الحرب السودانية… الوضع الميداني والعامل الخارجي ومستقبل الصراع
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
أعد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات دراسة عن الأوضاع الحالية في السودان عقب إندلاع الحرب بين الحيش و قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومنها إنتقلت إلى ولايات أخرى في كردفان و دافور، وحملت الدراسة عنوان الأزمة السودانية… الوضع الميداني والعامل الخارجي ومستقبل الصراع
الخرطوم ــ التغيير
بعد مرور نحو أربعة أشهر على اندلاع القتال بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، ما زالت الأزمة السودانية تراوح مكانها.
الوضع الميداني وتغيّر أهداف قوات الدعم السريع تمثّل هدف ميليشيا الدعم السريع، الرئيس، في بداية القتال، في حسم الصراع سريعًا مع الجيش واستلام السلطة، من خلال سعيها إلى السيطرة على القصر الجمهوري، ومباني الإذاعة والتلفزيون، ومطاري الخرطوم ومروي، ومرافق حكومية أخرى، إضافة إلى مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة. وتحرّكت قوات الدعم السريع في دارفور، التي تُعد معقلًا رئيسًا من معاقلها، وخزّانًا بشريًا لها، وقد نشأت فيها في أثناء مواجهة الحركات المسلّحة الأخرى في حرب دارفور (2002-2011)، واتُّهمت قوات الدعم السريع (الجنجويد سابقًا) حينئذ بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد السكان المدنيين. ودارت معارك أيضًا بين “الدعم السريع” والقوات المسلحة في مدن الفاشر ونيالا والجنينة وزالنجي. ويقتسم الطرفان حاليًا السيطرة في كل هذه المدن، عدا الجنينة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع مع مليشيا محلية متحالفة معها.
بعد مرور أربعة أشهر من القتال واتّضاح صعوبة استيلاء “الدعم السريع” على السلطة، أصبح هدفها الحفاظ على مكتسباتها وتحسين وضعها التفاوضي، من خلال استخدام قدرتها على الحركة السريعة في شنّ هجمات متزامنة على مرافق عسكرية، في محاولة لاستنزاف القوات المسلحة وتشتيت جهودها، فضلًا عن توجّهها إلى احتلال بيوت المواطنين والمستشفيات والمرافق الحكومية، مثل محطّات المياه والكهرباء ومصفاة البترول. وتزامن مع هذه التكتيكات الجديدة نهبٌ وحرقٌ لممتلكاتٍ عامة وخاصة، وارتكاب انتهاكاتٍ جسيمة ضد المدنيين، بما في ذلك الاغتصاب والتهجير القسري. وقد جعل احتلالُ بيوت المواطنين ونهبها والتحصّن فيها مواجهةَ قوات الدعم السريع داخل العاصمة أمرًا صعبًا.
تتركّز المعارك حاليًا في مدن العاصمة الثلاث: الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، مع هجمات متقطّعة على مدن الأبيض وأم روابة في كردفان. وتدور في العاصمة حرب مدن يستخدم فيها الجيش الطيران لقصف مواقع “الدعم السريع”، بما في ذلك بعض المرافق العامة التي استولت عليها، مع إجراء عمليات تمشيط لأحياء في مدينتي أم درمان والخرطوم. أما “الدعم السريع” فتستخدم المرافق العامة، خصوصا المستشفيات، ومنازل المواطنين، ملاذات من هجمات سلاح الطيران والمدفعية التابعة للجيش. وتعتمد “الدعم السريع”، على نحو رئيس، على القنّاصة في تأمين السيطرة على معظم الجسور التي تربط المدن الثلاث، مع استخدام مسيّرات تستهدف بها مواقع عسكرية تابعة للجيش. ويبدو أن انتشار قوات الدعم السريع في مدن العاصمة الثلاث أخذ يشكّل عبئًا عليها؛ بسبب صعوبة تأمين خطوط الإمداد، وتوفير الوقود والذخيرة. وقد لوحظ انخفاضٌ في فعالية الهجمات التي تشنّها “الدعم السريع” في الفترة الأخيرة مقارنةً بالهجمات التي كانت تشنّها في أسابيع الحرب الأولى؛ إذ تكتفي حاليًا بشنّ هجمات باستخدام المسيّرات أو القصف الصاروخي ضد مواقع القوات المسلحة.
