بين الواقع والأمنيات.. أولويات مسيحيي لبنان والمنطقة في عيد الميلاد
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
في ظروفٍ استثنائيّة، يحلّ عيد الميلاد المجيد هذا العام ليس على المسيحيّين في لبنان فحسب، بل في المنطقة بأسرها، حيث يشعر الكثيرون منهم أنّ وجودهم بات مهدَّدًا، في ظلّ الحروب المتنقّلة، من فلسطين بمختلف مناطقها، في غزة والضفة، من دون أن ننسى القدس مهد الديانات السماوية، إلى لبنان، حيث تستمرّ الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، الذي لم يرقَ بعد لمستوى وقف الحرب، المصنَّفة على أنّها الأقسى على الإطلاق.
وتسري الظروف "الاستثنائية" التي يحلّ فيها عيد الميلاد أيضًا، على سوريا، التي يعيش فيها المسيحيون، الذين يشكّلون ثاني أكثر الديانات انتشارًا بين السكان بعد الإسلام، حالة من الترقّب، وربما القلق والخوف على المصير، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، والهواجس التي قد تكون مشروعة من حكم جديد يمكن أن يتّخذ طابعًا "إسلاميًا"، رغم أنّ التصريحات التي تصدر عن القوى السياسية الجديدة تبدو "مطمئنة" للأقليات، وخصوصًا المسيحيين منهم.
وسط هذه الظروف، تشكّل مناسبة عيد الميلاد فرصة للصلاة، وذلك للتأمّل بواقع يبدو "صعبًا" ليس فقط للمسيحيّين في المنطقة، بل لأبنائها بصورة عامة، في ظلّ المخاطر الكبرى التي تحيط بمختلف دولها، بين الأطماع الإسرائيلية التي لا تنتهي، والأوضاع السياسية والاقتصادية المتأزّمة، كما تشكّل أيضًا فرصة للتفاؤل بمستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا، فهل يجوز الأمل بأن "تنتصر" الأمنيات هذه المرّة، وتتغلّب على الواقع الصعب؟!
مسيحيو المنطقة.. هواجس "مشروعة"
ليس جديدًا الحديث عن هواجس المسيحيّين في المنطقة، ربطًا بالمخاوف الدائمة على مصير الأقليات فيها، وهي مخاوف لطالما أحاطت بالكثير من الأحداث، بدءًا من المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، ومخطط تهويد القدس مهد السيد المسيح، وصولاً إلى الحروب المتنقّلة والمستمرّة منذ عقود، وقد هجّرت شرائح واسعة من المسيحيين من فلسطين والعراق وسوريا ولبنان، ولو بقي الأخير محوريًا، بوصفه يضمّ العدد الأكبر من المسيحيّين في المنطقة.
ويتحدّث العارفون عن أسباب عدّة دفعت المسيحيين إلى الهجرة، رغم "التنوّع" الذي لا مبالغة في القول إنه مصدر "غنى" للمنطقة، بكلّ ما للكلمة من معنى، بينها الواقع الأمنيّ المترهّل، والذي كان المسيحيون من أبرز وأهمّ ضحاياه، ولكن أيضًا الواقع الاقتصادي والاجتماعي، من دون أن ننسى الواقع السياسي الذي لا يقلّ شأنًا، في ظلّ شعور الكثير من المسيحيين بتراجع دورهم ونفوذهم، بالتوازي مع تراجع أعدادهم في أكثر من مكان.
ولعلّ هذا بالتحديد ما دفع إلى أن تتحوّل سوريا تحديدًا إلى "قبلة الأنظار" في عيد الميلاد لهذا العام، على وقع الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها في الأيام الأخيرة، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وصعود "هيئة تحرير الشام"، التي يخشى كثيرون أن يأتي حكمها، الذي يعتبر كثيرون أنه ذا صبغة "إسلامية"، على حساب المسيحيين، ولو أنّ التصريحات لا تعكس ذلك حتى الآن، بما في ذلك طريقة التعامل مع حادثة إحراق شجرة عيد الميلاد.
مسيحيو لبنان.. "أولوية الأولويات"
وإذا كانت هواجس المسيحيين في سوريا "مشروعة"، وهي التي تشهد مرحلة انتقالية استثنائية وغير مسبوقة سيُبنى عليها الكثير، في تحديد طبيعة الحكم القادم الذي سيكون له انعكاساته على السوريين بصورة عامة، بما في ذلك المسيحيين منهم، وكذلك في فلسطين هي "مشروعة" بالنظر إلى الأطماع والمخططات الإسرائيلية التي لا تنتهي، فإنّ واقع المسيحيين في لبنان يبدو بدوره مثيرًا للاهتمام، خصوصًا بعد حربٍ إسرائيلية مدمّرة، لم تنتهِ فصولاً بعد.
وبالحديث عن واقع المسيحيين في لبنان، لا بدّ أن يُستحضَر الاستحقاق الرئاسيّ، الذي يشكّل "جرحًا" للمسيحيّين في كامل المنطقة، ولا سيما أنّ المنصب المسيحي الأول لا يزال شاغرًا، منذ أكثر من عامين كاملين، في ظلّ انقسامٍ مسيحيّ انعكس بقوة على موقع الرئاسة، ما أدّى إلى خلل في انتظام المؤسسات الدستورية، أدّى إلى انتقال "العدوى" إلى مواقع مسيحية أخرى، كحاكمية مصرف لبنان، وقيادة الجيش، وإن بقيت للموارنة بسلاح التمديد.
