شجرة عيد الميلاد واختبار الإرهاب
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعتبر شجرة عيد الميلاد رمزًا عالميًا للسلام والنمو والتجدد. لذا، فإن حرقها يُفترض أنها تمثل حاجزا للسلام، يحمل في طياته دلالات عميقة ومعانٍ متعددة أهمها طمس الهوية المسيحية في الشرق وتعد جزءًا من سلسلة أوسع من الهجمات على رموز دينية، مثلما حدث في السقيلبية، وهي مدينة سورية ذات أغلبية مسيحية بل تتجاوز الفعل المادي لتصل إلى مستوى رمزي نفسي واجتماعي وتحمل في طياتها العديد من التداعيات والرموز التي تتجاوز الحدث ذاته مع مراعاة الدلالة والتوقيت، وتلقي بظلالها على الوضع العام في البلاد، وتكرار الأفعال يساهم في تعميق الانقسامات الطائفية والمذهبية، بل تشكل تهديدًا حقيقيًا للسلم الأهلي والاستقرار ويمثل انتهاكًا صارخًا للحريات الدينية، ويؤكد على تدهور الوضع الإنساني بل ينبت بذور الكراهية والتطرف، ويشير إلى وجود أجندات خبيثة.
وتشير التقديرات أن عدد المسيحيين في سوريا، يتراوح بين ٢٠٠ ألف و٢ مليون نسمة. وهذا يعني أن عددهم حوالي ٢٪ من سكان البلاد، التي تقلصت هي نفسها بسبب تدفق اللاجئين الهائل، وكان يشكلون نحو ١٠% من سكان سوريا قبل الحرب، وَفْقًا لما قدمته الجمعيات الخيرية الدولية والمجتمعات المحلية، وفي حلب، تقلصت الأعداد إلى أقل من ٣٠ ألفًا من نحو ٥٠٠ ألف، وفقًا لبعض المجموعات، ولم يتبق سوى عدد قليل من المسيحيين في إدلب، بالشمال الغربي وكان العديد من المسيحيين قد فروا في بادئ الأمر من تقدم المتمردين في الشهر الماضي نحو حلب وحمص، ولجأوا إلى المناطق الساحلية ثم عادوا مرة أخرى إلي بيوتهم، والذين أصبحوا تحت حكم أحمد الشرع "الجولاني سابقًا"، فهل يمثل بديلًا أم تهديدًا؟، في أرض العنف، خرجت قصص المسيحيين كيف يزرعون بذور الأمل، وكيف واصلوا الصمود بين أنقاض الحروب، تلمع شمعة إيمان ودموعهم تختلط بتراب الأرض.
إن الرغبة في التدمير بحد ذاتها، تدفع لمزيد من رسائل الخوف والتهديد للأقليات وتطمس حقوق مسيحيى سوريا بطابع طائفي وهو ما تسبب في خروج المئات حاملين الصليب والقرآن الكريم يطالبون بحقوقهم المشروعة، وقالوا "سوريا حرة وعلى غير السوريين المغادرة"، في إشارة إلى المقاتلين الأجانب الذين قالت هيئة تحرير الشام إنهم يقفون وراء الهجوم، وكما أكد ذلك أهل المدينة الذين منعوا من إطفاء الشجرة أو الاقتراب منها، وحصول هذه المظاهرات العارمة في أماكن عدّة من سورية منددة بالحادثة ومتضامنة مع السقيلبية، وأيضا حديث أمين عام الأمم المتحدة جوتيريش أمس، فإن على المجتمع الدولي أن يتحسس الجمر تحت الرماد، وأن يلزم تجميع السوريين تحت لواء مدني يستعيد حقوقهم وهذا يقتضي حكمًا ترحيل مرتزقه الغرباء والأجانب وهجين بأيدلوجيات مختلفة التي قاتلت مع هيئة تحرير الشام من سوريا، منعا للمزيد من المشاكل مع المكونات السورية ومع الهيئات الدولية التي ما زالت تضعها تحت المجهر، والغريب أن يأتي هذا الفعل بعد أيام قليلة من تحرك أحمد الشرع لطمأنة الأقليات على أنها ستحظى بالحماية وَسَط مخاوف من فرض حكم راديكالي صارم، والذي يذكرنا بوعد جماعه الإخوان في مصر بنفس تفاصيله، ومن الواضح أن الحادث يعزز من مخاوف وضع الأقليات فى سوريا كهدف للفصائل الإسلامية في ظل الإدارة الجديدة، والتي رسبت في اختبار بسيط لتأمين الأعياد، فقد سعت هيئة تحرير الشام، الجماعة الرائدة والتابعة سابقًا لتنظيم القاعدة، في السنوات الأخيرة إلى إبعاد نفسها عن أصولها التطرف. وما دام الشرع زعم تحرير سوريا من التبعية الإيرانية، فلماذا لا يتابع ترحيل التركستان والإيجور والشيشان وغيرهم لبلادهم، مع أنهم على لوائح "الإرهاب" العالمي، بدل من ضمهم إلى الجيش السوري الجديد الذي أصبح مجنسًا يجمع كل من هب ودب لصفوفه، ويتساءل القاريء من الذي قاد هؤلاء المرتزقة لبلدة السقيلبية وكيف عرفوا أن هناك مجرد شجرة رمزيه بعد يوم واحد من تزيينها؟ لنترك الجواب للمشهد القادم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السقيلبية
إقرأ أيضاً:
بعد إحراق شجرة عيد الميلاد..المسيحيون في سوريا بين الترقب والخوف والتفاؤل
يراقب المسيحيون في سوريا أجواء عيد الميلاد وسط ترقب وخوف، خاصة بعد الإقدام على حرق شجرة عيد الميلاد.
