خيبة أمل لمحبي أجهزة «كروم بوك».. جوجل تلغي مشاريعها مع NVIDIA
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
عمل شركة "جوجل" الأمريكية منذ فترة على مشروع لطرح أجهزتها الكروم بوك Chromebook الجديدة مزودة ببطاقات رسومات جرافيك من شركة إنفيديا NVIDIA مدمجة، ومع ذلك، تشير أحدث التقارير إلى أن المشروع قد تم إلغاؤه، وبالتالي لن يحصل محبو الـ"كروم بوك" على أجهزة مدعمة بشريحة معالجة الرسوميات القوية المخصصة للألعاب.
انتهى حلم الحصول على جهاز Chromebook للألعاب من "جوجل"، وبالتالي ألغت جوجل مشاريع تقديم أجهزتها الثالثة المنتظرة بأسماء "Herobrine و Hades و Agah"، مع شريحة إنفيديا، وبالفعل ألغت Google تطوير ثلاث لوحات كروم بوك تم تصميمها لدعم شرائح Nvidia. هذه أخبار مخيبة للآمال لأولئك الذين كانوا يأملون في الحصول على أجهزة Chromebook أقوى للألعاب.
رغم الأنباء السيئة على الأرجح سوف تستمر جوجل في طرح أجهزة Chromebook في المستقبل مع وحدات معالجة رسومات مخصصة. كشف تغيير كودي عن وجود لوحة تحمل الاسم الرمزي "Aurora". يُعتقد أن هذه اللوحة مخصصة لأغراض اختبار Steam الداخلي وليست جهازًا حقيقيًا ، ولكنها تحتوي على بطاقة رسومات RTX 3050. لذلك ، قد يستمر العمل لجعل Steam على نظام ChromeOS متوافقًا مع وحدات معالجة الرسومات المخصصة.
إلى جانب إلغاء شرائح كروم بوك التي تعمل بنظام Nvidia ، ألغت جوجل أيضًا تطوير أجهزة Chromebook التي تدعمها معالجات من "كوالكوم" وتحديدا شريحة Snapdragon 7c + Gen 3 من الجيل الثالث، وهذا يعني أنه لن تكون هناك أجهزة لوحية بنظام ChromeOS في المستقبل القريب.
التغييرات الكبيرة والجذرية التي تتبعها "جوجل" تكشف بوضوح أنها لا تريد الاعتماد على شرائح الشركات الأخرى وعلى الجمهور من محبي أجهزة الكروم بوك الاعتماد على الرسومات المدمجة لإدارة متطلبات الألعاب.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
المترجم سامر كروم: لماذا ينبض الأدب الروسي بحب العرب؟
في سوق ترجمةٍ عربيّ تحكمه العجلة والربح والتدخلات ويضعُف فيه التمويل، حملنا أسئلتنا للمترجم سامر كروم وسألناه، لماذا يحب العرب الأدب الروسي ودوستويفسكي؟
كروم الذي يعرّف عن نفسه بأنه عبد فقير ساعٍ إلى فهم نفسه وتزكيتها وتطهيرها، وهو حاصل على درجة الماجستير في الترجمة التحريرية والفورية، ويعمل في هذا المجال منذ 20 عاما.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فرید عبد العظیم: كيف تتحول القصة القصيرة إلى نواة لمشروع روائي متنوع؟list 2 of 2أدب الأسرى الفلسطيني مقاومة ثقافية ولدت من قلب السجونend of listبدا كروم أشبه برحالة داخل نصوص الأدب الروسي، يسبر أغوار النفس البشرية عبر تولستوي ودوستويفسكي، وينقل إلينا دروسهم كما لو كانت رسائل شخصية لنا نحن المزدحمين بالضجيج، وكانت بدايته من صحف الرياضة، إذ كان المراهق اللبناني المولع بكرة القدم يلتهم صفحات "الوطن العربي"، قبل أن يسحره أستاذ الفلسفة ويقوده نحو جبران خليل جبران. هناك، في مكتبة متواضعة في بيت أحد الأقارب، ولدت الشرارة التي لم تنطفئ منذ ذلك الحين.
