بوابة الوفد:
2024-11-09@03:14:45 GMT

بين الكتابة المحفوظية والإبداع المتفرد

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

بين الإبداع والعلم علاقة لا تنفصل، نقاط التقاء قد تكون غير مرئية للبعض، لكنها تكمن فى تفاصيل طبيعتيهما: الأدب والعلم، ويحفل التاريخ الإبداعى بأسماء أعلام طرقوا كلا المجالين وربما هجروا الطب أو الهندسة أو غيرهما تفرغا للكتابة، فمن ينسى يوسف إدريس، ونوال السعداوى وغيرهما، على أن الأمر قد تحول لظاهرة قُتلت بحثا ونالت حظا وافرا من الدراسة والمناقشة.

 

وتمثل تلك الظاهرة وبقوة روائية ماهرة، حين تكتب تجبرك سطورها على الإنصات حتى النهاية، جزلة اللغة، واقعية الفكرة والحدث، حد إثارة الدهش، لها من الأعمال ثلاث روايات ومجموعة قصصية، «عين عابد» عن دار الفؤاد 2018، «كنا يوما» المثقف 2020، «بعد التخلى» الهيئة المصرية العامة للكتاب 2021، صاحب العمر القصير» ميتابوك 2023، ومجموعتها القصصية الوحيدة «سبقها إليه»، مع دار الدار 2016.

بدأت الكاتبة والمهندسة نهلة عبدالسلام مشوارها الإبداعى بكتابة الخواطر وهى فى سن الحادية والعشرين، ثم تلتها مرحلة كتابة الشعر والنصوص الحرة، ثم انتقلت إلى القصة القصيرة فالرواية. 

واليوم، أحاول الاقتراب أكثر من روايتها «بعد التخلى»، والتى طالعتها مؤخرا..

بعد التخلى.. ترى ماذا بعد التخلى، بل التخلى عن من أو عن ماذا؟ أهو تخلى والدين عن ابنتيهما، أم تخلى زوجة عن زوجها العاجز، أم زوج عن زوجته العاقر، أم تخلى أحدهم عن مبادئه وفطرته وحياته وجذوره التى نشأ منها، أم تخليه عن صنعته التى شب عليها، أم تخلى الصحة عن الجسد وهجرها له،  أم.. أم..

هو التخلى والهجران الذى يكون بعده إما انتصار أو انهزام وانكسار.

تدور رواية «بعد التخلى» فى إطار اجتماعى صرف، يمكننا اعتبارها رواية أجيال، فهى تنتقل بنا بين جيل وآخر لعائلة مصرية، وبين أزمنة مختلفة، تتردد بين الأحفاد والأجداد، ثم تنتقل إلى الأبناء، وتعود ثانية إلى الأجداد، ورغم كثرة الانتقالات بين الأجيال والأسر المختلفة وبين الحكايات المتعددة والتى تتقاطع فى نقاط وأحداث عدة، إلا أن الانتقال يبدو سلسا لا يشوبه 

ملل، ولا تعكره توهة.. فالكاتبة كأنها كانت تشحذ جل تركيزها أثناء الكتابة حتى تتحرر خيوط الأحداث ولا تتشابك بتعقيد مربك. 

وهكذا تستخدم الكاتبة لغة سردية شائقة، تتفاعل مع الشخوص وتنقلنا من شخصية لأخرى بسهولة ويسر، فى لغة جزلة رصينة، فيما يأتى الحوار مفاجئا لى شخصيا، فكأن الكاتبة قد عايشت شخصياتها واقعيا واستمعت لتعبيراتهم ومفرداتهم وأسلوبهم فى الحكى، الذى يختلف كليا عن عصرنا هذا، فهو يتناسب تماما مع الزمن الذى تجرى به الأحداث، ويتطابق مع ثقافة الطبقة الاجتماعية التى تصفها، بل إن حوار النساء معا ومكايدتهن كأنه حوار فى شريط سينمائى يدور أمام أعيننا.. وهو ما يجعلك تلهث لهثا خلف الأحداث علك تدرك نهايتها.

