هل ستنجح زيارة الوفد العماني لـ صنعاء في تحريك جمود المفاوضات اليمنية ؟ .. تقرير
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
بعد سيل من التهديدات التي أطلقها الحوثيون بتصعيد عسكري جديد ضد السعودية، بدأ وفد عماني زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، للقاء قيادات الحوثي، ضمن جهود دبلوماسية متجددة لتحريك المحادثات بشأن الأزمة اليمنية وإرساء السلام في البلاد.
وغالباً ما تبقى المحادثات سرية من دون تسريبات عن فحواها، فيما تتفاوت التقديرات لما يمكن أن تنتهي إليه، والتي جاءت متزامنة مع تحركات دولية بقيادة المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن.
وما زالت عُمان تستفيد من حيادها في الأزمة اليمنية، واعتبارها الوسيط المقبول من جميع أطراف الصراع، بما يمكنها من تحقيق اختراق نوعي يطوي صفحة الحرب في اليمن التي خلّفت كارثة إنسانية كبيرة، فهل يتحقق هذا الأمر أخيراً؟
وفد في صنعاء
بشكلٍ متسارع وخلال أيامٍ قليلة عادت التحركات الدولية المكثفة إزاء الأزمة اليمنية، بعد جمودٍ عاشته خلال ثلاثة أشهرٍ مضت، لتكون زيارة وفدٍ عُماني إلى صنعاء أحد أبرز التطورات الجديدة في هذا الملف.
ووصل وفد عُماني، (17 أغسطس 2023)، إلى العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، للقاء قيادات في الجماعة، في إطار وساطة تقودها مسقط لإنهاء الحرب في البلاد.
وقال محمد عبد السلام، المتحدث باسم جماعة الحوثي ورئيس وفدها التفاوضي، إن الوفد العماني وصل إلى صنعاء، وذلك "للتشاور مع القيادة وتقييم المرحلة واستئناف العملية التفاوضية وفي مقدمتها معالجة الملفات الإنسانية".
بدورها قالت وسائل إعلام "حوثية" إن الوفد العماني يحمل آخر مستجدات الوساطة التي تجريها عمان بهدف وقف الحرب في اليمن، وإمكانية تمديد الهدنة الإنسانية وصرف المرتبات.
وأضافت أنه من المقرر أن يلتقي الوفد العماني بعدد من قيادات المليشيا المتمردة لمناقشة سبل التسوية السياسية.
تحركات أممية أمريكية
لعل التحرك العُماني جاء غداة إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، التي حذر خلالها من استمرار القتال على عدد من الجبهات اليمنية، ومن تبعات التهديدات العلنية بالعودة للحرب، داعياً جميع الأطراف إلى الامتناع عن الخطاب التصعيدي.
وشدد في كلمة له أمام جلسة لمجلس الأمن حول اليمن (16 أغسطس) على ضرورة "التوصل إلى اتفاق سياسي، وترجمة حديث جميع الأطراف عن ذلك إلى التزامات فعلية للمضي قدماً بما يضمن استئناف عملية سياسية يمنية شاملة".
وكان المبعوث الأممي قد زار العاصمة العمانية مسقط (15 أغسطس 2023)، والتقى وكيل وزارة الخارجية العمانية للشؤون الدبلوماسية، خليفة الحارثي، ومسؤولين عمانيين آخرين، بالإضافة إلى لقاء منفصل مع رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمد عبد السلام.
وقال في بيان نشره مكتبه إنه "بحث الخطوات التالية من أجل الاتفاق على تدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وتنفيذ وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، والتوصل إلى تسوية سياسية جامعة من خلال عملية سياسية يقودها اليمنيون وتيسرها الأمم المتحدة".
وقبل تلك الزيارة كان غروندبرغ زار السعودية والإمارات (14 أغسطس) لبحث إطلاق عملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة، مع ضمان استمرار الجهود لتخفيف الأزمة الاقتصادية ومعاناة اليمنيين".
امتيازات للحوثي
يؤكد المحلل السياسي اليمني، محمد السامعي، أن "المعلومات المتوافرة تشير إلى أن وفداً عُمانياً فقط هو من وصل إلى صنعاء، على عكس الزيارة السابقة التي شارك فيها وفد سعودي برئاسة سفير المملكة لدى اليمن".
ونقل موقع"الخليج أونلاين"عن السامعي قولة بـ أن هذا الأمر "يؤكد وجود فتور واضح في ملف المشاورات بين السعودية وجماعة الحوثي، وربما أنها وصلت إلى طريق مسدود بسبب المطالب الحوثية المرتفعة، والتي رفضت التخلي عنها".
ويضيف: "الجميع يراهن على عُمان في أداء دور محوري ينهي الجمود والفتور الذي رافق الملف اليمني مؤخراً، ولذلك كانت البداية من خلال تحريك المياه الراكدة عبر المبعوث الأممي والأمريكي اللذين زارا دولاً خليجية بينها عُمان".
ويشير إلى أن الجميع يراهن على أن زيارة المبعوثين إلى الخليج، ووصول الوفد العُماني إلى صنعاء، وزيارة عبد اللهيان إلى الرياض "ستنعش المشاورات من جديد، وتبدأ التحركات لتقريب وجهات النظر بين السعودية وجماعة الحوثي للعودة إلى طاولة الحوار".