كروم اليوم لا يكتفي بالقراءة، بل يترجم، ويقدّم مراجعات أدبية، ويشرح الأدب الروسي عبر قناته الهادئة على يوتيوب، حيث يأمل أن يوقظ شغفًا راكدًا في قلوب محبي الأدب، ولديه اهتمام بمطالعة الأعمال الفلسفية والدينية والأدبية، لا سيما الأدب الروسي. فإلى الحوار:
لماذا اتجه سامر كروم إلى ترجمة الأدب الروسي تحديدا؟ إعلانالسبب الرئيس في ذلك هو أنني عشت في روسيا ردحا من الزمن، شربت من مائها وتأثرت بجمالها وشعبها، وفنونها وثقافتها وكتّابها.
أما الترجمة فقد حصل ذلك متأخرا عندما قرأت كتاب تولستوي (اعتراف) باللغة الإنجليزية في بريطانيا، وقررت نقله إلى العربية إذ شدني تولستوي بصراحته وحسه الفلسفي الديني في كل ما يكتب، فكانت تلك انطلاقة أعقبتها ترجمات لأعمال أخرى منها: مقتل إيفان إيليتش، الشيطان، يمهل ولا يهمل، الأب سيرغيه، أينما وُجد الحب فثم وجه الله، الحاج مراد، المعطف، تولستوي: الأديب والإنسان، إلخ.
لا أدري ما الأسباب التي دعت غوارديولا إلى الانفصال؛ فـ"البيوت أسرار" كما يقال، لكن بحسب ما قرأت قيل إن السبب الرئيسي للانفصال هو هوسه بالعمل وتجديد عقده مع النادي.
الأمر الذي أزعج زوجته فحزمت حقائبها وعادت أدراجها إلى برشلونة. وإذا ما افترضنا أن غوارديولا كان أنانيا في قراره وانهماكه في العمل حتى أذنيه، فإن ذلك يمكن أن يتقاطع مع أنانية إيفان إيليتش الذي كان يريد أن يعيش من دون منغصات، وكان يهمل زوجته ويغوص في عمله هربا منها، حتى إنه كان يعمل في المنزل أيضا ويمضي ساعات وراء مكتبه.
ويختلف إيفان إيلتش في أنه خاض رحلته الروحية، ووصل إلى النور بعد أن أصيب بمرض عضال (يقال إنه السرطان)؛ مرض أقعده وجعله يغير من طريقة تفكيره الأنانية، ليرى ما حوله ويراجع علاقاته مع محيطه لا سيما مع زوجته وابنته اللتين كانتا تعيشان حياة لهو وسهر وتسوّق ولم تكونا تكترثان به.
إعلانمع ذلك فهم إيفان أخيرا أنه هو المذنب، فهم أن حياته شابها كثير من الأخطاء -بعد أن كان مقتنعا بأنها كانت خالية تماما من أي أخطاء- كالأنانية والمظاهر والتفكير السطحي وحب المال وعدم القدرة على التعاطف مع الآخرين… إلخ.
فهم إيفان إيليتش أنه كان عليه أن يهتم بمن حوله على نحو أفضل، وأنه يجب أن يتشبث بقيم الحب والشفقة والتعاطف والتراحم لكي ينجو.
لا أدري إذا ما كان باستطاعة غوارديولا -أو أي شخص منا- أن يراجع حياته ويستعرض تفاصيل علاقته بزوجته ويكتشف أخطاءه ويصل إلى الحقيقة كما فعل إيفان إيليتش قبل فوات الأوان.
كيف بدأت رحلتك مع الأدب إجمالا؟في ريعان الشباب كنت مهتما بقراءة صحيفة "الوطن العربي" الرياضية، إذ كنت مهووسا بكرة القدم، وبعدها بدأ اهتمامي بالفلسفة عموما بفضل أستاذ مادة الفلسفة في الثانوية، التي كانت تدرَس باللغتين الإنجليزية والفرنسية في لبنان.