تعتمد نهلة فى روايتها كثيرا على خاصية الفلاش باك، أو الاسترجاع، وهو وإن عده البعض عيبا فى تكنيك أى كتابة، إلا أنه هنا يتم بسلاسة تحسد عليها، ليتحول من عنصر منفر إلى عامل جذب قوى، كما تعمد الكاتبة إلى تأصيل الحوار بعدد ضخم من الأمثلة الشعبية التى تضرب فى التراث الشعبى للمجتمع المصرى، كما أنها تنهل من معين التأريخ الفنى الغنائى والسينمائى، لنخرج من روايتها بكم لا بأس به من المعلومات الفنية، وكأنها بحث ضخم يتردد بين التوثيق الاجتماعى لفترات زمنية متلاحقة مختلفة، وبين الإرث السينمائى والغنائى وتأثيره الأبرز فى سيكولوجية الشخصية المصرية، ممثلة فى شخوص الرواية، لتتماس فى سمتها العام واعتمادها على تتابع الأجيال والإغراق المجتمعى للأحداث، مع ذلك الإبداع المحفوظى الأثير، على أن قلم نهلة عبدالسلام يبقى فارقًا ومختلفًا باقترابه المدهش من عالم المرأة، واختراقه لحواجز ذلك العالم، ثقافة ومسكوتًا عنه، لتؤكد لنا مع كل سطر أنها تستحق أن تتبوأ يوما مكانة مميزة بين مبدعينا مصريًّا وعربيًّا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات يوسف إدريس

إقرأ أيضاً:

"الإشكال الدبلوماسي" مع فرنسا.. إسرائيل تكشف روايتها

نفت إسرائيل، الخميس، مسؤوليتها عن إشكال دبلوماسي وقع خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لموقع تديره فرنسا في القدس، مؤكدة أن المسائل الأمنية تم توضيحها مسبقا لسفارة باريس.

وبعدما احتجت باريس على دخول عناصر مسلحين من الشرطة الإسرائيلية موقع "الإيليونة" في جبل الزيتون قبيل زيارة لجان-نويل بارو، أكدت الخارجية الإسرائيلية في بيان أن "الآليات تم توضيحها مسبقا خلال محادثات تمهيدية مع سفارة فرنسا في إسرائيل".

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية، الخميس، فردين من الدرك الفرنسي في كنيسة تديرها باريس في القدس، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.

جاءت عملية الاعتقال خلال زيارة نويل بارو إلى القدس، مما تسبب في أزمة دبلوماسية بين باريس وتل أبيب، على وقع دخول أفراد مسلحين من الشرطة الإسرائيلية من دون إذن إلى موقع يضم كنيسة تديرها فرنسا.

وزير الخارجية الفرنسي وصف التحرك الإسرائيلي بأنه "وضع غير مقبول" ورفض دخول موقع موقع كنيسة "الإيليونة" الواقع في جبل الزيتون بسبب إيقاف الشرطة عنصرين من الدرك الفرنسي.

كما ذكرت الخارجية الفرنسية أن: "تصرف الشرطة الإسرائيلية غير مقبول.. وسيتم استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس في الأيام المقبلة".

وقال بارو للصحفيين إن "هذا المساس بسلامة موقع تحت إدارة فرنسية من شأنه أن يضعف روابط جئت بغرض توطيدها مع إسرائيل في وقت نحن جميعا بحاجة إلى دفع المنطقة باتجاه السلام".

واعتبر مصدر فرنسي اطلع على ما جرى أن "على السلطات الإسرائيلية تقديم توضيحات (...) وليبدأ الأمر باعتذارات"، وفق ما ذكرت فرانس برس.

وكان بارو قد وصل، الخميس، في زيارة قصيرة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية بهدف البحث عن حلول دبلوماسية للحرب المشتعلة في غزة ولبنان، وفق ما أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني.

مقالات مشابهة

  • انتصار ترامب يهدد الديمقراطية الأمريكية.. دانييل زيبلات: كنا في تدهور ديمقراطي على مدار الـ10 سنوات الماضية.. وهذه الانتخابات تؤدي إلى تسريعه
  • الكاتبة ليزا خضر: الكتابة عندي حالة دفق، ولم أفكر يوما بالجائزة، وكانت رغبتي بأن تُنشر الرواية
  • تحوّل تاريخي.. لماذا تخلى المسلمون والعرب الأميركيون عن الديمقراطيين؟
  • "الإشكال الدبلوماسي" مع فرنسا.. إسرائيل تكشف روايتها
  • قرية البصيرة بالعامرية بلا خدمات
  • «ملكات» أشباه الرجال!؟ لو أحبتك «٢»
  • غزة لن ترفع الراية البيضاء
  • عودة «ترامب» للبيت الأبيض
  • تحليل سياسي يكتبه محمد مصطفى أبوشامة: وانتصرت «أمريكا أولاً».. وسقطت العولمة
  • عادل حمودة يكتب: مفاجأة العدد 1000