حق الجنسية الأميركية بالولادة.. هل يستطيع ترامب إلغاءه؟
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، إلغاء حق المواطنة بالولادة. وأعلن ترامب أنه سيوقع على أمر تنفيذي في اليوم الأول من رئاسته من شأنه أن يضمن عدم حصول الأطفال المولودين لآباء ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة على الجنسية بالولادة، من أجل الوفاء بوعوده الانتخابية التي تهدف إلى ترحيل أكبر كم من المهاجرين وإعادة تعريف ما يعني أن تكون أميركيا؟
سياحة الولادةيولد، في الولايات المتحدة، ما بين 300 ألف و400 ألف طفل سنويا لآباء مهاجرين غير شرعيين، وفقا لبيانات مركز دراسات الهجرة.
وتشير تقديرات المركز -أيضا- إلى أن حجم سياحة الولادة في أميركا يصل إلى نحو 37 ألف ولادة سنويا، لنساء يحملن تأشيرات السياحة يلدن ويغادرن الولايات المتحدة.
ويمارس سياحة الولادة في الولايات المتحدة أشخاص من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك على وجه الخصوص مواطنو الصين وتايوان وكوريا ونيجيريا وتركيا وروسيا والبرازيل والمكسيك.
وعلى الرغم من أن الحصول على الجنسية بمجرد الولادة ليس ممارسة منتشرة على نطاق واسع، وتعتبر كندا والولايات المتحدة الدولتين من أبرز الدول اللتين تمنحان الجنسية تلقائيا للأطفال المولودين لأجانب من بين الاقتصادات المتقدمة، فإن التعديل الـ14 من الدستور الأميركي، ينص على أن "كل الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون أميركيون"، أي أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة يصبح مواطنا أميركيا تلقائيا.
إعلانوهو ما يعتبره الرئيس المنتخب ترامب "أمرا سخيفا". وفي مايو/أيار من العام الماضي، أصدر ترامب مقطع فيديو لحملته يجدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري القائم منذ سنوات طويلة، قائلا إن الولايات المتحدة هي من بين الدول الوحيدة في العالم التي تقول حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنا أو حتى متواجدا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهم في المستقبل هم مواطنون بشكل تلقائي.
واقترح ترامب أنه يتعين على أحد الوالدين على الأقل أن يكون مواطنا أو مقيما قانونيا حتى يحصل الطفل على الجنسية بالولادة.
وقال ترامب إن الأمر التنفيذي سيتناول أيضا ما يسمى "سياحة الولادة"، التي تزور فيها النساء الولايات المتحدة في نهاية الحمل من أجل ضمان ولادة الطفل كمواطن أميركي.
أمر تنفيذيكان ترامب قد تعهد بإنهاء حق المواطنة بالولادة عندما ترشح للرئاسة لأول مرة في عام 2015، وأثار هذا الأمر مرة أخرى في عام 2018 لكنه لم يصدر قط أمرا تنفيذيا بذلك.
ولضمان قدرة ترامب على إصدار قرار تنفيذي، هذه المرة، يحقق ما تعهد به، وفقا لشبكة "إن بي سي نيوز" ستصدر تعليمات للوكالات الفدرالية الأميركية برفض تقديم الوثائق الأساسية التي تثبت هوية الأطفال، مثل جوازات السفر وأرقام الضمان الاجتماعي.
وعلى الرغم من الطابع الحاسم لهذا القرار، فإنه يثير جدلا قانونيا كبيرا، حيث يتعارض الأمر التنفيذي بشكل مباشر مع الدستور. لذلك، من المتوقع أن تواجه هذه السياسة طعونا قضائية كبيرة، وقد تصل القضية إلى المحكمة العليا لتحديد مدى قانونية تغيير هذا الحق عن طريق أمر تنفيذي رئاسي.
عميد كلية الحقوق في "جامعة بيركلي" إروين تشيمرينسكي، أكد أن ترامب لا يستطيع تغيير الدستور بأمر تنفيذي، وبالتالي لا يستطيع إلغاء حق المواطنة للمولودين على الأراضي الأميركية. وأشار تشيمرينسكي في تقرير على موقع "فوكس" إلى القضية الوحيدة التي يتم ذكرها بشكل متكرر عند فتح هذا النقاش والتي تشير إلى أنه من المفترض أن الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة يتمتعون بالجنسية، بغض النظر عن وضع والديهم.
إعلانوهي القضية المعروفة باسم الولايات المتحدة ضد وونغ كيم آرك، عام 1898، وقضت فيها المحكمة بأن الرجل الذي ولد في سان فرانسيسكو لوالدين كلاهما من الصين كان مواطنا أميركيا، مؤكدا "لا يمكنه تغيير الدستور".
منتقدو حق المواطنة بالولادة يشيرون إلى أن السياسة الحالية في منح الجنسية بالولادة تستند إلى أسطورة تاريخية وتفسير خاطئ للقانون، لأنه لم يتطرق إلى وضع الآباء القانوني ودخولهم البلاد بطريقة شرعية أم لا.