ثم صادف أن زرت أحد أبناء عمومتي وكان يحتفظ بمكتبة متواضعة في داره؛ فلفتت انتباهي مجموعة قصصية لجبران خليل جبران، استعرتها وقرأتها فولّدت لدي انطباعا رهيبا وأثرت في كياني أيما تأثير، ومنذئذ وأنا أبحر في عالم القراءات الفلسفية والدينية والأدبية.
الأدب الروسي -لا سيما أدب العصر الذهبي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر- يهتم بالإنسان وما يعتريه من مشكلات، وما يعترض سبيله من تحديات، وما يعتمل في صدره من مشاعر، وما يدور في رأسه من أفكار وما يأكل وما يشرب، وكيف يلهو، وكيف يقترف الأخطاء وكيف يتوب.. إلخ.
إعلانفالشخصيات في الأدب الروسي تشبهنا، وهي صالحة لكل زمان ومكان -وهذا في اعتقادي سر جمال الأدب الروسي- لأنها تتبع خطوطا درامية تمر في محطات مختلفة تتطور من خلالها وتتغير وتتقلب، لتصل إلى خط النهاية الذي عادة ما يعكس تطهيرا للروح وتقربا من الله.
أما الباب الذي يمكن أن يدخل القارئ من خلاله إلى الأدب الروسي فأنصح بأن يمر عبر تولستوي، العبقري الذي فهم النفس البشرية أكثر من أي عبقري آخر. أضف إلى ذلك أن لغته سهلة. يمكن البدء برواية "مقتل إيفان إيليتش"، أو "الحاج مراد"، أو القصص القصيرة التي كتبها مثل "الشيخان"، أو "الأب سيرغيه"، وصولا إلى ملحمته "الحرب والسلام"، الرواية التي تعكس الحياة بجميع تفاصيلها وتعرجاتها وتفرعاتها.
وأنصح من يرغب بقراءة دوستويفسكي أن يبدأ برواية "الفقراء"، أو "الليالي البيضاء"، وأن يتجنب البدء برواية "الجريمة والعقاب" أو "الإخوة كارامازوف"، أما تورغينيف فيجب قراءة عمله "آباء وبنون"، وقراءة "بطل من هذا الزمان" لليرمنتوف، ولمن يتذوق الشعر فعليه ببوشكين، بالإضافة الى أن ثمة أعمالا عظيمة لنوبوكوف وبولغاكوف وغونتشاروف وبسترنياك وتشرنشفسكي وغيرهم.
أبرز التحديات التي تواجه المترجم الأدبي؟ مؤهلات المترجم: لم يعد مبالغا القول إن عددا لا يستهان به ممن يعملون في مجال الترجمة لا يمتلكون المهارات والخبرة الضروريتين للترجمة، ولا يلمّون كثيرا بالمجال الذي يترجمون فيه. وهنا يتحمّل فيه بعض الناشرين مسؤولية كبرى لأنهم في سعيهم لتحقيق سبق أو ربح سريع يلجؤون إلى مترجمين يتقاضون أجورا بخسة ويُصدرون أعمالا مترجمة بلا مراجعة أو تدقيق تفتقر إلى معايير التقييم، سواء من ناحية السلامة اللغوية أو الأمانة العلمية، فيسيئون -في آن واحد- إلى المؤلف والقارئ معا. فوضى سوق النشر: إن سوق النشر متفلّت من عقاله، فلا مراقبة ولا ضوابط، والأمثلة على الكتب المترجمة أكثر من مرة لا تحصى. قد يعود السبب لعدم وجود قاعدة بيانات تضم كل ما تُرجم ومتى وأين، يستدل بها الناشرون والمترجمون، وقد يعود أيضا للاستسهال وعدم وجود مساءلة، فتُعاد طباعة بعض الكتب المترجمة مع تعديلات طفيفة بغية الربح السريع. فضلا عن أن بعض دور النشر تتعاقد مع مجموعة من المترجمين ليترجموا أجزاء أو فصولا من العمل