تطلق الولايات المتحدة على إدارتها أنها رائدة وقائدة للعالم فى مجال «حقوق الإنسان وسيادة القانون» حسب افتتاحية تقرير «الاتجار فى البشر» المنشور على موقع السفارة الأمريكية فى القاهرة، ومن هذا المنطلق عينت الإدارات الأمريكية المتعاقبة نفسها وصّية ومراقبة لأداء الدول فى هذين المجالين رغم اختلاف بعض مفاهيم حقوق الإنسان بين مجموعات دول معسكرى الغرب والشرق وخاصة الدول العربية والإسلامية.

ورغم تحقيق الدولة المصرية للعديد من الإنجازات فى ملف «الاتجار فى البشر» وإعجاب منظمة الأمم المتحدة وإشادة المكتب المعنى بالمخدرات والجريمة الإقليمى بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالجهود البارزة مدعومة بالتشريعات بداية من الدستور 2014 إلى القوانين «64 لسنة 2010» وتعديلاته فى 2017 حتى يتواكب مع المستجدات العالمية، بالإضافة إلى إصدار الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار فى البشر «2016 - 2021»، والتى تم استحداثها 3 مرات حتى الآن، فضلًا عن تحقيق العدل والمساواة فى الحقوق والواجبات بين المصريين واللاجئين على الأرض المصرية ومعاملاتهم كضيوف وليسوا لاجئين، وإيواء البعض نظرًا لظروفهم الخاصة فى دور الرعاية التى وصل عددها إلى 10 دور على مستوى الجمهورية، مع تقديم كافة الخدمات للمقيمين بشكل لائق وكريم ومتابعة شئونهم الصحية والنفسية والتعليمية والاجتماعية بشكل مستمر من وزارة التضامن الاجتماعى وغيرها من الجهات المختصة.

وقد تعاونت الدولة المصرية وكافة الأجهزة المعنية مع برامج الاتحاد الأوروبى فى مكافحة الاتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية، وكذلك فى الدورات التدريبية المقدمة للإخصائيين الاجتماعيين والمسئولين والفرق الطبية على مستوى المحافظات لتقديم جلسات توعية من خلال حملات الاتصال المباشر فى التجمعات داخل والمراكز والندوات وكذلك عبر مختلف وسائل الإعلام.

ورغم تلك الجهود وغيرها تعددت الانتقادات التى وجهتها السفارة الأمريكية للدولة المصرية عبر تقريرها متهمة إياها بالتقصير تارة ومحاكمة الضحايا بدلًا من الجناة تارة أخرى ووصل الحد إلى التدخل السافر فى الشئون الداخلية وكيفية إدارة مصر لهذا الملف.

الوفد تستعرض الانتقادات الأمريكية التى تتضمنها التقرير الذى استغرق إعداده خمس سنوات ماضية فى رصد وتحليل كل الظواهر المذكورة، كما تستعرض الوفد الإجراءات والخطوات المصرية التى سبق وإتخذتها وأكدتها تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى فى الاحتفال باليوم العالمى «للاتجار فى البشر»30 يوليو 2023 للرد على التقرير كالتالى:

أولًا: اتسم التقرير بالتناقض منذ السطور الأولى حيث أكد أن الحكومة المصرية لم تف بأدنى حد من الإجراءات المتخذة فى قضية الاتجار فى البشر إلا أنها تبذل جهودا كبيرة فى هذا الصدد من تجريم هذه النشاطات وتدريب المسئولين والمختصين على نشر المزيد من الوعى وتحقيق التوجيهات الرئاسية التى تضع هذه القضية على أولوياتها فى نشر المعلومات اللازمة عبر وسائل الإعلام وغيرها.

ثانيًا: تدخل اتقرير فى الإجراءات القضائية والنيابية فى إدانة أو براءة بعض مرتكبى هذه الجرائم منذ 2019 ومن بينهم الفتيات اللاتى تمت محاكمتهن فى قضايا الاتجار فى البشر عبر «التيك توك» وكذلك الإخلال وتهديد قيم وأخلاقيات المجتمع المصرى وهو ما لم يعتبره التقرير جريمة من وجهة نظره بل اعتبرها أحد «المؤثرين» عبر شبكات التواصل الاجتماعى، وأطلق التقرير على الاتهامات أنها «إدانات غير مناسبة أو غير لائقة» وهو ما يعتبر تدخلًا فى شئون القضاء وتعديل على ضمير القاضى وما استند إليه فى أحكام الشريعة الإسلامية.