مارك كريكوريان، وهو أحد الشخصيات البارزة في مجال السياسات المناهضة للهجرة ومدير مركز دراسات الهجرة، يؤيد خطة ترامب بإصدار أوامر تنفيذية تلزم الوكالات الفدرالية، مثل إدارة الضمان الاجتماعي ووزارة الخارجية، بفرض قيود على إصدار وثائق أساسية للأطفال حديثي الولادة الذين لا يستطيع والدوهم إثبات وضعهم القانوني في الولايات المتحدة.
ويوضح كريكوريان في تقرير على شبكة "إن بي سي نيوز" أن هذا النهج مميز من منظور سياسي وقانوني لأنه لا يتطلب موافقة من الكونغرس. بعبارة أخرى، ترامب سيتجاوز الإجراءات التشريعية المعتادة وسيعتمد على صلاحياته التنفيذية كرئيس لفرض هذا التغيير.
ومع ذلك، يدرك كريكوريان أن هذه السياسة ستواجه دعاوى قضائية فورية، وهو ما يتوقعه ويعتبره هدفا ضمنيا. يرى كريكوريان أن رفع مثل هذه الدعاوى سيؤدي إلى إحالة القضية بسرعة إلى المحكمة العليا، حيث يمكن أن يعاد النظر في تفسير التعديل الـ14 للدستور المتعلق بالجنسية التلقائية بالولادة.
في الوقت الحالي، يفسر التعديل على أنه يضمن الجنسية لكل طفل مولود على الأراضي الأميركية، بغض النظر عن حالة والديه القانونية. وبالتالي، فإن هذا النهج يعد بمنزلة "اختبار قانوني" يهدف إلى تحدي التفسير التقليدي للدستور أمام المحكمة العليا.
إعلانواعتبرت المحامية إيما وينجر من مجلس الهجرة الأميركي، في نفس التقرير السابق، أنه إذا دخل قرار ترامب حيز التنفيذ فسيكون ذلك بمنزلة تحول جذري لأن النظام الحالي يستند إلى قاعدة راسخة وبسيطة، "الولادة على الأراضي الأميركية تعني تلقائيا الحصول على الجنسية والوثائق المرتبطة بها" حيث تعتبر شهادة الميلاد وحدها كافية، لكن مع القرار سيتطلب الأمر إجراءات إضافية للتحقق من أهلية الطفل للحصول على رقم الضمان الاجتماعي أو جواز السفر، مما سيجعل العملية أكثر تعقيدا لجميع الأسر، بغض النظر عن وضعها القانوني.
وقالت وينجر إن تغيير هذه القاعدة من شأنه أن يقوض الثقة في العملية القائمة، ويضع عبئا بيروقراطيا جديدا على كل أسرة لديها مولود جديد، "وسوف يكون هذا تحولا جذريا، حتى لو لم يتم إلغاء الحصول على الجنسية تلقائيا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حق المواطنة بالولادة فی الولایات المتحدة الجنسیة بالولادة على الجنسیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: لماذا لا يستطيع الغرب هزيمة الحوثيين دون تأمين موانئ اليمن؟
لقد كان ميناء الحديدة شريان حياة للمتمردين الحوثيين في اليمن لفترة طويلة. وفي حين يتلقى الحوثيون أيضًا أسلحة إيرانية عبر طرق التهريب عبر عُمان، فإن الأسلحة الإيرانية الأكثر تطورًا تدخل عبر الحديدة.
يعرف الحوثيون أن الميناء هو شريان حياتهم، ويعملون بشكل استباقي لضمان بقائه في أيديهم. ومع تكثيف السعوديين والإماراتيين لحملتهم لدعم الحكومة المعترف بها دوليًا ضد الحوثيين، دخلت الدعاية الحوثية في حالة من النشاط المفرط، وتضخمت من خلال المنافذ القطرية مثل الجزيرة التي أعطت الأولوية في ذلك الوقت لعداء قطر للسعودية والإمارات على الحقيقة. تقبل التقدميون في كل من الحزب الديمقراطي واليساريين الأوروبيين ومعظم المجتمع الإنساني على ظاهره خطهم القائل بأن تكلفة إخراج الحوثيين من الحديدة ستكون باهظة للغاية بحيث لا يمكن تحملها، خاصة إذا أوقف عمليات الموانئ وتسليم المساعدات الإنسانية.
دخلت الأمم المتحدة التي سعت إلى إشراك الأطراف المختلفة في الصراع في حوار لتخفيف المعاناة الإنسانية. وقد بلغت هذه العملية ذروتها في ديسمبر/كانون الأول 2018 في ما يسمى باتفاقية ستوكهولم التي تطلبت من الحوثيين، من بين أحكام أخرى، السماح لطرف ثالث محايد بإدارة الميناء، ثم استخدام العائدات من الميناء لدفع رواتب القطاع العام. وقد فشل الحوثيون منذ البداية في الالتزام بالاتفاقية. وطالبوا الميناء بالحفاظ على موظفيه، مما أدى فعليا إلى خلق وضع تدفع فيه الأمم المتحدة رواتب الحوثيين.