وتسعى قوات الدعم السريع للإبقاء على خطوط إمدادها من خارج السودان مفتوحة، خصوصا من ليبيا وأفريقيا الوسطى وأوغندا. وقد نقلت وسائل إعلام أميركية، استنادًا إلى مصادر ميدانية وتحليلات لصور أقمار اصطناعية، إرسال اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومجموعة فاغنر الروسية المنتشرة في ليبيا وفي أفريقيا الوسطى إمدادات أسلحة إلى قوات الدعم السريع؛ إذ جرت متابعة طائراتٍ تغادر قاعدة الخادم التي يسيطر عليها اللواء حفتر شرق ليبيا إلى مطار حميميم في سورية، حيث تملك روسيا وجودًا عسكريًا كبيرًا، ثم تعود إلى قاعدة الخادم، ومن بعد ذلك إلى مكان معزول في مطار في منطقة الجفرة، وسط ليبيا. وفي إثر ذلك، يجري توصيلها إلى قوات الدعم السريع داخل السودان. وبحسب المصادر نفسها، فإن صواريخ “أرض – جو” التي استخدمتها قوات الدعم السريع في بداية المواجهات مع الجيش أرسلها حفتر. وقد دفع هذا الأمر القوات المسلحة السودانية إلى السيطرة على قاعدة الشفرليت التابعة ل”الدعم السريع” على الحدود السودانية الليبية لوقف إمدادات السلاح القادمة من ليبيا. وتشير تقارير أخرى إلى وجود مسار إمداد ثانٍ عبر أفريقيا الوسطى إلى دارفور، خصوصا أن “الدعم السريع” تسيطر على معبر أم دافوق بين السودان وأفريقيا الوسطى، ويشير ذلك إلى أهمية العامل الخارجي في الصراع الدائر حاليًا في السودان.
يتفاوت التفاعل الخارجي مع الحرب في السودان، الإقليمي خصوصا، بين محاولة وقف القتال ومنع انتشار الفوضى عبر الحدود، وصولًا إلى الدعمين، السياسي والعسكري غير المعلن لأحد أطراف الأزمة. وتُعد الإمارات أبرز الأطراف الإقليمية المتدخلة في السودان؛ فهي ترتبط بعلاقات وثيقة مع مليشيا الدعم السريع التي توظف جزءًا منها في حرب اليمن. وللإمارات مصالح متنوّعة في السودان، بما في ذلك اهتمامها بمناجم الذهب، وبناء ميناء أبو عمامة على ساحل البحر الأحمر لتوطيد سيطرتها على موانئ المنطقة الممتدة من القرن الأفريقي إلى البحر الأحمر. ورغم أن الحكومة السودانية لم تذكر الإمارات صراحة، فإنها اتهمت دولًا أجنبية بمساندة الدعم السريع. وكانت القوات المسلحة قد وجدت أسلحة عسكرية إماراتية في حوزة تلك القوات، عندما استولت على بعض معسكراتها. وقد ذكر موقع غرجون Gerjon لرصد حركة الطيران أنه توجد رحلات طائرات من الإمارات عبر عنتيبي في أوغندا إلى أفريقيا الوسطى وتشاد بلغت، في الفترة 16 مايو – 30 يونيو 2023، نحو 28 رحلة، وأن حركة الطيران هذه قد وصلت في ذروتها إلى أربع رحلات يوميًا؛ ما يشير إلى تزويد الإمارات “الدعم السريع” بعتاد عسكري عبر مجموعة فاغنر الموجودة في أفريقيا الوسطى. وكشفت مصادر أميركية، أخيرًا، نقلًا عن مسؤولين أوغنديين، أنهم عثروا على صناديق ذخيرة وبنادق هجومية قادمة من الإمارات، كانت مدرجةً في بيان الطائرة على أنها مواد غذائية وإمدادات طبّية مرسلة إلى السودان.
