أكتر مشهد جذب الثوار بعد سقوط نظام البشير هو خروج دكتور الاصم من معتقلات جهاز الأمن وهو محمولاً على الأكتاف ...
كان لابس كويس ، نفس القمصان الكروهات ، لكنه ترك شعره بلا تمشيط أو دهن ...
وكان يتمتع بصحة جيدة ولا يبدو عليه أنه تعرض للتعذيب
دكتور الاصم ما حصل حكى كتير عن المعاملة في السجن ...
وما كان مثل الاستاذ معاذ خيال ، الديناري إبن الأبيض وطالب التربية في جامعة الخرطوم والمنتسب للجبهة الديمقراطية، وهو من شهود العشرية الأولى لنظام الإنقاذ
كنا في معتقل عمارة موبيل نطلق على الاستاذ معاذ لقب " حمار الجلد " حيث عُرف بشدة التحمل للضرب والتعذيب .
حيا الله الاستاذ معاذ خيال الشجاع اينما حل واينما أرتحل والتاريخ مهم قيل وزُعم أنه يكتبه المنتصرون ولكن نضالات الأخ معاذ ووقفته الشجاعة لن ينساها الأوفياء الذين شاركوه رحلة بيوت الاشباح ..
فقد إنقطع ذكره وغابت أخباره وهو المناضل الوطني الذي تحدث في أركان النقاش عن الثورة المسلحة لمواجهة تنظيم الإخوان المسلمين
لكن الطلس الكبير كان خروج عثمان ميرغني والذي ظهر مع أحمد هارون وأمامه صحن فول مدمس وتسالي وبلح وعصير ميرندا ومغ شاي و قاروتين موية صحة سعة 700 ملم ...
الكنب المكتبي كان وثيراً ومريحاً يجعلك تحس أن عثمان ميرغني في مكتب وكالة سفر وسياحة وليس خارجاً من معتقل
وظهر وهو اشيب الراس ومن دون أن يضع صبغة الشعر كما يفعل الآن رغم أن البصيلات عراها الزمن وأصبحت غير مفرزة للهرمونات ، وظهر وهو بجلابية بيضاء وهو يستمع بإهتمام للقيادي الإخواني أحمد هارون ...
وإلى الآن أنا ما عارف ليه قوات أمن البشير إعتقلت الصجفي عثمان ميرغني ؟؟
وكل الدنيا عارفة أنه ونظام البشير كانوا " كوكتين في سروال واحد "
لكنه تكرار للمشهد القديم والذى جرى بين الترابي والبشير بعد إنقلاب يونيو 89 عندما خاطب الدكتور الترابي البشير : إذهب إلى القصر رئيساً وأنا سوف أذهب لكوبر سجيناً "
يبدو أن هذا المشهد مستنسخ عدة مرات لأنه ملحمة الألياذة بالنسبة للإسلاميين ، ثلاثون عاماً من الحكم ولم يطوروا المسرح ولم يسعوا إلى الإبتكار ...
المسألة كلها كانت deception وسواقة بالخلا ، وما رايناه في ليلة سقوط البشير كان أكبر كذبة عشناها في حياتنا السياسية ، لأن كل ما رايناه كان مُعد مسبقاً ...
ولو كانت ثورة كان شوفنا سجون مثل صيدنايا ، وكان إحتجنا نعمل فحص الDNA عشان نعرف دا فعلاً عثمان ميرغني ...
