وناقشت الحلقة هذه العشوائيات باعتبارها من الظواهر الأكثر تعقيدا في تاريخ المدن الحديثة؛ كيف نشأت أحياء العشوائيات على أطراف المدن الكبرى؟ ولماذا فشلت محاولات القضاء عليها رغم السياسات والجهود الحكومية المتكررة؟

وافتتحت الحلقة بمقاربة رمزية تمثلت في أسطورة الثعبان "أوروبوروس" الذي يلتهم ذيله ليولد من جديد، كتشبيه لدورة العشوائيات التي تتجدد رغم محاولات التخلص منها.

وتبدأ الرحلة من المدينة المغرية بناطحات سحابها وشوارعها الواسعة، حيث يحلم سكان الريف والمدن البعيدة بمستقبل مختلف، فيأتون حاملين أحلامهم على أكتافهم، يجمعون بعض الصفيح والخشب والكرتون، ليبنوا "بيتا" على هامش المدينة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4مشروع "مدن بلا صفيح" بالمغرب يصطدم بالحسابات الانتخابيةlist 2 of 4البلطجة النسائية في مصر.. ضحايا في الخفاء وجناة في العلنlist 3 of 4انتشار المساكن العشوائية في معظم مدن وقرى أفغانستانlist 4 of 4أحياء الصفيح بالمغرب.. حياة بلا نبض وخطط تحتاج لدعم القطاع الخاصend of list

وتتكون هذه العشوائيات على أرض خالية على الأطراف تتحول تدريجيا إلى كتلة من البيوت المتلاصقة، حيث يتكدس المهاجرون في مساحات ضيقة لا تكاد تتسع للتنفس.

وسلطت الحلقة الضوء على العلاقة الجدلية بين العشوائيات والجريمة. وتحدثت الدكتورة هبة رؤوف عزت، أستاذة العلوم السياسية، عن الفجوة الاجتماعية بين سكان العشوائيات والأثرياء، وأوضحت أن شيطنة سكان هذه المناطق يخدم مصالح سياسية واجتماعية تهدف إلى تعزيز تماسك الطبقات الغنية.

إعلان

وأشارت إلى أن العشوائيات قد تشكل بيئة ملائمة لظهور الجريمة الصغيرة مثل بيع المخدرات، لكنها ليست مصدرها الوحيد، إذ يرتبط جزء كبير منها بالطلب من طبقات أكثر ثراء.

زحف على المنظم

وأشار أستاذ علم الاجتماع زكريا الإبراهيمي إلى أن أحياء العشوائيات ليست مجرد ظاهرة عشوائية، بل تعكس حاجات اجتماعية وسياسية.

وأضاف أن المدينة الحديثة بطابعها المنظم عمرها أقل من 100 عام، وأن العشوائيات تشكل نوعا من الزحف على هذا النظام، مضيفا أن حصر الجرائم في العشوائيات ينطوي على ظلم كبير، خاصة إذا ما قورنت بما سماه "جرائم النخب"، مثل الفساد وصفقات الأراضي التي قد تكون أكثر تدميرًا.

وتناولت الحلقة تجربة المغرب في مشروع "مدن بلا صفيح"، حين أعلنت الحكومة في عام 2004 خطة للقضاء على أحياء الصفيح، وتمكنت بالفعل من إزالة 282 ألف مسكن عشوائي، لكن المفاجأة كانت أن أحياء أخرى ظهرت في مناطق مختلفة، مما يثير التساؤلات عن جدوى مثل هذه المشاريع.

وعرضت الحلقة قصة حي "دهارفي" في مدينة مومباي بالهند، الذي يُعدّ أحد أكبر أحياء العشوائيات في العالم، حيث يعيش مليون شخص في مساحة ضيقة جدا، بطرق متعرجة وشوارع أشبه بالمتاهة.

وأوضحت الحلقة الفارق بين تخطيط المدن الحديثة وأحياء العشوائيات، ففي المدن تبنى الطرق بنظام واضح وشبكي يسهل التنقل والتخطيط. أما في العشوائيات، فالشوارع متعرجة وغير منظمة، مما يجعلها بيئة خصبة لظهور مشاكل اجتماعية وأمنية.

وقدمت حلقة "عمارة العشوائيات" صورة لهذه الظاهرة الاجتماعية والإنسانية، مشيرة إلى أن رفضها أو محاولات القضاء عليها لا يؤديان إلا إلى توسعها، مما يدعو إلى الفهم العميق لهذه الديناميات الاجتماعية ووضع حلول مستدامة تعالج جذور المشكلة.

