ضربت جذور اللغة العربية فى أعماق التاريخ قروناً طويلة، وتجلت على الألسنة بوجهيها: الفصيح والعامى، وكانت العامية أكثر قرباً من العامة، وقد أحسن اللغوى الدكتور أمين على السيد فيما أصدره له مجمع اللغة العربية بعنوان (العامى الفصيح فى المعجم الوسيط)، القاهرة 2005ـ 2006، حيث أرجع المفردات العامية إلى أصلها الذى وردت به فى المعجم فصيحة، متفقاً مع رأى اللغوى الكبير الدكتور شوقى ضيف فى بحث ألقاه فى مجمع اللغة العربية بعنوان (العامية فصحى محرفة)، ونشر بمجلة المجمع العدد 91، ص37 قال فيه:
«الكثرة الغالبة فى ألفاظ العامية المصرية ألفاظ فصيحة، أو ذات أصل فصيح؛ إذ أغلب ما فيها من أفعال، أو أسماء، أو حروف، أو حركات أصله فصيح، وعمت فيه تحريفات سجـلها العالم الجليل المرحوم أحمد تيمور فى معجمه».
وهناك إضافة أخرى من عضو مجمع اللغة العربية، وأحد رواد الفن القصصى، وهو محمود تيمور، ابن العلامة أحمد تيمور باشا، يصدر كتاب مستخرجاً من كتابه (سلطان اللغة العربية)، عنوانه (كلمات الحياة العامة)، مطبعة الاستقامة، القاهرة 1956.
ومن هنا كان الأدب الشعبى، أو العامى بليغاً فى التعبير عن قضايا الجماعة والجماهير والالتصاق بهم، منذ بذوره الأولى فى تراثنا، حيث عاش هموم الفرد والمجتمع، نقداً للذات، ونقداً للمجتمع معاً، غير محتفل بالزخرفة اللفظية قدر اهتمامه بالمعنى المراد، أو الهدف المنشود، فأخذ على عاتقه مهمة النقد والتعريض، ومجاراة المناسبات بما يناسبها من قول، على نحو ينحاز للوطن دوماً.
ومن هنا نال اهتمام متخصصين متنوعين بين آداب اللغة، والأنثروبولوجى، والاجتماع، وقام هذا الشعر بدوره فى العصور جميعها جنباً إلى جنب مع الفصيح، وكانت الموشحات والأزجال العربية، تلك التى أثرت فى شعراء التروبادور فى إسيانيا فى القرن التاسع الميلادى، وقد كتب أحمد صادق الجمال «الأدب العامى فى مصر فى العصر المملوكى»، القومية، القاهرة 1966، وكتب طاهر أبوفاشا «هز القحوف فى قصيدة أبى شادوف»، هيئة الكتاب القاهرة 1987، وهى قصيدة كتبها الشيخ الشربينى، وكان من القدماء من نسجوا على هذا المنوال أمثال: شرف الدين الأسدى ( ت 738هـ).
وتكفى شهادة الناقد الكبير الدكتور محمد مندور فى حديثه عن الشعر فى المعركة (1956)، ومشاركة شعر العامية فى الغناء الوطنى والاجتماعى كعبدالفتاح الشرقاوى، وصلاح جاهين، وعبدالفتاح مصطفى، وأمثالهم.
*عضو المجمع العلمى المصرى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اللغة العربية اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
إطلاق منصة “زاي” في جامعة زايد لتعزيز بحوث تعليم اللغة العربية وتعلّمها في الدولة والمنطقة
أعلنت جامعة زايد عن إطلاق منصة “زاي”، وهي منصة رقمية جديدة تهدف إلى تطوير تعليم اللغة العربية من خلال توفير أدوات وموارد مبتكرة لدعم المعلمين والطلبة والباحثين. وقد حضر إطلاق المنصة عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم معالي عائشة ميران، المدير العام لهيئة المعرفة والتنمية البشرية؛ الدكتور مايكل ألين، مدير جامعة زايد بالإنابة ، و ناديا بهويان نائب مدير جامعة زايد ورئيس الشؤون الأكاديمية وعدد من أعضاء مجلس أمناء جامعة زايد. ويؤكد هذا الحضور الرفيع المستوى على الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة في تطوير تعليم اللغة العربية على المستويين المحلي والإقليمي.