لكن الحقيقة التي لا يختلف عليها إثنان هي حرب 15 أبريل 2023م
مستحيل واحد يقول تمثيل
لأنه لا أحد كان يتوقع إنبلاج فجر الإنصرافي أو إلقاء القبض على أكبر راجل في السودان وهو أنس عمر
أو أن يسقط القصر الجمهوري
وسلاح المدرعات ليست به دبابة واحدة أو أن تنتقل العاصمة إلى بورتسودان
مهما كانت ميزانية الإخراج مفتوحة وبلا سقوفات ، ومهما تمتع كاتب السيناريو بملكات الإبداع والخيال فلن يصيغ مقولة حميدتي : يا برهان والله البلد لو إتفرتكت تاااني ما بترجع ليك
وحميدتي سألهم : هل رجعت ليهو تاني ؟؟
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عثمان میرغنی
إقرأ أيضاً:
"أخلاقنا".. التى كانت
هل أصبح العنف هو الطريق الوحيد للتعبير عن مشاعرنا، وعن ردود أفعالنا تجاه مواقف قد تكون غاضبة؟.. سؤال طرح نفسه بكثرة خلال الآونة الأخيرة، خاصة مع تكرار حوادث العنف، وآخرها الواقعة التى كان أطرافها طالبات إحدى المدارس الدولية، ومع تكرار السلوكيات التى أصبحت تفتقر لأدني حدود الأخلاقيات والتى نلمسها عن قرب سواء فى المحيط العام أو الخاص، نتساءل ونكرر.. وماذا بعد؟
طاقة العنف والمشاعر السلبية عادة ما تحركها نوازع داخلية، نمت عبر سنوات العمر، لتخرج فى مواقف معينة معلنة عن نفسها بلا ضوابط ولا حدود، طالبات المدرسة الدولية تربين فى بيئة ومستوى اجتماعي مرتفع بالتأكيد، والدليل على ذلك الرقم الذى يدفع لمثل هذه المدارس تحت بند المصروفات والذى يقترب أو يزيد عن المائتى ألف جنيه، واختار أولياء أمورهم هذه المدارس بالذات لوضع أبنائهم فى مستوى تعليمي واجتماعي يضمن لهم فرص عمل أفضل عند التخرج.
هل التدليل الزائد أو التعالي والغطرسة هو السبب فى هذا العنف؟ بالتأكيد فإن الأسباب متعددة ولا يمكن حصرها فى أسباب تتعلق بطبقة اجتماعية أو فئة معينة، ولكنها قضية تتعلق بالمجتمع ككل، الذى تبدلت أحواله، وتغيرت أخلاقياته بشكل لافت للنظر، ويؤشر أن الخلل أصاب قطاعًا لا يستهان به من شرائح المجتمع المختلفة، فعندما تلاحظ عدم إكتراث شباب وفتيات جالسين على المقاعد فى عربات المترو والمواصلات العامة، وحتى المخصصة لكبار السن، وتجاهل الكبار من السيدات والرجال، وعندما تشاهد فى مواقف الميكروباص الشباب والرجال يتدافعون للركوب أولا غير مكترثين بوجود نساء أو فتيات يرغبن فى الركوب بل ويدفعوهن دفعًا لإفساح الطريق إلى المقاعد، وعندما تجد الألفاظ النابية وقد سيطرت على لغة الحوار بين الكثيرين، ولا يقتصر الأمر على الشباب، ولكن على الرجال والسيدات أيضًا، كل ذلك يذكرنا بأخلاقيات "زمان" التى كانت تتسم بالرقي والذوق فى المعاملة فى مقابل هذا الانحدار الأخلاقي.
الأسلحة البيضاء التى يستلها الطالب من جيبه، ويهجم بها على زميله، أو حتى على المدرس، والحوادث التى تواردت فى هذا الشأن على الرغم من وجود لائحة للسلوك الأخلاقي، وحالة السيولة الأخلاقية داخل مدارس لم تكن يعرف طلابها فى زمان مضى سوى تبجيل المعلم واحترام الصغير والكبير، لدرجة أن الطالب كان يتوارى إذا شاهد معلمه فى الشارع، كل ذلك يحتاج منا لوقفة جادة تبدأ من الأسرة أولاً التى يجب أن تنتبه لتلك الانحرافات الأخلاقية وتضع حدًّا لها.
وتلك الفتاة التى تربص لها زميلها فى الجامعة والذى رفضت الارتباط به، عند أسوار الحرم الجامعى، وذبحها بسكين فسقطت فى الحال وسط ذهول زميلاتها، وكل من تواجد فى موقع الحادث، ذلك الحادث الذى هز المجتمع قبل سنوات، وغيره من حوادث كان القتل فيها هو الحل الأسهل من وجهة نظر الجاني.