ثالثًا: زعم التقرير افتراء على عدم توفير الأجهزة المصرية الحماية والرعاية لضحايا الاتجار فى البشر والمهاجرين ومن بينهم السودانيين الذين هربوا من ويلات الحرب والصراع العسكرى الدائر منذ أكثر من أربعة أشهر، رغم شهادات السودانيين أنفسهم الذين أقروا وأكدوا بشعورهم بالأمن والأمان وحفاوة استقبال المصريين لهم واستضافتهم فى بيوتهم كأفراد عائلاتهم واندماجهم هم وغيرهم من الجنسيات العربية والأفريقية وغيرهم داخل المجتمع المصرى وحصولهم على كافة الخدمات الصحية والتعليمية والحماية الاجتماعية وغيرها على نفس قدم المساواة مع المصريين والمقدمة من مختلف الوزارات والمبادرات وكذلك المجتمع المدنى، مع الوضع فى الاعتبار أن مصر هى البلد الوحيد الذى يستضيف أكثر من 9 ملايين لاجئ بلا معسكرات للإيواء أو خيم مقدمة من الأمم المتحدة وغيرها فى العراء.

رابعًا: تدخلت الأجهزة الأمريكية المعنية بوضع هذا التقرير فى الشئون القضائية والتشريعية المصرية، حيث طالبت بوضع تعريف محدد فى التشريع الخاص بالإتجار فى البشر «للضحايا» وكيفية إجراء المحاكمات ونفاذ القانون على أساس هذه الاعتبارات التى تراها الإدارة الأمريكية مناسبة لتصوراتها وليس مناسبًا للحالة المصرية وفقًا للمعايير الدولية، وكانت مصر من أولى الدول العربية والأفريقية التى وضعت قانونًا مفصل للاتجار فى البشر وبحثه منذ 2008 حتى صدوره فى 2010، وقد المشرع المصرى تعريفا كاف وواف لمفهوم «الاتجار فى البشر» وتفنيده بالتفصيل فى الدستور والقانون رقم 64 لسنة 2010 وانعقاد اللجنة التنسيقية لإعداد القانون وتعديلاته الحديثة بشكل مستمر، وعرَّف المشرع هذا المفهوم بأنه «يعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة فى شخص طبيعى بما فى ذلك البيع أو العرض أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسليم سواء فى داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه- وذلك كله- إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أياً كانت صوره بما فى ذلك الاستغلال فى أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسى، واستغلال الأطفال فى ذلك وفى المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول أو استئصال الأعضاء البشرية أو الأنسجة البشرية أو جزء منها».

 

فضلاً عن إصدار اللجنة للقانون رقم 5 لسنة2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية ولائحته التنفيذية، وتعديل بعض أحكامه بالقانون رقم 142 لسنة 2017، وذلك بغرض التصدى لجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية باعتبارها أحد أنماط وصور الاتجار بالبشر، والذى نظم أيضاً عملية نقل وزراعة الأعضاء البشرية بشكل قانوني- ليغلق الأبواب أمام مافيا عصابات الجريمة المنظمة فى التعامل مع البشر كسلع يتم تداولها بشكل يمتهن الكرامة الإنسانية ولا يتسق مع مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها.

خامسًا: وأوصى التقرير الأمريكى موجها إملاءاته الغريبة للحكومة المصرية «بمنع التنسيق أو دعم الجماعات المسلحة التى تقوم بتجنيد الأطفال فى أعمالهم الإجرامية»، مدعيًا رصد إحدى مؤسسات المجتمع المدنى التى لم يذكر اسمها لهذه الواقعة، وهو ما لا يوجد بالقطع فى مصر التى قادت مكافحة الإرهاب فى سيناء وليبيا وغيرها بالنيابة عن العالم بشهادة الإدارات الأمريكية والحكومات الأوروبية المتعاقبة والتى تطلب التعاون مع الأجهزة المنية والعسكرية والمخابراتية المصرية من أجل إستباق الإجراءات الوقائية والتبادل المعلوماتى قبل وقوع الحوادث الإرهابية على أراضى البلدان الأخرى.