لكن السامعي في المقابل يعتقد أن هذا الحراك الكبير "لن ينتج عنه أي جديد سوى منح الحوثيين مزيداً من الامتيازات، دون تحقيق أي نجاح يصب في سبيل حلحلة الأزمة اليمنية تخرج البلاد من وضعها المتأزم منذ 8 سنوات".
تهديدات مكثفة
وخلال نحو شهرين أطلق الحوثيون تهديدات مكثفة بتصعيد القتال واستهداف السعودية، مع تحشيداتهم العسكرية في المدن والسواحل التي يسيطرون عليها، والعودة إلى حالة الحرب في البلاد التي تشهد هدنة.
وأحدث تلك التهديدات ما جاء على لسان زعيم الجماعة المتمردة في اليمن عبد الملك الحوثي (12 أغسطس 2023)، بتهديده باستهداف "مدينة نيوم"، أهم المشاريع السعودية العملاقة التي وجهت كل إمكاناتها للمضي قدماً نحو تدشينها ضمن "رؤية 2030".
كما أطلقوا جملة من التهديدات التي أكدت عزمهم على تطوير ترسانتهم العسكرية البحرية، وكشفوا عن إجراء تجارب على صواريخ وزوارق، في رسالة موجهة للخصوم المحليين والإقليميين بأن قواعدهم في البحر الأحمر والمحيط الهندي تحت مرمى نيران الحوثيين الصاروخية والطيران المسيّر.
ولعل التهديدات الحوثية جاءت بعد توقف المفاوضات مع السعودية منذ نحو ثلاثة أشهر، كما بدت الجهود المبذولة إقليمياً ودولياً لإحلال السلام في اليمن خلال تلك الفترة شبه متوقفة، حيث كان من المتوقع أن يحقق التقارب الإيراني السعودي نجاحاً حاسماً بإنهاء الحرب نهائياً.
وكان الوفدان، العُماني والسعودي، قد زارا صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثي، وهي الزيارة الأولى بالنسبة للسعوديين منذ بدء الحرب، والتقيا بقيادات جماعة الحوثي، في 9 أبريل الماضي، تتويجاً لجهود الوساطة العمانية والجهود الدولية المكثفة التي بذلتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي لإحلال السلام في اليمن، غير أنهما لم يلتقيا لاحقاً كما كان مخططاً.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
تقرير دولي صادم: مخاطر تهدد مستقبل اليمن!
شمسان بوست / متابعات:
أكد تقرير حديث أن اليمن التي تعاني بالفعل من عقد من الصراع، تواجه مخاطر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، مما يؤدي إلى تكثيف التهديدات القائمة مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي.
ويسلط تقرير المناخ والتنمية في اليمن الصادر حديثًا عن مجموعة البنك الدولي الضوء على الحاجة الماسة للاستثمارات المستجيبة للمناخ لمعالجة التحديات العاجلة المتعلقة بالمياه والزراعة وإدارة مخاطر الكوارث، مع مراعاة الظروف الهشة والمتأثرة بالصراع في البلاد.
ويواجه اليمن ارتفاع درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وأحداث الطقس المتطرفة بشكل متكرر، مع تأثيرات كبيرة على السكان الأكثر ضعفاً وآفاقهم الاقتصادية. نصف اليمنيين معرضون بالفعل لخطر مناخي واحد على الأقل – الحرارة الشديدة أو الجفاف أو الفيضانات – مع تأثيرات مركبة على انعدام الأمن الغذائي والفقر.
ومن المتوقع أن تشتد هذه المخاطر دون اتخاذ إجراءات فورية وقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بمعدل 3.9٪ بحلول عام 2040 في ظل سيناريوهات مناخية متشائمة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية وتلف البنية التحتية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، يحدد التقرير فرصاً استراتيجية لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وإطلاق العنان للنمو المستدام. على سبيل المثال، يمكن للاستثمارات المستهدفة في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، إلى جانب تقنيات الزراعة التكيفية، أن تؤدي إلى مكاسب إنتاجية تصل إلى 13.5% في إنتاج المحاصيل في ظل سيناريوهات مناخية متفائلة للفترة من 2041 إلى 2050. ومع ذلك، لا يزال قطاع مصايد الأسماك في اليمن عرضة للخطر، مع خسائر محتملة تصل إلى 23% بحلول منتصف القرن بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر.
وقال ستيفان جيمبرت، مدير البنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي: “يواجه اليمن تقاربًا غير مسبوق للأزمات – الصراع وتغير المناخ والفقر، مشيرًا إلى أن اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بشأن القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ هو مسألة بقاء لملايين اليمنيين”.
وأضاف: “من خلال الاستثمار في الأمن المائي والزراعة الذكية مناخيًا والطاقة المتجددة، يمكن لليمن حماية رأس المال البشري وبناء القدرة على الصمود وإرساء الأسس لمسار التعافي المستدام”.
وقال إن كافة السيناريوهات المتعلقة بالتنمية المستقبلية في اليمن سوف تتطلب جهود بناء السلام والتزامات كبيرة من جانب المجتمع الدولي. وفي حين أن المساعدات الإنسانية من الممكن أن تدعم قدرة الأسر على التعامل مع الصدمات المناخية وبناء القدرة على الصمود على نطاق أوسع، فإن تأمين السلام المستدام سوف يكون مطلوباً لتوفير التمويل واتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ على المدى الطويل.