لأول مرة.. علماء يوثقون وجود سناجب آكلة للحوم
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تمكن فريق بحثي من جامعتي ويسكونسن-أو كلير وكاليفورنيا ديفيس في الولايات المتحدة الأميركية للمرة الأولى من تسجيل سلوكيات أكل اللحوم بين السناجب الأرضية، الكائنات التي اشتهرت فقط بأنها تأكل المكسرات أو البذور أو الحبوب.
وبحسب الدراسة، التي نشرها هذا الفريق في دورية "إيثولوجي"، فإن هذه الملاحظات تغير بشكل أساسي من فهم العلماء لسناجب الأرض، وتشير إلى أن ما كان يُعتبر نوعا آكلا للحبوب هو في الواقع حيوان آكل للحوم كذلك، وبالتالي فإنه أكثر مرونة في نظامه الغذائي مما كان يُفترض.
وقد بدأت ملاحظات العلماء لتلك السناجب منذ منتصف عام 2024، حيث عكف الفريق على دراسة السلوك طويل الأجل لسناجب الأرض في ولاية كاليفورنيا (تحديدا متنزه بريونيس الإقليمي في مقاطعة كونترا كوستا)، ومن بين 74 تفاعلا تم رصدها بين يونيو/حزيران ويوليو/تموز، تضمنت 42% منها صيدا نشطا للفئران الصغيرة من قبل سناجب الأرض.
ومن خلال مقاطع الفيديو والصور والملاحظات المباشرة في الحديقة الإقليمية، وثق الباحثون سناجب الأرض من جميع الأعمار ومن الجنسين وهي تصطاد وتأكل وتتنافس على الفرائس من الفئران في الفترة قيد الدراسة.
إعلانوبحسب الدراسة، فقد بلغ سلوك السناجب آكلة اللحوم في الصيف ذروته خلال الأسبوعين الأولين من يوليو/تموز، تزامنا مع انفجار أعداد الفئران في الحديقة، وكان تركيز السناجب على الفئران فقط وليس أي حيوانات أخرى.
لم قد يحدث التحول؟هذا السلوك ليس جديدا على عالم الحيوان، فقد تتحول بعض الحيوانات إلى آكلة اللحوم، حتى لو لم تكن في الأساس من آكلي اللحوم، وذلك بسبب مجموعة من العوامل البيئية والبيولوجية والتطورية، فالاحتياجات الغذائية مثلا، ونعني هنا متطلبات البروتين والطاقة والمغذيات، قد توجه بعض الحيوانات آكلة النباتات إلى اللحوم.
وعلى سبيل المثال، لوحظ أن الغزلان أو الأبقار قد تأكل الحيوانات الصغيرة، أو تتغذى على العظام أثناء الظروف القاسية لتكملة نظامها الغذائي، وقد تستهلك الحيوانات العاشبة الحشرات أو بقايا الحيوانات للحصول على الكالسيوم، وخاصة أثناء الحمل أو عندما تكون الموارد شحيحة.
وكلما أصبحت البيئات قاسية أو أثناء مواسم نقص الغذاء، قد تتحول الحيوانات إلى آكلة اللحوم بدافع الضرورة، إذ تضمن تلك التغذية الانتهازية البقاء على قيد الحياة عندما تكون مصادر الغذاء النموذجية غير متوفرة.
وقال الباحثون إن العديد من الأسئلة لا تزال دون إجابة، بما في ذلك مدى انتشار سلوك الصيد بين السناجب، وما إذا كان ينتقل من الوالدين إلى الصغار وكيف، وكيف يؤثر على العمليات البيئية.
ويتطلع المؤلفون أيضا إلى العودة إلى الميدان في الصيف المقبل لمعرفة مدى تأثير صيد الفئران هذا العام على تكاثر السناجب مقارنة بالعقد الماضي، إن وجد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بعد 400 سنة.. علماء يكشفون سر توهج بحر العرب ليلا
رصد البحارة منذ قرون ظاهرة بحرية نادرة أثارت فضول العلماء، تتمثل في توهج مساحات شاسعة من سطح المحيط ليلا بضوء أبيض يميل إلى الأخضر، حتى يبدو البحر كأنه بأكمله تحول إلى مصدر إنارة ضخم.