سادسًا: تضمن التقرير التدخل فى محاكمة عناصر تعتبرها الإدارة الأمريكية بمفاهيمها عن «حقوق الإنسان» الغربية غير مدانين أو لا يجب محاكمتهم، من بينهم مرتكبات البغاء واللائى يتاجرن بأجسامهم أو يحرضن على ذلك فى مقابل عائد مادى، مطالبًا رجال القضاء ألا تعاقب هذه الفئات متهمًا الحكومة المصرية بعدم المصداقية والجدية فى محاسبة المتاجرين بالجنس والعمال جنائياً، وتجرأ التقرير فى ذكر عدم وفاء الحكومة المصرية بالتزامات حماية ضحايا الاتجار بالبشر مناقضا نصه، رغم كل الجهود المبذولة والمدعومة بالتشريعات وإلتزامات مصر بكافة الاتفاقيات الدولية والمعاهدات وإكتسابها قوة القانون والإلزام فى التنفيذ كما نصت المادة 93 من دستور 2014 حيث «قامت بالتصديق والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات والمواثيق والصكوك والبروتوكولات الدولية المشتملة على أحكام وتدابير ذات صلة بمكافحة استغلال الأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وقد أصبحت تلك الاتفاقيات الدولية جزءاً من القوانين الوطنية المطبقة فى مصر وتلتزم السلطات المعنية – قانوناً - فى الدولة بتطبيق وإنفاذ الأحكام الواردة فيها، «كما تم حظر» كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار فى البشر، ويجرم القانون كل ذلك، وحظر الاتجار بأعضاء الإنسان كصورة من صور الاتجار بالبشر.

سابعًا: عدد التقرير القضايا والتحقيقات وأنواعها والاتهامات المتعلقة بالاتجار فى البشر مع تأكيده على تناقصها فى عام 2022 عن مثيلاتها فى 2020 و2021، وهو ما يعتبره نوعًا من التحسن فى تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار فى البشر والتعاون المتبادل مع منظمات الأمم المتحدة والمجتمع المدنى وتدريب المختصين والمسئولين، إلا أن عاد التقرير متناقضًا وادعى قيام بعض المراقبين «غير المحددين» بتقييم السلطات قاصدًا «النيابة والقضاء المصرى» اللذين وردت إليهما هذه القضايا متهما إياهما بعدم التعامل معها بشكل متسق، مدعيًا تركيز إجراءات تحديد الهوية والإحالة الحكومية على المصريين على حساب ما أسماهم التقرير «بالفئات الضعيفة مثل المهاجرين واللاجئين» بحجة إهمال السلطات المصرية لشئونهم أثناء إعداد الإستراتيجية.

ثامنًا: عدّل ااتقرير على الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية سواء فى التحقيق مع العناصر الأجنبية المتهمة بالاتجار فى البشر أو من الضحايا على الأرض المصرية وترحيل من ارتأت السلطات إعادته إلى بلاده وهو حق كفله الدستور والقوانين الدولية لسلطة أية دولة فى استخدامها له من أجل تحقيق وضمان الأمن القومى كما تفعل كافة دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مع اللاجئين ومن دخلوا أراضيهم بشكل غير شرعى أو غير رسمى ولم تعدّل عليهم لا مصر ولا غيرها من الدول لأنه شأن داخلى وحق أصيل لسلطات أية دولة، كما استند التقرير إلى ادعاءات منظمات مجتمع مدنى غير محددة هويتها فى التقرير كمرجعية موثوق فى تحليلها وأدلتها وغير معروفة توجهاتها أو أهدافها أو من يديرها ويموّل أعمالها.