مصالح إمارتية
ثمّة مصالح إماراتية اقتصادية وجيوسياسية وأخرى متعلقة بالنفوذ داخل السودان عن طريق “الدعم السريع” من ناحية. وتلتقي الإمارات مع ادّعاءات تنظيمات سياسية محلية وقوات الدعم السريع في وجود قوى إسلامية داخل القوات المسلحة من ناحية أخرى. وهذه القوى كانت سببًا لرفْض اتفاق الإطار وبدْء الحرب. ولكن ليس في وسع أيٍّ من هذه القوى إنكار ثلاثة معطيات أساسية: إن النظام القديم (الإسلامي) هو الذي أتى بمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، واعتمد عليه، وعزّز قواته عدةً وعددًا. إن حميدتي أراد الوصول إلى السلطة، وكان مستعدًا في سبيل ذلك لأنْ يظهر متحالفًا مع قوى مدنية. إن قواته ترتكب جرائم ضد المدنيين السودانيين بلغت من الفظاعة أنْ نفَّرت الشعب السوداني، بما في ذلك الأغلبية المتضرّرة من النظام السابق والمناهضة له، منه ومن قواته.
ربما تعلّم الجيش السوداني درسًا من الاعتماد على قوة مسلحة من خارجه ولا تأتمر بأوامر قيادته ولديها مصادر تمويلها المستقلة. لقد بلغ تعزيز قوة مليشيا الدعم السريع مبلغًا جعل بعضهم يدّعي أنه لم يعد للجيش سلاح مشاة غيرها.
اضطلعت المملكة العربية السعودية بدور مهم في العملية السياسية في أثناء الفترة الانتقالية، على نحو أحادي، أو في إطار الرباعية إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات، وهي المجموعة التي تشكّلت لترتيب المرحلة الانتقالية بعد خلاف العسكريين والمدنيين عقب انقلاب أكتوبر 2021. وقد برز ذلك عبر “منبر جدّة”؛ إذ استضافت السعودية، بمشاركة الولايات المتحدة، عدة جولات من المفاوضات بين الطرفين المتحاربيْن في السودان. ورغم أن السعودية والإمارات من أعضاء الرباعية، فإنّ لديهما رؤيتين ومسارين مختلفين في التعامل مع الوضع السوداني، ففي حين تؤيد الإمارات “الدعم السريع”، تُعد السعودية أقرب في مواقفها من الموقف المصري غير الفاعل؛ ولكنه موقف منحاز، عمومًا، إلى الجيش. وتتباين الرؤى أيضًا حيال الوضع في شرق السودان، من خلال تأثير ما يدور فيه في الأمن الوطني السعودي، ومن باب المنافسة الاقتصادية؛ إذ تهدف الإمارات إلى بناء ميناء أبو عمامة على البحر الأحمر، بينما تعمل السعودية على أن يكون البحر الأحمر مركزًا لنشاطها الاقتصادي وفقًا لرؤية 2030.
ومع أن مصر تُعد الأكثر قربًا من السودان بحكم التاريخ والجغرافيا، فإن دورها فيه بات هامشيًا على نحو واضح؛ إذ جرى استبعادها من عضوية الرباعية، ومن أيّ دورٍ في مفاوضات جدّة. وتحظى مصر بعلاقة قوية مع الفريق عبد الفتاح البرهان والقوات المسلحة السودانية منذ انتفاضة ديسمبر 2018، فقد نُظّمت مناورات عسكرية مشتركة عديدة؛ أبرزها مناورات “نسور النيل” التي كانت تُدار من قاعدة مروي الجوية في شمال السودان. وكانت قوات الدعم السريع قد اعتقلت جنودًا مصريين عندما احتلّت مطار مروي، وأطلقت سراحهم لاحقًا. وبرز الدور المصري جليًا في اللقاء الذي نظّم في القاهرة بعنوان “الحوار السوداني”، في فبراير 2023، وشاركت فيه قوى سياسية مختلفة، وقاطعه المجلس المركزي للحرية والتغيير. وتعزّز الدور المصري من خلال الاجتماع الذي نظّمته القاهرة على مستوى القمة لدول جوار السودان في تموز/ يوليو الماضي، رفض فيه المجتمعون التدخّل الخارجي في السودان، وأكدوا أن ما يجري فيه شأن داخلي لا ينبغي تأجيجه من الخارج. ومن ناحية أخرى، عقد فصيل المجلس المركزي للحرية والتغيير اجتماعًا في القاهرة، في 24 – 25 يوليو 2023؛ إذ اعتبر ذلك بمنزلة وصلٍ لما انقطع بين المجلس والسلطات المصرية بعد مقاطعة الفصيل الحوار السوداني الذي عقد في القاهرة، في فبراير 2023.