وتعرف هذه الظاهرة باسم "البحار اللبنية"، وتتميز بندرتها واتساع نطاقها، حيث يمكن أن تغطي مساحات تصل إلى عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة، وقد يكون توهجها قويا لدرجة يمكن معها رؤيتها من الفضاء، أو القراءة تحت ضوئها في عرض البحر.
ورغم تواتر المشاهدات منذ القرن الـ17، لا تزال الأسباب الدقيقة لهذه الظاهرة مجهولة، إذ غالبا ما تحدث في مناطق بعيدة عن المحيط الهندي، ما يصعب رصدها ودراستها ميدانيا.
غير أن دراسة جديدة قد تمهد الطريق لفهم أعمق، بعد أن تمكن فريق بحثي من تجميع أول قاعدة بيانات شاملة خلال 3 عقود، تضمنت شهادات تاريخية من البحارة، وسجلات تعود إلى 80 عاما من "مجلة المراقب البحري"، إلى جانب صور التقطت عبر الأقمار الصناعية، وفق الدراسة التي نشرت في التاسع من أبريل/نيسان في مجلة "إيرث أند سبايس ساينس".
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة "جاستن هادسون"، وهو طالب دكتوراه في قسم علوم الغلاف الجوي بجامعة ولاية كولورادو الأميركية، في تصريحات لـ"الجزيرة. نت": "حتى هذه اللحظة، لدينا صورة واحدة فقط ملتقطة من مستوى سطح البحر، جاءت من مصادفة نادرة ليخت خاص عام 2019. وهذا يظهر مدى صعوبة دراسة هذه الظاهرة".
إعلانويوضح الباحث أن الهدف من هذه القاعدة البيانية هو التمكن من التنبؤ بموعد ومكان ظهور البحار اللبنية، حتى يمكن إرسال سفينة بحث علمي في الوقت المناسب لجمع بيانات بيولوجية وكيميائية حيوية.
ويعتقد أن السبب المحتمل وراء هذا التوهج المستمر هو نوع من البكتيريا المضيئة يعرف باسم "فيبريو هارفيي"، وهي كائنات مجهرية قادرة على إنتاج ضوء حيوي، وقد تكون تعيش على سطح الطحالب البحرية خلال فترات ازدهارها.
وبحسب الدراسة، فقد تم تسجيل حالة واحدة فقط تمكن خلالها العلماء من أخذ عينة مائية من هذه الظاهرة، كانت عام 1985، حيث عثروا على هذه البكتيريا مضيئة على سطح الطحالب.
كشفت الدراسة الجديدة أن أغلب مشاهدات البحار اللبنية وقعت في مياه البحر العربي وبالقرب من جزيرة سقطرى اليمنية وسواحل الصومال، حيث تمثل هذه المناطق ما يقرب من 60% من كل الحالات المعروفة عالميا.
ويضيف "هادسون": "تعد هذه المناطق ذات أهمية بيئية واقتصادية كبرى، خصوصا لقطاع الصيد. كما أن نشاط الرياح الموسمية في المحيط الهندي، والذي يتغير تبعا لمراحل المناخ، يؤثر على الحياة البيولوجية هناك، ويمكن يكون مرتبطا بظهور هذه الظاهرة".
ويعتقد الباحثون أن هناك ارتباطا وثيقا بين ظهور البحار اللبنية وبين ظواهر مناخية عالمية مثل "تذبذب المحيط الهندي" و"ظاهرة النينيو"، وهو ما يدل على أن هذه الظاهرة مرتبطة بحركة الكربون والمغذيات في النظام البيئي للمحيط.
"هذه الظاهرة المذهلة تمثل تعبيرا مدهشا عن تفاعلات حيوية في كوكبنا لم تدرس بعد بشكل كاف، وربما تحمل أسرارا حول العلاقة بين المحيط والغلاف الجوي، بل وبين الميكروبات ودورة الكربون العالمية" كما أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة.
ويضيف: "لا نعرف بعد ما إذا كانت البحار اللبنية علامة على صحة بيئية جيدة أو على اضطراب بيئي. البكتيريا التي نشتبه في أنها وراء الظاهرة معروفة بأنها قد تضر بالأسماك والقشريات. ما نأمله الآن هو أن تساعدنا هذه البيانات في الوصول إلى إجابات لم تكن ممكنة من قبل".
إعلان