تاسعًا: إتهم التقرير السلطات القضائية المصرية بالتقصير فى سن قانون جديد للعمل خلال فترة إعداد ورصد التقرير طوال الخمس سنوات الماضية والذى من شأنه يحفظ حقوق العمالة المصرية من التسريح من المؤسسات التى يعملون بها سواء فى الداخل أو الخارج، إلا أن الحكومة المصرية طرحت بالفعل قانون للعمل جديدا وسوف يتم إقراره فور عودة مجلس النواب من إجازة الصيف، وتتضمن القانون ضمانات حماية وحقوق للعمال وأصحاب الأعمال لم يكن منصوصًا عليها فى قانون العمل السابق رقم 12 لسنة 2003، ومن بينها إنشاء صندوق لحماية حقوق العمالة غير المنتظمة مع صرف إعانات لا ترد بقيمة 1000 جنيه، وكذلك إلزام كل مؤسسات الأعمال العامة والخاصة بإصدار شهادات أمان للعمالة مع توفير خدمات الحماية الإجتماعية والصحية التى توفرها الدولة من خلال حسابات شخصية يمكن للعامل إستغلالها فى أى وقت وتحت أى ظرف، وتجاهل التقرير الجهود البارزة المبذولة من وزارة الهجرة وتواصلها المباشر مع المصريين فى كل بلاد العالم بمن فيهم الطلاب ورؤساء روابط المصريين فى الدول من أجل الوقوف وبحث مشكلاتهم وحلها ومتابعتها بشكل شخصى من وزيرتى الهجرة وشئون المصريين فى الخارج منذ إنشاء الوزارة فى 2015 أى قبل فترة إعداد التقرير بثلاث سنوات لم تذكر فيه هذه الجهود، إنما اقتصر التقرير على توجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترات ومناسبات متقطعة بالوقوف على حل مشكلات العمال المصريين والأجانب رغم نصوص قانون العمل الجديد عليهما، بالإضافة إلى التشديد على إلتزام كل مؤسسات الأعمال بنسبة تعيين 5% من ذوى الهمم بعد الحضور والاهتمام البارز من القيادة السياسية بهذه الفئة ورعايتهم. 

عاشرًا: كما وجه تقريرى السفارة الأمريكية إنتقاداته للحكومة المصرية مدعيًا تقصيرها فى وضع حد لزواج الأطفال والقاصرات خلال مدة إعداد التقرير رغم إصدار مجلس الوزراء فى أبريل 2022 مشروع قانون يحظر زواج الأطفال والقاصرات دون 18 سنة ووضع عقوبات رادعة، بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها فى قانون العقوبات من الأصل، فعلى سبيل المثال تضمن مشروع القانون مجموعة من العقوبات الجنائية فى حال محاولة زواج لقاصر أقل من 18 سنة، مع استحداث مسئولية قانونية لموثق الدائرة بضرورة إبلاغ النيابة العامة فى حال طلب أحدهم منه توثيق عقد الزواج، كما أنه يعتر مسئولًا جنائيًا عن ارتكاب أى واقعة توثيق زواج لقاصر، وانفرد القانون باستبعاد المسئولية الجنائية عن الطفل القاصر ذلك لكونه ناقص الأهلية الجنائية، فلو كان الزوجان طفلين فلا مسئولية جنائية أنا لو كان الزوجان أحدهما قاصرًا أى دون السن القانونى المحدد بـ18 عامًا فتكون المسئولية على الزوج المبالغ فقط دون الطرف القاصر، وهنا تنتفى ادعاءات تقرير السفارة الأمريكية فى القاهرة أن السلطات المصرية تعاقب ضحايا الاتجار فى البشر على قدم المساواة مع مرتكبى الجرائم.

كما نص على عقاب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى ألف جنيه، كل من تزوج أو زوَّج ذكراً أو أنثى، لم يبلغ أى منهما ثمانى عشرة سنة، وقت الزواج، وتقضى المحكمة على المحكوم عليه إذا كان مأذوناً أو موثقاً أو وصياً على الطفل بالعزل، وإذا كان ولياً عليه بسبب الولاية، بالإضافة إلى عقاب كل من حرض على ارتكاب هذه الجريمة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الوفد الإتجار بالبشر الأمريكي الحكومة المصرية المنظمات الدولية اللاجئون

إقرأ أيضاً:

«صحيفة بوليتيكو الأمريكية»: عودة ترامب إلى البيت الأبيض أكثر غموضًا من الحملة التى أخرجته منه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

فاز دونالد ترامب بالرئاسة، مما نقل مركز القوة فى أمريكا إلى اليمين، بعد هزيمة كمالا هاريس، فى سباق مضطرب أثار قلق الأمة، وجعله فى النهاية الرئيس الخامس والأربعين والسابع والأربعين فى آن واحد.

وقد أُعيد ترامب إلى السلطة نتيجة سخط واسع النطاق تجاه واشنطن وأوضاع البلاد، بما فى ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب حملة انتقدت المهاجرين ونظام العدالة فى الولايات المتحدة، وجمعت دعم الطبقة العاملة والرجال.

وسيصبح ترامب ثانى رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يستعيد منصب الرئاسة بعد خسارته له، عائدًا إلى البيت الأبيض بعد هزيمته قبل أربع سنوات، حيث خاض حملة منذ ذلك الحين متعهدًا بمعاقبة خصومه السياسيين.