أما تشاد فقد أعلنت، في الأيام الأولى للقتال، عن إغلاق حدودها مع السودان لمنع انتقال الحرب إليها، ولمنع وصول إمدادات للدعم السريع عبر أراضيها. لكن هذا الموقف قد يتغيّر بعد زيارة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي الإمارات في 13 يونيو 2023؛ إذ قدّمت الأخيرة قرضًا يبلغ مليارًا ونصف مليار دولار لتشاد، ومنحتها معدّات عسكرية، وفتحت مكتبًا لتنسيق المساعدات الخارجية في منطقة أم جرس على الحدود السودانية – التشادية. واستضافت تشاد، في 6 أغسطس 2023، الاجتماع الأول للآلية الوزارية لـ “جوار السودان” تنفيذًا لقمة القاهرة، وهدف الاجتماع إلى اقتراح سُبل الخروج من الأزمنة السودانية الراهنة.
وقد برز دور إقليمي آخر من خلال الهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، إذ شكّلت الهيئة لجنة رباعية لمناقشة الأوضاع في السودان برئاسة الرئيس الكيني وليام روتو. وقاطع الوفد السوداني اجتماعات اللجنة، لأن الحكومة السودانية تتهم رئيس اللجنة روتو بإنشاء علاقات وطيدة مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي. وقد زار روتو، عندما كان نائبًا للرئيس، السودان زيارةً سرّية في فبراير 2020، ومن ذلك زيارته مواقع لإنتاج الذهب؛ ما يشير إلى ارتباطاته الاقتصادية بقوات الدعم السريع التي تسيطر على مواقع إنتاج الذهب في السودان. وفي اجتماع اللجنة الرباعية، في 10 يوليو 2023، قررت أن تطلب من قمّة “القوة الاحتياطية لشرق أفريقيا” الانعقاد؛ من أجل النظر في إمكانية نشر القوة الاحتياطية في السودان، لحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية. وفي مؤتمر صحافي عقب اجتماع الرباعية، شكّك كل من الرئيس الكيني، روتو، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في شرعية القيادة السودانية، فقد صرّح روتو بأن هناك حاجة إلى تشكيل قيادة سودانية جديدة، وقال أحمد إنه يوجد فراغ في قيادة الدولة، وطالب بفرض حظرٍ جوي، وبسحب المدفعية الثقيلة. وقد رفضت الحكومة السودانية هذه التصريحات؛ ما جعل دور الهيئة الحكومية للتنمية، في حل الأزمة، محدودًا.
جاءت مواقف القوى الدولية الغربية المؤثرة في السودان، خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا، مركّزة على وقف الحرب، والعمل من خلال منبر جدّة للتفاوض الذي كانت تديره الولايات المتحدة مع السعودية، ومن خلال الضغط على المنظمات الإقليمية؛ مثل الهيئة الحكومية للتنمية، والاتحاد الإفريقي، من أجل وقف الحرب، وفرض عقوباتٍ على شركات من الطرفين. أما روسيا، فقد أعلنت أنها مع مؤسّسات الحكم الشرعي بعد زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار لها.
