سلط تقرير بصحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على دور الولايات المتحدة في دعم وتمويل المليشيات المحلية لقتال حركة طالبان، مما أدى إلى تدهور الوضع في أفغانستان، وأشار إلى أن هذه المليشيات التي ارتكبت فظائع وانتهاكات بحق المدنيين، منها تدمير القرى والتعذيب والقتل العشوائي، كان لها الدور الأكبر في دعم الناس لطالبان، ونجاح صعودها إلى السلطة.

وقال التقرير إن عدة وثائق مسربة تظهر أن الولايات المتحدة كانت تدرك دورها في القمع والتعذيب والجرائم الأخرى التي تنفذها المليشيات المحلية، ومع ذلك استمرت هي والحكومة الأفغانية في توفير الدعم بالسلاح والمال، وحماية قادة هذه المليشيات من أي مساءلة قانونية محلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير بريطاني: الغرب يشجع إسرائيل على القيام بما لا يجرؤ هو على القيام بهlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: صور وفيديوهات الجنود التي توثق الانتهاكات بغزة تهدد باعتقالهمend of list

وبدأ الجيش الأميركي -بما في ذلك القوات الخاصة- في تجنيد المليشيات الخارجة عن القانون وتدريبها بولاية قندوز والقرى المحيطة بها شمالي أفغانستان في 2009، وقد أعرب العديد من الأفغان، بمن فيهم الشيوخ، عن مخاوفهم حينها محذرين من أن المليشيات يمكن أن تصبح خطرا أكبر من طالبان، ولكن دون جدوى، وفق التقرير.

ولأكثر من 10 سنوات انتشرت قوات هذه العصابات في الشمال وعذبت المدنيين واختطفت كبارهم وصغارهم مقابل فدية، وذبحت العشرات في عمليات قتل انتقامية، ودمرت قرى ومجتمعات بأكملها، واقتتلت فيما بينها بمعارك ضارية بالقرى، مما زرع، لأكثر من عقد، الكراهية تجاه الحكومة الأفغانية وحلفائها الأميركيين، وجعل الناس يميلون إلى خصيمتهما حركة طالبان، حسب التقرير.

إعلان

وبالتالي، طبق التقرير، سقطت مدينة تلو الأخرى تحت سيطرة حركة طالبان، وكانت قندوز المعروفة بمعاداتها للحركة من أوائل ما سقط بسبب معاناة سكانها من بطش المليشيات، وتوّجت جهود طالبان بالاستيلاء على العاصمة كابل في 15 أغسطس/آب 2021، وانسحاب القوات الأميركية "الفوضوي" من البلاد.

ونوه الكاتب عزام أحمد، وهو ومراسل استقصائي دولي للصحيفة غطى الحرب الأميركية على أفغانستان سابقا، بأن هذه المعلومات غير مذكورة في التاريخ الرسمي لما حصل، إلا أن أكثر من 50 مقابلة، أجريت في قندوز على مدى 18 شهرا، أظهرت كيف كان الدعم الأميركي للمليشيات بمثابة كارثة لها عند انسحابها.

ومن المفارقات التي لفت إليها الكاتب أنه كلما زاد الجيش الأميركي والحكومة دعم المليشيات، عظمت جرائمها، وانحاز المدنيون لصف طالبان أكثر فأكثر، بل انضم العديدون لها بعد ذلك، مما دفع الحلفاء إلى زيادة الدعم والتمويل، وتأجيج هذه الدوامة الاستنزافية التي راح ضحيتها مئات المدنيين والقرى.

وكانت هذه الديناميكية تصب مباشرة في صالح طالبان، وأوضح مطيع الله روحاني للصحيفة، وهو قائد سابق في طالبان، أن "الولايات المتحدة مكّنت قطّاع الطرق والقتلة، وهذا دفع المزيد من الناس إلينا"، وقد استفادت الحركة من الغضب المحلي، وجندت السكان، واستغلت الانقسامات بين فصائل المليشيات في 2021.

وأخبر محمد فريد الصحيفة، وهو صاحب متجر رفض دفع ضريبة للمليشيات فسجنته، أن المليشيات "كانت تصنف أي شخص لا يؤيدها على أنه من طالبان، مما أجبر الناس على الاختيار بين التنكيل والمقاومة".

و أضاف شهد محمد، الذي يعمل خياطا، أنه تحمّل أكثر من عام من الضرب وسوء المعاملة قبل أن يبيع متجره أخيرا في عام 2013، وينقل عائلته إلى منطقة أخرى، وينضم إلى حركة طالبان حيث قاد وحدة ركزت على محاربة المليشيات في خان آباد على مدى السنوات الست التالية، وقال "دفعت بي المليشيات من مهنتي كخياط إلى مقاتل في الصفوف الأمامية."

إعلان  "كاسر الجدار" و حاجي فاتح

ومن أشهر قادة المليشيات الذين ركز عليهم التقرير محمد عمر المعروف بـ"كاسر الجدار"، وحاجي فاتح، لما عرفا به من قسوة وعنف ووحشية استثنائية.