ورغم ذلك، يسود شعور بالوحدة، والتفاؤل بين السوريين، مسيحيين ومسلمين، بتغيير حقيقي بعد انهيار نظام الأسد.وشهدت مدينة دمشق وعدد من المدن السورية خروج مظاهرات لمسلمين ومسيحيين بعد إحراق شجرة عيدالميلاد في مدينة السقيلبية، بريف حماة الغربي.
يحاولون تضخيم الأحداث التافهة لافتعال المشاكل، عن حرق شجرة الميلاد في السقيلبية بينما كان يحرق الناس أحياء بدون أي ردة فعل أو اعتراض. pic.twitter.com/ubLbNsIl2I
— Mooad Shaqour | مُعاذ شَقّور (@mooad_shaqour) December 23, 2024 وأبدى الأب أندرو باهي تخوفه من الأوضاع في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، قائلاً: "من حقنا أن نتخوف، لقد تعرضت أحياء مناطق شرق دمشق خلال السنوات الماضية لسقوط مئات القذائف وصمدنا في بيوتنا، لكن الآن لا تزال الأجواء غامضة هناك تضارب وتناقض بين الأقوال والأفعال".وأضاف باهي، وهو رجل دين في كنيسة بحي القصاع في دمشق "التصريحات التي صدرت من القيادة الجديدة في دمشق مطمئنة، وأكدت احترام جميع الطوائف والأديان، لكن بعض التصرفات والشعارات مصدر قلق لنا، والأيام القادمة هي المعيار ".
بدوره قال طوني مطانيوس، من حي باب توما بشرق دمشق ويعمل في محل لبيع المواد الغذائية: "لم يصدر من عناصر الفصائل، الذين يتجولون في أحياء دمشق، أي تصرف يسيء لنا، ولم يقوموا بعمل ضار ، لكن الجميع حذر ويترقب".
وأضاف "لم نقم بالزينة التي تزين المحال التجارية والمنازل التي اعتدنا عليها ولم يمنعنا أحد، لكن الكلام الذي نسمعه وينشر على بعض مواقع التواصل مخيف".
وأكد مطانيوس أن "سوريا بلدنا ونحن أبناء هذا البلد، لقد تحملنا ما حصل خلال 13 عاماً، على العكس نحن متفائلون بالتغيير ونراقب تصريحات القيادة الجديدة ونأمل أن تكون أفعالاً لا أقوال ".
"ليسوا سوريين".. حرق شجرة ميلاد في مدينة حماة يغضب المسيحيين في سوريا
لمشاهدة المزيد من الفيديوهات:https://t.co/qcjlLbfjwq pic.twitter.com/XldVnUrrL6
وتضيف ميداني، التي تعمل في مؤسسة حكومية "أغلب العاملين في المؤسسة التي أعمل بها يعارضون نظام بشار الأسد هم يعارضون الفساد والمحسوبيات في عهد مسؤولي النظام السابق، بعيداً عن الدين والطوائف".
وأكدت ميداني تفاؤلها بالقيادة الجديدة، قائلة: "لا يهمني أن كان الحاكم مسلماً أو مسيحياً يهمني أن يحكم شخص قلبه على الشعب ويريد الخير للشعب ويخدم الشعب ".
وشهدت العاصمة دمشق ليلة أمس مسيرات في عدد من الأحياء ضد حرق شجرة عيد الميلاد في مدينة سقيلبية، وقال سامر إلياس: "عندما وصلنا خبر إحراق الشجرة في مدينة السقيلبية، نزل الأهالي، مسيحيون ومسلمون، إلى الشوارع احتجاجاً على هذا العمل".
وأضاف "نعيش عائلة واحدة، يباركون لنا بأعيادنا ونبارك لهم أعيادهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، وهتف الجميع مطالبين بحماية المسيحيين في سوريا".
وأقدم مجهولون ليلة أمس على حرق شجرة الميلاد في الساحة الرئيسية وسط مدينة السقيلبية وخرج الأهالي بمظاهرة مطالبين بحماية المسيحيين .
وقال مصدر في الأمن العام في محافظة حماة: "ما وصلنا من التحقيقات الأولية أن شخصين قاما بعملية الحرق وقُبض على أحدهما والإدارة تعهدت بإعادة بناء الشجرة".
وأضاف "لا تزال التحقيقات في بدايتها، ولن نقبل الإساءة لأحد.. المسيحيون جزء من الشعب السوري ولن نقبل الإساءة لأي من مكونات الشعب السوري ".