مع أن اتجاه سير المعارك يشير إلى أن القوات المسلحة باتت في موقع أقوى، فإن المواجهة قد تتطوّر وفق أحد السيناريوهين التاليين:
• الحرب الطويلة: يتمثّل هذا السيناريو في استمرار المعارك حتى يجري دحر قوات الدعم السريع نهائيًا في مدن العاصمة، ومدن دارفور الكبرى. ويدعم هذا السيناريو مجموعة من ضباط القوات المسلحة، تشاركهم في ذلك قوى سياسية ترى في وجود “الدعم السريع”، مهما ضعُف، تهديدًا مباشرًا للجيش والدولة السودانية. لكن تكلفة هذا السيناريو الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كبيرة، ويصعب تحمّلها في الظروف الحالية.
• الحل السياسي: يتمثّل هذا السيناريو في التوصّل، من خلال الضغوط الخارجية على قيادة الجيش، إلى حلٍّ يضمن وجودًا سياسيًا وعسكريًا ما لقوات الدعم السريع؛ إلى جانب الجيش أو كجزء منه. ولكن تحقيق هذا السيناريو يواجه تحدّيات أهمها رفض عدد من قادة الجيش هذا الحل، ووجود تيار شعبي رافض مكافأة الدعم السريع، بعد أن قام أفرادها بجرائم قتل واغتصاب، ونهب لمنازل المواطنين وممتلكاتهم.
في كل الأحوال، سوف يعتمد خروج السودان من أزمته الراهنة موحدًا، واستعادة الدولة شرعيتها وسيادتها، على رفض وجود أي قوةٍ منظمة أخرى توازي قوتها أو تنافسها (مليشيا، أو فصيل مسلح مدعوم من الخارج)، وقد تبلور إجماع بين قوى سودانية وإقليمية ودولية وازنة على هذا المبدأ، وعلى ضرورة نقل السلطة إلى مؤسّسات مدنية متفق عليها ثم منتخبة ديمقراطيًا. ومن دون ذلك، سيكون أي حلٍّ يجري التوصل إليه مؤقتًا قابلًا للانهيار في أيّ لحظةٍ تتغيّر فيها موازين القوى.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الحرب الخرطوم الدعم السريع السودان دارفور
إقرأ أيضاً:
الإمارات دربت الدعم السريع بذريعة القتال في اليمن.. هذه تفاصيل زيارة حميدتي
كشف مصدران يمنيان مطلعان أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية، محمد حمدان دقلو، زار اليمن بالتنسيق مع دولة الإمارات أثناء مشاركة قوات الجيش السوداني ضمن عمليات التحالف العربي الذي قادتها السعودية ضد الحوثيين منذ 2015.
وقال المصدران أحدهما عسكري لـ"عربي21" إن "حميدتي" وصل إلى منطقة الساحل الغربي اليمني القريب من مضيق باب المندب حيث ممر الملاحة الدولية عام 2017، في ذروة العمليات القتالية التي كانت تدور رحاها بين القوات اليمنية المدعومة من الإمارات والسعودية ومسلحي جماعة الحوثيين إلى الغرب من محافظة تعز، وفي المناطق الجنوبية من محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
وأشار المصدر العسكري إلى أن قائد قوات "الدعم السريع" السودانية الذي يقود تمردا على مجلس السيادة الانتقالي المعترف به دوليا في السودان، التقى باللواء، هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع اليمني الأسبق، أحد القيادات العسكرية الانفصالية المدعومة من أبوظبي والذي كان يقود لواءين في الساحل الغربي. في حين كانت "الدعم السريع" تشارك في العمليات القتالية ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح وقتئذ، ضمن القوات التي تشرف عليها أبوظبي شريك الرياض في التحالف العسكري الذي بدء عملياته في مارس/ آذار 2015.
وتابع المصدر ذاته والذي كان حاضرا خلال زيارة "حميدتي" أن قائد قوات "الدعم السريع" مكث في الساحل الغربي اليمني أيام، قبل أن يغادر على متن طائرة خاصة إلى دولة الإمارات".