وسيتولى «ترامب»، المنصب فى وقت يشهد انقسامات ثقافية وسياسية عميقة، بعد أن حقق نتائج أفضل من عام ٢٠٢٠ فى مختلف المناطق.

وبهذا أصبح أول رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة يُدان بجرائم، وكانت عودته إلى البيت الأبيض أكثر غموضًا من الحملة التى أخرجته منه قبل أربع سنوات، وسط جائحة واضطرابات مدنية.

ومن المرجح أن تسقط القضايا الجنائية التى رفعها المستشار الخاص جاك سميث - بشأن محاولة ترامب قلب نتائج انتخابات ٢٠٢٠ وقراره الاحتفاظ بوثائق سرية فى منتجعه مارالاغو - بمجرد تولى ترامب منصبه.

أما القضية الجنائية التى تأخرت طويلًا فى ولاية جورجيا والمتعلقة أيضًا بانتخابات ٢٠٢٠، فمن المحتمل أن تتوقف حتى عام ٢٠٢٩ على الأقل، حينما يغادر ترامب منصبه عن عمر ٨٢ عامًا.

وقد يواجه ترامب الحكم فى قضيته فى نيويورك بشأن فضيحة الأموال السرية لعام ٢٠١٦، إلا أن ترامب سيستخدم رئاسته الوشيكة لتجنب أى عواقب، خصوصًا إذا سعى القاضى خوان ميرشان إلى الحكم عليه بالسجن، صحيفة بوليتيكو الأمريكية.

هذا العام، أعلن ترامب انتصاره بعد خمسة أشهر أخيرة من حملة تضمنت إدانته بجرائم فى ٣٤ تهمة تتعلق بدفعات أموال سرية لممثلة إباحية؛ وتعرضه لإطلاق نار فى الأذن من قبل شخص حاول اغتياله خلال تجمع انتخابي، وهى المحاولة الأولى من محاولتين لاستهدافه.

كما شهدت الحملة تغييرًا فى قمة الترشح الديمقراطى فى يوليو، بعد أسبوع من الحادثة، مما جعل السباق أكثر تنافسية مما بدا فى وقت سابق من الصيف عندما كان ترامب يواجه جو بايدن.

لكن رفع الديمقراطيين لكمالا هاريس لم يكن كافيًا، حيث نجح ترامب فى تصوير هاريس كامتداد لإدارة كانت غير محبوبة على نطاق واسع بين الأمريكيين، حيث أطلق هجمات شخصية قاسية ضدها وصورها على أنها أقل تأهلًا للمنصب من بايدن المتقدم فى العمر.

وانتقد مواقفها السابقة التى دعمت فيها "الرعاية الطبية للجميع"، ورعاية التحولات الجندرية بتمويل من دافعى الضرائب للسجناء والمهاجرين المحتجزين، وتقليص تمويل وكالة الهجرة والجمارك، وحظر عمليات التكسير الهيدروليكي.

يؤكد فوز ترامب قبضته المستمرة على الحزب الجمهورى منذ عقد من الزمن، حيث حول الحزب تحت قيادته إلى حزب أكثر تأييدًا للمصالح المحلية وأقل تدخلًا فى الخارج، وأكثر دعمًا للطبقة العاملة وأكثر تنوعًا عرقيًا.

وبينما يدافع عن دوره فى إلغاء قرار «رو ضد وايد»، تعهد ترامب باستخدام الفيتو ضد أى حظر وطنى للإجهاض إذا وصل إلى مكتبه. كما دعا إلى عمليات ترحيل جماعية، وتخفيضات ضريبية واسعة، وفرض رسوم جمركية أشد على الخارج. سيكون لترامب حلفاء أقوياء لتنفيذ أجندته.

حيث سيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ، بينما ظل وضع مجلس النواب غير واضح. ومن المحتمل أن يصطف الجمهوريون فى واشنطن خلفه- كما فعلوا فى حملته- وسيسعى على الأرجح لدفع السياسات من خلال إجراءات تنفيذية.

وكان ترامب قد أعلن انتصاره فى وقت مبكر من صباح الأربعاء، فى ويست بالم بيتش.