25/12/2024

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

ملهمة مصرية تعيد صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في عالم يزداد احتياجه إلى حلول مبتكرة ومستدامة للتحديات البيئية، تبرز المعمارية المصرية الدكتورة هناء ضاحي كواحدة من أبرز الأسماء التي أعادت صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا.

 بمزيج من العلم، الإبداع، والاستدامة، استطاعت “هناء” أن تحقق إنجازات استثنائية جعلتها رمزًا ملهمًا في مجالها، ولدت هناء ضاحي في القاهرة، وبدأت رحلتها العلمية في جامعة عين شمس، حيث حصلت على درجة البكالوريوس والماجستير في الهندسة المعمارية بتقدير امتياز في عامي 2003 و2006. 

شغفها بالتطوير دفعها لتأسيس مكتبها الخاص في القاهرة، حيث عملت على مشاريع معمارية متنوعة في الشرق الأوسط، لكن طموحها لم يتوقف عند حدود الوطن؛ ففي عام 2009، قررت الانتقال إلى ألمانيا لاستكمال دراسات الدكتوراه.

 هناك، التحقت بـجامعة شتوتجارت، حيث حصلت على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف في مجال هياكل البناء والتصميم الإنشائي عام 2014.


في عام 2016، حصلت د. هناء على الأستاذية في جامعة شتوتجارت، وبدأت في تأسيس قسم الأبحاث BioMat، المخصص لتطوير مواد البناء ذات الأساس الحيوي. من خلال هذا القسم، أطلقت مبادرات عديدة لتطوير مواد صديقة للبيئة، بينها مادة مصنوعة من ألياف القش المعاد تدويرها، والتي أصبحت نموذجًا بارزًا في العمارة المستدامة، وتم استخدام هذه المادة لبناء ثلاثة نماذج بالحجم الطبيعي، مما أثبت جدواها كحل مرن وصديق للبيئة يناسب التصميمات المعمارية المبتكرة.

تميزت مسيرة هناء ضاحي بحصدها العديد من الجوائز العالمية، من بينها “جائزة التميز العليا في التدريس الأكاديمي من ألمانيا (2016/2017)، جائزة التصميم والتكنولوجيا الدولية في ميونيخ (2015)، Materialpreis في ألمانيا (2019)، وترشيحها لجائزة Eco-Prize في الاستدامة”.

 كما تم اختيارها ضمن قائمة المرشحين النهائيين لـجائزة محمد مكية للعمارة 2020، وهي جائزة تُمنح للأفراد والمؤسسات التي ساهمت في تطوير العمارة والبيئة المبنية في الشرق الأوسط.


بصفتها عضوًا مؤسسًا في مركز شتوتجارت للأبحاث العلمية في العمارة والبناء، تواصل د. هناء تقديم مساهماتها البارزة لتعزيز الاستدامة في مجال العمارة، كما أنها عضو في أكبر مشروع للتميز العلمي في التصميم البرمجي وأساليب البناء الرقمي في ألمانيا، وتعكس قصتها ضاحي رؤية متميزة وشغفًا لا حدود له لتطوير الهندسة المعمارية بطريقة تخدم البيئة والمجتمع، وعملها لا يمثل فقط تقدمًا علميًا، بل يلهم الأجيال الجديدة من المعماريين العرب لتحقيق أحلامهم والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة، النجاح ليس مجرد هدف، بل هو رحلة تتطلب الإصرار والإبداع”، هكذا تلخص فلسفتها التي جعلت منها نموذجًا يحتذى به في عالم الهندسة والابتكار.

IMG_4291 IMG_4290 IMG_4289 IMG_4288 IMG_4287 IMG_4285 IMG_4284 IMG_4286

مقالات مشابهة

  • المرافق عادت.. القصة الكاملة لأزمة صبحي خليل وصاحب العقار
  • أحمد موسى: الرئيس السيسي أعاد بناء مصر.. وحوّل العشوائيات لمجتمعات حضارية
  • ملهمة مصرية تعيد صياغة مفهوم الهندسة المعمارية عالميًا
  • بالصور.. مازة يصنع الحدث في أحياء مدينة الحراش
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أحياء في قاع المدينة
  • رفع درجة الاستعداد بجميع أحياء القاهرة بمناسبة احتفالات عيد الميلاد
  • انقطاع الكهرباء والماء عن أحياء في مخيم طولكرم
  • بالصور.. تساقط للأمطار الخفيفة والمتوسطة على بعض أحياء الإسكندرية
  • هيئة فنون العمارة والتصميم توقع مذكرة تفاهم لتطوير القطاع في المملكة