وكانت "همجية" عمر، الذي أخبر ضابطا أميركيا عن استعداده لقيادة أحد فصائل المليشيات الجديدة في 2009، معروفة، وذكر التقرير أنه دمر منازل القرويين بقذائف الهاون أثناء مطاردته لمقاتل واحد من طالبان، وأعدم عم ووالد وشقيق أحد القرويين (أختر محمد) لثأر عائلي بذريعة أنهم هاجموا أحد قوافله.

وفي عام 2013، بعد 4 سنوات من دعم أمثال كاسر الجدار في قندوز، غادرت الولايات المتحدة الشمال، وسلمت السيطرة على الأمن والمليشيات إلى الحكومة الأفغانية، التي واصلت المهمة.

وقد نافس عمر حينها في بطشه حاجي فاتح، وهو قائد مليشيا اشتهر بتعذيب وابتزاز السكان المحليين، وقالت غول أفراز، التي قُتل ابنها وأبناء أخيها على يد قوات فاتح: "لقد أحرق المنازل وقتل الأبرياء وترك الجثث كتحذير"، وكانت له "قلاع تعذيب" يجر إليها من يشاء.

وقال أحد كبار المسؤولين الحكوميين السابقين في قندوز للصحيفة: "كانت علاقتنا بفاتح معقدة، عندما تعرضت المقاطعة للهجوم، أعطيناه المال والسلاح للقتال، وكنا ندعمه ولكن بشكل غير رسمي، فقد كان رجلا مطلوبا".

ورغم الشكاوى المتكررة، والدعاوى القضائية التي قدمها محامون محليون للسلطات، فقد استمرت الحكومة الأفغانية وداعموها الأميركيون بتحويل الأموال والأسلحة إلى "أمراء الحرب" هؤلاء.

وعندما استولت طالبان على قندوز، اختفى عمر وفاتح دون عواقب، ومات عمر لأسباب طبيعية، بينما هرب فاتح إلى إيران، حيث يعيش في رفاهية مولتها جرائمه، ويقيم حفلات عشاء فاخرة في منزله كثيرا ما يرتادها مسؤولون أفغان من الحكومة السابقة، وفق ما نقله أحد أصدقائه للصحيفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الحکومة الأفغانیة الولایات المتحدة حرکة طالبان

إقرأ أيضاً:

جامعة صحار تطبق الزراعة المائية الذكية بمخلفات بيئية محلية

طبّقت كلية الهندسة بجامعة صحار مشروع الزراعة المائية الذكية القائم على إعادة استخدام المخلفات البيئية العمانية، الذي تنفذه الطالبتان ريم الظهورية والزهراء المعمرية تحت إشراف البروفيسور راجاموهان ناتاراجان، نائب عميد الكلية، وعبدالرحمن الشبلي، المحاضر بكلية الهندسة، يأتي هذا المشروع ضمن الخطة الاستراتيجية للجامعة لدعم البحث العلمي والابتكار، وتعزيز الاستدامة البيئية.

ويهدف المشروع إلى دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الزراعة المائية، عبر استخدام المخلفات الزراعية المحلية كوسيط نمو مستدام، مما يقلل التأثير البيئي ويحسن كفاءة استخدام الموارد. كما يعتمد على الطاقة الشمسية وأجهزة استشعار ذكية لضبط استهلاك المياه والمواد المغذية، مما يسهم في تقليل الهدر وزيادة الإنتاجية مقارنة بالزراعة التقليدية.

وحظي المشروع بتمويل من مجلس البحث العلمي في سلطنة عمان، حيث يتماشى مع «رؤية عمان 2040» التي تركز على البيئة المستدامة والابتكار التكنولوجي، كما يدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عبر تعزيز كفاءة استخدام المياه، والتكيف مع التغير المناخي، والإدارة المسؤولة للموارد الطبيعية.

كما يعكس المشروع توجه جامعة صحار نحو تمكين الطلبة من تقديم حلول علمية مبتكرة للتحديات البيئية، كما يؤكد دورها في تطوير مشاريع مستدامة تسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة.

مقالات مشابهة

  • جامعة صحار تطبق الزراعة المائية الذكية بمخلفات بيئية محلية
  • توغلات إسرائيلية في درعا والقنيطرة.. وتحركات محلية للتعبئة
  • ترامب ينفي تقريرا لـ"نيويورك تايمز" حول اشتباك بين ماسك وروبيو
  • لقد كنت هناك..ترامب ينفي تقريراً لـ"نيويورك تايمز" عن مواجهة بين ماسك وروبيو
  • فايننشال تايمز: أمريكا تجري محادثات استكشافية مع الكونغو الديمقراطية بشأن صفقة معادن
  • في بيان، شركة الكهرباء تعلن برنامج قطع مؤقت وتعتذر عن القطوعات بسبب اعتداءات المليشيات المتمردة على الشبكة في عدة مواقع
  • وسط أزمة إنتاج محلية..زيادة قياسية في واردات زيت الزيتون بالمغرب بلغت 200%
  • نيويورك تايمز: مواطنو ليبيا ضمن قائمة ترامب الحمراء المحظور دخولهم لأمريكا
  • الكويت تدين استهداف منشأة أمنية شمال غرب باكستان
  • هل يحمل مقترح سياف رؤية جديدة لحل الأزمة في أفغانستان؟