وفي عيد الميلاد، يتطلّع المسيحيون في لبنان إلى ملء الفراغ الرئاسي مطلع العام الجديد، مع تحديد جلسة انتخابية في التاسع من كانون الثاني المقبل، يؤمَل أن تعيد "الهيبة" لموقع الرئاسة، بعيدًا عن المشهد "الاستعراضي" للجلسات السابقة، علمًا أنّ الأجواء المحيطة بها توحي بجدّية لم تكن ملموسة سابقًا، وإن لم تترجَم حتى الآن تفاهمًا أو توافقًا فعليًا بين القوى السياسية، التي تبقى على "تصلّبها" حتى إثبات العكس.
يختلف المسيحيون في لبنان حول الكثير من العناوين في السياسة وغيرها، من بينها ربما مفهوم "الحياد" الذي أعاد البطريرك الماروني بشارة الراعي الحديث عنه في رسالة الميلاد، والذي تختلف تفسيراته بين فريق وآخر. لكن ما لا ينبغي أن يختلفوا عليه بأيّ شكل من الأشكال، يبقى ما يرتبط بتثبيت حضورهم في المنطقة على كلّ المستويات، ولعلّ "مفتاح" ذلك يبقى في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، اليوم قبل الغد! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أيمن عاشور: الارتقاء بمسار التكنولوجيا يأتي على رأس أولويات التعليم العالي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن إعداد الإطار المرجعي العام للجان القطاع جاء استجابة للحاجة الملحة لتوحيد معايير التعليم العالي وضمان جودته وفق أحدث التطورات العالمية، وذلك في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، حيث أصبح من الضروري إعادة هيكلة المناهج والبرامج الدراسية بحيث تتماشى مع احتياجات سوق العمل، وتعزز قدرات الطلاب على الابتكار والتكيف مع التغيرات المستقبلية.
وأشار الدكتور أيمن عاشور إلى أن مسار التعليم العالي التكنولوجي يتكامل مع مسار التعليم الأكاديمي، لتشكيل منظومة تعليمية غنية ومتنوعة، حيث يُظهر كل من المسارين جوانب مختلفة وأساليب تعلم متباينة. يعكس المسار الأكاديمي الاهتمام بنقل المعرفة، وفهم النظريات، والبحث، والابتكار، بينما يستند المسار التكنولوجي إلى تجربة التعلم العملية والتدريب، وتنمية المهارات التطبيقية، والتطبيق الفعال للمفاهيم. يتميز هذا التباين بوجود تداخلات تثري قطاع الأعمال وتعزز تنوعه وتكامله، كما يمكن تحقيق التكامل بين المسارين من خلال عقد ورش العمل وتنفيذ المشاريع المشتركة، مما يضمن تكوين تجربة تعلم شاملة تجمع بين الأسس النظرية، والبحث، والابتكار، والتطبيقات العملية. في هذا السياق، يبرز أن الخريجين من كلا المسارين يكملون بعضهم البعض، حيث يتمتعون بقدرات متعددة وشاملة تمكنهم من التأقلم مع متطلبات قطاع الأعمال وسوق العمل.
ونوّه الوزير إلى وجود تنوع في مجالات الدراسة بالمسار التكنولوجي، ومنها: تكنولوجيا الصناعة والطاقة، النسيج والنقل والتصنيع المتقدم، تكنولوجيا الحاسب، علوم البيانات والفنون، تكنولوجيا إدارة المؤسسات المالية، برامج الأعمال التجارية والتسويق، تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية مثل: "المستلزمات الدوائية، والأجهزة الطبية، والمهن الصحية، والمساعدة في التمريض، والمختبرات الطبية، والرعاية الصحية، والسلامة العامة، وغيرها"، تكنولوجيا الضيافة والفندقة والإرشاد السياحي، وتكنولوجيا الزراعة والحيوان والأعشاب، مشيرًا إلى أن الطالب يكتسب العديد من المهارات، ومنها: المهارات التقنية، والتفكير النقدي، ومهارات التشغيل والصيانة والاختبار.
من جهته، أكد الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، أن الإطار المرجعي العام يمثل خطوة هامة نحو تطوير منظومة التعليم العالي في مصر، بما يواكب التطورات العالمية ويعزز من قدرة المؤسسات الأكاديمية على تخريج كوادر مؤهلة تمتلك المهارات والمعرفة اللازمة لمواكبة تحديات المستقبل. وأوضح أن الإطار المرجعي يولي اهتمامًا خاصًا بالتكامل بين التعليم والتكنولوجيا، حيث يتم دمج أحدث التقنيات في العملية التعليمية؛ لتعزيز تجربة التعلم وجعلها أكثر كفاءة ومرونة.
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد الجيوشي، أمين المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي، أن مدة الدراسة بالمسار التكنولوجي تبلغ أربع سنوات، ويُتاح للطالب بعد أول عامين الحصول على دبلوم مهني فوق المتوسط، أو استكمال عامين آخرين للحصول على البكالوريوس، موضحًا أن مسار التعليم التكنولوجي يمنح أيضًا درجتي الماجستير في مجالات التكنولوجيا والعلوم التطبيقية، والدكتوراه المهنية في التخصص، مشيرًا إلى أن أساليب التدريس في الجامعات التكنولوجية تقوم على أساس الربط بين نظم التعليم والتدريب، بالإضافة إلى التعليم التعاوني الذي يتناول الدراسة النظرية، بينما يتم الجانب العملي في المؤسسات، والمصانع، والشركات التي تعمل في مجال التخصص، إضافة إلى المؤسسة التعليمية ذاتها، وتبلغ نسبة الجانب العملي نحو 60%، بينما لا يتخطى الجانب النظري في الكلية 40%.