولية على الزوج المبالغ فقط دون الطرف القاصر، وهنا تنتفى ادعاءات تقرير السفارة الأمريكية فى القاهرة أن السلطات المصرية تعاقب ضحايا الاتجار فى البشر على قدم المساواة مع مرتكبى الجرائم.

كما نص على عقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى ألف جنيه، كل من تزوج أو زوَّج ذكراً أو أنثى، لم يبلغ أى منهما ثمانى عشرة سنة، وقت الزواج، وتقضى المحكمة على المحكوم عليه إذا كان مأذوناً أو موثقاً أو وصياً على الطفل بالعزل، وإذا كان ولياً عليه بسبب الولاية، بالإضافة إلى عقاب كل من حرض على ارتكاب هذه الجريمة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوفد الإتجار بالبشر الأمريكي الحكومة المصرية المنظمات الدولية اللاجئون

إقرأ أيضاً:

الوعى جدار حصين أمام التحديات التى تواجهها الدولة المصرية

تواجه الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة تحديات كبيرة على جميع الأصعدة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، وتتصاعد هذه التحديات من يوم لآخر فى ظل ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث متسارعة واضطرابات وحروب، وانعكاسات تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية على الأمن القومى المصرى، والتحديات الاقتصادية الناتجة عن هذه الأوضاع، ما يجعلنا نستشعر أهمية الوعى بأن يكون الشعب المصرى العظيم واعياً ومدركاً ما يحيط بمصر وتأثير ما تشهده المنطقة حالياً علينا وعلى أمننا القومى.
والشعب المصرى العظيم دائماً يضرب أروع الأمثلة فى الوعى بالتحديات التى تواجهها مصر ويدرك قيمة الوطن وأهمية الحفاظ على الأمن القومى المصرى واستقرار الأوضاع فى البلاد، فكانت وما زالت يقظة الشعب المصرى وتماسكه هى حائط صد منيعاً أمام محاولات ومخططات أعداء الوطن الذين يريدون النيل من الدولة المصرية وهدم استقرارها، ليظل وعى المصريين الصخرة التى تتحطم عليها آمال ومخططات المتربصين بمصر.
إننا فى مصر محظوظون بأن لدينا القوات المسلحة الباسلة القوية والشرطة المصرية، وما تبذله من جهود كبيرة فى حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كل الاتجاهات الاستراتيجية فى ظل ما تموج به المنطقة من أحداث، ومع وعى الشعب المصرى وتماسك ووحدة الجبهة الداخلية والاصطفاف خلف القيادة السياسية ومؤسسات الدولة فى هذه المرحلة، فلن يستطيع أحد المساس بالأمن القومى المصرى أو النيل من الدولة المصرية.
لذلك أولت الدولة المصرية فى السنوات العشر الأخيرة اهتماماً كبيراً بصناعة وبناء الوعى لدى المواطنين، باعتبار أن الوعى مسئولية تضامنية وتشاركية بين جميع مؤسسات الدولة سواء الإعلامية أو الدينية أو التعليمية والشبابية والثقافية وغيرها، وتحتل إشكالية بناء وعى المواطن المصرى صدارة أولويات الرئيس عبدالفتاح السيسى إيماناً بأن بناء الشخصية القوية السوية القادرة على مواجهة التحديات هى نقطة الانطلاق نحو بناء الإنسان المصرى القادر على دفع جهود التنمية المستدامة بمختلف أبعادها، حيث يلعب بناء الوعى دوراً كبيراً فى عملية البناء والتنمية والحفاظ على الأمن القومى المصرى.
والظروف الحالية وما تواجهه الدولة من تحديات برهنت على أن وعى الشعب المصرى وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة، ففى ظل الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة المصرية لمواصلة عملية البناء والتنمية والحفاظ على الاستقرار وجهود دعم وتعزيز الاقتصاد المصرى، تتزايد الشائعات المغرضة التى تبثها الجماعة الإرهابية وأذنابها، فلا يتوقفون عن نشر الأكاذيب والمعلومات المغلوطة والمضللة لتزييف الوعى لدى الشعب المصرى وتضليله، ولكن المصريين منذ البداية فطنوا لهذه المخططات الخبيثة ويتصدون لها بكل قوة.
وما يعزز ذلك هو أن الشعب المصرى لديه الوعى الكافى ويدرك ما يحيط ببلده من أخطار وتهديدات، ويعى أهمية الحفاظ على الأمن القومى المصرى واستقرار وطنه، فى ظل ما يراه من نجاح مخططات الأعداء فى تقسيم وتفكيك بعض الدول فى المنطقة وإضعافها وانهيارها، لذلك تكمن أهمية تعزيز الوعى لدى المواطنين.
وأتذكر مقولة الرئيس عبدالفتاح السيسى بأنه لم تعد الحروب العسكرية هى الآلية الوحيدة لتحقيق الانتصارات، فبعض الدول لجأت إلى استخدام الحروب النفسية ضد شعوب دول أخرى، من أجل تحقيق هزائم نفسية تفقدهم الإرادة والأمل والقدرة على الإنجاز وتستبدلها بمشاعر الإحباط واليأس وفقدان الثقة فى كل شىء، وذلك من خلال سلاح الشائعات وتعزيز حالة الاستقطاب المجتمعى ومن ثم تفكيك الشعوب، وإشعال الحروب الأهلية، ببساطة هذا ما يريد أن يصنعه بنا أعداؤنا الذين يتعمدون نشر الشائعات عن الدولة المصرية على مدار سنوات من أجل النيل من استقرار وسلامة هذا الوطن.
فصناعة الوعى تسهم فى تقوية قدرة البشر فى التفكير الصحيح والإبداع، وتساعد الناس على التمييز بين الخير والشر، وبين الشائعات والحقيقة، وتجعلهم مدركين لأهمية الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره، والاستمرار فى بناء الوعى مسئولية مشتركة بين جميع مؤسسات الدولة الإعلامية والتعليمية والدينية والثقافية والشبابية، وكذلك الخبراء والمثقفون والمجتمع المدنى وغيرهم، لإثراء العقول وتشكيل الوعى لدى مختلف شرائح المجتمع.
إن الوعى جدار حصين يقى الوطن كل الأخطار والأفكار المتطرفة والهدامة، ويحفز طاقات البناء والتنمية، ومصر ماضية فى مهمة بناء الوعى والذى هو جزء من بناء الإنسان المصرى، ودعم جهود الدولة لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الأمن القومى المصرى.. وستظل الدولة المصرية تمتلك القدرة والقوة التى تضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات شعبها، وحماية الأمن القومى المصرى.

مقالات مشابهة

  • "الشورى" يتدارس "مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر"
  • شبكة متورطة في الاتجار بالأسلحة وغسل الأموال وشحن النفط للحوثيين تحت مقصلة العقوبات الأمريكية
  • مناقشة مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر
  • رئيس حزب الاتحاد: هناك مساحة للحرية داخل الدولة المصرية يجب استغلالها بشكل أمثل
  • خبير: الإدارة الأمريكية منفتحة على الاتصال مع الحكومة السورية الجديدة
  • أحمد جمال سعيد لـ«الوفد»:نجاح «وتر حساس» فاق توقعاتى.. وتخوفت من تناقضات الشخصية
  • النفاق الأمريكى فى سوريا!
  • الوعى جدار حصين أمام التحديات التى تواجهها الدولة المصرية
  • المغرب وكوت ديفوار يوقعان مذكرة تفاهم على خلفية مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه 
  • ناصر عبدالرحمن يكتب : الشخصية المصرية (6) الغواية