وحسب المصدرين فإن أبوظبي أنشأت معسكرات حشد وتجنيد السودانيين ضمن قوات "الدعم السريع" في الأراضي الإماراتية وفي جزيرة عصب الإرتيرية، حيث كانت تقوم بذلك تحت لافتة القوات السودانية المشاركة ضمن الائتلاف العسكري الذي تقوده الرياض لدعم السلطة الشرعية اليمنية وإنهاء انقلاب جماعة الحوثيين.
وأكدا أن "حميدتي" ضمن قيادات عسكرية سودانية أجروا زيارات إلى اليمن، بعد أن استقدمتهم دولة الإمارات تحت غطاء " إيفاد القوات إلى اليمن وفي إطار نظام الرئيس السابق، عمر البشير"، فيما كانت عمليات التحشيد والتجنيد للسودانيين ضمن قوات الدعم السريع لغايات أخرى، اتضحت مؤخرا في السودان.
وأوضح المصدران أن الضباط الإماراتيين ومخابرات الدولة الخليجية كانت تنشط بكثافة بين السودانيين الذين يتم استقدامهم إلى الساحل الغربي وكانت تقوم بتشكيلهم في وحدات عسكرية وتقوم بتعيين قيادات لتلك الوحدات ضمنت ولاءها.
كما أن الإماراتيين حولوا اليمن إلى منطقة تأطير لقوات "الدعم السريع" بقيادة حميدتي لتنفيذ أجنداتها في السودان، ونظمت خطوط التواصل وضباط الارتباط بينهما، والأدوار والمهام المنوطة بكل قيادي عسكري قبل أن يعودوا إلى معسكرات التجنيد الداخلية التي أنشأتها في البلد العربي الأفريقي، مستغلة علاقتها الجيدة مع عمر البشير قبل أعوام من الإطاحة به عام 2019.
وأفاد أحد المصدرين المطلعين أن حكومة أبوظبي كانت تقوم بحشد وطلب القوات المسماة بـ"الدعم السريع" وتقوم بتدريبها وتحمل تكاليف إعدادها وتسلحيها، ومن بوابة "اليمن" كانت تعد لمعركة السودان الحالية، مؤكدا أن الدولة الخليجية دخلت إلى الواقع السوداني عبر اليمن إذا قامت باستقدام قوات "الدعم السريع" كوحدات تابعة للجيش السوداني وبالتنسيق مع النظام الرسمي في الخرطوم قبل أن تعود هذه القوات كجيش موازي يقود حربا على الدولة السودانية".
فيما قال مصدر عسكري ثالث لـ"عربي21" إن مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن كانت فاعلة بالنظر إلى الغزارة العددية التي ضمت "الألاف من السودانيين" والخبرة القتالية والحوافز الأخرى المادية والعقدية ووفرة أسلحة المشاة وتنوعها. فيما ذكر أحد المصدرين أن حجم التنسيق والعمل كان أكبر من المشاركة في حرب اليمن بل الإعداد لمعركة السودان الجارية منذ عامين تقريبا.
وتابع المصدر العسكري الثالث أن مشاركة السودان في عمليات التحالف القتالية بقيادة السعودية تمثلت في صنفين من القوات الأول بقوات ما تسمى "الدعم السريع" التي يقودها حميدتي ولعبت دور قتالي في الساحل الغربي.
أما الصنف الآخر، فكان عبارة عن "بعثات تدريبية من الجيش السوداني لتعزيز التدريب في صفوف القوات الموالية للحكومة الشرعية، حيث لعبت دورا كبيرا في تدريب قوات "العمالقة" (ألوية سلفية مدعومة من الإمارات والسعودية) وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله قبل تشكيله أوساط 2017.
ولفت المصدر إلى أن هذه البعثات تابعة لوزارة الدفاع السودانية ولازال جزءا من هذه البعثات موجودة وبالتنسيق بين الحكومة اليمنية والسودانية، مؤكدا أن هناك قوات سودانية من الجيش النظامي موجودة أيضا، في الحدود الجنوبية من المملكة مع اليمن وتشرف عليها الرياض، ومن أبرزها وحدات مدفعية.