لنشره في السوق بالسرعة القصوى بغية الربح السريع أيضا، مما يؤثر سلبيا على محتوى الترجمة التي تكون في معظم الأحيان ركيكة تختلف في فصولها بحسب اختلاف المترجم. ضعف عمليات التمويل وتداخل السياسي بالثقافي: بحيث إن هناك موضوعات لا تجب مقاربتها ولا يُسمح بترجمتها، خاصة فيما يتعلّق بالأنظمة السياسية القائمة أو المرأة أو الدين، هذا بالإضافة إلى أن بعض الهيئات ترى أن اللغات الإنجليزية والفرنسية هي لغات التقدم ويجدر تحسين تدريس اللغات الأجنبية بدل بذل جهود مضنية في الترجمة قد لا تؤتي ثمارها. إعلانبالإضافة طبعا إلى التحديات التقنية التي تتلخص في ترجمة أسماء الشخصيات التي قد لا يستسيغها المتلقي العربي -لا سيما إذا كانت روسية- وترجمة المصطلحات القديمة التي تعود إلى القرن التاسع عشر (في الأعمال الروسية الكلاسيكية) التي تحمل خاصية ثقافية روسية لا مقابل لها في السياق العربي. علاوة على ترجمة النصوص الدينية مثلا في أعمال كل من تولستوي ودوستويفسكي والفقرات الطويلة الركيكة أحيانا التي تعكس أسلوب الرجلين في بعض رواياتهما.
لو طلبت منك ترشيح عدد من الروايات المترجمة التي لم تحظ بشهرة في عالمنا العربي.. ما أهم تلك الروايات؟ ولماذا؟أرشح رواية "أبلوموف" للكاتب الكبير إيفان غونتشاروف، هذه الرواية لا يعرف عنها الكثير من القراء في عالمنا العربي رغم أنها رواية في غاية الجمال، وفيها من التندر والفكاهة ما فيها.
وتعالج موضوعا مهما للغاية يعكس التضارب بين السكون والحركة، وكيف يمكن للكسل وانعدام الحركة (الذي يمثله بطل الرواية) أن يعد عملا نافعا، لا سيما أنه يبعد صاحبه عن إلحاق الأذى بالآخرين سواء بالقول أو الفعل.
تعمل مترجما فوريا في عدد من وسائل الإعلام الدولية.. لو تطلعنا على كواليس بعض المواقف التي لا تنسى في مسيرتك، أخطاء أو مواقف طريفة.من المواقف الطريفة أننا كنا نستضيف جنرالا أميركيا نزقا في برامجنا الحوارية، وكان يطلب ترجمة كل شيء تحت الشمس؛ فبمجرد أن يجلس على الكرسي ويشاهد الشاشة يطلب ترجمة مقدمة البرنامج وفحوى التقرير ومداخلات الضيوف الآخرين… إلخ.
كنت أتأهب دائما عندما يأتينا هو بالذات ضيفا على الشاشة، وفي الوقت ذاته أستعيذ بالله من شر الشياطين. وفي مرة من المرات أتوا به في وقت مبكر وقد بدأ الموجز الإخباري، وبعد الترحيب به تحت الهواء طلب مني ترجمة ما يقال كالعادة؛ فقلت له لم يبدأ البرنامج بعد أرجو أن تصبر علينا، فأصر وطلب مني الترجمة.
فقلت له هذا موجز للأخبار، فأصر على طلب الترجمة! قلت له لن أترجم لك إلا وقت بدء البرنامج، فقال سأقفل سماعة الهاتف وأفصل الإنترنت. وبين كر وفر ولحسن الحظ كان البرنامج قد بدأ فقدمته مباشرة وقلت له أنت على الهواء (حتى قبل بداية المقدمة) مخافة أن يفصل الخط ويقدم شكوى بحقي، فما لبث على الفور أن ابتسم ملء شدقيه -من الأذن حتى الأذن- لأنه اعتقد أنه ظهر على الشاشة.