وتعزز المنصة قدرة المعلمين على تحسين النتائج التعليمية عبر أدوات تشخيصية ذكية ومحتوى تدريبي للمعلّمين ومعلومات بحثية للمهتمين بالبحوث العلمية المنشورة والمتعلّقة بتعليم اللغة العربية، مما يدعم التزام الجامعة بتحسين مستوى الإلمام باللغة العربية وأساليب تدريسها. وتتيح المنصة أدوات تعليمية ذكية مثل “سرد” لتشخيص مستوى القراءة باللغة العربية، والتي تساعد المعلمين في تقييم القراءة المبكّرة لدى الطلبة وتخطيط التدخلات اللازمة. كما تتضمن المنصة معلومات عن مشروع “بارِق”وهو مشروع يموله مركز أبو ظبي للغة العربية ونعمل عليه بالتعاون مع جامعة نيو يورك أبو ظبي حيث الذي يعمل على تصنيف مقروئية النصوص العربية من خلال قاعدة بيانات تشمل 10 ملايين كلمة من مختلف الأجناس الأدبية والعلمية.
وفي هذا السياق، صرّحت معالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع ورئيسة مجلس أمناء جامعة زايد، قائلة: “نؤمن بأن المستقبل هو امتداد حضاري لهويتنا وثقافتنا، ومنصة ‘زاي’ تعكس التزامنا الراسخ في الارتقاء بالتعليم وتعزيز اللغة العربية، فهي نبض هويتنا الأصيلة. يتمثل دورنا في تمكين المعلمين وإعداد أجيال متجذرة في هويتها العربية، ليتولوا من بعدها مسؤولية بناء مستقبل يليق بطموح دولة الإمارات.”
تم تطوير منصة “زاي” من خلال تعاون مشترك مع مجموعة من الشركاء الاستراتيجيين من مختلف أنحاء دولة الإمارات والعالم، وذلك بهدف تعزيز قدراتها وتوسيع نطاق تأثيرها. وتعد دائرة التعليم والمعرفة -أبوظبي من أبرز المساهمين في إنشاء أول برنامج متكامل للصوتيات باللغة العربية، وهيأول خطوة نوعية في ذلك المجال.
وأضافت الدكتورة هنادا طه ثومور، أستاذة كرسي اللغة العربية بجامعة زايد ومديرة مركز (زاي) لتعليم اللغة العربية: “إن جوهر كل تجربة تعليمية ناجحة يعتمد بشكل كبير على المعلمين المتميزين الذين يسهمون في بناء أجيال قادرة على التفكير والإبداع. ومنصة ‘زاي’ تشكل أداة أساسية لكل معلم يسعى لتعزيز مهارات القراءة لدى الطلبة، وتنمية قدراتهم اللغوية، وإلهامهم لاستكشاف غنى وعمق اللغة العربية. نحن جميعًا نتحمل مسؤولية جماعية في نقل لغتنا وثقافتنا للأجيال القادمة، لضمان استمرار تأثيرها في عالم يشهد تغيرات سريعة.”
وتتماشى جهود منصة “زاي” مع المبادرات الوطنية، بما في ذلك تركيز دولة الإمارات على تعزيز المهارات اللغوية العربية منذ سن مبكرة. وتسهم المنصة في تطوير أدوات وإطارات عمل تتجاوب مع احتياجات المعلمين والمتعلمين المتزايدة، مما يسهم في تحسين تعليم اللغة العربية على الصعيدين المحلي والعالمي.
تمثل هذه المنصة خطوة جديدة نحو تغيير كيفية تدريس وتعلم اللغة العربية، حيث تمكن المعلمين والطلبة من الوصول إلى أدوات تعزز مهاراتهم وترسخ ارتباطهم الدائم باللغة العربية.