كان نظام التفتيش الذي بدأته الأمم المتحدة هو نوع الحل الذي يعطي الأولوية للرمزية على الفعالية والذي تخصصت فيه الأمم المتحدة: يمكن للسفن أن تذهب إلى جيبوتي للتفتيش قبل التوجه إلى الحديدة. ويمكن للأمم المتحدة بعد ذلك أن تؤكد أن مفتشيها وجدوا فقط سلعا إنسانية على كل سفينة. ومع ذلك، كانت الثغرة هائلة: إذا اختارت السفن عدم الإبلاغ للمفتشين، فلا يزال بإمكانها الذهاب مباشرة إلى الحديدة وتفريغ إمداداتها - غالبًا الأسلحة وغيرها من المواد المهربة - إلى عمال الموانئ الحوثيين الذين ينقلونها بسرعة بعيدًا.
كان لاتفاقية ستوكهولم وظيفة أخرى. لقد وفرت ذريعة لتجنب العمل العسكري. ولكن إذا كان بوسع العالم أن يزعم أن الاتفاق حل مشكلة تهريب الأسلحة عبر الحديدة وحل النقص الإنساني، فإنه قد يتجنب معركة وشيكة.
لكن رعاة الحوثيين الإيرانيين سعوا إلى التأمين. فقبل اتفاق ديسمبر/كانون الأول 2018، بدت قوات الإمارات العربية المتحدة متجمعة للسيطرة على المدينة. وكان للإماراتيين قوات في جنوب اليمن، وقاعدة عسكرية في بربرة، أرض الصومال، وسفينة قيادة بحرية قريبة.
في مايو/أيار 2019، بينما كانت الإمارات العربية المتحدة تستعد للاستيلاء على ميناء الحديدة الرئيسي الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن لتوجيه ضربة قاضية للمتمردين الحوثيين، قام عناصر يشتبه في أنهم من الحرس الثوري الإسلامي بتخريب أربع سفن في المياه الإماراتية باستخدام عبوات تحت الماء. وفي الشهر التالي، قام عناصر يشتبه في أنهم من الحرس الثوري الإسلامي بربط ألغام لاصقة بسفينتين، مملوكتين لشركة يابانية وأخرى نرويجية على التوالي. ولم تعترف أبو ظبي قط بالصلة بحادثة الألغام اللاصقة، ولكنها ألغت الهجوم على الحديدة في تتابع سريع وسحبت معظم قواتها من أرض الصومال القريبة.
في ديسمبر/كانون الأول 2015، حدد علي فدوي، رئيس الحرس الثوري الإسلامي - البحرية، خليج عدن على أنه ضمن الحدود الاستراتيجية لإيران. بالنسبة للإماراتيين، كانت الرسالة واضحة: قد لا يوافقون على الرؤية الاستراتيجية التوسعية لطهران، ولكن إذا ضربت الإمارات العربية المتحدة مصالح إيران في الحديدة، فإن إيران ستضرب الإمارات العربية المتحدة في خاصرتها.
بدلاً من إحلال السلام، أدى التلاعب بالحديدة إلى تمكين الحوثيين وتفاقم التهديد الذي يشكلونه على الشحن. إذا كانت الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والشركاء الدوليين الآخرين جادين في إنهاء التهديد الحوثي، فيجب عليهم إنهاء الوهم بأن اتفاق ستوكهولم يعمل وسد الثغرة التي تجعل التفتيش طوعيًا في الأساس. وبدلاً من إرسال إشارات الفضيلة عسكريًا بدوريات بحرية غير فعالة كما فعلت إدارة بايدن، يجب على الولايات المتحدة وشركائها حصار الحديدة، والسماح فقط للسفن التي تخضع لعمليات تفتيش حقيقية بالمرور.
يجب وقف جميع المدفوعات لعمال الموانئ التابعين للحوثيين؛ إن الحوثيين لا يتمتعون بشعبية في الحديدة، وسيطرتهم ضعيفة، وسيطرتهم سوف تنهار في المدينة الساحلية بشكل أسرع من انهيار حكم بشار الأسد في حلب ودمشق خلال الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام.
إن الضوابط الإنسانية مشروعة، ولكن طائرات أوسبري المتمركزة مؤقتًا في مطار بربرة في أرض الصومال يمكنها إسقاط الإمدادات جوًا، تمامًا كما فعلت الولايات المتحدة للأكراد السوريين أثناء حصار كوباني.
يرفض دونالد ترامب الانتشار الأمريكي المطول، ولكن كما تظهر حالة رئيس فيلق القدس الراحل قاسم سليماني، فإنه ليس رافضًا لاستخدام الجيش بالكامل. ترامب محق في معايرة السياسة بالواقع بدلاً من التفكير التمني. اليمن سيكون مكانًا جيدًا للبدء.
البلاد مهيأة لبداية جديدة، واليمنيون مستعدون وينتظرون أن يتبع الحوثيون حزب الله إلى النسيان.
يمكن الرجوع للمادة الأصل على موقع معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة ( (aei