بعدها بلحظات بدأ التقرير فباشرت بترجمة كل شيء -حتى سعال مقدمة البرنامج- وانتهت الحلقة على خير ما يرام، رغم أنني شكرته في نهاية البرنامج بنبرة فيها من الجفاء ما فيها، وكأنني أقول له: فلتذهب إلى الجحيم!
إعلانوفي مناسبة أخرى كان ضغط العمل لا يطاق وكنت في وردية العمل بمفردي. وقد بدأت منذ الصباح بترجمة تقرير أممي طويل في مجلس حقوق الإنسان قرأته بسرعة فائقة أنييس كالامار، المقررة الخاصة السابقة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء.
من ثم ترجمت جلسة طويلة في مجلس العموم عن "عقوبة الإعدام في البحرين"، وبعدها مؤتمر صحفي طويل أيضا لمنظمة الصحة العالمية. وما إن أتى المؤتمر الصحفي لأنييس كالامار مجددا حتى خارت قواي.
بدأت بالترجمة ولاحظت خطأ في الشريط الإخباري على شاشتنا (الأستون) فأردت الحديث إلى المنتج لإصلاحه. فتحدثت معه وميكروفون الهواء ما زال مفتوحا. وقلت "يا حاج فلان.. يا فلان.. يا فلان"، وبعدها انتبهت إلى لاقط الصوت (الميكروفون) فتداركت الأمر.
بَيد أن مشرف الوردية (الشيفت) هرع إلى غرفة الترجمة، وأرسل تقريرا بما حدث؛ فأوصلها للمسؤولين الأفاضل، فجاءني "لفت نظر" ظلما وعدوانا، ولله الحمد، رغم أن أصل المسألة الإرهاق وفقدان التركيز لثوان معدودات.
أعتقد أن المجال البحثي ودراسة الظواهر الأدبية في عالمنا العربي لا يقارن -مع الأسف- بالمجال البحثي في الدول الغربية، حتى إن الترجمات شحيحة. في الغرب، ترجمت أعمال تولستوي ودوستويفسكي وغيرهم من الكتاب الكلاسيكيين عشرات المرات، إن لم أقل مئات المرات.
فهذه الأعمال العظيمة يعاد إنتاجها عن طريق ترجمات متعددة عبر دور نشر مختلفة تثري الخريطة الأدبية في السوق الغربية.
أما في العالم العربي فإن دور النشر يرثى لها، لأنها تعاني من أزمة تمويل خانقة، وتعكس -لسوء الطالع- حالة الهوان والتردي التي تعيشها معظم الدول العربية، ليس فقط على الصعيد الثقافي، بل على الصُّعد كافة، رغم وجود مبادرات رائعة في بعض الدول العربية الثرية، لكنها لم ترتق بعد إلى مستوى طموح الجماهير.
إعلانلذا، فقد واجهت شخصيا صعوبات كبيرة في نشر ترجماتي المتواضعة لبعض أعمال تولستوي. والحجة دائما هي أن أعماله ترجمت من قبل، أو لن يأتي الكتاب بمدخول يغطي تكلفة طباعته، أو أن العمل كبير الحجم ولن يلقى رواجا في السوق، أو أن أبناء الجيل الجديد عزفوا عن قراءة الأعمال الكلاسيكية… إلخ.
لذلك أقول إن تولستوي كان له حظوة لدى الأجيال السابقة، لا سيما بين معاصريه في العالم العربي من أمثال المنفلوطي ومحمد عبده وغيرهما، أما الجيل الجديد فأعتقد أن اهتمامه ضعيف للغاية بالأعمال الكلاسيكية عموما.