واختياره السيناتور جى دى فانس كنائب له، الذى رأى بعض النقاد أنه قد يكون خطأً قد ينفر الناخبين المعتدلين فى الولايات المتأرجحة، يعزز مكانة السيناتور من أوهايو البالغ من العمر ٤٠ عامًا كوريث محتمل للحركة السياسية التى يقودها ترامب، مما يهيئه ليكون من أبرز المتنافسين فى الانتخابات التمهيدية للحزب فى عام ٢٠٢٨.

ترامب، البالغ من العمر ٧٨ عامًا، أصبح الآن أكبر سنًا مما كان عليه بايدن عندما أصبح الرئيس الأكبر سنًا المنتخب فى عام ٢٠٢٠.

ورغم وتيرة حملته المكثفة فى الأشهر الأخيرة، حيث عقد فعاليات أكثر من هاريس البالغة من العمر ٦٠ عامًا، اتهمه منتقدوه بإظهار علامات على تراجع إدراكي، إذ كان يجد صعوبة فى التركيز على فكرة واحدة خلال خطبه المتفرعة، وهى عادة وصفها ترامب بأنها «نسيج بلاغي».

وقد أكد ترامب أنه لا يعانى من «أى مشكلة إدراكية» وأنه «ليس قريبًا من عمر الثمانين»، لكنه رفض نشر سجلات طبية تفصيلية.

حتى داخل حزبه، وُجهت له انتقادات مماثلة فى بداية السباق عندما واجه أكثر من اثنى عشر منافسًا جمهوريًا كانوا يسعون ليحلوا محله كرمز للحزب.

وكانت نيكى هايلي، آخر المرشحين الذين استمروا فى مواجهته فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، قد اقترحت مرارًا أنه أكبر من أن يعود إلى المنصب وشككت فى حالته الإدراكية.

لكن بعد بضعة أشهر فقط من حملته الثالثة للرئاسة، بدأ ترامب يستعيد شعبيته بين بعض الجمهوريين الذين ابتعدوا عنه بعد خسارته فى ٢٠٢٠، بما فى ذلك من تخلوا عنه بعد اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول فى يناير ٢٠٢١.

جاء فوز ترامب بعد فترة حاسمة من السباق التى كان بعض الجمهوريين يخشون أن تكون كارثية لحملته. عقد تجمعًا فى نيويورك تميز بخطاب عنصري، حيث وصف الكوميدى تونى هينشليفيك بورتو ريكو بأنها «جزيرة عائمة من القمامة».

كما انتقد النائبة السابقة فى الكونجرس ليز تشيني، وصفها بأنها "صقر حرب راديكالي"، وقال إنه يجب أن «تواجه تسعة براميل تطلق عليها النار»، وهو تعليق قال المتحدث باسم حملته إنه كان إشارة إلى أنها لم تشارك فى الحرب.

فى تصعيد لخطابه التحريضى والعنيف فى الأيام الأخيرة من حملته، قال ترامب إنه «لم يكن يجب أن يغادر» البيت الأبيض فى يناير ٢٠٢٠؛ وأشار إلى أنه «لا يمانع» إذا كان على أحدهم «إطلاق النار عبر الأخبار الزائفة» للوصول إليه، وهو تعليق آخر سعى فريق حملته لتوضيحه؛ مدعيًا أن ترامب لم يكن يقصد إطلاق النار على الصحفيين.
 

مقالات مشابهة

  • شرطة أبوظبي تعرض ممارساتها الأمنية لوفد الداخلية المصرية
  • أبرز المشاهير الذين تأثروا بالأزياء والأناقة في التسعينات بشكل كبير  (تقرير)
  • وزارة العدل تختتم ورشة عمل لمكافحة الاتجار بالبشر
  • اختتام ورشة تدريبية حول مكافحة الاتجار بالبشر
  • «صحيفة بوليتيكو الأمريكية»: عودة ترامب إلى البيت الأبيض أكثر غموضًا من الحملة التى أخرجته منه
  • التقرير التراكمي لدعم النازحين.. هذا ما جاء فيه اليوم
  • كيف فاز ترامب بالانتخابات الأمريكية بشكل لم يُسبق له مثيل؟
  • الإنتربول: اعتقال أكثر من 2500 شخص في حملة لمكافحة الاتجار بالبشر
  • تقرير أممي: مرض الكوليرا اجتاح اليمن بشكل غير مسبوق منذُ مطلع 2024
  • روسيا تردُّ على اتهامها بالتدخل في الانتخابات الامريكية: افتراءات خبيثة