قراءة الأدب الروسي المترجم ما زالت تثير الجدل، لا سيما أن بعض المترجمين نقلها للعربية عبر وسيط (الفرنسية، الإنجليزية)، ما أبرز الفروق التي لمستها من خلال متابعتك الحثيثة لهذا الملف؟ ولماذا قررت ترجمة بعض الكتابات الروسية دون غيرها؟ وما جديدك في عالم الترجمة والإبداع؟لا أعتقد أن ثمة فرقا كبيرا في ترجمات الأدب الروسي من اللغة الفرنسية أو الإنجليزية مقارنة مع الترجمات من الروسية مباشرة، وأستشهد بناقد روسي كبير (مستعرب) كان قد قرأ ترجمات سامي الدروبي لدوستويفسكي فقال "لو كتب دوستويفسكي باللغة العربية لما كتب أفضل من النصوص التي ترجمها الدروبي".
بالطبع، قد يفوت المترجم بعض التفاصيل الدقيقة، ولكن الترجمات الأدبية في عمومها تنطوي على مسحة من الحرية، فهي ليست نصوصا قانونية جامدة ينبغي أن تترجم حرفيا.
أما عن جديدي في عالم الترجمة فهو (سيرة حياة تولستوي) التي نشرت في الآونة الأخيرة، وتقع في 570 صفحة باللغة العربية، وأبحث كذلك عن كتاب قيم من العيار الثقيل لأترجمه بإذن الله في الأعوام المقبلة.
نعم، هذا صحيح! أحاول في حقيقة الأمر أن أسلي نفسي عبر هذه القناة، وأراجع ما أقرؤه بطريقة منظمة منتظمة، رغم أنني أعاني من "نوبات كسل أبلوموفية" تهاجمني في بعض الأحيان.
أضف إلى ذلك أنني أركز على المواضيع الجادة الرصينة العميقة التي قد لا تلقى رواجا في صفوف شباب اليوم.
القناة نخبوية إلى حد ما، وأعداد متابعيها متواضعة للغاية مقارنة بالقنوات الأخرى، لكنني سعيد بوجودها لأنها توفر لي مساحة لعرض ما لديّ بطريقة هادئة رصينة تروق للمتابعين والدارسين والأكاديميين، وأتشبث بهؤلاء وأحترم كل فرد فيهم، وأبذل جهودا مضنية في التحضير لكل حلقة، وألتزم قيم الصدق والشفافية في تقديم المحتوى.
بالإضافة إلى أنني أحاول منذ فترة التحضير لإطلاق بودكاست خاص بي أحاول من خلاله أن أستضيف أشخاصا من مشارب مختلفة لمحاولة إذكاء الوعي في قضايا مختلفة تهم الشباب والكهول والشيوخ على حد سواء، والله ولي التوفيق.
لماذا تعد قراءة أعمال دويستويفسكي من الواجبات؟لا أدري! ربما لأن دوستويفسكي عاش حياة حافلة بالصعوبات، فهو عانى من الصرع وهوس القمار وتراكم الديون وضيق الحال والجوع والخوف والتوتر وأشكال المعاناة كافة.
وقد واجه الموت عندما حكم عليه بالإعدام ونجا من ذلك بعفو من القيصر (وهي في الأساس كانت مسرحية من تدبير القيصر نفسه)، وشكلت تلك التجربة أساسا لكل كتاباته العميقة؛ فقطع على نفسه عهدا أمام الله بأنه لو نجا من الموت سيفني حياته في الكتابة وحب الحياة، وقد أوفى بوعده فعلا، ولم يضيع الوقت فكان ملتزما بالكتابة، وقد أجهد نفسه في ذلك (أضف إلى ذلك أنه كان مدخنا شرسا) حتى وفاته.
ودوستويفسكي من أولئك الذين يؤمنون بأن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى الخلاص إلا من خلال المعاناة، ومن منا نحن البشر لا يعاني في هذه الحياة؟! لذلك، أعتقد شخصيا بأن المهتمين بكتابات دوستويفسكي في العالم العربي ينتمون إلى فئة المعذبين في الأرض.
إعلانأولئك الذين يستلذون بسبر أغوار النفس الإنسانية. وتتطرق كتاباته إلى مواضيع كونية كالخير والشر، والجريمة والعقاب، والإيمان والإلحاد، والرذيلة والفضيلة، والخطيئة والتوبة، وهذه مواضيع تجتذب الجميع.
وتلقى كتاباته رواجا في جميع أقطاب المعمورة لأنها أيضا تصطبغ بصبغة الدين والتدين، والتدين فطرة غريزية زرعها الله في جوهر كل فرد من أفراد البشرية، كما أنه عبقري في النأي بنفسه -ككاتب- عن محتوى ما يكتب، فهو يعرض المحاجة في رواياته والمحاجة المضادة من دون أن يميل إلى هذه دون تلك، وهذا ما يضيف جمالا آخر إلى أعماله.
لا شك أننا نعيش في عالم الصورة، ولا شك أن النصوص المكتوبة قد تراجع بريقها لا سيما أن الجيل الحالي منهمك بالوجبات الثقافية السريعة، ولا صبر له على المطالعة، اللهم إلا المحظوظ منهم.
أما كيف نغرس حب القراءة في نفوس أولادنا ففي اعتقادي يبدأ من التزام الأب أو الأم أو الجد أو الجدة بالمطالعة أمام الطفل ليعتاد على هذا المشهد، لتميل نفسه لاحقا إلى المطالعة، فالأسرة التي تقرأ تلد أولادا يقرؤون بلا شك، والولد يدخل عالم القراءة بلا وعي من خلال ملاحظته للنور الذي ينبعث من تحت باب مكتب أبيه في المنزل ليلا أو نهارا.
ثمة مشكلة أخرى يعاني منها الجيل الحالي وهي طغيان اللغة الإنجليزية على حياتهم، وذلك لسلاسة المحتوى الإنجليزي على عكس المحتوى العربي، الذي يمكن أن يكون جافا صعبا ينفر منه الأولاد.
لذا، علينا أن نبسط هذا المحتوى لنجعله جاذبا لهم، وعلينا أن نقرأ لهم وننمي فيهم روح الانتماء إلى الأمة العربية والدين من خلال اللغة، وعلينا أيضا أن نختار بعناية ما يمكن أن يقرؤوه، ولتكن قراءتهم استكشافية ترفيهية لكي تتسلى قلوبهم فيحبوا اللغة ويلتزموا بدراستها.
إعلان يرى بعض المهتمين بالأدب أن حجم الروايات الكبير لعدد من روائع الأدب الروسي يحول دون الإقبال عليها.. ما تعليقك؟هذا صحيح لا سيما أن الرواية الروسية تبدأ بعرض الموضوع الأساسي بعد الصفحة الثلاثمائة من الرواية، ولا ننسى أن بعض الروائيين الروس كانوا يعيشون من ريع تلك الأعمال التي كانت عادة تنشر في صحف محلية على نحو دوري أسبوعي أو شهري. وبالتالي، حجم ما ينشر كان يؤدي دورا في زيادة الريع أو نقصانه.
دوستويفسكي كان يحصل على 300 روبل عن كل ملزمة (أي صفحة كبيرة: 10 صفحات تقريبا بلغة اليوم)، لذا كان يوسع من كتاباته في بعض الأحيان ليحصل على المال لأنه كان يقتات من ريع أعماله بعكس تولستوي وتورغينوف وآخرين ممن كانوا أرستقراطيين لا يحتاجون إلى المال أصلا.
أضف إلى ذلك أن لعنة وسائل التواصل الاجتماعي واستهلاك المواد السريعة القصيرة من الجيل الحالي تؤدي إلى نفاد صبرهم وتشتت أفكارهم؛ فكيف لهم أن يركزوا على رواية تقع في أكثر من 600 صفحة (يذكر أن الترجمة العربية الأصيلة للحرب والسلام تمتد على 2380 صفحة في 4 مجلدات).